شارك السفير معتز زهران، سفير مصر في واشنطن، في ندوة بكلية الحرب الوطنية الأمريكية، بحضور عدد من طلبة وقيادات وأركان الكلية، حيث تناول الأهمية الإستراتيجية الخاصة للعلاقات المصرية الأمريكية، ودور مصر في إرساء الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط وأفريقيا، مبرزًا مختلف التحديات الإقليمية التي تواجهها المنطقة، والتي تستدعي التنسيق بين مختلف أطراف المجتمع الدولي لضمان التعامل الناجح مع تلك التحديات.
تغييرات وفقر لا يمكن احتواؤه
وجاءت قضية سد النهضة كأحد أبرز الموضوعات التي تناولها السفير زهران، حيث أبرز أن مصر لن يمكنها بأي حال التهاون فيما يخص أمنها المائي، محذرًا من أن الإدارة الأحادية لعملية ملء وتشغيل سد النهضة يمكن أن ينجم عنها تفاقم حالة الفقر المائي في مصر وكذا تفاقم الآثار السلبية لتغير المناخ على نحو لا يمكن احتواؤه، وحدوث أضرار بيئية واجتماعية واقتصادية هائلة، وهو ما أكد أنه لا يمكن السماح بحدوثه.
واعتبر زهران أن قضية مياه النيل في كل من مصر والسودان أخطر من أن تُترك أسيرة للوضع الداخلي في إثيوبيا، لما لها من تبعات جسيمة على شعوب المنطقة، مشيرًا إلى أن الإدارات الإثيوبية المتعاقبة هي التي دأبت وبشكل متعمد على اتباع سياسات تقوم على تأجيج الرأي العام الإثيوبي فيما يخص موضوعات مياه النيل والمتاجرة بها داخليًا، في إطار محاولة لاحتواء التوترات الداخلية المزمنة بإثيوبيا، بدلًا من السعي للتوصل لحل وسط يؤمن المصلحة المشتركة لشعوب المنطقة.
مصر لن تسمح بتكرار مصير العطش فى الصومال
وأبرز السفير المصري أنه كان ثمة حل على مائدة المفاوضات في واشنطن العام الماضي، يتيح توليد الكهرباء بأقصى كفاءة ممكنة من سد النهضة، كما يضمن حق إثيوبيا في إقامة مشروعات مستقبلية تحت مظلة القانون الدولي، غير أن الجانب الإثيوبي تغيب في اللحظة الأخيرة عن الاجتماع المخصص لتوقيع الاتفاق، نظرًا لتفضيله التحرك الأحادي دون التقيد بالقانون الدولي، ودون أي تنسيق أو تشاور مسبق فيما يخص مشروعات السدود، وهي السياسة الممنهجة التي تتبعها إثيوبيا مع مختلف جيرانها، مما تسبب في أن أصبحت بحيرة توركانا في كينيا على وشك الانقراض، على نحو ما أعلنت اليونسكو، كما يلحق أضراراً جسيمة بسكان حوض نهري جوبا وشبيلي في الصومال.
وشدد السفير زهران على أن مصر لا يمكن أن تسمح بتكرار مثل هذه الممارسات الإثيوبية الأحادية في حوض النيل أيضًا، وأن ذلك يُعد قضية وجودية ومصيرية بالنسبة للشعب المصري، مطالبًا بدعم الولايات المتحدة لعملية الوساطة الراهنة تحت قيادة رئيس الاتحاد الأفريقي، من أجل التوصل لاتفاق ملزم على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة في أقرب وقت، لحماية الأمن والاستقرار في المنطقة، وزوداً عن المصالح الاستراتيجية الأمريكية مع الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا.