أشار معهد كابجيميني للأبحاث أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية الجديدة تعد سلاحاً ذو حدين لما تفرضه من تحديات وفرص يمكن أن تحدث تغييراً جذرياً على العملية التعليمية بالنسبة لكل من الطلاب والمعلمين. وفي تقرير بعنوان “التعليم لمواكبة المستقبل: تمكين طلاب المدارس الثانوية عبر المهارات الرقمية”، أفاد المعهد بأن الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 18 عامًا يشعرون بقدر أقل من الثقة بشأن ما إذا كانت مهاراتهم الرقمية تجعلهم جاهزين للقوى العاملة مقارنة بمعلميهم، وهو ما ينطبق بشكل خاص على المهارات الأساسية في مجالات الاتصال الرقمي والإلمام بالبيانات.
تتخذ أنظمة التعليم في جميع أنحاء العالم خطوات نحو استيعاب أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية- مثل ChatGPT– داخل الأنشطة اليومية للطلاب أو استبعادهم عنها، فعلى سبيل المثال، أفاد ما يقرب من نصف معلمي المدارس الثانوية (48٪) بأن مدارسهم قد حظرت أو قيدت استخدام هذه الأدوات بشكل أو بآخر، في حين كان آخرون من “المتبنون الأوائل” أقل تقييدًا في نهجهم حيث أفاد 19٪ أن مثل هذه الأدوات مسموح بها لحالات استخدام محددة، كما أشار 18٪ إلى أنهم ما زالوا يقيمون هذه الأدوات من حيث قابليتها للتطبيق وفائدتها داخل الفصل الدراسي. بشكل عام، وافق أكثر من نصف معلمي المدارس الثانوية (56٪) على ضرورة تكييف المناهج والتقييمات بحيث تراعي استخدام الطلاب للمحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، ذلك في حين تعتقد نسبة مماثلة تقدر بـ (52٪) أن أدوات الذكاء الاصطناعي ستغير مهنة التدريس بشكل أفضل.
وفي هذا الإطار، صرح السيد/ حسام سيف الدين، الرئيس التنفيذي لشركة كابجيميني مصر، المتخصصة في مجال الرقمنة والحوسبة السحابية والهندسة، قائلاً: “بلغت التطورات في تكنولوجيا التعليم تطور لم يشهده العالم من قبل، وذلك بفضل الدور الكبير الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي، إذ يساعد كل من الطلاب والمعلمين على تحسين مهام التعلم والتدريس. ومن المؤكد أن مساهمته في عملية التعليم والتدريب سوف تتزايد وتتعزز، خاصة في ظل التقدم الهائل لتقنياته والتوسع في استخدامها. ويأتي التعليم كأحد الركائز الأساسية لكابجيميني في مصر، حيث تحرص على دعم المنظومة التعليمية من خلال تعظيم الاستفادة من الكوادر البشرية المتاحة في السوق المصرية من خلال تنمية مهاراتهم وتوفير فرص عمل لهم، وهو ما يتوافق مع رؤية مصر 2030، والتي تهدف إلى التنمية الشاملة والمستدامة للمعلمين والمتدربين وفقاً لاحتياجات خطط التنمية وسوق العمل.”
الموازنة بين المخاطر والفوائد
في الوقت الذي يرى فيه الكثيرون إمكانات أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية، لا تزال نسبة كبيرة من معلمي المدارس الثانوية على مستوى العالم (78٪) يبدون مخاوفهم بشأن التأثير السلبي لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية على نواتج التعلم، بما في ذلك تصور أن قيمة مهارة الكتابة ستتضاءل (66٪) وأن الأداة ستحد من إبداع الطلاب (66٪).
وعلى الرغم من هذه المخاوف، يشير نصف معلمي المدارس الثانوية على مستوى العالم إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي كأداة تعليمية له من الإمكانات ما يفوق المخاطر، فمن بين الفوائد التي يتصور البعض أنها تتحقق عبر أدوات الذكاء الاصطناعي هي حالات الاستخدام الرئيسية والتي سلط المعلمون الضوء عليها في تدريس كيفية التفاعل مع نماذج الذكاء الاصطناعي وفهمها (60٪)، والمساعدة في تمارين التفكير النقدي (56٪)، بالإضافة إلى استخدامها كأداة للمساعدة في اقتراح تعديلات على عمل الطلاب (52٪) ، وذلك إلى جانب فوائد أخرى.
ويختلف الشعور تجاه الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل كبير عبر المناطق الجغرافية المختلفة، حيث يدرك المعلمون في كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفنلندا أهمية وإمكانات الذكاء الاصطناعي التوليدي، أكثر بكثير من أمثالهم في سنغافورة، اليابان أو فرنسا.
إعداد الطلاب للمستقبل وتزويدهم بالمهارات الأساسية:
يعي ما يقرب من ثلثي معلمي المدارس الثانوية (64٪) أهمية تطوير المهارات الرقمية للطلاب لجعلهم مستعدون لسوق العمل، حيث يوافق الغالبية العظمى على أن التعليم الإلزامي في المهارات الرقمية سيكون مفيدًا للطلاب وذلك بنسبة (82٪). ومع ذلك، أشار التقرير إلى وجود فجوة في الثقة بين البالغين والمراهقين، حيث يعتقد 70٪ من المعلمين و 64٪ من أولياء الأمور أن الطلاب لديهم المهارات اللازمة للنجاح في سوق العمل اليوم ، وهو ما يوافق عليه 55٪ من الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عامًا. وذهب البحث أيضاً إلى وجود فجوة كبيرة في الثقة بين المعلمين في المدن الكبيرة (83٪) وفي المناطق الريفية (40٪)، وأن الفتيات في سن 16-18 عامًا في المناطق الحضرية يشعرن بثقة أكبر بمرتين من مثيلاتهن في المناطق الريفية. أخيرًا، تقل نسبة اعتقاد المعلمون في المناطق الريفية بأن محو الأمية الرقمية أولوية بالنسبة لمدرستهم عن أقرانهم في الضواحي والمناطق الحضرية
ووفقًا للبحث، يشعر 72٪ من الطلاب ممن تتراوح أعمارهم بين 16 و 18 عامًا بالثقة نحو إلمامهم بالمهارات الأساسية الرقمية، في حين يشعر أقل من النصف (47٪) بنفس الطريقة تجاه الاتصال الرقمي ومهارات الإلمام بالتكنولوجيا الرقمية، وهي سمات تعد ضرورية للنجاح في سوق العمل العصري. يسلط التقرير الضوء على أن غرس الثقة هو المفتاح لتمكين الطلاب من الفصل بين الحقائق والمعلومات المضللة عبر الإنترنت بشكل صحيح. ويعبر الغالبية من الطلاب (80٪) عن ثقتهم في العثور على المعلومات عبر الإنترنت، إلا أن القليل منهم (66٪) يعرفون أي من المصادر عبر الإنترنت يمكنهم الوثوق بها، بل وإن هناك نسبة أقل (61٪) لا تمتلك القدرة الكافية على التمييز بين الحقيقة مقابل الرأي عبر الإنترنت .
ومن جانبها، قالت السيدة/ شوبا ميرا، الرئيس التنفيذي للمسؤولية في كابجيميني وعضو اللجنة التنفيذية للمجموعة “استكمالاً لتقرير عام 2020 حول الفجوة الرقمية، يسلط التقرير الجديد الضوء على الفجوات الكبيرة في المهارات الرقمية الجاهزة للمستقبل بين المدارس في المناطق الريفية والحضرية، وكما أن تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي تعمل على تشكيل عالمنا بشكل متزايد وتعظيم أهمية المهارات الرقمية التأسيسية ، فإننا على يقين أنها تمتلك أيضًا القدرة على سد الفجوات من خلال التعلم الذاتي والتخصيص المفرط وغير ذلك من القدرات. نحن – في كابجيميني – نلتزم بالاستفادة من قوة الأدوات والتقنيات الحديثة بشكل مسؤول حتى نواصل دورنا في التدريب على المهارات الرقمية، فهناك ما يقرب من 2 مليون شخص استفاد بالفعل من برامج محو الأمية الرقمية الخاصة بنا منذ عام 2018، كما نفتخر بأن 23٪ من بين 26،000 خريج من أكاديمياتنا الرقمية هم زملاء لنا اليوم. ومن هنا، نأمل أن تخدم وتلهم النتائج الواردة في هذا التقرير الأطراف الذين يواجهون نفس الأمر، وذلك في إطار السعي المشترك نحو مستقبل أكثر استدامة وشمولية.”