– انسحاب روسيا من اتفاقية الحبوب يرفع أسعار الغذاء عالميا.. ويهدد الأمن الغذائي فى الدول النامية
– 783 مليون مواطن يعانى من نقص الغذاء والجوع بالعالم
– مصر لديها خطة استراتيجية لتوفير رغيف العيش للمواطنين من خلال زيادة الرقعة الزراعية
– مصر ثانى أكبر مستورد للقمح في العالم بمعدل استهلاك 19 مليون طن سنويا
– مستوى استهلاك المواطن من الدقيق أكثر 182 كيلو جرام في العام
أكد الدكتور محمد يوسف أستاذ الزراعة والمكافحة الحيوية كلية الزراعة جامعة الزقازيق، أن انسحاب روسيا من اتفاقية الأمم المتحدة للحبوب، سوف يؤدى إلى رفع أسعار الغذاء عالميا الأمر الذي يهدد الأمن الغذائى خاصة الدول النامية والتى تعتمد بصورة كبيرة على استيراد الحبوب مثل القمح والشعير وايضا الأعلاف خاصه فول الصويا والذرة الصفراء وغيرها من أنواع الحبوب.
وأشار الدكتور محمد يوسف، خلال حوار خاص لمـــــــــوقع «عالم المال» إلى أن شبح الجوع يهدد العالم وأفريقيا الأكثر ضررا بعد انهيار اتفاقية الحبوب بين روسيا وأوكرانيا، مضيفًا أن انسحاب روسيا من اتفاقية الأمم المتحدة للحبوب لا يعنى أن روسيا تتوقف عن تصدير القمح إلى مصر أو اى دولة أخرى، حيث هناك مفاوضات فى مجلس الأمن الدولى يطالب بعودة روسيا إلى اتفاقية الأمم المتحدة للحبوب حتى لا يحدث خلل في منظومة الأمن الغذائى خاصة الدول النامية والتى تعتمد على استيراد الحبوب من دول الاتفاقية خاصة روسيا.
وأضاف «يوسف» أن انسحاب روسيا من اتفاقية الأمم المتحدة للحبوب سوف يؤدى إلى رفع أسعار الغذاء بالعالم ليس هذا فحسب بل أن هجمات روسيا على أوكرانيا أثرت بالفعل على الأمن الغذائى العالمى كما أن زراعة ألغام في البحر الأسود يشكل خطرًا على الملاحة البحرية الأمر الذي يؤدى إلى تدمير وقصف موانئ الحبوب الأوكرانية وبالتالى يتعذر وصول صفقات القمح إلى مصر والدول النامية الأخرى والأمر الذي يؤدى إلى خلق أزمة غذاء مفتعلة يتحمل مسؤوليتها دول التصدير خاصة روسيا وأوكرانيا وللأسف الشديد فى النهاية تكون الضحية الدول المعتمدة كليا على روسيا وأوكرانيا فى استيراد الحبوب.
يوجد حوالى 783 مليون مواطن فى العالم يعانى من نقص الغذاء والجوع
وأوضح أستاذ الزراعة والمكافحة الحيوية كلية الزراعة جامعة الزقازيق، أن مئات الملايين من شعوب العالم سوف يدفعون ثمن قرار روسيا من الانسحاب من اتفاقية الأمم المتحدة لتصدير الحبوب، مضيفًا أن انسحاب روسيا من اتفاقية الأمم المتحدة للحبوب لا يعنى أن روسيا تتوقف عن تصدير القمح إلى مصر أو اى دولة أخرى، مؤكدًا أنه يوجد حوالى 783 مليون مواطن فى العالم يعانى من نقص الغذاء والجوع، ونتيجة تداعيات الأحداث والحرب الروسية الأوكرانية أصبح هناك حوالى 345 مليون مواطن آخر يعانى من الفقر والجوع.
ولفت الدكتور محمد يوسف، إلى أن هناك دول حول العالم الأكثر ضررا نتيجة قرار إنسحاب روسيا من اتفاقية الأمم المتحدة للحبوب وهى دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط ومنها نيجريا والصومال والمغرب وتونس والسعودية واليمن ولبنان وجنوب السودان وجيبوتى وهى دول تعتمد فى استيراد الحبوب بنسبة تصل إلى أكثر من 30%، مضيفًا أن مصر استفادة من اتفاقية الأمم المتحدة للحبوب بحوالى 2 مليون طن من قبل وتستورد من أوكرانيا حوالى 53% من القمح ويليها ليبيا ثم الجزائر.
وأردف «يوسف» أن الغاء الاتفاقية سوف تؤدي إلى ارتفاع كبير في سعر رغيف العيش على مستوى العالم، حيث وصل معدل التضخم في الأسعار وصل إلى حوالى 30% فى حوالى 16 دولة عربية ويزداد هذا المعدل فور إلغاء الاتفاقية بالفعل، وللأسف الشديد معظم الدول العربية هى الأكثر اعتمادا على السلع الاستراتيجية الغذائية فى مجال الزراعة والقادمة من روسيا وأوكرانيا.
مصر لديها خطة استراتيجية قومية لتوفير رغيف العيش للمواطنين على أساس زيادة الرقعة الزراعية
وأكد الدكتور محمد يوسف أستاذ الزراعة والمكافحة الحيوية كلية الزراعة جامعة الزقازيق، أن مصر لديها خطة استراتيجية قومية لتوفير رغيف العيش للمواطنين على أساس زيادة الرقعة الزراعية واستصلاح الأراضي الصحراوية الجديدة وزراعتها بالقمح حيث تسعى القياده السياسية إلى وصول مساحة الأرض الزراعية الصالحة للزراعة إلى أكثر من 14 مليون فدان والمستهدف من هذه المساحه هو زراعة حوالى 4 مليون فدان خلال تلك الفترة لتأمين احتياجات المواطنين من السلع الاستراتيجية الغذائية الهامة خاصة رغيف العيش والأعلاف، مشيرًا إلى أن مصر لديها مخزون استراتيجي من القمح يصل إلى 6 أشهر وايضا فى سلع أخرى بهدف تحقيق الأمن الغذائي للمواطنين ليس هذا فحسب بل هناك علاقات جيدة بين مصر ودول أخرى لاستيراد القمح مثل الهند ورومانيا وفرنسا وغيرها فورا تعثر المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا.
ونوه «يوسف» أن القمح واحداً من أهم محاصيل الحبوب الاستراتيجية على الإطلاق سواء من ناحية إستخداماته المتعددة أو المساحة التي تبلغ حوالي 570 مليون فدان تنتج حوالي 559 مليون طن سنة 1998م. طبقا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو» حيث وصل الإنتاج العالمي للقمح إلى 782 مليون طن في عام 2022، وتنتشر زراعة القمح في جميع بلاد المنطقة المعتدلة من العالم كما يٌزرع علي نطاق واسع في العديد من بلاد المنطقة الاستوائية وتحت الاستوائية ويزرع القمح ويحصد كل شهور السنة ويأتي ذلك لإختلاف مواقع الدول التي تزرعه في العالم وبصفه عامة يمكن القول أنّ القمح يزرع في العالم مرة أو مرتين في العام تبعاً للظروف المناخية التي يٌزرع فيها حيث يٌزرع مرة في الخريف ليٌحصد في الربيع والصيف في البلاد المعتدلة والحارة ويٌسمى هذا القمح بالقمح الشتوي ومرة أخرى في الربيع ليٌحصد قبل حلول فصل الشتاء ويسمي بالقمح الربيعي.
وتابع أن القمح يٌزرع في جمهورية مصر العربية في مساحة حوالي 2.6 مليون فدان بمتوسط انتاجية حوالى 18 أردب للفدان في عام 2022م، مضيفًا أن المساحة المنزرعة هذا العام فى مصر 2022/2023 حوالى 3.7 مليون فدان لتنتج حوالى 11 إلى 11.5 مليون طن قمح فى اراضى الدلتا القديمة والاراضى المستصلحة حديثا مثل مشروع توشكى ومشروع الدلتا الجديدة ومستقبل مصر الزراعى بمتوسط انتاجية يتعدى 18 أردب للفدان، والمستهدف العام القادم 2024 زراعة مايقرب من 4 مليون فدان قمح بهدف رفع نسب الاكتفاء الذاتي من القمح والذى وصل إلى أكثر من 60 % مقارنة بعام 2020 حيث كان النسبة 50% وتقليل الإستيراد من الخارج وتقليل الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج وهذه المساحة موزعة تقريباً على جميع محافظات جمهورية مصر العربية نظراً لاعتدال الجو بصفة عامة في فصل الشتاء علي جميع مناطق مصر، ويتم زراعة القمح في النصف الأول من شهر نوفمبر في الوجه القبلي والنصف الثاني من نفس الشهر في الوجه البحري وتجود زراعته في التربة الطينية الطميية جيدة الصرف ويجود بدرجة أقل في التربة الطميية ولا تنجح زراعته في الأراضي الملحية أو القلوية أو الغدقة.
معدل الاستهلاك السنوى من القمح لحوالى 19 مليون طن
أضاف «يوسف» أن مصر ثانى أكبر مستورد للقمح في العالم حيث وصل معدل الاستهلاك السنوى من القمح لحوالى 19 مليون طن وإنتاجا محليا ما يقرب من 10 مليون طن حتى عام 2022م، مشيرًا إلى أن مستوى استهلاك المواطن من الدقيق يقدر بأكثر من 182 كيلو جرام في العام فى حين أن متوسط الاستهلاك العالمى تقريبا 72 كجم فمثلا متوسط الاستهلاك السنوى فى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا يقدر بحوالى 60 كجم وفى الهند بحوالى 82 كجم سنويا وهذا يعني أن حجم الاستهلاك في مصر تقريبا ثلاثة أضعاف الاستهلاك العالمي، مضيفًا أن مصر وقعت على اتفاق الامم المتحدة لتجارة الحبوب فى يونيو عام 1995 ضمن 33 دولة مشاركة بالاتفاقية على أساس أن الهدف من الاتفاقية التحكم فى ضبط الأسعار داخل اسوق الحبوب العالمية باعتبار مصر ثانى أكبر مستورد للحبوب خاصة القمح عالمياً خاصة ما يتعلق باستيراد القمح والذرة كمحصاصيل استراتجية.
وأكد أن تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية وأزمة الغذاء العالمي والتغيرات المناخية العالمية وارتفاع مستلزمات الإنتاج وجائحة كورونا كل هذه الأزمات تسببت في ارتفاع اسعار الحبوب بشكل كبير ومفاجئ حيث تضاعف سعر طن القمح عالميا ليصل إلى أكثر من 500 دولار للطن الواحد ورغم أن مصر عضو أساسى وفعال باتفاقية الأمم المتحدة للحبوب منذ 28 عام وكان من المفروض أن هذه الاتفاقية تحمى الدول المستوردة للحبوب خاصة القمح مثل مصر وتضع قيودا بهدف التحكم في ضبط ارتفاع الاسعار أو مساعدة الدول المستوردة للحبوب والتي تعتمد على استيراد الحبوب بصورة كبيرة مثل مصر وبعض الدول الأخرى إلا أنها لم تفعل اى خطوة إيجابية تجاه الدول المستوردة.
«وعن أهم الأسباب التي جعلت مصر تنوى الانسحاب من اتفاقية الأمم المتحدة للحبوب» أكد «يوسف» أن ذلك نتيجة التهاون والتقاعس فى الدور الحيوي الذى من أجله وقعت مصر على هذه الاتفاقية وعدم السيطرة على ضبط الأسعار العالمية الخاصة بالحبوب خاصه القمح كسلعة أساسية للمصريين، وبمعنى أخر أن دور الاتفاقية يصب فقط اهتماماته لصالح المنتجين مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأوكرانيا ورومانيا وفرنسا وبريطانيا وغيرها فقط وليس المستوردين للحبوب مثل مصر وبعض الدول الأخرى.
رفع سعر طن القمح
وأشار «يوسف» إلى أن الاتفاقية لا تحقق قيمة مضافة لمصر وفى نفس الوقت قامت الولايات المتحدة الأمريكية برفع سعر طن القمح زيادة مبالغة فيها دون سابق إنذار من 320 إلى 500 دولار للطن فى ظل أزمة الغذاء العالمية وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ونقص سلاسل الإمداد والتوريد وغيرها من الأزمات ورغم رفع سعر طن القمح في تلك الفترة الحرجة التى يأن منها العالم كله لم نشاهد تدخل من قبل أعضاء الاتفاقية للتشاور مع الدول المنتجة للحبوب مثل الولايات المتحدة الأمريكية لكنها تغاضت عن المشكلة وكان لم يكن شئ يعرقل استمرار مصر ضمن أعضاء الاتفاقية الدولية.
وقال خبير الزراعة إن القيادة السياسية، تدفع سنويا قيمة الاشتراك فى اتفاقية الأمم المتحدة للحبوب واشتراك ليس بالقليل دون جدوى أو تحقيق قيمة مضافة ودون تحقيق استفادة من خلال الحصول على الحبوب باسعار تناسب ميزانية الدولة، مضيفًا أن القيادة السياسية لها رؤية مستقبلية واضحة لذا نجد انسحاب مصر من اتفاقيه الأمم المتحده للحبوب قرار صائب يحرر مصر من هيمنة الدولار وتتجه مصر لجهات ومصادر أخرى تضع شروط أفضل من حيث الأسعار و الجودة و طريقة الدفع ولن يكون الدفع محصورا بالدفع بالدولار فقط لكن بعملات البلد المصدرة للحبوب ما يعني عدم وقوع مصر تحت ضغط الدولار وكذلك توفير العملة الصعبة لصالح مصر على سبيل المثال اعتماد مصر فى استيراد القمح من روسيا ويكون التعامل بعملة الروبيل مقابل الدولار والاستيراد من الهند ويكون التعامل بالروبيه دون الدولار.