ما أشبه اليوم بالأمس، اليوم يتعلق بالأزمة السياسية الراهنة بغزو روسيا لأوكرانيا، والبارحة كانت قضايا سياسية تتعلق أيضاً بصراعات عسكرية أشد فتكاً مما نراه اليوم في أوكرانيا.
ولكن موقف الأمس ليس كاليوم، فهناك أندية ولاعبين نالوا عقوبات لا حصر لها بسبب مواقفهم السياسية، والمبرر، هو قانون كرة القدم، ولوائح الفيفا، التي تنص على فصل السياسة والدين والعرق والجنس عن المنافسات الرياضية.
فأوكرانيا ليست فلسطين أو لبنان أو العراق أو بورما، و غيرها من الدول العربية، التي نالت من نفس الكأس الأوكرانية، إبادات جماعية وغارات تنهش جسد الأطفال وتدمير لمساجد ومستشفيات وبنية تحتية لبلدان نطلق عليها “الغلابة”، عكس ما نراه حالياً من تعاطف ودعم معنوي ومادي بل وعسكري لنظام أوكرانيا الحاكم.
ورغم مرور أيام معدودة على الغزو الروسي لأوكرانيا، إلا أن العقوبات التي فرضت حتى الآن على الأندية والمنتخبات الروسية، كفيلة بتدمير مستقبل الروس الكروي.
وقال الاتحاد الدولي لكرة القدم، أن الفيفا يؤكد إدانته لاستخدام القوة من قبل روسيا في غزوها لأوكرانيا، مؤكداً ان العنف ليس حلاً أبدًا، والفيفا سيعاقب بشدة المسئولين عما يحدث في أوكرانيا.
والتساؤل هنا، لماذا لم يعلن الفيفا موقفه هذا في قضايا مشابهة، بل الأكثر من ذلك، انه فرض عقوبات صارمة لكل من تسول له نفسه إقحام السياسة داخل الملاعب، سواء في شعارات أو لافتات أو هتافات.
والقائمة طويلة والعقوبات لا تعد ولا تحصى، لطالما كان الصراع العربي الفلسطيني حاضرا بقوة في مدرجات كرة القدم وفي تصريحات اللاعبين.
ولم ينأ اللاعبون العرب، خاصة الذين تألقوا في الأندية الأوروبية، بأنفسهم عن ما يجري من أحداث وتطورات، حيث سارع كثيرون منهم – وقتها – لتسجيل موقف أو إطلاق حملات تضامنية مع الفلسطينيين.
وكان لاعب الوسط في فريق أرسنال الإنجليزي، المصري محمد النني من أوائل اللاعبين العرب الذين عبروا عن دعمهم للفلسطينيين، إذ نشر تغريدة كتب فيها: “قلبي وروحي ودعمي لك يا فلسطين”.
قوبلت تلك التغريدة بانتقادات واسعة من قبل اتحادات الفيفا واليويفا ورابطة البريميرليج، إذ اعتبروها تصرفا يخالف المبادئ الرياضية التي تنص على التزام الحياد.
ونال اللاعب المغربي نصير مزراوي، ما ناله النني، بل زادت المطالبات بطرد أي لاعب من الاندية الاوروبية يعبر عن رأيه السياسي، كما أطلق مشجعي عدة أندية، خاصة نادي أياكس الهولندي، حملة ضد المغربي مزراوي، يعربون فيها عن سخطهم من مزراوي.
وكان المغربي نصير مزراوي قد نشر رسما لطفل يمسك بحجارة صغيرة لمواجهة جندي إسرائيلي، وأرفق الرسم بعبارة “الحرية لفلسطين”.
وشدد الفيفا على الاتحادات القارية، خاصة في افريقيا واسيا، على توقيع عقوبات ضخمة تنتظر أي لاعب، إذا أقدم على رفع شعار سياسي أو تعبير سياسي أو رأي يتعلق بأزمة سياسية.
ولا ننسى بيان الفيفا الشهير عام 2015، عندما دعا الاتحاد الدولي لكرة القدم، لوقف التدخلات والآراء السياسية في كرة القدم، وذلك تزامناً مع عيد العمال، على خلفية أزمة العمال الذين يقومون بتشييد ملاعب مونديال قطر 2022.
وبعدها بعامين وتحديداً في سبتمبر 2017، أعلن الفيفا، معاقبة أي لاعب أو نادي أو جمهور، يشير إلى أزمة جمهورية ميانمار، أو كما تعرف بـ”بورما”، خاصة انها كانت قضية دينية، تعلقت في أذهان العالمين العربى والإسلامى باضطهاد أقلية الروهينجا المسلمة وانتهاك حقوقها.
وإذا رجعنا بالزمن لعام 2008، سنجد رد الاتحاد الافريقي لكرة القدم (كاف) إلى اللاعب محمد أبو تريكة بعدما كشف نجم الفراعنة السابق عن الشعار المكتوب على ملابسه تحت قميص اللعب والذي تألف من عبارة تضامنا مع غزة; وذلك خلال المباراة التي قاد فيها أبو تريكة المنتخب المصري للفوز على نظيره السوداني 3/صفر.
وكان اللاعب معرضا للايقاف نهائياً من قبل الكاف بسبب لوائح الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) والتي تدين استغلال مباريات الكرة في أغراض أو لأهداف سياسية أو عنصرية.
وكان موقف بيكاسو الكرة المصرية، محمد صلاح، أكثر ضراوة، ففى مباراة دورى أبطال أوروبا، التى جمعت بين فريق مكابى تل أبيب الإسرائيلى، ونظيره بازل السويسرى، الذى كان يلعب صلاح فى صفوفه وقتها، رفض محمد صلاح السلام على لاعبى الفريق الإسرائيلى، وهو بالطبع ما قابلته الجماهير الإسرائيلية بصافرات الاستهجان وبعض الألفاظ الخارجة، بل ووصل الأمر إلى إمكانية طرد صلاح من النادي.
وفي بيان أحرج ناديه اللندني، انتقد نجم أرسنال مسعود أوزيل صمت العالم إزاء تعرض أقلية الإيغور المسلمة للاضطهاد في الصين، وهو ما يرضي أرسنال، الذي خرج يؤكد ان نادي أرسنال غير مسئول عن تصريحات أوزيل، ولكنها تعبر عن رأيه الشخصي، وسيقوم الفريق الإنجليزي بمعاقبته، وبالفعل أصبح مغضوباً عليه من وقتها في لندن.