يعتبر الدعم بصوره النقدي و العيني أحد أهم اشكال الحماية الاجتماعية الموجهة للطبقات التي تقع علي خط الفقر أو أدناه و قد فوجئنا يتزامن أو تناقض غريب بين وعود مستقبلية للحكومة تبدي من خلالها اهتمامها بتعزيز مخصصات الدعم في المستقبل من خلال وعد برفع الدعم النقدي من ٥٠ جنيه الي ٧٥ جنيه للفرد و رفع الحد الادني لمسنحقي الدعم من ١٥٠٠ الي ٢٤٠٠ جنيه بحد أقصي ٤ أفراد و الي ١٥٠٠ جنيه لاصحاب المعاشات .
بينما علي أرض الواقع اتخذت وزارة التموين والتجارة الخارجية قرار يبدأ من الثلاثاء القادم بزيادة سعر عبوة الزيت ٨٠٠ ملئ الي ٢١ جنيه بدلا من ١٧ جنيه و بزيادة قدرها ٢٣٪ و ما يتضمنه ذاللك من خفض الدعم من ٥٠ جنيه الي ٤٦ جنيه .
واعزي وزير التموين ذاللك الي ارتفاع الأسعار العالمية للزيوت مما انعكس علي السعر المحلي داخل البلاد .
و من الجدير بالذكر أن طبقا لبيانات منظمة الغذاء العالمية الفاو أن معدل ارتفاع أسعار الزيوت عالميا تقدر بحوالي ٧,٨٪ و بالمثل تقريبا السكر ٦,٨٪ و الحبوب كذاللك ..
هل يعني هذا أن طبقات المجتمع الاكتر فقرا هم من سيتحملون تدريجيا تبعات تذبذبات اسعار السلع الاستراتيجية الحيوية اللازمة للوصول الي الحد الادني للغذاء ؟!
تتلخص الإشكالية في هذا الي اعتماد السوق المحلي لكثير من السلع الاستراتيجية علي الاستيراد ، فيما يخص قطاع الزيوت فإن ٩٥ ٪ من احتياجات السوق المحلي تغطي بالاستيراد تمثل خطر اقتصادي اجتماعي في غاية الأهمية و هو وضع ليس بالحديث ، حيث تعاني قطاع الزيوت من مشاكل هيكياية عديدة .
و هنا وجب تقسيم الإشكالية الي جانبي الاول الاستهلاك و الثاني الإنتاج
اولا البعد الاستهلاكي
فيما يعنينا هنا هو ضمان الوفاء بالاحتياجات الغذائية الدنيا للأفراد علي أو ما دون خط الفقر و هم تقريبا ٣٠ مليون مواطن ، و مراعاة تدني قيمة الدعم الحقيقية نتيجة التضخم و ارتفاع نفقات المعيشة بشكل عام فإن رفع أسعار أحد أهم السلع الاستراتيجية لتللك الطبقة ، تعرضها للوقوع بسهولة الي مستوي الفقر المدقع ، حيثما لا يحصل المواطن علي الاحتياجات الغذائية اللازمة للبقاء على قيد الحياة. لذالك فإن وجوب تحمل الدولة لعبء عواقب تذبذبات العالمية لأسعار السلع الغذائية حق اصيل لذاللك المواطن .
و في هذا الصدد واجب التنويه عن أن من المتوقع انخفاض أسعار الزيوت عالميا في الفترة المقبلة نتيجة لزيادة متوقعة في الإنتاج العالمي و كذاللك عودة المصانع التي توقفت عن العمل بسبب جائحة كورونا و بالتالي تراجع اسعار الزيوت عالميا مما سينعكس علي الأسعار المحلية ( شعبة الزيوت اتحاد الصناعات المحلية )
و بالتالي اري ان التوجه السريع نحو تخفيض الدعم بسبب زيادة مؤقتة في ارتفاع الأسعار العالمية يعتبر مقدمة الخفض التدريجي و تقليل تدابىبر الحماية الاجتماعية في توقيت في غاية الخطورة حيث بسبب جائحة كورونا وجب علي الحكومة رفع تللك التدابير وليس الانتقاص منها و ذالك في ضوء ارتفاع معدلات البطالة خصوصا للعمالة اليومية و القطاع الخاص .
ثانيا البعد الإنتاجي
يتمثل في تدخلات زراعية تصنيعية تدعم محاولة سد الفجوة الإنتاجية الاستهلاكية المحلية و كذاللك تقديم حماية اجتماعية إنتاجية .تعتبر المحاصيل الزيتية محاصيل استراتيجية مثل الفول السوداني و بذرة القطن و الذرة الشامية و السمسم و عباد الشمس و فول الصويا و نبات الكانولا.
و اتباع حماية اجتماعية إنتاجية ستتضمن تعزيز الزراعة و التصنيع لتللك المحاصيل من خلال زيادة المخصصات الدعم الإنتاجي الموجه الريف ، والذي بتسم بأكبر نسبة فقر بالنسبة للحضر، و خلق حماية اجتماعية إنتاجية تعني توليد دخول للفقراء من خلال دعم الإنتاج و التصنيع و تمكين الفئات الضعيفة دخليا ، والذي يتضمن في صلبه تعزيز و دعم النشاط الإنتاجي والنصنيعي للزيوت كالتالي :
- توفير تسهيلات ائتمانية للمزارعين كدعم نقدي حيث تشكل القيود الائتمانية للمزارعين عائق رئيسيا في زراعة المحاصيل الزيتية
- تقديم حوافز عينية و دعم ملموس لوسائل و مدخلات الإنتاج المختلفة
- تقديم دعم فني وتكنولوجي بتمثل في رفع الكفاءة الإنتاجية لتللك المحاصيل بتطوير جودة التقاوي و المبيدات و الأسمدة طبقا لاحدث الدراسات المحلية و الدولية
- رفع أسعار توريد المحاصيل الزيتية لتقارب من الأسعار العالمية
- تقديم تسهيلات و دعم تكنولوجي و ائتماني للمصانع الصغيرة العاملة في مجال إنتاج الزيوت لتحسين الجودة و رفع درجة التنافسية .
و العمل علي كلا البعدان الاستهلاكي و المناحي يعني تقديم تدابير حماية اجتماعية حقيقية من خلال رؤية حالية ز مستقبلية تجنب شريحة كبري من المواطنون الوقوع في براثن الفقر المدقع و ما ينعكس من ذاللك علي السلام المحتمعي ككل .