• logo ads 2

د.أميرة عبد العظيم تكتب: الطاقة البديلة آمال المستقبل وتحديات الواقع

أستاذ القانون الدولي بجامعة الأزهر

alx adv
استمع للمقال

بقلم الدكتورة / أميرة عبد العظيم أستاذ القانون الدولي جامعة الأزهر

اعلان البريد 19نوفمبر

لا أحد ينكر أن الطاقة الكهربائية باتت ضرورية لحياة الإنسان ورفاهيته، حيث لا غنى عنها في شتى مناحي الحياة، مما تسبب في استخدام الوقود الأحفوري بشتى أنواعه لتلبية الاحتياجات الكافية من الطاقة الكهربائية، غير أن ذلك أضر البيئة المحيطة نتيجة الاستخدام المفرط للوقود الأحفوري مما زاد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وهو ما حدا بالبحث عن وسيلة نظيفة لتوفير الطاقة، فاتجهت دول العالم نحو الطاقة البديلة المتجددة من الخلايا الشمسية، وتوربينات الرياح وطاقة المياه والوقود الأخضر، ولا شك أن للطاقة البديلة من المميزات ما لا يوجد في غيرها من مصادر الطاقة.

فهى تعد موردا متجددا يتميز بالاستمرار والثبات، فالشمس سوف تشرق لمليارات السنوات بإذن الله، كما أن المياه والرياح سوف تستمر في توفير مصدر ثابت للطاقة، فضلا عن أن مصادر الطاقة المتجددة صديقة للبيئة لأنها لا تلوثها بثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات السامة التي ينتجها الوقود الأحفوري، كما أنها لا تستنفد الموارد الطبيعية إذ يمكن الحفاظ عليها لفترة طويلة.

غير أن هناك معوقات كبرى تحول دون انتشار استخدامها على نطاق واسع ، وأهم هذه المعوقات تتمثل في تخزين الطاقة الكهربائية من المصادر المتجددة حيث تحتاج إلى معدات تخزين باهظة الثمن، وعلى الرغم من وجود بعض تقنيات التخزين للطاقة المتجددة، إلا أن استخدامها لا يزال في إطار محدود، إما لعدم فاعليتها، أو لارتفاع تكاليفها.

كما أن التحدي الأكبر لاستخدام الطاقة البديلة يتمثل في أن محطات الطاقة المتجددة تحتاج إلى مساحات واسعة، إذ تتطلب استخدام أكثر من 400,000 متر مربع لإنتاج نحو 20 ميجا واط من الطاقة باستخدام تقنيات توليد الطاقة الشمسية الراهنة.

لذا يرى المتخصصون في هذا المجال أن استخدام الطاقة البديلة قد يكون خيارا غير مجد اقتصاديًا دائمًا، فكثيرا ما تكون تكلفة توليد كميات كافية من الطاقة الكهربائية تزيد أو تتساوى مع إنشاء شبكات توزيع تلك الطاقة، بخلاف التكاليف الباهظة لإجراء الأبحاث وتطويرها وتصنيع المكونات اللازمة لإتمام العملية بنجاح، بينما عملية استخراج الوقود الأحفوري أقل تكلفة لأن جميع أدوات التصنيع موجودة بالفعل.

كما لا تتوافر كثافة الطاقة الشمسية أو المياه والرياح في جميع المناطق، مما يتطلب إنشاء المزيد من مرافق البنية التحتية لنقل الطاقة ، بالإضافة إلى تعرض مصادر الطاقة المتجددة لتقلبات الطقس وتغير الظروف المناخية، فالأمطار الوفيرة أو الرياح البطيئة تقلل من إنتاج تلك الطاقة.

ومن ثم يثار التساؤل هل يسمح وضع الدول بالتحول الكامل لاستخدام الطاقة المتجددة في وقت قريب؟؟

الإجابة على هذا التساؤل تتوقف على مدى التزام الدول الكبرى بتعهداتها تجاه الدول النامية لتوفير الدعم الكافي للدول النامية التي تمكنها من تهيئة البنية التحتية لإنتاج الطاقة من المصادر المتجددة.

فبالرغم من أن الدول الغنية تقف وراء ما يقرب من 80% من الانبعاثات، فإن الدول النامية تدفع نصيبها من الثمن مثل الدول المتقدمة أو ربما يزيد، فالتغيرات المناخية لا تفرق بينهما، ولذا يلزم على الدول الصناعية أن تلتزم بتعهداتها السابقة بتقديم 100 مليار دولار مساعدة للدول النامية والفقيرة لتتخطى تأثيرات التغيرات المناخية، مع مراعاة عدالة التوزيع بينهم.

وتعد قمة المناخ (COP 27) والمنعقدة في مدينة شرم الشيخ المصرية فرصة مواتية لمناقشة وطرح البدائل التي تحقق وفاء الدول المسؤولة بتعهداتها السابقة بتقديم الدعم للدول الفقيرة ومساعدتها في التكيف والتخفيف من تأثيرات التغيرات المناخية.

ونستعرض في هذا المقال بعض صور الطاقة البديلة والتحديات التي تقابلها.

إنتاج وقود سائل من الغاز الطبيعي

إن الغاز الطبيعي أنظف وأكثر وفرة من النفط. وثمة طرق جديدة لتحويل الغاز إلى شكل سائل، وعلى الرغم من ضخامة المخزون العالمي من الغاز الطبيعي فإن العديد من المكامن تتموضع في أماكن تواجده والتي تبعد عن السكان المحتاجين إلى الطاقة، إضافة إلى أن نقل الغاز إلى مسافات بعيدة يكون مكلفا لدرجة تحول دون تحقيق هذا الأمر، فتكلفة نقل الغاز الطبيعي عبر الأنابيب تبلغ أربعة أضعاف تكلفة نقل النفط الخام بسبب الانخفاض الشديد لكثافة طاقة الغاز ويمكن تبريد ما يمكن تسميته بالغاز الشارد وضغطه لتحويله إلى سائل ومن ثم شحنه بناقلات الغاز.

ومن دواعي الأسف، ولكون المصانع المطلوبة لعملية التحويل ضخمة ومعقدة وبسبب صعوبة التعامل مع الغاز الطبيعي المسال فإن الطلب عليه محدود نوعا ما .

ولكن ماذا لو توافرت طريقة رخيصة لتحويل الغاز الطبيعي إلى شكل يبقى معه سائلا في درجة الحرارة والضغط العاديين؟ إن تحقيق ذلك سيسمح بنقل الطاقة إلى الأسواق عبر الأنابيب بصورة غير مكلفة، والعديد من الدول الآن تتفاوض مع شركات بتروكيميائية لبناء مصانع لتحويل الغازولاستثمار المزيد من الحقول المغمورة.

إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية.

يعد ضوء الشمس أحد أكثر مصادر الطاقة المستدامة وفرةً واستخدامًا، فالخلايا الشمسية يمكن أن توضع على أسطح المنازل والمباني الحكومية أو حتى على شكل صفيفات كبيرة في الصحراء إلّا أنّ كمية الطاقة الكهربائية المتولّدة من الطاقة الشمسية قد تختلف على حسب الوقت من اليوم وفصول السنة، وعلى حسب الموقع الجغرافي للمنطقة.

كما أن هناك تحديا آخر يواجه إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية وهى أن المراحل الأولى لتصنيع الخلايا الشمسية تتطلب قدرا عاليا من الطاقة لإنتاج سليكون فائق النقاء، فمراحل تصنيع السليكون تستخدم فيها كميات كبيرة من الطاقة التي يترتب عليها انبعاثات كبيرة، كما أن الدول التي تنتج الألواح الشمسية مثل الصين تعد الدولة الأولى في العالم في استهلاكها الفحم.

إنتاج الطاقة الكهربائية من طاقة الرياح

تعد الرياح من مصادر الطاقة المتجددة النظيفة، التي لا تلوث البيئة، ويتم استخدام طاقة الرياح لتوليد الطاقة الكهربائية،عن طريق التوربينات التي تشغل المولدات الكهربائية، إلّا أنّ طاقة الرياح لا تكون دائمًا قوية بالقدر الذي يمكنه توليد كميات كافية من الطاقة.

وحتى تصبح الطاقة المتجددة الناتجة من الرياح بديلا عن الوقود الأحفوري فإن هناك مشكلة تتمثل في عملية تدوير مخلفات مشاريع الطاقة المتجددة خاصة ريش توربينات الرياح حيث يصل طول الريشة تقريبا إلى 30 متراً، فبعدما يتم الاستخدام توجد تلال من الريش توضع في مقبرة لا تستطيع الكثير من الدول إعادة تدويرها.

وكذلك الحال بالنسبة لخلايا الطاقة الشمسية والتي تستخدم الفوت بول تيبل

football table) ) فهناك مساحات كبيرة تتغطى بالألواح الشمسية وبعد ما تنتهي عمر الألواح وهو ما يقدر بعشرين سنة تترك مشكلة كبيرة جدا ليس لها حلول تكنولوجية، وإلى الآن لا يوجد حل رخيص لتدوير هذه المخلفات يمكن تطبيقه، ولا يسبب تلوثا للبيئة، وما زالت الأبحاث تعمل في هذا المجال.

إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة المائية

وهي استخدام الماء الجـاري ومـساقط المياه لإنتاج الطاقة، وتعتبر من أنظف الطاقات المتجددة والأكثر كفاءة لإنتـاج الكهرباء، فمن خلال إنشاء حاجز أو سد، يمكن تجميع المياه في خزان كبير يتم التحكم فيه لتحريك التوربينات، والتي بدورها تنتج طاقة كهربائية.

وقد لعبت دورا هاما ورئيسيا في تنمية المجتمعات البشرية في كافة أنحاء العالم، وحاليا فإن حوالي 19% من إنتاج الكهرباء في العالم يـأتي مـن استغلال طاقة المياه.

وتعد الطاقة المائية أكثر ضمانًا من طاقة الشمس أو طاقة الرياح، نظرًا لأنها تسمح بتخزين الطاقة الكهربائية بسهولة أكبر، على الرغم من أن التوسع في استخدامها قد يترك آثـارا بيئية سلبية مثل استغلال الأراضي الجيدة والتي تكون عادة قريبة من مـساقط المياه وكذلك التبخير والتأثيرات المناخية والترسبات وغيرها إلا أنها ستبقى كأحد مفاتيح الحل لإنتاج الطاقة الكهربائية في المستقبل ، نظرا لتوفر مـصادر هـذه الطاقة الكهربائية في مناطق كثيرة من العالم وخصوصا في المناطق ذات النمـو السكاني العالي في آسيا وأمريكا اللاتينية حيث الطلب على الطاقة في ازدياد .

الهيدروجين السائل:

في الآونة الأخيرة برزت أهمية توليد الطاقة من غاز الهيدروجين. خاصة وأن مصادره على الأرض كثيرة، وأهمها المخزون المائي الهائل في المحيطات والبحار والأنهـار ومـيـاه الأمـطـار، وخلال العقدين السابقين اهتمت الدول المتقدمة بمحاولة استخدام الهيدروجين لإنتاج الطاقة ورصدت من أجل ذلك مبالغ كبيرة للحصول على نتائج إيجابية في هذا المجال.

والجدير بالذكر أن من أهم المشاكل البيئية الناتجة عن استعمال البترول ومشتقاته في وسائل النقل المختلفة، تولد غازات نيتروجينية تتحلل بمساعدة طاقة الشمس وينتج عنها ذرات أكسجين حرة تتحد مع ذرات الأكسجين الموجود في الهواء ليتكون الأوزون الضار بالكائنات الحية.

كما تنتج العوادم غازي أول وثاني أكسيد الكربون، وقد نجحت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا في استعمال غاز الهيدروجين كوقود في الصواريخ المستخدمة في إطلاق المركبات الفضائية كما تم استعماله كوقود للطائرات ووجد أنه يقلل من الكتلة الكلية للطائرات بنسبة 33% بالمقارنة باستخدام البنزين، وأن نواتج الاحتراق غير ملوثة للبيئة. ومن المتوقع أن يشهد العالم ثورة تكنولوجية هائلة في مجال استعمال الهيدروجين السائل كبديل للطاقة النووية والبترولية في توليد الطاقة الكهربائية.

إنتاج الوقود الأخضر

حقق فريق من العلماء في بريطانيا طفرة كبيرة في مجال إنتاج الطاقة البديلة حيث نجحوا في التوصل إلى وقود للسيارات باستخدام السكر، وذلك عن طريق استخراج مادة الإيثانول السكرية من النباتات والوقود الجديد أقل تلويثا للبيئة وأرخص من وقود البترول بحوالي ۸۰ ٪ تقريبا.

بالإضافة إلى أنه سيؤدي إلى نتائج أفضل بكثير وسيسرع من حركة السيارات لأن البترول لا يحتوي على نفس كمية الإيثانول الموجودة بالنباتات السكرية كالقصب والبنجر.

وبدأت الشركات الكبرى بالفعل في تصنيع سيارات مجهزة لهذا الغرض كما قامت محطات البنزين في أوربا بإجراء بعض التجهيزات الخاصة لاستقبال الوقود الجديد والعمل على تعميمه بجميع دول العالم. ولكن التحدي الذي يواجهونه هو عدم وجود مخزون كاف من هذه المحاصيل يسمح بالتوسع في استخدامه، ومن أجل ذلك بدأت دول الاتحاد الأوروبي في تخزين كميات كبيرة منه حيث إن الحصول على ١٢ مليون لتر من البيو إيثانول تحتاج إلى 340 ألف طن من قصب السكر أو البنجر ويطلق على هذا الوقود اسم ” الوقود الأخضر ” .

وأخيرا فإننا لكي نستمتع ببيئة نظيفة فليس أمامنا إلا الطاقة البديلة والتي تمثل آمال المستقبل ويلزم من أجلها تحدي الواقع.

 

 

 

 

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار