رئيس مجموعة كونكورد إنترناشونال:
تجمع “بريكس” جيد.. لكنه ليس “مصباح علاء الدين”
كثرة الديون قصيرة ومتوسطة الأجل وراء أزمة الدولار
المستثمر الأجنبى لن يأتي لبلد به سعرا صرف
الدولة لابد أن تمارس دورها كرقيب
العالم يشهد تنافسا على رأس المال القابل للاستثمار
حوار / زياد الحامدي
تحدث كريم هلال، رئيس مجموعة كونكورد إنترناشونال، عن مكاسب مثصر من الانضمام إلى تجمع “بريكس”، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أنه لن يكون “مصباح علاء الدين” لحل الأزمة الاقتصادية.
وعن جذب الاستثمار، أكمد هلال، في حواره مع “عالم المال”، أن وجود سعرين للصرف فاقم المشكلة، لأن وجود سعرين للجنيه أمام الدولار طارد للمستثمرين.
كما تحدث رئيس مجموعة كونكورد إنترناشونال، عن الوضع الاقتصادي الحالي في ظل وجود أزمة صرف وارتفاع معدلات التضخم ونقص العملات وسبل تهيئة المناخ للمستثمر الاجنبى.
وإلى نص الحوار..
كيف ترى تآثير الأوضاع الاقتصادية والسياسية العالمية على مصر؟
على المستوى العالمى، هناك عدم استقرار وتقلبات وانهيارات، وارتباك فى جميع الاقتصادات، إلى جانب الحرب الاقتصادية الدائرة بين الولايات المتحدة والمعسكر الغربى من جهة والصين وروسيا أو المعسكر الشرقى من جهة أخرى.
وهذة الحرب بدأت تتوسع وتثير حالة من القلق والتوتر العالمي.
وعلى الصعيد المحلى، تتأثر مصر بلا شك بالعوامل الخارجية وجائحة كورونا والاضطرابات وسلسلة الامداد.. لكن كل ما سبق ليس السبب الرئيسي فى الأزمة الحالية ، عكس ما يدعيه البعض.
بل هناك مجموعة أسباب تراكمية تعود لعقود مضت، ونتائجها بدأت تظهر، ويزيد من تفاقهما حاليا تلك العوامل الخارجية، نافيا أن تكون أحداث يناير 2011 سببا فى ذلك .. ولكنها كانت كاشفة وأظهرت بعض الأشياء.
ماهو حجم التحديات التي تواجه المؤسسات الاقتصادية الآن؟
عندنا مشاكل هيكيلة عميقة، والتعامل معها ليس سهلا، والحلول قصيرة الأجل لن تجدى فيها ، بل نحتاج حلولا طويلة الأجل.. والقادم على المدى القصير أسوأ ولكن الأهم وضوح الرؤية، إذ لابد من التشخيص على أساس سليم والتفاعل معه بشكل سليم.
ماذا تجني مصر من الانضمام لتجمع “بريكس”؟
“بريكس” تكتل اقتصادي ذو مرجعية سياسية، وهو اتجاه أو تحرك سياسي فى الأساس، لكتلة دول معينة فى مواجهة كتلة دول أخرى وتأخذ غطاء اقتصاديا.
وتحاول مصر دائما، أن تظل على الحياد.. فهناك فترات كنا نميل فيها للمعسكر الشرقي وأخرى كنا نميل للمعسكر الغربى.. والفترة الحالية نحاول عمل حالة من الاستقلالية والتوازن، والانضمام للبريكس خطوة جديدة للاقتراض الميسر.
والبعض ممن لا يملك دراية كافية، اعتبر أن انضمام مصر لتجمع “بريكس” بمثابة مصباح علاء الدين، أو تطور كبير سيحل المشاكل الاقتصادية فى فترة وجيزة .. وهذا كلام عار تماما عن الصحة، وهناك عدد كبير من الناس لا يعلم ما هو “بريكس”، وطبيعته ودور مصر الفعلى ، وكيف نستفيد من هذة الخطوة.
و”بريكس” لديه بنك استنفد موارده، ويواجه صعوبة فى إيجاد تمويلات أخرى.
ما هى المشاكل التى تسببت فى نقص العملة الأجنبية؟
لدينا مشاكل هيكلية ومشكلة نقص الموارد الدولارية، وإلى حد ما وبشكل يعتبر مفاجئا وقعت أزمة سعر الصرف، نتيجة عوامل كثيرة من ضمنها كثرة الديون، التي ليس لها مردود مقابل استخداماتها على المديين القصير والمتوسط، مما أحدث فجوة، وهذة القروض زادت عن قدرة الدولة.
والنقص الهيكلى فى مصادر العملة، جاء نتيجة إهمال الصناعة، وبالتالى 90% من احتياجاتنا الاستراتيجية والترفيهية نستوردها، لدرجة أننا أصبحنا أكبر مستورد للقمح.. وتلك المشاكل كان من المفترض النظر لها منذ 50عامًا.
والحرب الروسية الأوكرانية أثرت على مصر بشكل مباشر من حيث الأسعار وتوافر السلع، نظرًا لإهمال الزراعة واستبدال الأراضى الزراعية بكتل أسمنت، وإهمال الصناعة والتركيز على الاستيراد على اعتبار وجود موارد بالعملة الصعبة، وخلال الفترة الأخيرة كانت هناك شهية عالية عند المقرضين الدوليين سواء المؤسسات الدولية أو البنوك أو السندات ، فأصبح الاقتراض بالنسبة لنا بديلا سهلا.
إلى جانب اعتمادنا فترة بشكل غير سليم على الأموال الساخنة في البورصة. وهذة الأموال تظل مدة 90 يومًا .. وعندما بدأت تظهر مشاكل العملة خرجت تلك الأموال ولم تعد، مما أحدث هزة رهيبة فى الاقتصاد، نظرًا لتمويل أشياء طويلة الأجل بمصدر قصير الأجل.
هل أثر سعر الصرف على الأزمة الاقتصادية الحالية؟
وجود سعرين للصرف فاقم المشكلة، لأن وجود سعرين للجنيه أمام الدولار طارد للاستثمار.
فالمستثمر الأجنبى لن يأتي لبلد بها سعري صرف، وهناك صفقات وعمليات كادت تقترب من التنفيذ ، وعندما نفذنا “التعويم” لم تكتمل تلك الصفقات لأن القيمة تغيرت، وهناك تأثير آخر غير واضح.
فتحويلات المصريين العاملين في الخارج، من أهم مصادر العملة الصعبة. وعندما يرى العاملون في الخارج أن هناك سعرين للصرف وبفارق كبير ، سيمتنعون عن التحويل عبر القنوات الرسمية، ويلجأون للسوق الموازي، وهو ما ظهر مؤخرا وبوضوح فى حجم التحويلات .
أيضا إهمال السياحة وعدم التركيز عليها بالشكل المطلوب يمثل مشكلة كبيرة.
فعندما تتحدث عن 12 مليار دولار دخل مصر من السياحة سنويا، فهذا رقم يثير الغضب لدولة بحجم مصر وما تمتلكه من مواقع آثرية.
ما هى الحلول للخروج من الأزمة الحالية؟
لدينا قصور فى ثلاث قطاعات هامة جدا، ولا يوجد حل سوى البيع ، وهذا خيار غير محبوب .. ولابد أن يتم العمل على معالجة القصور فى تلك القطاعات.
والدولة لابد أن تمارس دورها كرقيب وتهيئ المناخ الصديق للاستثمار وليس المنافسة والتعقيد.
ولدينا قوانين كثيرة منها ما هو سليم ومنها ما هو جديد ولابد من مراجعتها وتطبيقها بشكل مرن.
ما هى النصائح لتهيئة مناخ جاذب للاستثمار؟
ثمة نقطة أساسية لابد أن تؤخذ فى الاعتبار وخاصة من قبل الجهات المسئولة ، وهى أن التنافس على رأس المال والاستثمار فى منتهى الشراسة .
فالعالم يشهد تنافسا على رأس المال القابل للاستثمار فى أغلبية الدول التى لديها فائض للاستثمار، متابعا:” “محناش لوحدنا ولازم ابص الناس بتعمل ايه علشان تجيب استثمارات”، مثلما تفعل البرازيل الي تدخلها استثمارات بحجم رائع.
وكذلك الهند، وهناك وضوح في رؤية رأس المال ووضوح الهوية الاقتصادية.
ولابد من الاهتمام بالمستثمرين لجذب الاستثمار الأجنبى، لأن صاحب رأس المال لايضيع وقته.
كذلك فرض سيادة القانون على الجميع، بجانب انهاء البيروقراطية وتسهيل الإجراءات، ونحتاج توطين التكنولوجيا.
كما أن المستثمر يحتاج من الدولة معرفة سياستها وضمان استقرارها والأمان والقوانين .
كيف يمكن الخروج من الأزمة الحالية؟
لابد من توضيح أساليب التخارج حتى نؤمن المستثمر.. والدليل على ذلك البورصة وهى أحد أساليب التخارج فى العالم التي أهملناها .
والدليل على ذلك صغر حجمها، وعدد المتداولين القليل جدا، وصغر السيولة، وهو ما لا يشجع المستثمر على التخارج بسهولة عن طريق البورصة. فالاستثمار يحقق المصالح للدولة وللعمالة.
ماذا عن الطروحات الحكومية؟
لابد من الانتظار للتعرف على ظروف السوق الحالية وتوافر العملة.
ووجود سعري صرف ، لا يسمح بعمل طروحات حكومية فى البورصة.. والرسالة وصلت للجميع، والاتجاه الآن لبيع شركات أو أصول شركات أو نسب من الشركات بشكل مباشر لجهات معينة وهو الحل الأمثل فى الوقت الحالى.
هل توجد قطاعات فى مصر جاذبة للاستثمار؟
مصر مليئة بالمميزات، وعناصر الجذب هائلة على رأسها الكثافة السكانية والتركيب العمري أغلبه شباب ومستهلك، وهو ما يجذب المستثمر.
وتوجد قطاعات دفاعية مرتبطة بالنمو السكاني منها القطاع الصحي، وكذلك قطاع التعليم والأغذية والقطاعات الصناعية في المقام الأول لتحل محل الاستيراد.
والسوق المحلى المصري يستوعب، ولدينا ميزة نسبية نتيجة الموقع الجغرافي ..و نحن نمثل بوابة افريقيا وهو ما تناولته شركات هندية وتركية وبدأت تتجه نحو مصر لتستثمر وتبيع للسوق المحلى وتصدر.
كيف يمكن تحقيق الجاذبية للبورصة وزيادة عدد المتعاملين؟
ثمة عدة محاور متوسطة وطويلة الأجل ، وهي الثقافة المالية .. فنحن نفتقر الثقافة المالية والتى تقول إن البورصة أحد وسائل الادخار.
وهذة الثقافة ليست موجودة عندنا، بينما هي موجود فى كل دول العالم بقوة.
ومن يتحكم في البورصة تعاملات الافراد من خلال الصناديق ..والافراد لا يعلمون أن لدينا صناديق كثيرة ولكن حجمها صغير، وكل ذلك يحتاج لثقافة مالية تبدأ من المدارس.
وهناك دول تقوم بتعليم الطلاب فى المدارس الثقافة المالية وطرق الادخار واستخدام بطاقات الائتمان.
أما على المدى القصير ، فنحتاج بضاعة .. وهناك عدد كبير من الشركات تخارجت. ونحتاج طروحات جديدة بأحجام كبيرة لها خصائص تطمئن المستثمر الصغير للدخول بها مثل المشروعات العملاقة المجدية، ويتم عمل دراسة جدوى لها، وتكون الحكومة طرفا استراتيجيا.. ولكن لا تدير ويتم تشجيع المستثمر البسيط بحيث يكون مطمئنا بمشاركة الحكومة.
وهذا التوجه إذا تحقق سيسهم في اتساع قاعدة المتعاملين وتوفير مصادر تمويل بدلا من الديون والاقتراض، ورغم فقر الاقتصاد المصري فهو غني جدا، ومصر أغنى أفقر دولة .. ولابد من طمأنة المستثمرين لإدخالهم ضمن منظومة الاقتصاد الرسمى.
كيف انطلقت مجموعة كونكورد؟
مجموعة “كونكورد” تأسست منذ 30عامًا، وأول من أطلق صناعة الصناديق هي “كونكورد”.
وقاموا بإدارة حوالى 11 صندوق لكل المؤسسات المصرية، بناء على طلب الحكومة بتكليف إنشاء صندوق للاستثمار لانعاش البورصة ى ذلك الوقت بقيمة 500 مليون جنيه، وشارك في تأسيس الصندوق، البنوك والبريد ومؤسسات التمويل والتأمين ثم اطلقت نوعا آخر من الصناديق لمعظم البنوك التي عملت في مصر.
ونستهدف إعادة دخول هذا سوق المال عن طريق المحافظ أو المنصات الاستثمارية أكثر من الصناديق لأن الصناديق فيها تعقيدات، منها النشاط التقليدي الخاص بكونكورد التى حققت فيه نجاحا غير مسبوق، هو الاستثمار المباشر أو الملكية الخاصة ، مثل بسكو مصر، وآمون للأدوية، و معمل البرج، و كونتكنت، وهي أمثلة لاستثمارات مباشرة شاركت فيها كونكورد.
تم إنشاء صناديق استثمار مباشرة ونديرها ثم نتخارج منها لصالح المستثمرين، محققين عوائد غير عادية.
ونركز الفترة الحالية على هذا المجال. كما أننا مقتنعون تماما ـ رغم كل المشاكل التى تواجهناـ بالنجاح لأنها فى وجهة نظرنا مشاكل قصيرة الأجل ولن تستمر.
وفي الوقت نفسه، هذه المشاكل تولد فرصا استثمارية، والظروف غير العادية توفر فرصا غير عادية. كما أن نظرتنا للسوق المصرى واعدة.