نشرت “مجموعة أكسفورد للأعمال” (OBG) تقريراً مفصلاً على موقعها الإلكتروني سلطت فيه الضوء على الأسباب التي جعلت من مصر موقعا جاذباً لشركات تعهيد الخدمات العالمية.
وتضمن التقرير، الذي أطلعت عليه هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “ايتيدا” – تحليلاً تفصيلياً للمقومات الرئيسية التي عززت مكانة مصر كواحدة من المقاصد المفضلة عالمياً لخدمات تعهيد الأعمال (BPO) ومن ضمنها موقع مصر الجغرافي المتميز الذي يتوسط أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا؛ وكذلك وفرة الكوادر الشابة المؤهلة والمحترفة في مجالات التكنولوجيا المختلفة، والتعدد اللغوي، عوضاً عن البنية التحتية القوية لتكنولوجيا المعلومات.
وذكرت “مجموعة أكسفورد للأعمال Oxford Business Group“ البريطانية للاستشارات والدراسات الاقتصادية، أن الحكومة المصرية قامت بتقديم الدعم الكامل لقطاع تعهيد خدمات الأعمال، سواء من ناحية الحوافز الاستثمارية للشركات العاملة بهذا المجال، أو جهود تطوير البنية التحتية للاتصالات مثل إطلاق واستخدام شبكات الجيل الرابع والتوسع في مد كابلات الألياف الضوئية، وذلك لمواكبة التطورات وتحديث الخدمات المقدمة من الشركات العاملة بمجال التعهيد.
القوي العاملة
وأدى نجاح مصر في ترسيخ مكانتها كوجهة رئيسية لتقديم خدمات تكنولوجيا المعلومات العابرة للحدود إلى خلق الآلاف من فرص العمل، حيث حقق القطاع نمواً ملحوظا في عدد العاملين به وبلغ 212 ألف في عام 2019 بعد أن كان 169 ألف عام 2017، وتوقع التقرير أن يصل هذا العدد إلى 240 ألف بنهاية عام 2020.
وأوضح التقرير أن العاملين بالقطاع لديهم المهارات المتخصصة، نتيجة تخريج الجامعات لحوالي 220 ألف خريج سنوياً بالمهارات الأساسية واللازمة للعمل في مجال التعهيد، وحوالي 50 ألف خريج مؤهل للعمل في المجالات المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وأضاف التقرير أن غالبية شباب الخريجين يتمتعون بالتنوع اللغوي، وتأتي اللغة الإنجليزية في الترتيب الأول بين اللغات التي يتم تدريسها بعدد 90 ألف خريج سنوياً؛ تليها اللغة الفرنسية بحوالي 5 الأف و400 خريج؛ والألمانية ب 3 ألاف خريج.
ولفت التقرير، إلى أن العوامل التي أدت إلى انجذاب شركات التعهيد للعمل في مصر لا تنحصر فقط في الموقع الجغرافي والقوى العاملة، ولكن تمتد أيضا إلى انخفاض أجور العاملين عن نظرائهم بالدول المنافسة حيث ذكر التقرير أن متوسط الدخل السنوي لمطور البرمجيات في مصر يبلغ نحو 7500 دولار، مقارنة ب 20 ألف دولار لنظيره في رومانيا وبلغاريا، و24 ألف دولار في بولندا.
وأضاف التقرير أن الموقع الجغرافي لمصر يتيح تقديم الخدمات لمناطق زمنية مختلفة ويسمح للشركات بتوفير استمرارية الأعمال بين العمليات في الولايات المتحدة الأمريكية وآسيا.
البناء على الإنجازات وفتح آفاق جديدة
تسارعت وتيرة تطور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في السنوات الأخيرة وبالأخص مع انتشار خدمات الحوسبة السحابية العامة وتعهيد الأعمال ومساهمتهم بشكل رئيسي في دفع عمليات نمو القطاع.
وفي هذا الصدد، نقل التقرير عن مؤسسة “أي دي سي” الاستشارية العالمية في مجال البيانات، أن الصادرات المصرية من منتجات وخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات – والتي تشمل خدمات التعهيد وخدمات القيمة المضافة والمعرفة – والتي كانت قد بلغت 3.3 مليار دولار في عام 2017، ستنمو إلى 4.7 مليار دولار بنهاية عام 2020.
وأضاف التقرير أن الشركات العاملة في مصر بهذا المجال ستتحول من تقديم خدمات مراكز الاتصال متعددة اللغات إلى الخدمات عالية القيمة والخدمات المتخصصة مثل تطوير المنتجات والبحوث، مشيراً إلى أنه ومنذ عام 2018 تقوم مصر بتقدم خدمات التعهيد ومراكز الاتصال إلى حوالي 100 دولة وبحوالي 20 لغة مختلفة.
التكنولوجيات الحديثة
وألقى التقرير الضوء أيضاً على التطور الذي يشهده مناخ أعمال الشركات الناشئة في مصر والاستثمار الحكومي في تحفيز ورعاية الإبداع، حيث ساهم ذلك كله في تشجيع الشركات المبتكرة على التوجه نحو تطوير الخدمات وخاصة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبيانات الضخمة.
وأوضح التقرير أن طرح خدمات الجيل الخامس سيكون بمثابة دفعة قوية لتطوير هذه النوعية من الخدمات، مشيراً إلى الجهود التي تقوم بها الحكومة المصرية والخطوات الإيجابية التي اتخذتها بالتعاون مع شركات الاتصالات العاملة بالسوق المصري. وأفاد التقرير بأن شركات خدمات التعهيد العابرة للحدود ستتمكن قريباً من استخدام هذه التكنولوجيات، بما يزيد من تنافسية مصر في هذا المجال على المستوى العالمي.
وفي ختام تحليله لأسباب انجذاب شركات التعهيد العالمية للعمل بمصر، استشهد التقرير بمقال سابق للسيد/ جيوتي لالشانداني، نائب رئيس مجموعة «أي دي سي» والمدير العام الإقليمي، والذي قام بنشره في النسخة الثانية ل “دليل الجمعية الألمانية لوجهات التعهيد” الخاص بمصر والذي تم إعداده بالتعاون مع هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “ايتيدا“.
وقال جيوتي في المقال المشار إليه: “مصر الأن في وضع مثالي لتصبح مركزاً رئيسيا لخدمات الأعمال والتكنولوجيا للدول والمنظمات التي تقوم بتنفيذ عمليات التحول الرقمي، خاصة تلك الموجودة في مناطق أمريكا الشمالية وأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا حيث تعاني تلك المناطق من نقص الموارد البشرية المؤهلة”.
كما أكد التقرير على أن مصر استطاعت أن تعزز من مكانتها كمركز إقليمي لخدمات التعهيد، وبدأت في توسيع نطاق عملها في هذا المجال حيث أصبحت واحدة من أسرع الوجهات العالمية نمواً في مجال تصدير خدمات تكنولوجيا المعلومات.