أوضح الدكتور عمرو يوسف خبير اقتصاديات التشريعات المالية والضريبية ، أن المجتمع الدولي حاليًا يضع نصب عينيه وعلى رأس أولوياته القضايا البيئية وتغيرات المناخ، الأمر الذى جعله يستحدث ما يسمى بالصكوك السيادية أو ما يطلق عليه السندات الخضراء، نتيجة لوضع أجندة دولية خاصة تهتم بقضايا البيئة والحفاظ على المناخ أمالً في تحقيق إستدامة الحياة بجميع أشكالها على سطح الكرة الأرضية.
وذكر أن البنك الدولي عرف السندات الخضراء بإنها عبارة عن صكوك إستدانة يتم إصدارها بغرض تمويل المشروعات الخاصة بالبيئة والمناخ وذلك حفاظا عليهم، على أن توجه تلك المشروعات نحو الإستثمار في الطاقة النظيفة والحفاظ على المناخ وإدارة النفايات، وبالرغم من تقارب الشكل القانوني مع مثيالتها من السندات والصكوك الأخري إلا أنها تختلف عنها في مسألة الإلتزام الناتج من خلالها في توجيه إنفاق
التمويل الناتج عنها وحصره فى المشروعات الخضراء فقط.
وتابع: أن التقرير الخاص بمبادرة سندات المناخ أوضح من خلال بياناته أن الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا على قائمة الدول الأكثر تصديرا للسندات الخضراء، مع ملاحظة إزدياد معدلات الإستثمار عالميًا فى تلك السندات مما يعكس معه التوجه الدولي نحو إستهداف تلك الصكوك الخضراء لمستقبل قريب أكثر إستدامه عبر الاهتمام بقضايا البيئة والمناخ.
ولفت إلى أن تلك السندات لها عدة مزايا فى كونها أداه مستحدثة قادرة على جذب رافد جديد من الإستثمارات فضلا عن زيادة الوعي بالقضايا المناخية والبيئية من خلال المشروعات التى تساهم فى مواجهة التحديات الخاصة بالتغييرات المناخية والبيئية.
وأشار إلى الأثر الاقتصادى لتلك الإصدارات الخاصة على الدول فتعد تلك الصكوك كغيرها من الصكوك التقليدية كأحد أهم أدوات التمويل، إضافة إلى وظيفتها ذات الطبيعة الخاصة فهى أداة جديدة من أدوات الدين العام لتتنوع من خلالها أدوات الدين بالسندات للتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية لتجذب بذلك معها شريحة كبيرة وجديدة من المستثمرين، إضافة إلى إحلال الديون طويلة الأجل بأخرى قصيرة الأجل وإستهداف هام خاص بخفض الدين العام للدولة.
وكشف عن أن الدولة المصرية أول دولة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال القارة السمراء تحذوا حذو الدول المهتمة بقضايا البيئة والمناخ، ويتضح ذلك جلياً عبر ما أصدرته وزارة المالية فى شهر سبتمبر من العام المنصرم أول صكوك خضراء سيادية بقيمة تجاوزت 700 مليون دولار والمخصصة عوائدها للمشروعات الخضراء، إضافة إلى ذلك فقد تم وضع خطة مركزة قائمة على زيادة الإستثمار من خلال دعم مشاريع البنية التحتية فضلًا عن إنشاء محطات جديدة لتحلية المياه وإنشاء أول مصنع للهيدروجين الأخضر بالشراكة مع كبري الشركات العالمية، مما يعكس معه جهود الدولة المصرية نحو إستيعابها بأهمية الإستثمار تحت رداء الاقتصاد الأخضر .
وأكد على أنه من منطلق اهتمام الدولة أطلقت الحكومة المصرية حزمة كبيرة من القوانين الخاصة بالاستثمار الأخضر بمنح العديد من الحوافز لتنشيط وتشجيع الإستثمار وذلك من خلال تفعيل دور القطاع الخاص، بهدف توجيه تلك المشروعات الصديقة للبيئة فقد أقرت بعض الحوافز الضريبية للمشروعات والاستثمارات في قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة إضافة إلى وضع حد زمنى فاصل للبت فى جميع طلبات
الاستثمار الأخضر خلال مدة زمنية لا تتجاوز 20 يوماً، فضلًا عن إطلاق حزم من الحوافز الأخري غير الضريبية لمشروعات دعم التحول لإستخدام الطاقة النظيفة إضافة إلى الاستفادة من مصادر التمويل الدولية والإقليمية الأخرى.
وأشار إلى أنه في خطوة هامة وغير مسبوقة نحو دعم وتمكين القطاع الخاص من خلال دعم وجذب الإستثمارات فقد أطلقت الدولة المصرية حواراً مجتمعياً حول ما يعرف “بوثيقة أملاك الدولة” والتي تستهدف رفع معدلات الإستثمار الخاص بقيم تتراوح ما بين 25 % إلى 30 % من خلال تخارج الدولة من بعض القطاعات الاقتصادية لتترك المجال للقطاع الخاص للإستثمار فيه بنسب مشاركة تصل إلى 65 % وذلك خلال خطة زمنية محكمه وفقا لشروط وآليات خاصة، مما يساههم
فى تحقيق معدلات نمو اقتصادي كبير فضلًا عن تمكين وزيادة مساهمة القطاع الخاص فى الناتج المحلي والاهتمام بمجالات الاستثمار خاصة تلك المتعلقة بالاقتصاد الأخضر .