مع الدور الكبير الذي صارت تؤديه التكنولوجيا في تغيير العالم الآن، لم يعد من المستغرب أن تصبح الروبوتات مكونًا رئيسيًا في العمليات اليومية للعديد من الصناعات، بما في ذلك صناعة السيارات.
فقد صارت هذه الآلات الذكية القابلة للبرمجة تستخدم بشكل أساسي في عمليات اللحام الموضعي والدهانات وطلاء الأسطح وغير ذلك، بتعبير آخر أصبحت الروبوتات جزءًا حيويًا من عمليات تصنيع السيارات التي يتم بيعها اليوم ونراها على الطريق.
سوق واعد
وفقًا للأبحاث التي أجرتها مؤسسة Allied Market Research [1]، حقق سوق روبوتات السيارات 6.63 مليار دولار في عام 2019. وعلى الرغم من التحديات التي شكلها جائحة كوفيد-19، يبدو أن هذا السوق سيقوى أكثر في الاعوام القادمة، حيث قدرت قيمته بنحو 13.60 مليار دولار بحلول عام 2027. وتشير هذه الإحصائيات للدور الكبير الذي تلعبه الروبوتات بشكل عام، وفي الوقت نفسه تؤكد أهميتها في صناعة السيارات.
في الواقع يمنح استخدام وتطبيق الروبوتات في مختلف العمليات والممارسات في شركات السيارات ميزة تنافسية من حيث الإنتاج، فالروبوتات تساعد في تحسين الجودة وزيادة السعة وحماية العمال من القيام بأعمال صعبة وخطيرة سيما في مصانع التجميع.
وإذا نظرنا للأمر من منظور مصنّعي السيارات العالمين، فإن تكنولوجيا الروبوتات “الروبوتية” صارت المفتاح لمستقبل النقل، إذ لا يتصور أن الطريقة التي نتحرك بها اليوم ستظل هي نفسها في الأعوام العشر أو العشرين القادمة.
ولازال لدى الروبوتات الكثير لتقدمه بسبب قدرتها الفائقة على التطور والتكيف، وعلى القيام بمجموعة واسعة من الأنشطة من تسليم البضائع وحتى دعم الأشخاص في جميع أنواع المهام والأعمال التي يقومون بها في حياتهم اليومية.
ونسعى في هيونداي لاكتشاف آفاق جديدة للتنقل من خلال تطوير حلول مبتكرة، ولذا قمنا بصياغة رؤيتنا المستقبلية تحت شعار “التقدم من أجل الإنسانية”، من أجل أن يبقى الأشخاص على تواصل، ومن أجل أن تتاح لهم المزيد من الفرص تمكنهم من نمط حياة أكثر ملاءمة واستدامة، وفي هذا الإطار نعمل على أن تعكس إبداعاتنا الخاصة بمركبات التنقل الشخصية هذه الرؤية.
فعلى سبيل المثال؛ قدمت هيونداي سترة الهيكل الخارجي Chairless Exoskeleton (CEX) كأول روبوت قابل للارتداء تم تطويره للتطبيقات الصناعية، لمساعدة عمال المصانع في الحفاظ على وضعية الجلوس دون الحاجة إلى كرسي، ورغم أنه يأتي بوزن لا يتجاوز 1.6 كجم فقط، فهو قادر على أن يدعم ما يصل إلى 150 كجم. واثبتت نتائج الاختبار التجريبي فعاليته في راحة جسد العامل أثناء عمله حيث يقلل إجهاد الخصر وعضلات الجزء الأسفل الجسم عند العمل بوضعية منخفضة مما يقلل بدوره من خطر الإصابة ويحسن بشكل كبير من كفاءة العمل[2].
وتعمل هيونداي على مفهوم آخر هو الهيكل الخارجي الطبي لهيونداي (H-MEX) – وهو عبارة عن روبوت قابل للارتداء يهدف إلى مساعدة مرضى الشلل النصفي على المشي، وكذلك الجلوس والوقوف والمشي صعودًا أو هبوطًا على الدرج.
خطوة للإمام
اتخذت مجموعة هيونداي موتور – في وقت سابق من هذا العام – خطوة مهمة إلى الأمام في انتقالها كمزود خدمة التنقل الذكي من خلال الاستحواذ على حصة كبرى في شركة (Boston Dynamics) الرائدة في مجال الروبوتات والتي أثبتت مكانة عالمية في تطوير أحدث الروبوتات ذات الكفاءة والسرعة العالية لمواجهة التحديات المختلفة [3].
ويعد هذا الاستثمار الكبير لهيونداي جزءًا لا يتجزأ من سعيها الدؤوب لتوسيع خيارات التنقل الذكية المستقبلية حيث يدعم بدوره استثمارنا في تقنيات القيادة الذاتية والذكاء الاصطناعي التنقل الجوي الحضري (UAM) ومختلف الخدمات اللوجستية المتطورة.
ونتخيل في هيونداي عالماً تكون فيه الروبوتات قادرة على التعامل مع البشر والمساعدة في إحداث تأثير إيجابي في المجتمع من خلال تمكين الأشخاص من العمل بأمان ومن ثم زيادة الإنتاجية.
لذا تخطط مجموعة هيونداي موتور لتوسيع وجودها في سوق الروبوتات من ذوي البنية البشرية (Humanoid Robot) لتطوير روبوتات تقدم الخدمات المتطورة، مثل تقديم الرعاية للمرضى في المستشفيات. وسيؤدي تقدم تقنيات الروبوتات أيضًا إلى التكامل مركبات هيونداي ذاتية القيادة، والتنقل الجوي الحضري والمصانع الذكية.
مزيد من المساحة
ستنتقل الروبوتات من قوة إلى قوة، مع استمرار تطور التكنولوجيا، ويتوقع أن تكسب الروبوتات المزيد من المساحة بحيث يمكننا في يوم من الأيام الاعتماد عليها في خدمات النقل، والقيام بمهام لم نتخيلها من قبل.
ولم يعد التساؤل المطروح مفاده ما إذا كانت ستصبح جزءًا مهمًا من حياتنا اليومية لأنها صارت كذلك بالفعل، بل علينا إعادة صياغة السؤال ليكون كيف نجعلها جزءًا مهمًا ومؤثرا من حياتنا اليومية، ولن تقتصر إجابة السؤال على مستقبل التنقل فحسب لأنه الروبوتات ستكون أحد أدواتنا لخلق مستقبل أفضل للجميع.