كرر رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول تأكيده على أن البنك المركزي الأمريكي لن يتعجل حيال قرار خفض أسعار الفائدة.
قال باول خلال فعالية يوم الجمعة في بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو: “لسنا بحاجة إلى التسرع في خفض أسعار الفائدة”.
وأضاف رئيس الاحتياطي الفيدرالي أن بيانات التضخم الحديثة التي صدرت في وقت سابق “تتوافق إلى حد كبير مع توقعاتنا”. لكن باول كرر أنه لن يكون من المناسب خفض أسعار الفائدة حتى يثق المسؤولون في أن التضخم يتحرك بشكل سليم نحو هدفهم البالغ 2%.
“من الجيد أن نرى شيئاً يأتي متماشياً مع التوقعات”، وفق تصريحات باول، مضيفاً أن البيانات الأخيرة ليست جيدة كما توقعها صناع السياسة النقدية في العام الماضي.
أظهرت بيانات حكومية صدرت يوم الجمعة أن المقياس الأكثر متابعة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي للتضخم الأساسي تباطأ الشهر الماضي بعد زيادة أكبر مما تم الإبلاغ عنه سابقاً في يناير. ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي -الذي يستبعد تكاليف الغذاء والطاقة المتقلبة- بنسبة 0.3% في فبراير، بعد زيادته 0.5% في الشهر السابق، مسجلاً أكبر زيادة متتالية في عام.
وقال باول إن المسؤولين يتوقعون أن يستمر التضخم في التحرك الهبوطي في “مسار صعب في بعض الأحيان”، مكرراً تصريحاته التي أدلى بها عقب اجتماع السياسة النقدية الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في وقت سابق من الشهر الحالي.
أبقى مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة قصيرة الأجل عند أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقدين في ذلك الاجتماع، وتوقعت أغلبية ضئيلة خفض الفائدة 3 مرات في 2024.
وقال باول حينها إنه سيكون من المناسب على الأرجح تيسير السياسة النقدية “في وقت ما هذا العام”. لكنه أوضح هو وغيره من صناع السياسات النقدية أنهم ليسوا في عجلة من أمرهم نظراً للقوة الأساسية للاقتصاد والعلامات الأخيرة على استمرار ضغوط الأسعار.
التضخم تراجع بشكل كبير من أعلى مستوياته منذ 40 عاماً والذي سجله في 2022، ثم تباطأ بوتيرة سريعة بشكل خاص في العام الماضي. ويبدو أن هذا التقهقر توقف في يناير وفبراير، في ظل ارتفاع معدل نمو أسعار المستهلك.
وفي الوقت نفسه، ظل الاقتصاد الأميركي قوياً رغم أسعار الفائدة المرتفعة. إذ تجاوز الإنفاق الاستهلاكي المعدل حسب التضخم كل تقديرات الاقتصاديين في فبراير، ولا يزال أصحاب العمل يوظفون العمال بوتيرة قوية. أظهرت البيانات الصادرة في وقت سابق من هذا الأسبوع أن النمو الاقتصادي في الربع الرابع كان أقوى مما كان يُعتقد في بادئ الأمر.
ورغم أن أوسط توقعات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي -الذي يرجح خفض الفائدة 3 مرات في 2024- لم يتغير منذ ديسمبر، إلا أن نصفهم (أعضاء لجنة السياسة النقدية) تقريباً توقعوا خفض الفائدة مرتين أو أقل خلال العام الحالي.
قال معظم صناع السياسة النقدية إنهم يريدون رؤية المزيد من الأدلة على أن التضخم يتجه نحو هدفهم البالغ 2% قبل اتخاذ خطوتهم الأولى (بخفض أسعار الفائدة)، وهو ما يتوقعه المستثمرون الآن في يونيو.
من جهته، قال باول يوم الجمعة إن الضعف غير المتوقع في سوق العمل قد يستدعي استجابة من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي على صعيد السياسة النقدية، لكنه قال إنه لا يرى أن احتمال الركود مرتفع حالياً.
قال المحافظ كريستوفر والر، وهو من أوائل المؤيدين لرفع أسعار الفائدة بشكل مرتفع وسريع لاحتواء ضغوط الأسعار، يوم الأربعاء، إن بيانات التضخم المخيبة للآمال منذ بداية العام تعني أن صناع السياسات النقدية قد يحتاجون إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول مما كان يُعتقد سابقاً، أو حتى تقليص العدد الإجمالي لتخفيضات أسعار الفائدة.
لكن باول وزملاءه قالوا أيضاً إنهم يتوقعون أن تكون مسيرة مكافحة التضخم صعبة، وأشاروا إلى أنهم لن يحتاجوا إلى الانتظار حتى يصل إلى هدفهم بالضبط قبل البدء في خفض تكاليف الاقتراض.
ومع انخفاض التضخم، فإن أسعار الفائدة المرتفعة تضع المزيد من الضغوط على الاقتصاد، ويعتقد بعض صناع السياسات النقدية أنه قد يكون من المناسب خفضها قريباً لتجنب الإضرار بسوق العمل بشكل غير مبرر.