التقى صباح اليوم الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة بأدولفو أورسو – وزير الشركات وصنع في إيطاليا بحضور ميكيلى كوارونى سفير إيطاليا بالقاهرة ووفد رفيع المستوى من الطرفين وعدد كبير من الشركات الإيطالية والمصرية العاملة في مجالات الطاقة المتجددة وذلك لبحث سبل دعم وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والتحول الأخضر .
والقى الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة كلمة اعرب فيها عن سعادته من التواجد بين الحضور الكريم في اجتماع المائدة المستديرة رفيعة المستوى حول “التحول الأخضر والطاقة المتجددة في مصر”، مرحباً بادولفو أورسو، وزير المشروعات وصنع في إيطاليا في مصر ومعرباً عن امتنانه للحكومة الإيطالية لجهودها الرامية إلى تعزيز التعاون مع مصر، حيث ترتبط إيطاليا ومصر بعلاقة تاريخية طويلة، وتعد إيطاليا الآن أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر، ويتعاون البلدان بشكل وثيق في عدد من المجالات، بما في ذلك قطاع الطاقة.
أوضح شاكر ان إجتماع اليوم يأتى فى مرحلة هامة يشهد العالم فيها تحولاً فى الطاقة نظراً للعديد من التغيرات العالمية والتي سوف تتطلب تغيير في شكل إنتاج واستهلاك الكهرباء، لأسباب عديدة منها تغير المناخ، وزيادة الطلب على الطاقة، والتقدم التكنولوجي، ومن خلال التعاون بين الحكومات والشركات والأفراد، يمكن تحقيق تحول ناجح في الطاقة، وبناء مستقبل أكثر استدامة للجميع.
وأكد انه في هذا الإطار أيقنت مصر منذ البداية أهمية الطاقة المتجددة ودورها في تنويع مصادر الطاقة وتحقيق التنمية المستدامة حيث أنشئت هيئة تنمية وإستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة لتعظيم الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة من خلال القيام بحصر وتقييم لمصادر الطاقة الجديدة والمتجددة وإجراء الدراسات والبحوث الفنية والاقتصادية والبيئية اللازمة لتنمية استخداماتها.
وفي إطار الاستفادة من ثروات مصر الطبيعية وبخاصة مصادر الطاقة المتجددة ففي عام 2016 تم وضع استراتيجية للطاقة فى مصر حتى عام 2035 والتي تتضمن تعظيم مشاركة قدرات الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لتصل نسبتها إلى حوالي اكثر من 42% عام 2035 بالإضافة إلي تعظيم إجراءات كفاءة الطاقة بهدف ترشيد الاستهلاك في كافة القطاعات بنسبة 18%.
وقد اتسقت استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة في مصر مع استراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030) والأهداف الأممية الـ 17 للتنمية المستدامة،
هذا وتؤكد مصر تحولها إلى الطاقة النظيفة من خلال تعجيل المدى الزمنى لتحقيق هدف الوصول بمساهمة توليد الكهرباء لتصل إلى 42٪ من مزيج التوليد بحلول عام 2030 بدلاً من 2035، حيث تم تحديث المساهمات المحددة وطنياً (NDC) فى يونيو الماضى استنادا إلى برنامج نوفي الذي يستهدف إيقاف وتكهين وحدات التوليد الحرارية ذات الكفاءة المنخفضة بقدرة اجمالية 5 جيجاوات واستبدالها بمحطات طاقة متجددة بقدرة 10 جيجاوات، بتكلفة إستثمارية حوالي 10 مليار دولار يتم تنفيذها من خلال القطاع الخاص فضلا عن الأستثمارات اللازمة لتعزيز شبكة نقل الكهرباء.
جدير بالذكر أن برنامج نوفى يحظى باهتمام ودعم دولى كبير كأحد المبادرات الرائدة لتنفيذ أجندة المناخ فى اطار اتفاق باريس .
ويجري حاليًا تحديث استراتيجية الطاقة حتى عام 2040 في ضوء التطورات العالمية والمتغيرات الجديدة التى تتضمن انخفاض تكاليف التكنولوجيات الحديثة والتطور الهائل في تكنولوجيا تخزين الطاقة مع استبعاد خيار توليد الكهرباء من الفحم واستبدال تلك القدرات المخططة بأخرى من الطاقة المتجددة بالإضافة إلى استخدام الهيدروجين الأخضر، وسوف يتم الإعلان قريباً عن المستهدفات الجديدة لهذا التحديث .
إدراكاً من قطاع الكهرباء بمواكبة التقنيات التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة، حيث أنه من المتوقع أن ينمو الهيدروجين الأخضر بسرعة في السنوات القادمة كمُسرِّع رئيسي محتمل لانتقال الطاقة ومُساعد على إزالة الكربون على الصعيد العالمي على نطاق أوسع، حيث حرصت القيادة المصرية على التوجيه بإعداد استراتيجية وطنية لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون باعتباره مصدراً واعداً للطاقة في المستقبل القريب , تم اتخاذ العديد من الإجراءات لتطوير الهيدرجين، حيث تم الموافقة على الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون، وتضمنت الرؤية بالاستراتيجية إلى “أن تصبح مصر واحدة من رواد العالم في اقتصاد الهيدروجين منخفض الكربون، وذلك اعتماداً على الخبرات والابتكارات العالمية الرائدة في إنتاج / تصدير الهيدروجين ومشتقاته، وموارد الطاقة المتجددة والموقع الاستراتيجي لمصر، وتتضمن الاستراتيجية هدف طموح لمشاركة مصر بما يمثل 5-8٪ من السوق التجارية العالمية للهيدروجين الأخضر”.
وفي سياق متوازي مع إعداد الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين، يجري التعاون مع شركات القطاع الخاص لتطوير مشروعات الهيدروجين حيث تم حتى الآن توقيع عدد (27) مذكرة تفاهم مع كبرى الشركات والتحالفات العالمية لتنفيذ مشاريع لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، حيث تبلغ القدرات إجمالية اللازمة للمشروعات التجريبية حوالي 114 جيجاوات من طاقة الرياح و118 جيجاوات من الطاقة الشمسية، وقد تم تحويل (11) منها إلى اتفاقية إطارية، وهو ما يعكس جاذبية السوق المصرية للمؤسسات المالية الدولية وتشجيع الاستثمار منخفض المخاطر.
وأشار الوزير إلى أنه صدر قرار السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء في سبتمبر 2023 بإنشاء المجلس الوطني للهيدروجين الأخضر ومشتقاته برئاسة سيادته وعضوية عدد من الوزراء المعنيين سوف يساهم فى توحيد جهود الدولة لتحفيز الاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر ومشتقاته بما يتماشى مع متطلبات التنمية المستدامة وخطط الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لضمان قدرتها التنافسية على المستوى الدولي والإقليمي.
كما أنه صدر قانون بشان حوافز مشروعات انتاج الهيدروجين الاخضر ومشتقاته متضمنا الحوافز الضريبية وغير الضريبية والضوابط لمنح هذه الحوافز والذى سوف يساهم فى تشجيع القطاع الخاص على المشاركة بفاعلية فى مشروعات الهيدروجين الأخضر.
وأشار كذلك إلي الفرص الاقتصادية الاستثمارية المتاحة حالياً في مصر في مجال الطاقة المتجددة، حيث سعت الحكومة المصرية على تهيئة بيئة استثمارية جاذبة للقطاع الخاص في مجال الطاقات المتجددة بدأت باتخاذ خطوات هامة لإصلاح البنية التشريعية لقطاع الكهرباء والتي من بينها إصدار قانون الكهرباء الذى يمهد للتحرير الكامل لسوق الكهرباء كما تم إصدار قانون لتحفيز الاستثمار فى مجال الطاقة المتجددة والمتضمن الآليات التي تساعد المستثمر على الدخول في هذا النشاط وكذا وتخصيص حوالي 32000 كيلومتر مربع لتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة بقدرات متوقعة تبلغ 200 جيجاوات وتوقيع اتفاقيات شراء للطاقة طويلة الأجل 20 – 25 سنة والاستفادة من بيع شهادات خفض انبعاثات الكربون ومنح الأرض لإقامة المشروع مقابل نسبة 2% من الكهرباء المنتجة سنوياً وتخفيض الجمارك على مكونات وقطع غيار نظم الطاقة المتجددة
في ضوء ماسبق ذكره من إجراءات لتحفيز مشاركة القطاع الخاص في الطاقات المتجددة،أصبح عدد كبير من المستثمرين علي ثقة في قطاع الطاقة المصري، وتقدم العديد من المستثمرين الأجانب والمحليين للاستثمار في مشاريع القطاع، ونجح القطاع في الحصول على عروض بسعر تنافسي بلغت 2 سنت دولار للكيلوات ساعة للطاقة المنتجة من محطات الطاقة الشمسية و2.4 سنت دولار للكيلوات ساعة للطاقة المنتجة من مزارع الرياح.
وفي هذا السياق، خلال عام 2022 وعلى هامش فعاليات مؤتمر COP27، تم توقيع 4 مذكرات تفاهم مع شركات محلية وعالمية في مجال مشاريع طاقة الرياح لدخول المواقع وإجراء القياسات والدراسات المطلوبة من أجل إضافة 28 جيجاوات من طاقة الرياح.
وستساعد إمكانات الطاقة المتجددة الكبيرة وهذه المشاريع الضخمة مصر في الحصول على برامج للتصنيع المحلي لمكونات طاقة الرياح والطاقة الشمسية خاصة اعتمادًا على توافر المواد الخام والعمالة الماهرة.
ولعل أحد أهم قصص النجاح المصرية كنموذج لوضع الاستثمارات الأجنبية في مجال الطاقة المتجددة في مصر والتي تمثلت في مشروع بنبان للطاقة الشمسية، الذى يعد مشروعًا رائدًا من حيث آلية التمويل وحجم المشروع .
ولقد شارك 32 مستثمرًا دوليًا ومحليًا في بناء محطة بنبان الشمسية والتي تعد أكبر محطة شمسية في العالم بمكان واحد، وبلغ إجمالي القدرة المتعاقد عليها 1465 ميجاوات. وقد وفر هذا المشروع استثمارات أجنبية مباشرة لاستغلال موارد الطاقة الشمسية الهائلة في مصر بإجمالي استثمارات حوالي 2 مليار دولار ، بالإضافة إلى المساعدة في تحفيز النمو الاقتصادي المحلي، بما في ذلك توفير أكثر من 10 آلاف وظيفة مؤقتة ودائمة أثناء فترة تنفيذ المشروع وتشغيله، بالإضافة إلى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بما يعادل 2 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون CO2، وقد تم الانتهاء من المشروع وتوصيله بالشبكة في أكتوبر 2019 ولقد فاز المشروع بجائزة البنك الدولي لأفضل مشروع في العالم عام 2019.
واستكمالا للجهود التى تمت لإضافة قدرات توليد كبيرة بحوالى 30 ألف ميجاوات، يعمل قطاع الكهرباء حالياً على رفع كفاءة شبكات الكهرباء من خلال خطة متكاملة لتحسين وتطوير شبكات نقل الكهرباء لتكون قادرة على استيعاب الطاقة الكهربائية المولدة وتقليل الفقد وتعزيز الشبكة الوطنية ، حيث تم خلال الثمانى سنوات الماضية إضافة خطوط نقل جديدة جهد 500 ك.ف بطول إجمالي 4613 كم مما يمثل زيادة بنسبة 150% مقارنة بحالة الشبكة في عام 2014. بالإضافة إلى إضافة 21 محطة محولات جهد 500 كيلوفولت بقدرة إجمالية 33375 ميجافولت أمبير بنسبة زيادة 340% مقارنة بحالة الشبكة عام 2014، وقد بلغت إجمالي الاستثمارات في تعزيز وتحديث شبكة النقل من 2014 إلى 2022 نحو 116 مليار جنيه.
وجارى حاليا التعاون مع شركة إيليا جريد البلجيكية لتقديم خدمات استشارية لقطاع الكهرباء لدراسة احتياجات الشبكة الوطنية لاستيعاب الطاقات المتجددة لمشروعات الهيدروجين الأخضر والربط الكهربائى وتحديد متطلبات تعزيز الشبكة بهدف معالجة الزيادة الكبيرة المتوقعة في إنتاج الطاقات من المصادر المتجددة.