• logo ads 2

رؤية مصر 2030.. اكتفاء ذاتي وأرض خصبة وطاقة لا تنتهي

استمع للمقال

أعلنت حكومة الدكتور مصطفي مدبولي رئيس الوزراء ممثلة في وزارة التخطيط عن تحديث استراتيجيتها للتنمية المستدامة (رؤية مصر 2030)، والتي حددت 4 ركائز أساسية تتمثل في مبادئ حاكمة لتنفيذ المُستهدَفات، إيمانًا بأن نجاح العملية التنموية في كل زمان ومكان يرتبط أساسًا بأن “الإنسان محور التنمية”، وأن نجاح الرؤية لابد أن يشمل “تحقيق العدالة والإتاحة”، وضرورة أن يتسم التنفيذ “بالمرونة والقدرة على التكيّف”، لضمان أن تؤدي الأهداف إلى “الاستدامة”.

اعلان البريد 19نوفمبر

كما ستضم جميع جوانب تغير المناخ، فضلًا عن “الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين”، لاستكشاف فرص إنتاج واستخدام ونقل الهيدروجين كمصدر للطاقة، وخاصة الهيدروجين الأزرق والأخضر، بالإضافة إلى “الاستراتيجية الوطنية للموارد المائية”.

 

«الطاقة المتجددة» ثروة مصر النظيفة

إنتاج 13 ألف ميجا وات من الطاقة المتجددة.. و50% مساهمة خلال 2035

الخياط: مصر تمتلك أكبر محطة للطاقة الشمسية بالعالم

بخيت: نحتاج استثمارات بالمليارات ومشاركة القطاع الخاص

سالماوى: سعر الطاقة في مصر أرخص من الدول الأخرى

 

 

تحدٍ جديد يواجهه العالم إثر التغيرات المناخية والانبعاثات الكربونية، الناتجة عن ممارسات الدول المتقدمة صناعيًا، ما يتسبب فى ظواهر مناخية سلبية تهدد صحة البشر والأمن الغذائى والمحاصيل الزراعية.

وساهمت الدول المتقدمة صناعيا بشكل كبير فى هذه الأزمات المناخية نتيجة الإسراف فى استخدام الطاقة غير المتجددة كالوقود الأحفورى والفحم والطاقة الملوثة للبيئة، والتى تنتج عنها آثار كربونية ضارة، ونظرا لتأثر المجتمع الدولى بهذه التأثيرات، اتجهت أنظار العالم كله نحو تحقيق التنمية المستدامة ومواجهة تلوث البيئة، من خلال الاستثمار فى مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة كاستغلال طاقة الشمس والرياح، وكذلك التوسع فى دراسات الهيدروجين الأخضر.

 

وتلاقت تلك الأهداف الدولية مع مؤتمر قمة المناخ الذى استضافته مصر العام الماضى، وسيتم عقد نسخة العام الحالى من قمة المناخ فى دبى.

ومن جانبه يقول الدكتور محمد الخياط، رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، إن السعى نحو بيئة نظيفة وتحقيق الاستدامة من خلال استخدامات مصادر الطاقة النظيفة أصبح هدفًا دوليًا ولا يخص دولة دون أخرى، نظرا للآثار السلبية التى ألقت بظلالها على العالم كله، وتسبب فى تلف المحاصيل، مشيرا إلى أن قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة يتبنى استراتيجية ورؤية محددة لكيفية التوسع فى استثمارات الطاقة النظيفة والجديدة والمتجددة، وعلى رأسها طاقتا الشمس والرياح، علاوة على دراسات الهيدروجين الأخضر التى قطعت معظم دول العالم شوطًا كبيرة فيه، نظرًا للاستفادة القصوى من هذه الدراسات فى إنتاج طاقة نظيفة.

وأكد الخياط أن مصر تمتلك ثروة حقيقية من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، مشيرًا إلى أنه إذا استطعنا توليد كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية باستخدام طاقة الشمس والرياح، فإن ذلك سيساعد إلى حد كبير فى التقليل من استخدام طرق الوقود التقليدية، كالمازوت والغاز، والتى تعمل بها محطات توليد الكهرباء، وبالتالى ترشيد استهلاكها، والتوجه نحو تصديرها لجلب العملة الصعبة من ناحية وتحقيق الاكتفاء الذاتى من ناحية أخرى.

 

وأشار الخياط إلى أن مصر تمتلك الآن أكبر محطة للطاقة الشمسية بالعالم فى بنبان بأسوان، والتي تم إنشاؤها من خلال شراكة متعددة الأطراف بين القطاعين العام والخاص، لتوليد 2 جيجا وات من الكهرباء، علاوة على امتلاك مصر أيضا أحد أكبر محطات الرياح فى العالم بخليج السويس وهى محطة جبل الزيت.

أكثر من 50% مساهمة الطاقة المتجددة عام 2035

وكشف أن الدولة تمتلك استراتيجية خاصة بالطاقة المتجددة تتمثل في وصول مساهمة الطاقة الجديدة إلى 42% عام 2035، ويجرى العمل على تطويرها من خلال مكتب استشارى عالمى لتصل إلى أكثر من 50%، مع إضافة قدرات بحوالى 60 ألف ميجاوات، منها 40 ألف ميجاوات من الطاقة الشمسية، بجانب 20 ألف ميجاوات من طاقة الرياح، وهو ما يحقق عوائد اقتصادية كبيرة، من خلال تنويع مصادر الطاقة فى مصر، للموصول إلى إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة بعيدا عن المصادر التقليدية من الوقود الأحفورى.

وأكد رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة أن قدرات محطات الرياح بلغت نحو 1632 ميجاوات، وهي نسبة يشترك فيها القطاع الحكومى والخاص فى توليد الكهرباء من طاقة الرياح، وهناك قدرات تبلغ 1252 ميجاوات، وهي لمشروعات تحت الإنشاء، بينما تبلغ قدرات الطاقة الشمسية حوالى 1808 ميجاوات، ومشروعات تحت الإنشاء بقدرات حوالى 500 ميجاوات ويتم التنفيذ بالكامل من خلال القطاع الخاص، ومن أهم المشروعات التي تم تقديمها في مجال الطاقة الشمسية هو مجمع بنبان، بجانب مشروعات في مناطق أخرى في خليج السويس، شرق وغرب النيل، وتمت إضافة 26 ألف كيلو متر لمشروعات جديدة مستقبلية بما يتوافق مع الاسترايتيجة التي وضعتها الهيئة والجدول الزمني لها.

نحتاج استثمارات بالمليارات ومشاركة القطاع الخاص

ومن جانبه، أوضح مهندس حسن بخيت، خبير الطاقة، أن زيادة حجم الاستثمارات فى مجالات الطاقة النظيفة، كالتوسع فى إنشاء محطات الطاقة الشمسية والاعتماد على توليد الكهرباء باستخدام طاقة الرياح وطاقة المياه من السد العالي، والشلالات وغيرها، يساهم فى تحقيق الاستدامة والحفاظ على نظافة البيئة من التلوث، مشيرًا إلى أن التوجه نحو الطاقة النظيفة يحتاج استثمارات ضخمة تقدر بالمليارات، مما يستوجب مشاركة القطاع الخاص والاستثمار الأجنبى أيضًا.

ولفت بخيت إلى أنه وفقًا للدراسات على المستويين المحلى والدولى، تمثل الأحداث الجوية العنيفة من موجات حرارية، وسيول، وعواصف ترابية، وكذا ارتفاع منسوب مستوى سطح البحر، أهم التأثيرات السلبية الناتجة عن تغير المناخ على جمهورية مصر العربية، على الرغم من أنها من أقل دول العالم، إسهاماًا فى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشرية المنشأ.

وأشار بخيت إلى أن التقارير العلمية الصادرة عن «الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ» أكدت أن ما يحدث الآن من احترار عالمى هو نتيجة لأنشطة التنمية البشرية، وذلك لعدة أسباب، منها حرق الوقود الأحفورى، من فحم وبنزين ومازوت وغاز وغيرها، لإنتاج الطاقة، سواء كان استخدم لإنتاج الكهرباء أو تدوير المحركات الخاصة بالمصانع أو وسائل النقل المختلفة.

وأكد خبير الطاقة أن هذه الأنشطة البشرية تسببت فى تراكم الانبعاثات الكربونية بكميات كبيرة من غازات الاحتباس الحراري (يطلق عليها بشرية المنشأ)، فتراكمت بالغلاف الجوى نظرًا لعدم تمكن الأنظمة الطبيعية (الأراضي والأشجار والمحيطات) من امتصاصها وتخزينها لزيادتها عن المعدلات الطبيعية، بالإضافة إلى قطع مساحات شاسعة من الغابات التى كانت تمتص الكربون.

أسعار الطاقة فى مصر أرخص من الدول الأخرى

وألمح الدكتور حافظ سالماوى، أستاذ الكهرباء بهندسة الزقازيق، إلى أن الحد من المخاطر والانبعاثات الكربونية الضارة أصبح مطلبًا رئيسيًا وليس للرفاهية ولذلك يجب إنتاج الطاقة من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، مشيرًا إلى أن سعر الطاقة فى مصر أرخص من الدول الأخرى، نتيجة اتجاه المستثمرين لاستخدام طاقة غير متجددة، وهو ما يضر بالبيئة والصناعة، مما يستلزم ضرورة خفض أسعار الطاقة المتجددة لتشجيع المستثمرين على زيادة الاعتماد عليها لمساعدة الحكومة فى تحولها للصناعات الخضراء والاقتصاد الأخضر.

بينما قال الدكتور جمال القليوبى، أستاذ هندسة البترول والطاقة، إن مصر لديها استراتيجية واضحة ومحددة للوصول لمزيج الطاقة لتصل إلى 35% بناء على رؤية مصر 2030، منها الوصول بطاقة رياح لتساهم بمن 7% إلى 10%، كما تسعى الدولة إلى تحقيق الحياد الكربونى بناء على استراتيجيتها الجديدة لعام 2030، كما تستهدف الدولة تحقيق تقدم وإنجاز فى الطاقة الحديثة من الهيدروجين الأخضر، وقطعت الدولة شوطا كبيرا فى عمل البنية التحتية، حيث استهلكت جزءًا كبيرًا من إمكاناتها في هذا الهدف ورفع مستوى الشبكة القديمة لشبكة الكهرباء، حيث وصلت لتحقيق جهد 500 كيلو فولت على الشبكة الحديثة للكهرباء.

إنتاج 13 ألف ميجا وات من الطاقة المتجددة

ويوضح القليوبى أن الدولة تسعى لتحقيق استراتيجية رفع مستويات محطات الكهرباء الحديثة واستخدام الغاز الطبيعى بدلا من المازوت، وهناك 43% من المحطات تعمل بالمازوت والدولة لديها هدف لتحويل محطاتها لكى تعمل بالغاز الطبيعى.

وأضاف: «تقوم الدولة بإنشاء البنية التحتية الصالحة واللازمة للطاقة المتجددة، حيث يتم إنتاج 13 ألف ميجا وات من الطاقة المتجددة، بواقع 6000 ميجا وات من الشمس و2000 ميجا وات من طاقة الرياح و3500 ميجا وات من الطاقة الكهرومائية.

 

 

2030 عام الاكتفاء الذاتي من السلع

عشماوى: لدينا خريطة استثمارية لكل محافظة ونستهدف افتتاح أسواق تجارية جديدة

أحمد كمال: الأمن الغذائى من أهم الملفات في الوقت الحالي وخطة لتشغيل الصوامع والمخازن

 

«رؤية مصر 2030»، يعد ملف الأمن الغذائى من أهم الملفات المطروحة على الساحة فى الوقت الحالى تزامنا مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية على مستوى العالم، وذلك بسبب العديد من الأحداث الدولية المفاجئة منذ بداية 2023، وتسعى وزارة التموين والتجارة الداخلية إلى توفير السلع الغذائية الأساسية للمواطنين طوال أيام العام، إلى جانب وجود خطة استراتيجية لتأمينها حتى عام 2030.

وقال الدكتور إبراهيم عشماوى، رئيس جهاز التجارة الداخلية ومساعد أول وزير التموين والتجارة الداخلية، إن الجهاز لديه خطة تنموية حتى عام 2030، تشمل 27 محافظة، بحيث نغطى مساحات كبيرة من تلك المحافظات بالمشروعات الاستثمارية الكبرى، ومجموعة من الأنشطة التجارية، بالتعاون مع القطاع الخاص، إلى جانب تغطية كافة محافظات الجمهورية بالمكاتب النموذجية لتوفير جميع خدمات وزارة التموين للمواطنين.

تدشين 20 سوقًا تجارية بحلول عام 2030

وأضاف رئيس جهاز التجارة الداخلية، أننا نسعى لنشر ثقافة ميكنة الخدمات المقدمة للمواطنين في إطار تطبيق مبادئ التحول الرقمى، تلك الخطة التى تسعى الحكومة لتطبيقها فى جميع المحافظات.

وأشار عشماوى، إلى أن سعي الوزارة لتدشين أسواق تجارية للجملة تتحكم فيها تكنولوجيا الجيل الثالث، بما يتواكب مع ما يشهده العالم من تطور تكنولوجى مستمر، ونستهدف مع حلول عام 2030 تدشين حوالى 20 سوقًا تجارية، تمتاز بكبر مساحتها وتوفير جميع السلع الغذائية بها، حيث تحرص القيادة السياسية على توفير أطنان من المخزون الاستراتيجى لكل سلعة.

ومع حلول عام 2030، أكد عشماوى أن جهاز التجارة الداخلية سيكون لديه سجل تجارى يشمل أكبر قاعدة بيانات لشركات على مستوى الشرق الأوسط، يتم من خلاله حصر شامل لجميع المنشآت، من حيث نشاطاتها وحجم استثماراتها ومعاملاتها ونشاطاتها الاقتصادية المختلفة.

وأشار رئيس جهاز التجارة الداخلية إلى أننا لدينا خريطة استثمارية لكل محافظة على حدة، ولدينا خطة لتطوير جميع أسواق الجملة بمختلف المحافظات.

وتابع: «نستهدف تدشين بنية تحتية قوية للسوق، ونسير فى خطة نحو تدشين حوالى 55 منطقة لوجستية مع حلول عام 2030 يكون تم الانتهاء منها».

أما عن المشروع القومي للصوامع، أشار رئيس جهاز التجارة الداخلية إلى أن الدولة لديها خطة تستهدف من خلالها زيادة الإنتاجية، وكذلك تحقيق الأمن الغذائى لمصر، وفقًا لاستراتيجية 2030، مشيرًا إلى أن الرئيس السيسي شدد على ضرورة زيادة المخزون الاستراتيجى من القمح، فهو مصدر رغيف الخبز للمواطنين.

 

شبكة ضخمة من الصوامع مدعمة بآليات التكنولوجيا الحديثة

وأكد أن مشروع الصوامع كان تكليفا رئاسيا مباشرا من أجل تحسين الطاقات التخزينية للقمح على أن يتم ذلك عبر شبكة ضخمة من الصوامع الاستراتيجية، من مختلف محافظات الجمهورية، يتم تنفيذها على أن تتمتع بالعديد من الإمكانات التكنولوجية، لنتمكن من مراقبة المخزون المتداول، وإلى جانب ذلك مراقبة ما يعرف بنظام تشغيل الصومعة، ووفقا لآليات التكنولوجيا الحديثة بالسوق.

وأكد رئيس جهاز التجارة الداخلية أن وزارة التموين تستهدف ضمن خطة 2030 أن يتم الاكتفاء الذاتى من جميع السلع التى يعتمد عليها المواطن المصرى فى حياته اليومية ومن أبرزها القمح.

وأشار عمشاوى، إلى أن هناك خطة ضمن استراتيجية 2030، تستهدف تحقيق الأمن الغذائي من خلال مشاركة العديد من الدول الكبرى، وهو ما يتم بالفعل على أرض الواقع الآن.

وقال الدكتور أحمد كمال، المتحدث باسم وزارة التموين والتجارة الداخلية، إن الوزارة تسعى جاهدة لتنفيذ الخطط الاستراتيجية التى تخدم بشكل مباشر أهداف التنمية المستدامة 2030، ومن أهم بنود تلك الخطط استهداف زيادة المساحات التخزينية للسلع الاستراتيجية المهمة، وتسير الوزارة نحو نهج تطبيق خطة 2030 تحت شعار «الأمن الغذائي والعدالة الاجتماعية أولًا».

وأضاف المتحدث الرسمي باسم وزارة التموين، أن الوزارة لديها خطة من أجل مضاعفة المخزون الاستراتيجى من السلع، مشيرًا إلى أنه فى الوقت الحالى لدينا مخزون استراتيجى من السلع والمنتجات الغذائية يصل إلى 6 أشهر كاملة، ولدينا خطة نعمل على تنفيذها بشأن مضاعفة المخزون الاستراتيجى إلى مدة تصل لـ 9 أشهر على الرغم من أنه بالنظر إلى دول العالم الخارجي، نجد أن المخزون لديهم لا يتعدى 6 أشهر.

وأكد أن وزارة التموين والتجارة الداخلية تتعاون مع العديد من الجهات الحكومية بشأن تنفيذ خطة 2030 علي أكمل وجه، حيث يعد ملف الأمن الغذائى من أهم الملفات في الوقت الحالى، لذا نقوم دائما بالتعاون مع العديد من الجهات المشتركة معنا فى نفس الملف من بينها وزارتا الزراعة، والصناعة والتجارة، إلى جانب اتحاد الغرف التجارية وكذلك اتحاد الصناعات.

وأوضح المتحدث باسم وزارة التموين والتجارة الداخلية، أن رؤية 2030، تشمل أيضا تشغيل العديد من الصوامع والمخازن، إلى جانب المستودعات والمناطق اللوجيستية فى جميع المحافظات، وفتح العديد من المنافذ من أجل أن يتم بيع السلع والمنتجات الغذائية عبر فتح العديد من الأسواق التجارية الكبرى.

تفاصيل خطة الدولة للاستفادة «مما تنبت الأرض»

مساران لإدارة ملف المياه وتحقيق الأمن الغذائى
توفير 7 مليارات متر مكعب من المياه.. وزراعة 19 مليون

رئيس «زراعة الشيوخ»: معدل الأمطار في مصر منخفض.. وينبغى تطبيق نظم الري الحديث

أستاذ أراضٍ ومياه بـ«البحوث الزراعية»: «تدوير المياه» يوفر 5 مليارات متر مكعب ويساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي

أطلقت مصر عام 2016 النسخة الأولى من استراتيجية التنمية المستدامة، لرؤية مصر 2030 كنقطة ارتكاز أساسية لمسيرة التنمية الشاملة، لمواجهة ندرة المياه، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الأمن الغذائى، فى ظل ما تشهده مصر من زيادة سكانية.

وتعد ندرة المياه من أكبر التحديات التى تواجه الدولة المصرية، لاسيما وأن مصر تصنف من الدول ذات المعدل المنخفض من الأمطار، إذ يرى خبراء أنه يجب تبنى استراتيجية شاملة تركز على زيادة الإنتاج الزراعى مع ندرة المياه، وتعزيز استصلاح الأراضى الجديدة بتوفير مصادر مستدامة للمياه مثل معالجة مياه الصرف وتدويرها، كما يجب العمل على تنمية وتطوير الأصناف الزراعية ذات القيمة الاقتصادية، وتحسين جودة المنتجات للحفاظ على تنافسية المنتج المصرى فى الأسواق المحلية والعالمية.

وفي هذا السياق أشارالدكتور على إسماعيل، أستاذ الأراضى والمياه بمركز البحوث الزراعية وخبير المياه، إلى أن تحقيق أهداف استراتيجية الدولة للتنمية المستدامة 2030، لمواجهة ندرة المياه وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الأمن الغذائى، يحتاج التركيز على كيفية إدارة المياه بشكل فعال، ولذلك نحتاج إلى اتباع خطوتين رئيسيتين.

مساران لإدارة ملف المياه وتحقيق الأمن العذائى

وأضاف الدكتور على إسماعيل، أن المسار الأول لتحقيق الاستراتيجية هو «تحقيق التنمية المستدامة»، وذلك من خلال كيفية زيادة الاستفادة من وحدة المياه فى جميع استخداماتها المختلفة، مثل الزراعة والصناعة ومياه الشرب، ويجب أن نستخدم المياه بشكل فعال ومدروس في هذه الاستخدامات الأساسية للمياه، لذلك يجب علينا تحسين تلك الاستخدامات الحالية بهدف الترشيد وحسن الإدارة، أما المسار الثانى هو تطوير المصادر والبحث عن مصادر وموارد جديدة للمياه من خلال البحث عن مصادر مياه إضافية، ويمكننا استغلال مياه الأمطار والسيول وحسن إدارة المياه الجوفية، وإعادة استخدام مياه الصرف وتحليتها، هذه المصادر الجديدة تساعدنا على زيادة استفادتنا من المياه بشكل أفضل من خلال التنمية المستدامة.

وأوضح «إسماعيل» أنه بالنسبة لترشيد استخدام المياه فى الزراعة نستخدم نهجين رئيسيين، الأول هو تحسين منظومة الرى الحقلى، من خلال التحول إلى طرق الرى الحديثة، إذ نستفيد من رفع كفاءة الرى الحقلى بشكل طبيعى من 50% إلى 80%، الجزء الثانى هو اعتماد ممارسات زراعية محسّنة، مثل التسوية بالليزر لتوفير 10% من المياه المستهلكة للزراعة على الخطوط، ومثل زراعة البرسيم على الجفاف بدلا من اللمعة، واختيار المحاصيل التى تحتاج إلى كميات أقل من المياه، ويمكننا أيضًا استكشاف المحاصيل البديلة التى تتحمل الجفاف وتنضج بسرعة لتحقيق فوائد استخدام المياه بشكل أكبر، مثل «الأرز الجفاف» ونبحث عن تربية الأصناف التى تتحمل الملوحة والجفاف والعمر القصير، كل هذا يدخل تحت نطاق المجال الزراعي، بالإضافة إلى ذلك، يمكننا استخدام التقنيات الوراثية لتطوير سلالات نباتية مقاومة للجفاف وذات فترة نمو قصيرة، مما يقلل من استهلاك المياه، ويجب أن نحافظ على المساحة المخصصة لزراعة الأرز، ونبحث عن بدائل مثل بنجر السكر والتمور لإنتاج السكر، هذا الجزء يتعلق أيضًا بالأمن الغذائى، حيث يمكننا تحقيق الاكتفاء الذاتي والاستفادة من محاصيل الحبوب مثل القمح، وتحديد مساحة لا تزيد عن 1.1 مليون فدان من الأرز صيفا طبقا للموارد المائية توفرها المحصول الأرز، لأنها من أهم محاصيل الحبوب التي تحقق مستوى الأمن الغذائي وبزيادة مساحة القمح فى الموسم الشتوى، إلى أكثر من 4.5 مليون فدان، مع زيادة المساحة المستصلحة إلى 4 ملايين فدان، فى إطار برنامج وخطة رئيس الجمهورية.

زراعة 19 مليون فدان بحلول عام 2030

وأكد أستاذ الأراضى والمياه بمركز البحوث الزراعية، أنه يجب تحقيق الاكتفاء الذاتى فى المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة والمحاصيل الزيتية والسكرية، نسعى إلى زيادة الإنتاجية وتحسين الأصناف لزيادة الإنتاجية وتحقيق الاكتفاء الذاتى، تهدف الحكومة إلى استصلاح المزيد من الأراضى لزراعة هذه المحاصيل، تم استصلاح أربعة ملايين فدان حتى الآن، ومن المتوقع أن تصل المساحة الزراعية إلى 12 مليون فدان بحلول عام 2024، ومن المتوقع أن تصل المساحة المحصولية إلى حوالى 18 إلى 19 مليون فدان بحلول عام 2030.

وتابع: سنركز على زراعة القمح وزيادة المساحة المخصصة له بمقدار 4 ملايين فدان أو أكثر، ونعمل أيضًا على تحسين الأصناف المزروعة لزيادة الإنتاجية، كما نسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتى في إنتاج القمح لصناعة الخبز بنسبة 90% إلى 100%، وسنزيد أيضًا من زراعة بنجر السكر والتمور لسد فجوة السكر، ونسعى لزيادة إنتاجية قصب السكر مع ثبات المساحة المنزرعة إلى 320 ألف فدان، كما ستساهم التقنيات الزراعية المتقدمة ونظام الرى الحديث فى زيادة الإنتاجية من 30 – 35 طنا إلى 40 – 50 طنا لكل فدان، لإنتاج السكر من القصب وزراعة البنجر في شمال الدلتا والدلتا الجديدة.

واستطرد قائلا: «لا بد من زيادة المساحة المخصصة لزراعة الذرة الصفراء، ويمكننا تحقيق جانب كبير من الاكتفاء الذاتى فى إنتاج الذرة وتقليل وارداتنا بنسبة تصل إلى 50%، كما يمكن استخدام أصناف الذرة التي تنتج زيتًا لتحقيق جزء من الاكتفاء الذاتى فى إنتاج الزيت»، مضيفًا أن محاصيل الحبوب مثل القمح والذرة تحتاج إلى النخالة التى يمكن استخدامها في صناعة العلف، كما يمكننا تعزيز الإنتاج المحلى للعلف وتقليل الاعتماد على وارداته، وتعزيز صناعة المطاحن والتخزين في المناطق القريبة من مناطق الإنتاج، لتقليل فقدان المحاصيل من 10 إلى 20%، واستخدام نظام الخلط للقمح والذرة بنسب لا تزيد عن 20%، مع العلم عدم تنافسية هذه المحاصيل ووضع أسعار تعاقدية مناسبة تشجع على الزراعة قبل بدء موسم الزراعة وتحسين استخدام المنتجات الزراعية، ويمكن استخدام المخلفات الزراعية بشكل فعال فى إنتاج العلف، وصناعة الأعلاف غير التقليدية وتقليل استيراد مركزات الأعلاف من خلال زيادة الإنتاج المحلي.

توفير 7 مليارات متر مكعب من المياه.. وتحقيق 90% اكتفاءً ذاتيًا

وأشار إلى أنه مع اعتماد مصر على رؤية واستراتيجية الأمن الغذائى، ونظرًا للقيود الماثلة فى المساحة والمياه، فإن استصلاح الأراضى الجديدة يتطلب توفير مصادر إضافية للمياه، لذا يجب معالجة المياه العادمة وإعادة تدويرها، إذ توجد فى مصر محطات معالجة مثل محطة بحر البقر ومحطة العلمين الجديدة التي تعالج حوالى 5 مليارات متر مكعب من المياه بشكل جيد، فضلًا عن ترشيد استخدام المياه فى الرى، ويمكن توفير حوالى 6 إلى 7 مليارات متر مكعب من المياه، بالإضافة إلى المياه المعالجة من مصادر أخرى مثل مياه الأمطار والمياه الجوفية، ويتعين أيضًا استخدام مياه الصرف العادمة بكفاءة، حيث يحتاج استصلاح الأراضى الجديدة المخصصة للزراعة إلى حوالى 20 مليار متر مكعب من المياه.

وتابع: ومن خلال تكامل هذه الأنظمة المختلفة وفقًا للخطة الاستراتيجية، يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة 90%، وتقليل الاعتماد على العملة الأجنبية، فى ظل زيادة النمو السكانى، ولكى يتحقق ذلك، يجب تخفيض معدل النمو السكانى ليكون أقل من 2%، وفى الوقت نفسه ينبغي زيادة معدل النمو في الإنتاج الزراعي لتفوق معدل النمو السكانى، ويجب أيضًا العمل على تحسين جودة المنتجات الزراعية المصرية للحفاظ على سمعتها وتلبية متطلبات السوق المحلية والعالمية.

خطوات سريعة للتحول لأنظمة الرى الحديث

وفى نفس السياق أشار المهندس عبد السلام الجبلى، رئيس لجنة الزراعة والرى بمجلس الشيوخ، إلى أن ندرة المياه يعد من أكبر التحديات التى تواجه الدولة المصرية، لاسيما وأن مصر تصنف من الدول ذات المعدل المنخفض من الأمطار، واعتمادها بشكل أساسى على نهر النيل بنسبة 98% فى احتياجاتها من المياه، مضيفًا أنه فى ظل الزيادة السكانية المستمرة، يبلغ نصيب الفرد فى مصر من المياه سنويًا نصف حد الفقر المائى عالميًا، وهو الأمر الذى دعا الدولة إلى سد تلك الفجوة، من خلال مشروعات إعادة استخدام المياه بعد معالجتها، بالإضافة إلى سياسات الترشيد.
وأضاف «الجبلى» أنه فى ظل التحديات الخاصة بالتغيرات المناخية أصبح هناك خطر آخر يهدد الأمن الغذائى فى العالم، بسبب ما ينتج عنها من تداعيات مثل جفاف المياه وتصحر الأراضى، مما يضطر البلاد لسرعة اتخاذ خطوات على أرض الواقع لمواجهة تلك المخاطر.

وأكد رئيس لجنة الزراعة والرى بمجلس الشيوخ، أن الدولة بالفعل بدأت مبكرا فى تنفيذ عدد من المشروعات التى تساعد على ترشيد استهلاك المياه فى الرى والحفاظ على كل نقطة مياه، مثل مشروع تبطين الترع على مستوى الجمهورية، وكذلك خطوات الدولة نحو التحول لأنظمة الرى الحديث بالأراضى الرملية، ومزارع قصب السكر والبساتين، وتحقيق الإدارة الرشيدة للمياه الجوفية غير المتجددة، وإنشاء محطات المعالجة الكبرى فى بحر البقر والحمام وسيناء.
وتابع: «أتمنى اكتمال تلك المنظومة، في ترشيد استهلاك المياه، من خلال التوسع فى تطبيق نظم الرى الحديث، والتوقف عن الرى بالغمر، وهو ما يتطلب تضافر جهود كافة الجهات المعنية، لتقديم التسهيلات اللازمة وكذلك التوعية بشأن أهمية تطبيق تلك النظم الحديثة، لاسيما وأننا لم نعد نملك رفاهية الوقت وتأخر البدء فى تطبيقها».

وأكد المهندس عبد السلام الجبلي، أنه لا بد من خطوات سريعة تلزم جميع الأراضى الرملية بتطبيق نظم الرى الحديث، وإيجاد آليات تضمن إقبال المزارعين فى الأراضى القديمة على تطبيقها، مثل أن تتولى الاتحادات التعاونية بالتنسيق مع البنك الزراعى تركيب تلك الأنظمة الحديثة، وأن يقوم المزارعون بسداد تكلفتها بشكل ميسر، وأرى أنه فى حال تطبيق تلك الأنظمة الحديثة في الرى، فى مختلف الأراضى، سيحقق نتائج كبيرة فى توفير المياه، ومواجهة ندرتها، بالإضافة إلى توفير الأسمدة، نظرا لأن تلك الأنظمة الحديثة تساعد على الحد من استخدام الأسمدة.
وأشار إلى أن هناك دورًا مهمًا على مراكز البحوث الزراعية، فى استنباط أصناف أقل استهلاكا للمياه وأكثر إنتاجية، كذلك لابد من وجود خريطة زراعية وصنفية واضحة، بناء على خطة تحدد حجم الاحتياجات والتكلفة والعائد على المستوى القريب والمستوى البعيد، بما يساعد على التوسع في المحاصيل الاستراتيجية التى تضمن تحقيق الأمن الغذائى والتنمية المستدامة التى تستهدفها الدولة المصرية.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار