اهم الأخبارخير بلدنا

مصر على مشارف تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بإنتاج غير مسبوق

alx adv

في ظل الأزمات العالمية المتلاحقة وتغيرات المناخ وارتفاع أسعار الغذاء، أصبح القمح سلعة استراتيجية لا غنى عنها لأي دولة تسعى إلى حماية أمنها الغذائي واستقلالها الاقتصادي، وتعد مصر من أكبر الدول المستوردة للقمح في العالم، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تحولًا نوعيًا في سياسات الدولة نحو تعظيم الإنتاج المحلي وتقليص الاعتماد على الخارج، ضمن خطة وطنية طموحة تستهدف الوصول إلى الاكتفاء الذاتي التدريجي من هذا المحصول الحيوي.

 

وتأتي هذه التحركات في وقت يشهد فيه العالم اضطرابات في سلاسل التوريد، ما جعل امتلاك القدرة المحلية على إنتاج القمح قضية أمن قومي، وقد أدركت القيادة السياسية هذا التحدي مبكرًا، وأطلقت مشروعات كبرى لإعادة هيكلة ملف القمح من الزراعة حتى التخزين والتصنيع، مع التركيز على خفض الفاقد وتحسين الإنتاجية وتعظيم الاستفادة من كل فدان أرض وكل قطرة مياه.

تقليص استهلاك الفرد وتحسين جودة الخبز

أكد الدكتور صبحي عبدالدايم، رئيس قسم بحوث القمح بوزارة الزراعة، أن أحد أبرز مؤشرات النجاح هو انخفاض متوسط استهلاك الفرد من القمح من 200 كجم إلى 160 كجم سنويًا، وهو ما تحقق بفضل تحسين جودة رغيف العيش المدعم وتطوير منظومة المخابز، هذا التحسن لم يأتِ فقط في صورة وفرة مادية، بل عكس كفاءة في الإدارة وخفضًا كبيرًا في الفاقد والهدر الغذائي.

وأشار عبدالدايم إلى أن الدولة ركزت على معالجة نقاط الضعف في مراحل التداول والتخزين، عبر تطوير الشون الترابية إلى صوامع حديثة، وإنشاء طرق ومراكز لوجستية تسهل نقل القمح وتقليل التلف خلال الحركة.

أصناف محسنة تتحدى المناخ وتزيد الإنتاج

في ميدان البحث العلمي الزراعي، أوضح عبدالدايم أن مصر استطاعت عبر مركز البحوث الزراعية استنباط أصناف قمح عالية الإنتاجية ومبكرة النضج، تتحمل الجفاف والحرارة وتقاوم الأمراض الشائعة مثل صدأ الأوراق والتبقع، هذه الأصناف أصبحت تُزرع بنجاح في بيئات متنوعة مثل الأراضي الجيرية والرملية والملحية، مما أعاد الأمل في استصلاح مساحات كانت تُعد غير صالحة لزراعة القمح في السابق.

كما يتم حاليًا استخدام نظم زراعية حديثة مثل الزراعة على المصاطب، والتي تُساهم في تقليل استخدام المياه بنسبة تصل إلى 20%، مع تحسين التهوية وتقليل الرقاد وزيادة التهوية والإنبات.

رقعة زراعية متوسعة ومشروعات قومية واعدة

من أبرز الإنجازات التي تسجلها مصر في هذا الملف، هو الوصول بالرقعة الزراعية إلى نحو 9.7 مليون فدان، من بينها أكثر من 3.1 مليون فدان مزروعة قمح هذا الموسم فقط، تُبشر بإنتاج ما يقارب 10 ملايين طن، هذه القفزة جاءت بفضل مشروعات كبرى مدعومة من القيادة السياسية مثل مشروع “مستقبل مصر” و”الدلتا الجديدة”، إلى جانب الفرافرة وغرب المنيا وتشكي وسيناء، والتي أصبحت جميعها مناطق إنتاج زراعي واعدة.

 

تُعد هذه المساحات جزءًا من استراتيجية قومية لا تهدف فقط إلى زيادة كمية الإنتاج، بل أيضًا تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل فاتورة الاستيراد التي تُثقل كاهل الموازنة العامة.

استخدام المياه المعالجة والتوسع في الري الحديث

في إطار ترشيد الموارد، تستثمر الدولة في مشروعات كبرى لإعادة استخدام المياه مثل محطتي معالجة مياه الصرف الزراعي في بحر البقر والحمام، واللتين تُعدان من الأكبر عالميًا، لتوفير مصادر مائية جديدة تساعد في زراعة القمح وغيره من المحاصيل الاستراتيجية.

كما يتم تعميم أنظمة الري الحديثة والتوسع في الزراعة الذكية، مما يسهم في استخدام المياه بكفاءة وزيادة الإنتاج في آن واحد، خاصة في ظل تأثر مصر بالتغيرات المناخية ومحدودية الموارد المائية.

مصر في الطريق إلى الريادة الزراعية

تسعى مصر إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بنسبة 65-70% خلال السنوات القليلة المقبلة، وهي نسبة واقعية بالنظر إلى الطفرات التي تحققت في الإنتاجية والتوسع الأفقي والرأسي، علمًا بأن متوسط الإنتاجية للفدان من القمح في مصر حاليًا من أعلى المعدلات في المنطقة، حيث يتجاوز 18 إردبًا في بعض المناطق المزروعة بالأصناف المحسنة.

ورغم استمرار الحاجة إلى الاستيراد لتغطية الطلب المحلي، فإن التوجهات الحالية تشير إلى تحول مصر إلى دولة أكثر قدرة على إدارة ملف الغذاء باحترافية واستقلالية، خاصة إذا استمر الاستثمار في البحث الزراعي، وتحديث البنية التحتية، وتمكين المزارع الصغير من التكنولوجيا الحديثة والإرشاد المتطور.

وفى الختام ما يحدث في ملف القمح اليوم هو تحول استراتيجي طويل الأمد، يجعل من الزراعة المصرية قطاعًا أكثر ديناميكية واستجابة للتحديات العالمية، وبفضل تكامل الجهود بين الدولة والمراكز البحثية والقطاع الخاص والمزارعين، تسير مصر بخطى ثابتة نحو تأمين خبزها اليومي من إنتاج أرضها، في طريقها لتحقيق الأمن الغذائي الشامل والنهضة الزراعية المستدامة.

 

يقدم فريق بوابة عالم المال، تغطية حصرية ولحظية على مدار الساعة ، لآخر مستجدات البورصة والشركات المدرجة، البنوك وأسعار الدولاروالتأمين، العقاري، والصناعة والتجارة والتموين، الزراعة، الاتصالات، السياحة والطيران، الطاقة والبترول، نقل ولوجيستيات، سيارات، كما نحلل الأرقام والإحصائيات الصادرة عن المؤسسات والشركات والجهات من خلال الإنفو جراف والرسوم البيانية، الفيديو، فضلا عن تقديم عدد من البرامج المتخصة لتحليل كل ما يتعلق بالاقتصاد المصري من خلال تليفزيون عالم المال.

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار