• logo ads 2

النظرة الألمانية للقضية الفلسطينية

يوسف سمير يكتب ..

alx adv
استمع للمقال

كنت فى نهاية مقالى السابق، قد بدأت محاولة الأجابة على سؤال لماذا لا يريد الغرب أن يستمع أو يرى، عندما يتعلق الموضوع بالصراع فى فلسطين، وسأخص هنا بالحديث على الدولة الألمانية و جذور حديثها الرسمى.
و بادئ ذى بدء من الضرورى بالطبع أن أوضح أن محاولة فهم السياق العام لألمانيا سواء الرسمى أو الشعبى، لا يعنى بالضرورة أننى أمثلة و يعنى أيضا أننى ضد قتل المدنين و الأبرياء.
و إذا نظرنا إلى الموقف الرسمى، فلا يمكن تجاهل ثقل المسئولية التاريخية بسبب مذابح الهلوكوست على الدولة الألمانية، و التى توارثها الساسة الألمان حتى يومنا هذا. و قد عبر عنة رسميا أول مستشار بعد الحرب العالمية الثانية فى عام 1949 عندما وقف أديناور فى البرلمان الألمانى قائلا: «أتقبل مسئولية الشعب الألمانى عما حدث لليهود»، و كان هذا أيذانا بمطالبات إسرائيلية لتعويضات مالية، بدأت على أستيحاء أولا بطلب ثلاثة ألاف دولار لكل مهاجر يهودى إلى إسرائيل لتغطية تكاليف معيشتة و سكنة. منتهية بان دفعت ألمانيا 60 مليارا من الدولارات فى الستينات، و تريليون دولار بحساب التضخم فى الوقت الحالى، منقذة الدولة الوليدة من التعثر و الإفلاس الأقتصادى الذى كان يطيح بها.
و من الواضح أن المكاسب التى حصلت عليها إسرائيل من بدء العلاقات الدبلوماسية مع ألمانيا بعد 20 عاما فقط من توقف الحرب فى عام 1945 قد فاقت ما حصلت علية الأخيرة. فقد ترسخ فى ذهن كل الساسة الألمان بأن أمن إسرائيل هو« مهمة وطنية » نتيجة المسئولية التاريخية الواقعة عليها، و هذا لم يكن التصريح الأول للمستشار الحالى أولف شولتس بعد زيارتة لإسرائيل فى منتصف شهر أكتوبر الماضى و لكنة تصريح قديم أيضا عبرت عنة المستشارة السابقة ميركل فى قلب الكنيسيت الأسرائيلى فى عام 2008
و إذا أعتبرنا لفظ «المهمة الوطنية» يعنى الحفاظ على أمن الدولة و سلامة أراضيها، فيكون السؤال كما طرحة صحفى ألمانى: « هل تخوض ألمانيا الحرب من أجل أسرائيل؟ »
هذا هو المنطق السياسى الألمانى الرسمى عبر التاريخ، و هو يتأتى من أستغلال إسرائيلى لما حدث أثناء الحرب العالمية الثانية و أقلام و أصوات إعلامية تبحث عن أقل سبب لإحراج الحكومة أو الأعلام و التهمة جاهزة  و حاضرة دوما و المذنب سيقف حتما ناظرا الى الأسفل، معتزرا عن ذنب لم يقترفة، و إلا تهمة معاداة السامية فى أنتظارة.
و سأسيق مثلين أثنين لتوضيح العجز الألمانى فقط لمحاولة أنتقاد الحكومة الإسرائيلية، فقد أنتقد السفير السرائيلى فى برلين القناة الألمانية الأولى لأنها فقط تسرعت و أعلنت عن قصف المستشفى المعمدانى فى غزة و مرجحة بأنة قد يكون بسبب القصف الإسرائيلى! و هنا أقام السفير الدنيا و لم يقعدها، فكيف يتم تداول تلك الفرضية فى الأعلام، وفقا لشعار «هل نسيتم أنفسكم أيها الألمان ؟» و التى لا أستطيع أن أعلق إلا بالمثل المصرى:«ضربنى و بكى، ثم سبقنى و أشتكى»!
و الموقف الأخر هو الإنتقاد الإسرائيلى العنيف الذى طال وزارة الخارجية الألمانية و تعدها إلى مكتب المستشارية بعد أن حجبت ألمانيا صوتها فى الأمم المتحدة للقرار الذى ينص أساسا على أدانة العنف ضد المدنين فى كلا الجانبين الفلسطينى و الإسرائيلى، الأفراج عن الأسرى المحتجزين، عدم منع المساعدات الأنسانية للدخول لقطاع غزة و محاولة وقف أطلاق النار!!
و كان السبب الذى دعى ألمانيا إلى الأمتناع هو أنها لم تجد موقف موحد من دول الأتحاد الأوروبى ففرنسا و أسبانيا صوتتا بالموافقة و لكن النمسا و التشيك وقفا بجانب إسرائيل و الولايات المتحدة وصوتا بالرفض. و بسبب كل ذلك تم معاملة ألمانيا الداعمة الحليفة لإسرائيل هكذا بناء على فلسفة «عندما لا تكون معى ، فأنت ضدى».
و لكن كل ما سبق من أسباب لا يبرر من وجهة نظرى على الأقل التطرف الحاد ضد المظاهرات المؤيدة لفلسطين فى شمال مدينة برلين، و التى أستفزت بدون سبب واضح كل الساسة الألمان على خلاف توجهاتهم و أدت الى القبض على العشرات و مواجهتهم بتهمة معاداة السامية.
ولكن لهذا حديث أخر، فدعونا نتكلم عنة فى المقال القادم.

اعلان البريد 19نوفمبر

 

بقلم / يوسف سمير

رجل أعمال مصرى مقيم فى ألمانيا

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار