عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية ندوة بالتعاون مع مركز المشروعات الدولية الخاصةCIPE ، بعنوان: “كيفية التغلب على العقبات التى تواجه الشركات الصغيرة فى تحقيق الالتزام البيئي: التجربة المصرية حتى الآن ودروس مستفادة من التجربة الهندية”، بحضور نخبة من الخبراء والمتخصصين، وذلك بهدف التعرف على المعوقات التى تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة فى تحقيق الاتزام البيئى بالاستفادة من تجربة الهند فى هذا المجال.
واستعرضت مهوا موكيرجي زميل باحث أول بمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة، عبر زووم، أهم مالمح التجربة الهندية فى مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة على تحقيق الالتزام البيئي خاصة فى مجال التحول للطاقة النظيفة خاصة الطاقة الشمسية فى توليد الكهرباء، مشيرة إلى أن كثير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فى الهند ليس لديهم الوعى الكافى بأهمية التحول للطاقة النظيفة وتحقيق االلتزام البيئي، الفتة إلى أهمية توفير التمويل الازم للشركات التى ترغب فى تحقيق هذا التحول فى حين يواجه ذلك عقبة تتمثل فى عدم رغبة المقرضين فى إقراض الشركات الصغيرة وتفضيل إقراض الشركات الكبيرة القادرة على الالتزام بسداد القروض.
وقالت موكيرجي إن أحد أهم التحديات التى تواجه تحقيق الشركات الصغيرة فى الهند للتحول للطاقة الخضراء تتمثل فى ارتفاع التكلفة سواء سداد القرض أو سداد مقابل الكهرباء بخالف تكلفة منظومة الطاقة الشمسية على األسطح، وهو ما نتج عنه خلق منظومة تسمى “الوبكس” أو الطرف الثالث وفيها ال تتحمل الشركات الصغيرة تكلفة رأس المال والقرض للتحول للطاقة الشمسية، ولكن يتم ذلك من خالل شركة كبيرة تعد طرفا ثالثا تقوم بتحمل سداد القرض وتوفير المنظومة وتتملكها وتوفر الطاقة الخضراء للمشروع الصغير الذى يتحمل فقط تكلفة التشغيل والكهرباء، كما تتدخل الحكومة بتقديم دعم على أول 500 ميجاوات من الكهرباء ثم ترفع الدعم بعد ذلك، وتفضل البنوك تمويل هذا النموذج من القروض الذى يسمى “راسكو” كما يعد أيضا نموذجا مفضال للمستثمرين.
وأشارت الخبيرة الهندية إلى عدد من أنظمة التى توجد بالهند لمساعدة الشركات الصغيرة على التحول للطاقة الخضراء وتحقيق الالتزام البيئى، والتى تضمن توفير التمويل الالزم وتخفيض التكلفة على الشركات الصغيرة وجذب المستثمرين لهذا النوع من المشروعات المناخية، والتى تحقق اتفاقيات متوازنة بين كافة األطراف وتمكن المصانع الصغيرة من تحقيق هدف الالتزام البيئي دون تحميلها مزيد من األعباء والمخاطر.
واستعرض المهندس أحمد كمال مستشار اتحاد الصناعات للشئون الفنية، تجربة اتحاد الصناعات فى إنشاء مكتب الالتزام البيئى منذ عام 2 200 والذى بدأ عمله فعليا عام ،5200 بهدف مساعدة المصانع أعضاء اتحاد الصناعات على تحقيق الالتزام البيئى باتفاق بين االتحاد ووزارة البيئة، وتعمل هذه الوحدة على تقديم المساعدات الفنية والمالية سواء ما له عالقة ببناءالقدرات، وتقديم التمويل المالي حتى 7 مليون جنيه لتمويل شراء آالت ومعدات بخط الإنتاج تحقق هدف تقليل الهادر فى المادة الخام وتقليل نسبة المعيب والتحول للطاقة النظيفة، وهو ما من شأنه توفير الطاقة وتحسين العمليةالإنتاجية، بدون فوائد وإنما بمصروفات إدارية بنسبة %3.5 متناقصة تسدد على 4 سنوات مع منح سنة فترة سماح، وهو ليس تمويل بنك وإنما يتم من خلال الوحدة.
وأشار كمال إلى أن فكرة “الراسكو” أو الطرف الثالث الموجودة فى التجربة الهندية، موجودة بالفعل فى مصر، ولكنها معقدة وتتطلب قاعدة بيانات واسعة، الفتا إلى أن برامج التمويل التى توفرها وحدة الالتزام البيئي باتحاد الصناعات أقل تعقيدا.
واتفق معه المهندس كريم السبع الرئيس التنفيذي لشركة زيروكاربون لتوير المخلفات الصلبة، مؤكدا وجود فكرة الشركة التى تستثمر فى الطاقة الشمسية وتبيعها للمصانع بالفعل فى مصر، ولكنها تواجه بمشكالت تتعلق بمقاومة محطات الكهرباء مما يعيق بيع الكهرباء وأيضا تقليل السعة، واستعرض تجربة شركته المتخصصة فى إعادة تدوير المخلفات الصلبة وإنتاج وقود الـ RDFوالذى يستخدم فى مصانع األسمنت كوقود بديل للفحم، حيث تعمل الشركة فى محافظتى الإسماعيلية وبورسعيد، ولكن تواجه مشاكل تتعلق بمنظومة جمع القمامة خاصة خارج القاهرة الكبرى والتى تعتمد على المحليات وهى جهة غير متخصصة مما ينتج عنه عمليات للجمع الخاطئ يصعب من عمل الشركة وفصل المخلفات.
وأشار السبع إلى أن المصنع يجرى حاليا محاوالت لجمع المخلفات الصلبة من المناطق الصناعية التى تستخدمها فى توليد الوقود البديل، ولكن هناك معوقات تتمثل فى تراجع الوعى وعدم رغبة المصانع فى تحمل تكلفة نقل المخلفات، بجانب عدم وجود قاعدة بيانات للمخلفات الصناعية ونوعها وكمياتها، ومن ناحية أخرى فرغم أن نشاط إعادة تدوير المخلفات الصلبة يتمتع بالعديد من الحوافز وفق القوانين المصرية، إلا أن شركته لم تتمكن من الإستفادة بأى منها لانه تم تأسيسها قبل صدور قانون االستثمار عام ،1720 وحتى اآلن فالشركة ال تتبع هيئة الاستثمار وزارة الصناعة، وإنما حصلت على رخصة من جهاز إدارة المخلفات “ديمرا”، ولم يتم الاعتراف بها كصناعة تتبع الجهات المختصة بالصناعة حتى اآلن، رغم ما تقوم به الشركة من دور يساعد المصانع على تحقيق الالتزام البيئي وتقليل االنبعاثات الكربونية من خالل صناعة معقدة للوقود البديل، وهو ما يتطلب نظرة مختلفة من جهات الدولة .
المهندس عمرو مطر نائب رئيس مجلس إدارة جمعية دعم وتنمية مستثمرى الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر، تحدث عن الصعوبات التى تواجهها الصناعات الصغيرة والمتوسطة فى تحقيق الالتزام البيئى، الفتا إلى أن المستثمر الصغير ليس لديه الوعى الكافى بمنظومةالالتزام البيئى لعدة أسباب أهمها ضغوط التشغيل واإلنتاج التى يواجهها باستمرار، مؤكدا أن نشر الوعى هى مسئولية الحكومة واتحاد الصناعات، ويجب أن يتم مساعدة المصانع على تحقيق الالتزام البيئي بطريقة تحقق عائدا لهذه المصانع ال أن تحمله مزيدا من األعباء المالية
التى لن يمكنه تحملها، ولفت إلى محاوالت بعض المصانع إلى التحول للطاقة الشمسية ولكن لم توافق شركة الكهرباء على هذا المشروع نتيجة وجود فائض فى الطاقة الكهربائية بالشبكة .
من جانبها أكدت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات االقتصادية، أهمية تكامل منظومة الالتزام البيئى ومشاركة جميع األطراف فى مساعدة المصانع الصغيرة والمتوسطة على تحقيق هذا االلتزام، مشيدة بالتجربة الهندية فى هذا الشأن والتى تعد بمثابة “روشتة” واضحة ومحددة للعالج، يتكاتف فيها جميع الأطراف خاصة ما يتعلق بمنظومة الطرف الثالث “األوبكس”، حيث ال يتمكن المستثمر الصغير من تحمل المخاطرة وحده، ويوجد وسيط لتوفير المنظومة وتحمل مخاطر التمويل وتدخل الحكومة كطرف داعم فى البداية، وهى أفكار هامة جدا ويمكن مصر االستفادة منها بشكل كبير، وهو ما سيعمل المركز على مناقشته ودراسة الاستفادة منه لصالح المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال الفترة المقبلة .