كشف بيانات صينية حديثة أن الإقراض السيادي الصيني لأفريقيا قد تراجع إلى أقل من مليار دولار في العام الماضي، وهو أدنى مستوى تم تسجيله في نحو عقدين من الزمان؛ ما يعكس تحولًا في سياسة بكين بعيدًا عن استراتيجية التنمية الضخمة والمستمرة في قارة أفريقيا على مدى عقود.
يأتي هذا الانخفاض في الإقراض في الوقت الذي تعاني فيه العديد من الدول الأفريقية من أزمات ديون، في حين تتعرض الاقتصادات الصينية لظروف متزايدة غير مواتية.
كانت أفريقيا هي محور تركيز مبادرة الحزام والطريق الطموحة التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013، والتي تهدف إلى إعادة إحياء طريق الحرير التاريخي وتعزيز نفوذ الصين الجيوسياسي والاقتصادي على المستوى العالمي من خلال حملة تنمية بنية تحتية عالمية.
ووفقًا لقاعدة بيانات القروض الصينية لأفريقيا في جامعة بوسطن، تشير التقديرات إلى أن جهات الإقراض الصينية قدمت 170 مليار دولار لأفريقيا في الفترة من عام 2000 إلى عام 2022.
ومع ذلك، انخفضت حجم الإقراض بشكل حاد منذ الذروة التي وصلت إليها في عام 2016، حيث تم توقيع سبعة قروض فقط بقيمة 1.22 مليار دولار في عام 2021. وتم التوصل إلى تسعة قروض بقيمة إجمالية قدرها 994 مليون دولار في العام الماضي، وهو أدنى مستوى للإقراض الصيني منذ عام 2004.
على الرغم من أن الحكومات الأفريقية استقبلت الإقراض ومشاريع البنية التحتية التي دعمتها الصين بترحاب كبير، إلا أن منتقدين غربيين اتهموا الصين بتحميل الدول الفقيرة أعباءً ثقيلة من الديون غير المستدامة.
وأصبحت زامبيا، التي تعتبر مقترضًا رئيسيًا من الصين، أول دولة أفريقية تتخلف عن سداد الديون خلال جائحة كوفيد-19 في نهاية عام 2020. وتواجه حكومات دول أخرى مثل غانا وكينيا وإثيوبيا صعوبات مالية.
في الوقت نفسه، تواجه الصين تحديات داخلية خاصة، حيث يعمل صانعو السياسات جاهدين لتنشيط النمو في ظل تباطؤ مستمر في قطاع العقارات وانخفاض الطلب العالمي على منتجاتها.
الصين تعد أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث تبلغ قيمة التجارة بينهما أكثر من 200 مليار دولار. ومع تصاعد التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، تسعى الصين إلى تعزيز التجارة مع مناطق أخرى كتعويض لذلك.