شهدت أسعار الأدوية في مصر ارتفاعًا كبيرًا خلال الفترة الأخيرة، تأثرًا بأزمة تقلب أسعار الصرف في البلاد، وتوقف الاستيراد والأزمة الاقتصادية العالمية الصعبة التى كان لها تداعيات محلية على قطاع الدواء وزيادة تكلفة المواد الخام ومستلزمات الإنتاج المستوردة من الخارج، وفقا لـ شعبة الأدوية باتخاد الغرف التجارية ونقابة الصيادلة”.
و تشهد العديد من الصيدليات على مستوى الجمهورية قلة بعض أنواع الأدوية، واختفاء البعض الآخر، وارتفاع أسعار أصناف اخرى والتي تمثل أهمية كبيرة لحياة الكثير من المواطنين، الذين يعتمدون عليها في علاج العديد من الأمراض والمشاكل الصحية، وظهرت فى الفترة الأخيرة العديد من الشكاوى على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، بسبب قلة الأدوية الهامة مثل أدوية السكر والغدة الدرقية وغيرها.
شهدت بعض الادوية ارتفاعا ملحوظا في الأسعار خاصة الأدوية المستوردة
كما شهدت بعض الادوية ارتفاعا ملحوظا في الأسعار خاصة الأدوية المستوردة، حيث وصلت نسبة الزيادة إلى 40% تقريبًا، مع وجود نواقص كثيرة في العديد من الأنواع، سواء المحلية أو المستوردة من الخارج، مما أدى إلى خروج العديد من الصيدليات من السوق، بسبب تحريك سعر الدواء أكثر من مرة وفق لخبراء فى القطاع.
ووفق خبراء ومتعاملون بقطاع الدواء تحدثوا مع “عالم المال” فقد وصلت زيادات الأسعار إلى مايقرب من 2000 صنف دوائي منذ أواخر العام الماضي وحتى الآن، من أصل قرابة 17 ألف صنف متداول في السوق المصرية.
ويقول محمود فؤاد مديرالمركز المصرى للحق فى الدواء، إن مصرتشهد منذ 2022 زيادات متتالية فى الأدوية تقريبا أسبوعيا وهى زيادات عالية تتراوح بين 30% وفى بعض الأحيان 120% ومؤخرا زادت أسعار 1650 صنف دوائى فى 2023 ، وهى نسبة كبيرة وهذا يرجع لاشكالية هامة جدا وهى أن صناعة الدواء يأتى من الخارج بما يمثل 90% من الأدوية مستورد وبالتالى فإن السوق الحالى مرتبط بسعر الصرف.
وأضاف “فؤاد” فى تصريحات لـ”عالم المال” أن الدواء يتم تسعيره جبريًا ولا يجوز تحريك سعره إلا عن طريق مجلس الوزراء أو بقرار من المجلس ولكن منذ تأسيس هيئة الدواء فى 2019 تم منحها اختصاص تحريك السعر وليس زيادة السعر ومن هنا يحدث من شركات الأدوية التى تتكبد خسائر فيكون هناك اتفاق شفهى “ضمنى” أخذ “بلوك” معين من الأدوية على حد وصفه بشرط عدم التوقف عن الانتاج او التوزيع ويتم تعويض الخسائرلافتا إلى انه من وجهة نظره أن هذه العملية فى الحقيقة يوجد بها “فساد وتلاعب ومجاملات فى التسعير وواضح ” كبير على سبيل المثال عندما يكون هناك صنف عليه “بونص” لماذا يتم زيادة سعره؟ وهناك عشرات الاصناف يتم فيها هذا الأمر بخلاف أن بعض الشركات المتميزة جدا فى الموضوع وتأخذ اسعار عالية جدا ولا يعقل أن يكون هناك صنف بـ 10 جنيهات” “وشغال، ويباع” بهذا السعر ثم فجأة بـ 100 جنيه ماالذى حدث لكى يرتفع بهذه النسبة لافتا إلى ان الشركات لا تطرح الدواء من أجل عيون المواطن ولكن هدفها الأول المكسب” على حد قوله.
استيراد الأدوية كاملة الاستيراد وهى مشكلة كبيرة
وتابع “فؤاد” أن هناك اشكالية أيضا وهى استيراد الأدوية كاملة الاستيراد وهى مشكلة كبيرة والتى يعتمد عليها نسبة كبيرة من المواطنين مرضى “الكبد، القلب، البنكرياس” وهى أدوية عالية جدا ويتم استيرادها من الخارج وأسعارها وصلت إلى 200% وهذا الأمر صعبا جدا على المواطن المصرى فى ظل الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد، موضحا أن أخر تقرير خرج من الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى شهر أغسطس الماضى عن التضخم يوجد فيه تقليل نسبة الانفاق على القطاع الصحى بنسبة 4.3% واعتقد أن النسبة أعلى من ذلك .
وعن أسباب ارتفاع اسعار الأدوية اكد أن هذا الارتفاع يرجع إلى نقص المواد الخام اللازمة للإنتاج، أو تكدسها بالموانئ لعدم وجود السيولة الدولارية المطلوبة للإفراج عن البضائع، إضافة إلى ارتفاع أسعار الشحن والخامات عالميًا ،خلال الفترة الماضية.
يذكر أن الحكومة قد قررت مطلع عام 2017، زيادة أسعار ثلاثة آلاف صنف دوائي دفعة واحدة، بعد قرار تحرير سعر الجنيه المصري. ومن حينها، لم تلجأ السلطات الصحية لتكرار تلك الخطوة في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية التي ألقت بتداعيات على القاهرة، بيد أنها تراجع ما تقدمه شركات الأدوية من طلبات لإعادة تسعير منتجاتها بشكل دوري.
ويعد الدواء من المنتجات النادرة في مصر الذي يتداول بتسعيرة تقررها الحكومة مسبقا، ولا يسمح للشركات أو الصيدليات بتغييرها.
من ناحيته يقول على عوف رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، إن زيادة أسعار الدواء ترجع إلى ارتفاع أسعار الشحن والخامات عالميًا، وأسعار الكهرباء، حيث تستورد القاهرة نحو 90% من مدخلات الأدوية المصنعة محليًا من الهند والصين لانخفاض التكلفة.
وأضاف “عوف” فى تصريحات لـ”عالم المال” أن صناعة الدواء في مصر هي سلعة إستراتيجية لا غنى عنها، بدليل أن مصر خلال جائحة كورونا امتلكت مخزونًا إستراتيجيًا من الدواء.
نسبة الزيادة في الأسعار نفسها تختلف حسب نوع الأدوية
وتابع “عوف” أن نسبة الزيادة في الأسعار نفسها تختلف حسب نوع الأدوية، فمثلًا أدوية الأمراض المزمنة تكون أقل في نسب الزيادة لأن المريض يستخدمها باستمرار، أما في حالة الأدوية غير المزمنة، أو المكملات الغذائية التي قد يستغنى عنها المريض فنسبة الزيادة تكون أكبر قليلًا.
وأكد أن الزيادات الأخيرة في الأسعار “لم تُحقق المستهدف بالنسبة للشركات، ومن ثم تحتاج للجلوس مع هيئة الدواء “الجهة المختصة عن مراجعة الأسعار” للاتفاق على آلية جديدة لتحريك الأسعار”.
كما أن شركات الأدوية تتقدم بطلبات لهيئة الدواء ويتم دراستها في لجنة مختصة، وإن كانت تلك الأصناف تستحق زيادة الأسعار يتم التحريك وفق نتائج الدراسة.