فى أحدث تقرير صدر عن البنك الدولي، تشهد أكبر 3 اقتصادات في العالم، وهي الولايات المتحدة والصين ومنطقة اليورو، تباطؤاً حاداً للنمو، وطبقا للتقرير بمجرد وقوع صدمة خفيفة للاقتصاد العالمي خلال العام القادم قد تهوي به إلى الركود.
ومع حدوث تعاف اقتصادي غير مستقر ومتفاوت خلال عام 2022، واجهت التنمية العالمية أزمة، وساهم تباطؤ النمو في انتكاسة التقدم المحرز على صعيد الأجندة العالمية لخفض الفقر، فضلا عن زيادة الديون العالمية.
وساعدت الجهود العالمية للتطعيم البلدان على البدء في الخروج من جائحة كورونا، وأعادت ملايين الأطفال إلى الفصول الدراسية، لكن الآثار الدائمة الناجمة عن خسائر التعلم في الآونة الأخيرة يمكن أن تلقي بظلالها لسنوات، وارتفع تضخم أسعار الغذاء وزاد انعدام الأمن الغذائي زيادة كبيرة على مدار العام، وتفاقم ذلك بسبب تغير المناخ والغزو الروسي لأوكرانيا مما أسهم في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود والأسمدة.
وحتى يتسنى التصدي هذه الأزمات المتعددة والمساعدة في تحقيق تعاف أكثر استقرارا وإنصافا، عمل البنك الدولي مع شركائه يوم بيوم على مدار العام للمساعدة في تحويل مساهمات المساهمين وحقوق الملكية إلى مساندة موسعة للبلدان لتلبية أكبر احتياجاتها.
لا تزال الأزمات التي تلاقت في عام 2022 تعوق النمو العالمي، ويشهد الاقتصاد العالمي الآن أشد معدلات التباطؤ في أعقاب تعاف ما بعد الركود منذ عام 1970، ومن الملاحظ تراجع ثقة المستهلكين العالميين بالفعل بسبب التراجع الأكثر حدة مما كان عليه في الفترة السابقة للركود الاقتصادي العالمي.
ووافق البنك الدولي يوم الثلاثاء على حزمة تمويل إضافية لأوكرانيا يبلغ حجمها 610 ملايين دولار لتلبية احتياجات الإغاثة العاجلة والتعافي مع استمرار الحرب الروسية.
الحزمة تتضمن قرضا إضافيا قيمته 500 مليون دولار من البنك الدولي للإنشاء والتعمير التابع للبنك الدولي
وأضاف البنك أن الحزمة تتضمن قرضا إضافيا قيمته 500 مليون دولار من البنك الدولي للإنشاء والتعمير التابع للبنك الدولي، مدعوم بضمان من بريطانيا، ومشروعا جديدا لاستعادة وتحسين الوصول إلى الرعاية الصحية.
قال البنك الدولي في أحدث موجز يصدره عن الهجرة والتنمية إن التحويلات إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل قد زادت بنسبة 5% لتصل إلى 626 مليار دولار، وذلك على الرغم من التطورات المعاكسة التي شهدها عام 2022 على الصعيد العالمي. وأوضح البنك أن هذه النسبة تقل بشكل حادٍ عن الزيادة المسجلة في عام 2021 والتي بلغت 10.2%.
وتُعد التحويلات مصدراً حيوياً لدخل الأسر المعيشية للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، كما أنها تخفف من حدة الفقر، وتحسن نواتج التغذية، وترتبط بزيادة وزن المواليد وارتفاع معدلات الالتحاق بالمدارس للأطفال في الأسر المحرومة، وتظهر الدراسات أن التحويلات تساعد الأسر المستفيدة على بناء القدرة على الصمود في وجه الأزمات، على سبيل المثال من خلال تمويل تحسين ظروف السكن وتحمل الخسائر في أعقاب وقوع الكوارث.
أشار البنك الدولي إلى أن العديد من العوامل ساهمت في تشكيل تدفقات التحويلات إلى مناطق البلدان النامية في عام 2022. فمع انحسار جائحة كورونا، أدت إعادة فتح الاقتصادات المضيفة إلى رفع مستويات تشغيلهم وتدعيم قدرتهم على الاستمرار في إرسال المساعدات إلى أسرهم في بلدانهم الأصلية. ومن جانب آخر، كان لارتفاع الأسعار آثاره السلبية على قيمة الدخل الحقيقي للمهاجرين. وكان لارتفاع قيمة الروبل أيضاً أثره في ارتفاع القيمة الدولارية للتحويلات الخارجة من روسيا إلى بلدان آسيا الوسطى. وبالنسبة لأوروبا، كان لتراجع اليورو أثره المعاكس في خفض القيمة الدولارية لتدفقات التحويلات إلى منطقة شمال أفريقيا وإلى مناطق أخرى. أما في البلدان التي عانت من قلة العملات الأجنبية وتعدد أسعار الصرف، فقد انخفضت تدفقات التحويلات المسجلة رسمياً مع تحول تلك التدفقات إلى قنوات بديلة تقدم أسعاراً أفضل.
وتعليقا على ذلك، قال ميكال روتكوفسكي، المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للحماية الاجتماعية والوظائف بالبنك الدولي: “يساعد المهاجرون في التخفيف مما تعانيه أسواق العمل في البلدان المضيفة من قلة عرض الأيدي العاملة، وهم في ذات الوقت يقدمون الدعم لأسرهم من خلال التحويلات. وقد ساعدت سياسات الحماية الاجتماعية الشاملة العمالَ على التغلب على حالات عدم اليقين التي خلفتها جائحة كورونا وذلك فيما يتعلق بالدخل وفرص العمل. ومثل هذه السياسات يكون لها تأثيرات عالمية من خلال التحويلات، ويجب ألا تتوقف.”
أفريقيا هي المنطقة الأكثر تعرضاً للأزمات المتزامنة
وحسب المناطق، فإن أفريقيا هي المنطقة الأكثر تعرضاً للأزمات المتزامنة، بما في ذلك موجات الجفاف الشديد والارتفاعات الحادة في أسعار الطاقة والسلع الغذائية العالمية. وتشير التقديرات إلى أن التحويلات إلى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء قد زادت بنسبة 5.2% مقارنة بنسبة 16.4% في العام الماضي. وفي المناطق الأخرى، تشير التقديرات إلى أن تدفقات التحويلات قد ارتفعت بنسبة 10.3% إلى أوروبا وآسيا الوسطى، حيث أدى ارتفاع أسعار النفط والطلب على العمال المهاجرين في روسيا إلى زيادة التحويلات، بالإضافة إلى الأثر المترتب على تقييم العملات. وفي أوكرانيا، يُقدر نمو التحويلات بنسبة 2%، وهو أقل من التوقعات السابقة حيث تم إرسال الأموال للأوكرانيين في البلدان التي تستضيفهم، ومن المرجح أن تزيد نسبة التحويلات المالية التي تُسلم باليد. ويقدر نمو تدفقات التحويلات بنسبة 9.3% في منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، و3.5% في منطقة جنوب آسيا، و2.5% في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، و0.7% في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ. وفي عام 2022، ولأول مرة، يقترب بلد واحد وهو الهند من تلقي تحويلات سنوية تفوق 100 مليار دولار.
وفي قسم خاص حول الهجرة الناجمة عن تغيُّر المناخ، يشير الموجز إلى أن الضغوط المتزايدة جراء تغير المناخ من شأنها أن تؤدي إلى زيادة معدلات الهجرة الداخلية في البلدان المتضررة وأن تتسبب أيضاً في تراجع سبل كسب العيش. ومن المرجح أن يقع العبء الأكبر من الضرر على كاهل الفئات الأشد فقراً لأنها غالباً ما تفتقر إلى الموارد اللازمة للتكيف مع تغير المناخ أو الانتقال إلى العيش في مناطق أخرى. وتشير الدراسات إلى أن الهجرة يمكنها أن تلعب دوراً في التكيف مع التأثيرات الناجمة عن تغير المناخ، من خلال توفير سبل نجاة من الكوارث وأيضاً من خلال التحويلات المالية وغيرها من أشكال الدعم للأسر المتضررة، وذلك على سبيل المثال. وقد تتطلب مواجهةُ التحدي الذي تفرضه الهجرة المرتبطة بتغير المناخ تغيير ما يتصل بها من أعراف قانونية وأطر مؤسسية دولية، لا سيما في سياق التنقل عبر الحدود، مثلما هو الحال في الدول الجزرية الصغيرة.