أعتقد أن حالى ما بعد السابع من أكتوبر، لا يختلف كثيرا عن معظم الناس فى الوطن العربى، بعدما شاهدنا جميعا ما يحدث فى غزة.
ولكن المثير للدهشة و الغضب هو رد الفعل الغربى.. ولأول مرة منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية حيث كنت أعيش بمصر، تأتى لى الفرصة لمتابعة الموقف الغربى من وسط القارة العجوز.
شاهدت لقاءات كثيرة بالأنجليزية و الألمانية و تابعت وسائل الأعلام الغربية فى خلال الأسبوع المنصرم بكثرة لأحاول الفهم، فالغضب و السباب و صب اللعنات ربما يريح الأنسان قليلا و لكن الأبقى والأوقع هو محاولة الفهم دائما.
و أنا أحاول أن أقوم بذلك، فأنا أدين للأستاذ محمد حسنين هيكل بالفهم من الناحية الأمريكية، فقد قتل تلك النقطة بحثا بكتاباته عن العقلية و الثقافة الأمريكية، باستخدام سلطان القوة تاريخيا بالقضاء على الهنود الحمر بطرق مباشرة و غير مباشرة و عمليا بالدخول فى كافة حروب القرن العشرين.
و لكنى هنا أحاول أن أتعمق فى فهم العقلية الألمانية حيث أعيش منذ سنوات متسائلا، هل الشعب و كل الحكومات الألمانية المتعاقبة النادمة على المحرقة النازية لليهود، لا يبالون اليوم بالمحرقة الفلسطينية التى تمارسها أسرائيل؟ أية بوصلة أخلاقية تلك!
لقد أنتابنى شعور فى أوقات ما، بأن الحرية المزعومة التى يتغنى بها فى كل مكان فى الغرب، هى فقط مسموح بها عندما لا يمس أى من المواضيع التى لا تقبل النقاش، مثل قضية الصراع فى الشرق الأوسط!
و أبسط مثال على ذلك هو ما حدث فى افتتاح معرض الكتاب فى فرانكفورت فى دورته الخامسة و السبعين أول أمس، فبعد أن تكلم رئيس المعرض و بعض السياسين مقدمين كل الدعم لأسرائيل و الشعب اليهودى بطبيعة الحال، جاء الدور على الفيلسوف السلوفاكى سلافى سيتسيك ليعبر فى مقدمة كلمته على أدانة حماس، و لكنه أنتقد بشدة، النظرة الأحادية للأحداث و الأتهامات الفورية بدعم الأرهاب بمجرد المطالبة فقط بالنظر إلى الجذور التاريخية لأصل المشكلة
حيث أن التوقف عن مجرد تحليل الموقف المعقد، لا يساعد فى حل المشكلة، مضيفا “يتم التعامل مع الشعب الفلسطينى بغزة بأعتبارة مشكلة فقط، و لا تظهر لهم إسرائيل أى دور إيجابى لحل القضية”
و أنهى كلمته بأن تأجيل تكريم الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلى هو فضيحة بكل المقاييس.
و على الرغم من معقولية طرح سيتسيك و أهمية موقعه حيث أنه يتحدث أيضا باسم بلد شرف المعرض لهذة الدورة، إلا أنه تمت مقاطعته أكثر من مرة و غادر عدد من المدعويين قاعة الإحتفال!
و الأن جاء دورى لمحاولة التفكير لماذا لا يريدون أن يستمعوا حتى إلى الرأى الأخر!
أعتقد أن تعقيد الموضوع لا ينطوى على مجرد رأى أو نظرية واحدة و لكنى سأحاول أن أطرح كل الأراء فى المقال القادم بأذن الله.
بقلم/ يوسف سمير
رجل أعمال مصرى مقيم فى ألمانيا