استخدام التكنولوجيا وتدريب المسؤولين أبرز التحديات
معايير بيئية شرط تمويل المشروعات المستدامة
اتخذت مصر خلال الآونة الأخيرة نهجا استباقيا لحل أزمة التغيرات المناخية، من خلال تنفيذ العديد من المشروعات المعروفة بأنها صديقة للبيئة، بالمشاركة بين قطاعات الدولة المختلفة خاصة البنوك، وتقوم البنوك فى التوقيت الحالى بتوفير كافة الموارد لتمويل استثمارات الطاقة المتجددة وتطبيق مشروعات الاقتصاد الأخضر.
وأكد محمد بدرة، الخبير المصرفى، أن التمويل المستدام يشمل التمويلات التى تمنح للمشروعات التى تراعى التغيرات المناخية (المتوافقة بيئيًا)، إلى جانب الطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر.
تدريب مسؤولى الائتمان بالبنوك على تمويل المشروعات المستدامة
وتابع أن التحدى أمام البنوك الفترة الحالية عدم توافر النموذج المتبع للتمويل، ويحتاج مسؤولو الائتمان بالبنوك لتدريبات على هذا النوع من التمويلات، إذ يقوم بعملية التدريب المعهد المصرفى التابع للبنك المركزى، خلال الفترة الحالية.
وأضاف أنه عقب الانتهاء من عمليات التدريب، يبدأ مسؤولو الائتمان بالتجاوب مع الطلبات المقدمة لهم، بالإضافة إلى المستثمرين فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة مثل محطة بنبان.
وأفاد، بأن التوجه نحو التمويل المستدام اتجاه طيب، ولا بد من تدريب البنوك على منح تلك التمويلات ليس فقط للمشروعات الكبيرة وإنما تمنح أيضًا لمشروعات الأغراض المنزلية.
وتابع أن التوجه نحو الاقتصاد الأخضر والتمويل المستدام يتوقف جزء منه على تمويلات البنوك، أما الجزء الآخر يتوقف على وضع السياسة القواعد الخاصة بالبناء.
ربط تراخيص البناء بالاعتماد على الطاقة المتجددة
وطالب بدرة، بربط تراخيص البناء فى المجمعات السكنية بوجود طاقة جديدة ومتجددة حتى يجرى منح الترخيص، وأن يشمل كود البناء شرط وجود ألواح طاقة شمسية توفر الطاقة كشرط أساسى للحصول على الترخيص.
أما الجزء الآخر بحسب بدرة، لابد أن يشترط كود البناء استخدام الطوب الذى يمتص الحرارة حتى يمكن عمل حوائط بها جزء عازل، مما يوفر فى استهلاك الطاقة.
وشدد علي أهمية، تهيئة المسؤولين وتدريبهم، إلى جانب تهيئة البنية الأساسية فى البنوك، لتمويل تلك المشروعات وتمويل التجهيزات الخاصة بالمصانع التى تنفذ الحوائط العازلة.
واستطرد حديثه بأن الطاقة الخضراء علم جديد لا بد أن يطلع عليه مسؤولو الائتمان بالبنوك، حتى يمكنهم التعامل مع المستثمرين فى هذا المجال.
ومن ناحيته، قال الدكتور أحمد مجدى منصور، الخبير المصرفى، إن التمويل المستدام هو المستقبل والطريق نحو الاقتصاد الأخضر، إذ يهتم بتمويل المشروعات الخضراء أو الصديقة للبيئة، كما يشجع الشركات والمصانع نحو الطاقة النظيفة واستخدام الطاقة الشمسية لتقليل الانبعاثات الكربونية.
وأضاف، أن التمويل المستدام يسعى لتوفير مدخلات طاقة نظيفة للمحافظة على الطاقة للأجيال القادمة من الانقراض والندرة، وفى المقابل المخرجات تقلل الانبعاثات الكربونية.
تحدى استخدام التكنولوجيا.. واختفاء التمويل التقليدى بعد 10 سنوات
ولفت إلى أن البنوك ستقدم التمويلات للمصانع لتحويل الماكينات والآلات والمعدات التى تتناسب مع أهداف التنمية المستدامة واستخدام طاقة صديقة للبيئة.
وذكر أن البنك المركزى أصدر تعليماته للبنوك بعمل وحدة للتمويل المستدام أو إدارات للتمويل المستدام، وذلك لتمويل الشركات والمصانع، وكان إجراءً استباقيًا، لافتًا إلى أن التمويل التقليدى بعد مرور عشر سنوات من اليوم سيختفى، بسبب ظهور التكنولوجيا المالية.
وطالب البنوك بسرعة تنفيذ إجراءات البنك المركزي، لمواكبة تطورات التكنولوجيا المالية، مضيفًا أن القطاع المالى المصرى جذوره ضاربة فى الأرض وراسخة.
وأكد أنه لا بد أن يلزم البنك المركزى البنوك بالوصول بنسبة حدود التمويل المستدام والأخضر فى محفظة تمويلات البنوك، مثلما حدث فى قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأشار إلى أن شركات الأسمدة بدأت تعمل على إنتاج الأمونيا والأسمدة، وفقا لمعايير جديدة للاتحاد الأوروبى، لامتصاص المياه وتقليل الانبعاثات الكربونية.
وأفاد، بأن التكنولوجيا سلاح ذو حدين، استخدامه بسرعة يضمن التقدم، أما التأخر في استخدامها يؤخر، ومن المتوقع أن نجد بعد خمس سنوات بنوكًا خليجية تمول مشروعات وشركات الاقتصاد الأخضر فى مصر.
وأكد أن البنوك أمام تحدى استخدام التكنولوجيا وتطوير منتجاتها، بما يتماشى مع السوق، وإذا لم يحدث، فمن المتوقع أيضا أن نجد شركات تمويل استهلاكى بعد خمس سنوات تمنح تمويلات شركات وأفراد فى مجال الاقتصاد الأخضر.
وذكر أن البنك المركزي دائما يوعى العملاء ويشجع البنوك بنشر ثقافة التمويل المستدام وأهميته للعملاء، مؤكدا أهمية البدء على أرض الواقع.
المبادئ الاسترشادية للتمويل المستدام
وفى وقت سابق، أصدر البنك المركزى المصرى، “المبادئ الاسترشادية للتمويل المستدام”؛ لوضع الإطار العام للتمويل المستدام للقطاع المصرفى المصرى ليتم دمج العناصر البيئية والاجتماعية والحوكمة فى العمليات والقرارات المتعلقة بالعمليات المصرفية.
الجدير بالذكر أن تلك المبادئ تعزز وتستكمل مبادرات التنمية الأخرى للبنك المركزى المصرى وتتماشى مع الالتزامات الوطنية والعالمية وتدعمها بما في ذلك رؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة (SDGs).
كما بدأ البنك المركزى المصرى العمل على تهيئة بيئة تمكينية للبنوك المصرية للاستفادة من الفرص التي يوفرها التمويل المستدام بطريقة تدير المخاطر وتحقق أهداف جميع الأطراف المعنية.
ويجرى تنفيذ الخطوة الأولى من خارطة الطريق والتى تدور حول بناء قدرات القطاع المصرفى المصرى فى التمويل المستدام من خلال برامج التدريب وطرح أوراق مناقشة للبنوك للمساهمة فى معرفتها فى هذا المجال.
وأصدر عدة مبادرات تهدف إلى تحقيق التنمية الاقتصادية وتعزيز التمويل المستدام من خلال إتاحة مبالغ محددة للبنوك لتستخدمها في منح تسهيلات ائتمانية لعملائها تحت مظلة تلك المبادرات بأسعار عائد منخفضة، لما لهذا النوع من التمويل من دور أساسي في تنمية الاقتصاد القومي وتوفير فرص العمل للشباب وخفض نسب البطالة، وهو ما يراعى العنصر الاجتماعى من عناصر التمويل المستدام، فضلًا عن التركيز على قطاعات كقطاع الطاقة الجديدة والمتجددة وهو ما يراعى العنصر البيئى.