شارك عدد من رجال الصناعة والخبراء المصريين بالخارج والداخل في ثالث ندوة حوارية افتراضية في إطار إطلاق مؤتمر “مصر تستطيع بالصناعة”، والتي انعقدت تحت عنوان “توطين صناعة السيارات في مصر”، بحضور السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، والدكتورة نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة، والمهندس محمد أحمد مرسي وزير الدولة للإنتاج الحربي، والفريق عبد المنعم التراس رئيس الهيئة العربية للتصنيع، والمهندس هاني الخولي العضو المنتدب لشركة النصر للسيارات، وأيضا المهندس وفا توفيليس العضو المنتدب للشركة الهندسية للسيارات، كممثلين عن وزارة قطاع الأعمال العام .
ويأتي موضوع المؤتمر “توطين صناعة السيارات في مصر” ضمن الاستراتيجيات الوطنية التي دشنها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، لتعظيم المنتج المحلي والتوجه نحو السيارات النظيفة باستخدام الكهرباء وغيرها من الطاقات التي تحول مصر لتصنيع وتصدير السيارات للمنطقة.
توطين صناعة السيارات
وخلال الندوة، قالت الدكتورة هدى المراغي، المدير المؤسس لمركز أنظمة التصنيع الذكية بجامعة وندسور بكندا، إن مصر لديها خبرات وكفاءات للانطلاق بصناعة السيارات والمركبات.
وأضافت “المراغي” أننا نحتاج لدراسة التقنيات اللازمة سواء طاقة كهربية أو سيارات تقليدية أو طاقة متجددة شمسية مثلا، وكذلك وزن السيارة والمواد المستخدمة سواء الفايبر أو غيره، وكذلك وسائل التحكم وليس الميكانيكا فقط وكذلك الذكاء الاصطناعي، ونحتاج لفريق متنوع المهارات وأبحاث السوق، والبدء والتطوير المستمر.
الصناعات المغذية
وعن تصميم السيارات، قالت المراغي: “إننا بحاجة للاهتمام بالصناعة المغذية، ودراسة الأبعاد وسهولة الاستخدام، وعوامل الأمان داخلها والاهتمام بعلوم التصميم بشدة، والماكينات التي تستخدم لتطبيق التكنولوجيات المتقدمة، والماكينات ثلاثية الأبعاد وصيانتها وتطويرها مستقبلا، ودراسة خطوط الإنتاج الذكية.
وتابعت المراغي أن تشجيع وتوطين الصناعة في مصر، يمكن أن يسلك الطريق الأسهل بالاستعانة بخبرات شركة أخرى والحصول على ترخيصها، بما له من نقاط ينبغي الوقوف عندها من نقل التكنولوجيا، وأهمية الاتفاق على وجود مراكز تدريب للعمالة المصرية، والسماح بتصنيع جزء كبير من المكونات محليا حتى تكون “صنع في مصر”، موضحة أن هناك دراسة حاليا لإطلاق مركز للتدريب بالتعاون مع وزارة الدولة للإنتاج الحربي.
تطوير أنظمة التعليق
من جانبه، قال الدكتور المهندس مينا قلدس، مدير تطوير أنظمة التعليق الإلكترونية بشركة فورد للسيارات بألمانيا، “إنني أبدي إعجابي بالطفرة التي أحدثتها القيادة السياسية في مصر فيما يتعلق بالطرق والبنية التحتية والتي لم يكن يحلم بها أحد، فحينما نتكلم عن صناعة السيارات، فقد شاركت في إنتاج 4 سيارات موجودة حاليا في السوق، وننتج على الأقل 350 ألف سيارة سنويا”.
المنظومة المتكاملة
وأضاف قلدس أن صناعة السيارات منظومة متكاملة تتمثل في سيارة وطريق وأرضية وشخص يقود، وتابع: “حينما نتحدث عن نموذج مثل ألمانيا التي تعد أقوى دولة في صناعة السيارات على مستوى العالم، نتساءل ما الذي جعل ألمانيا جاذبة للاستثمار في هذا المجال.
الثورة الصناعية الرابعة
فيما عقّب الدكتور وجيه المراغي، ممثل مصر بأكاديمية هندسة الإنتاج بكندا وعضو تحالف الثورة الصناعية الرابعة، وقال إنه حريص على نقل خبراته للوطن وهذا جزء من جميل مصر على أبنائها، وأكد أن الأبحاث والتدريب الكوادر المختلفة من فنيين ومهندسين وغيرهم يعد من عصب الصناعة، ويمكن القيام بذلك بالتعاون مع المؤسسات الوطنية مثل الهيئة العربية للتصنيع لتحقيق خطة مصر للتنمية المستدامة 2030 للانطلاق بوسائل التنقل الآلي.
وأضاف المراغي أن هناك تنوعا رهيبا في الأسواق العالمية في الموديلات والألوان والتصميمات وغيرها، ولدينا ميزة تنافسية في الطاقة النظيفة، وتابع: “أننا لسنا متأخرين عن العالم فمن بين ١٠٠ مليون سيارة هناك نحو ٢% فقط بالكهرباء وهناك دول ما زالت تحاول”.
احتياج السوق
واستطرد قائلاً: “إن هناك وسيلتين، الأولى هي الاعتماد على وجود شريك أجنبي، وهو ما يربط كمية الإنتاج من ٢٥ إلى ٥٠ ألف سيارة سنويا، وهذا غير كاف لتعويض احتياج السوق مع إحلال السيارات القديمة، والثانية هي الاعتماد على الخبرات الموجودة في مصر وتصميم الأجزاء دون الاعتماد على مستثمر خارجي، وصولا لمنتج مصري تصميما وتوطينا”.
تنمية الدولة المصرية
وعن جهود علماء مصر بالخارج مع الدولة المصرية، أكد المراغي أنهم مستعدون للمشاركة في خطط تنمية الدولة المصرية، وأن هناك تعاونا مستمرا مع عدد من الوزارات والمؤسسات في مصر، كما تحدث عن مشروع “جذور” المعني للتصميم والتصنيع الذاتي للسيارة الكهربائية في مصر، وقال إن هناك تنسيقا مع أكاديمية البحث العلمي، وفقا لأحدث التكنولوجيات والاختيار الرشيد للمواد المغذية لصناعة السيارات وبمساعدة مركز التميز، وتحالف تصنيع السيارة الكهربائية، ومساهمة عدد من وزارات ومؤسسات الدولة.
من جهته، قال الدكتور أحمد أبو النصر، مدير عام مجموعة يارد الصناعية الكبرى في رومانيا، إن هناك مراحل مختلفة من التواصل مع العملاء لإنتاج سيارات ذات مواصفات خاصة، وهناك تنسيق مع جهات مصرية لإنتاج السيارات الكهربائية وأجزاء مختلفة من السيارات، لخدمة الصناعات المغذية لها.
تدريب الكوادر المصرية
وأضاف أبو النصر أن هناك تعاونا مع الهند في إنتاج صناعات ثقيلة، مؤكدا أن الكوادر هي سر نجاح أي صناعة، حيث قال: “إذا نجحنا في تدريب كوادر مصرية سننطلق في مجالات مختلفة من التصنيع، ولذا علينا البدء في الاستثمار في التدريب وأبحاث السوق واحتياجات العملاء والأبعاد التصميمية والتكنولوجية والتسويقية المناسبة بجودة لائقة قادرة على المنافسة”.
تكوين الكوادر
وذكر أبو النصر أن عملية توطين صناعة السيارات في مصر أمر ليس سهلاً، ولكن هو عمل عظيم يحتاج لخطوات كبيرة يأتي أبرزها في تكوين كوادر من المصممين لأنها البداية الحقيقية لتلك الصناعة.
فيما قال المهندس محمد السويدي، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، إن صناعة السيارات ثقيلة جدا وطويلة الأمد، وحتى يأتي المستثمر ويقدم الصناعات المغذية، فلابد أن يتعرف على المميزات التي ستقدمها له الدولة.
وتابع: “لدينا المنطقة الاقتصادية في قناة السويس، وهي منطقة لها شروط خاصة، ومن رأيي أن تلك الصناعة يجب أن تأخذ إعفاءً من عدة ضرائب تفرض على هذه الصناعة مقابل بداية تعميق الصناعة في مصر، والمقصود بـ(التعميق) هنا هو تطوير الصناعات المغذية لصناعة السيارات”.
من ناحيته، قال المهندس وائل عمار، مدير عام إدارة المشتريات والتوريدات العالمية لمجموعة جنرال موتورز مصر وشمال أفريقيا، إن هناك اتجاها قويًا في الدولة لإصلاح عدة أمور في الوقت الحالي”.
توافر المواد الخام
وتابع عمار: “فيما يخص مشاكل تصميم السيارات، فإننا نعاني من عدم توافر المواد الخام وكذلك المصانع لتصنيع هذه المواد”، مشيرًا إلى أن صندوق دعم الصناعات قد يكون له دور كبير جدا في ذلك، كما أن هيئة التنمية الصناعية وهيئة الاستثمار لابد أن يعتمد دورهما على خطة محددة، نستوضح من خلالها ما الذي سننتجه في السيارة بالضبط، ومن ثم نوجه المستثمر المحلي له.
انشاء مركز بحوث
فيما أوضح المهندس هاني الخولي، العضو المنتدب لشركة النصر للسيارات، أن الشركة ستبدأ في صنع أجزاء من السيارة محليا، وأن هناك تعاونا مثمرا في ذلك مع الجانب الصيني، لافتا إلى أنه يمكننا البدء بحوالي 55% من السيارة، وتم الاتفاق مع شركة مصرية لإنشاء مركز بحوث وتطوير، وأن وزارة قطاع الأعمال العام قطعت شوطا كبيرا في توطين صناعة السيارات، وقال: “سنتطور تدريجيا وهناك مركز أبحاث سيدرس خطط التصميم بالتعاون مع علماء وخبراء مصر بالخارج، بجانب المكونات التي تقابلنا صعوبة في إنتاجها مثل البطاريات وغيرها”.