يأتي اتجاه الحكومة المصرية للتوسع في استزراع القمح المحلي، في ظل تصاعد أزمة روسيا وأوكرانيا ونُذر الحرب المرتقبة بين الدولتين اللتين تعتبران من الموردين الرئيسيين لمحصول القمح إلى العالم.
وتصدر أوكرانيا 95 % من حبوبها عبر البحر الأسود، ويذهب أكثر من 50 % من صادراتها من القمح إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى عام 2020 جاءت نصف واردات لبنان من القمح من أوكرانيا بينما ساهمت فى 43 % من واردت ليبيا 22 % من واردات اليمن من القمح ايضا. فى حين تعتمد مصر، أكبر مستورد للقمح فى العالم، بشكل كبير على الواردات من منطقة البحر الأسود، ويتصدر البلدين المتنازعين قائمة المصدرين حيث تقدر صادرات روسيا من القمح إلى مصر بنحو 8.13 ملايين طن وهو ما يمثل 50 % من واردات مصر من القمح، تليها أوكرانيا بنحو 2.45 مليون بنسبة 30 % من واردات مصر من القمح، بالإضافة إلى ذلك أوكرانيا هى المورد الرئيسى للذرة فى مصر.
وتستهدف الحكومة المصرية، جمع ما يقرب من 4 ملايين طن من القمح هذا العام، بزيادة تُناهز نحو 11% عن الكميات المُجمعة في العام الماضي.
قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن الاحتياطي الاستراتيجي المصري من القمح حاليًا يكفي 4 شهور ونصف الشهر، والكميات التي سيوردها المزارعون المحليون خلال هذه المدة ستجعل المخزون كافيا حتى نهاية العام الجاري، مضيفًا أنه من المتوقع أن تجمع الحكومة هذا العام كمية أكبر مما جمعته العام الماضي من المزارعين، بعد زيادة سعر توريد القمح إلى الحكومة.
وفى هذا الصدد أكد الدكتور يحيى خليل أستاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومى للبحوث الزراعية، أن روسيا وأكرانيا تغطي 23% من صادرات القمح حول العالم، ما سيؤدي إلى ارتفاع حاد بالأسعار في حال حدوث حرب بين البلدين، حيث تحتل روسيا المركز الأول على صعيد تصدير القمح إلى مصر وتأتي أوكرانيا في المركز الثاني.
بدائل القمح
وأضاف يحيى، أن هناك بدائل موجودة للقمح الروسي والأوكراني في بعض دول الاتحاد الأوروبي وأستراليا والولايات المتحدة والأرجنتين، لكن اللجوء لهذه البدائل سيكون له تكلفة أكبر، موضحًا أن مصر أمامها عدد من البدائل منها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية لكن ذلك سيكون مكلف للغاية كما سيستغرق ضعف المدة الزمنية لوصول الشحنات حيث تستغرق الشحنات الواردة من روسيا 12 يومًا وتتضاعف في حالة الاستيراد من أمريكا.
وأوضح أستاذ الاقتصاد الزراعي، أن تكلفة استيراد القمح في مصر قد ترتفع من 3.2 مليار دولار إلى 4 مليارات دولار، أي بزيادة تصل إلى 800 مليون دولار، مطالبًا بضرورة السرعة في تأمين الاحتياطي الاستراتيجي وتخزين كميات كبيرة من القمح قبل نشوب حرب بين روسيا وأوكرانيا.
وفى نفس السياق أكد وجدى المشد، نائب رئيس غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصتاعات، أن الحكومة المصرية نجحت فى الحفاظ على مستويات من المخزون الاستراتيجي في كل السلع الأساسية، مؤكدًا أن أقل رصيد في الدولة من السلع لا يقل عن 3 أشهر وهي فترة تعد في عمر الدول كثيرة”.
وأضاف وجدي المشد، إنه لا تأثير في الوقت الحالي للأزمة الأوكرانية الروسية، حيث أن لدينا مخزون من شحنات القمح المطلوبة والمخزون يكفي 6 أشهر بشكل كافي، مشيرًا إلى الاعتماد بشكل كبير على واردات القمح من أوكرانيا وروسيا.
كما أكد الدكتور وليد دياب، عضو غرفة الحبوب باتحاد الصناعات، أن احتياطي القمح في مصر جيد ويكفي لمدة أربع شهور ونصف فضلًا عن أن القمح المحلي المصري يبدأ انتاجه في شهر مايو المقبل مما يعطي شعور بالأمان على مخزون القمح، مشيرًا إلى أن القمح متوفر في الكثير من دول العالم حال حدوث ازمة بسبب أزمة روسيا وأوكرانيا.
وأضاف دياب، أن مصر من الممكن أن تستورد القمح من مناطق أخرى غير روسيا واوكرانيا وتتجه إلى أوروبا وامريكا مع العلم سيكون هناك زيادة في السعر، موضحًا أن العقوبات الاقتصادية تمنع روسيا من استيراد المنتجات ولكن منع التصدير لن يكون موجود.
واستكمل: “الحرب الروسية الاوكرانية حال وقوعها ممكن أن تؤثر على حركة الموانئ والسفن وترفع سعر البترول وغيره من الحاجات التى تؤثر على الامداد، وهذه التغيرات قد تتأثر بسببها فاتورة الدعم فى حالة ازدياد الازمة بسبب زيادة اسعار القمح ولكن لن توجد أزمة فى توفير القمح”.
وفى نفس السياق قال وزير الزراعة، السيد القصير، إن الحكومة المصرية تركز اهتمامها حاليًا على زراعة مزيد من المساحات بالقمح المحلي لتحقيق الأمن الغذائي للمصريين، لافتًا إلى ارتفاع المساحة المزروعة بالقمح من 3.1 مليون فدان في عام 2018/ 2019، إلى نحو 3.6 مليون فدان، حاليا، مضيفًا أن مصر تنفذ حاليًا خططا للتوسع في استزراع القمح، وإضافة مساحات جديدة منه، سواء في الدلتا الجديدة، أو توشكى وغيرها، مضيفًا أن إنتاجية فدان القمح المزروع في مصر حالياً توازي 3 طن تقريباً، ما يعني أن مساحة 3.6 مليون فدان سيوفر محصول مصري يُناهز 10 مليون طن من القمح المحلي عالي الجودة.
تحقيق الاكتفاء الذاتى
ومن خلاله قال الدكتور علاء خليل مدير معهد المحاصيل الحقلية بمركز البحوث الزراعية، إن الدولة المصرية متمثلة في وزارة الزراعة وضعت عددًا من السياسات للنهوض بمحصول القمح من أجل تحقيق نسبة اكتفاء ذاتي تصل إلى 80%، من خلال رؤية مصر 2030 وبرامج التوسع الأفقي والمليون ونصف مليون فدان ومشروع توشكى.
وأضاف مدير معهد المحاصيل الحقلية بمركز البحوث الزراعية، أنه تم تحديد مساحات زراعة التقاوي والكميات المتوقع إنتاجها منها وفقًا للسياسة الصنفية لقسم بحوث القمح والسياسة العامة في تحديد مساحات القمح المستهدف زراعتها، موضحًا أن مصر حاليًا تمتلك 11 صنفًا من القمح، لافتًا إلى أن استنباط الصنف الواحد يستغرق من 10 إلى 11 عامًا، وخلال 3 سنوات سوف يتم تغطية 100% من المساحة المنزرعة بتقاوي مصرية مضمونة ومعتمدة.
وتابع: “القدرة الإنتاجية للأصناف الجديدة تصل إلى 30 إردبا للفدان”، في حين أن العادي 19 إردبا، مضيفاً، أن الطن يساوي 7 إردب، ومصر تنتج 9.4 مليون طن، وتنتج 55% مما تستهلكه.
يذكر أن مصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم، وقامت باستيراد نحو 12.9 مليون طن في 2020 وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وتعتبر مصر ولبنان وليبيا من أكثر الدول العربية التي تعتمد على القمح من روسيا وأوكرانيا، في حين تحتل مصر المركز الأول من حيث استيراد القمح في العالم، وتحتل روسيا المركز الأول على صعيد تصدير القمح إلى مصر وتأتي أوكرانيا في المركز الثاني.
كما ناشدً رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، وزير التموين الدكتور على مصيلحي، بشراء كميات من القمح وتخزيناه في ظل الأزمة الأوكرانية.
وقال ساويرس عبر صفحته الرسمية على موقع تويتر: “نصيحة لوزير التموين .. لازم نسرع بشراء و تخزين القمح قبل حرب أوكرانيا وروسيا ! هما بينتجوا 30% من إنتاج القمح في العالم ولو قامت حرب كل ده مش هيتوفر والأسعار هتولع”، حسب قوله.