كتب شيرين نوار
يعتبر التعاون بين مصر وإيطاليا في مجال الطاقة من أهم المجالات التي تتصدر أولويات البلدين، حيث يعمل عدد كبير من الشركات الإيطالية في مصر في مشروعات التنقيب عن حقول الغاز والبترول وكذلك قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة في إطار التغيرات العالمية والاتجاه نحو الاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة لمواجهة التأثيرات المناخية الضارة.
وترتبط إيطاليا ومصر بعلاقات تاريخية طويلة وتعد إيطاليا في الوقت الحالى أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر في مختلف المجالات وعلى رأسها ملف الطاقة.
وقال الدكتور حافظ سلماوي، أستاذ وخبير الطاقة، إن العالم يتجه الآن نحو الاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة فى ظل زيادة الطلب على الطاقة نظرا للتغيرات المناخية الضارة وارتفاع درجات الحرارة وازدياد ظاهرة الاحتباس الحراري وبالتالى زيادة استهلاك الطاقة، وهو ما يستلزم البحث عن مصادر طاقة نظيفة ومتنوعة لتلبية الطلب المحلي وسد العجز وتقليل معدلات الاستيراد في ظل ارتفاع سعر الدولار ومن خلال التعاون بين الحكومات والشركات والأفراد يمكن تحقيق تحول ناجح في الطاقة وبناء مستقبل أكثر استدامة للجميع.
وأشار سلماوي إلى أهمية الدور الذي تقوم به هيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة لتعظيم الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة من خلال القيام بحصر وتقييم لمصادر الطاقة الجديدة والمتجددة وإجراء الدراسات والبحوث الفنية والاقتصادية والبيئية اللازمة لتنمية استخداماتها، إلى جانب استراتيجية الطاقة في مصر حتى عام 2030، والتي تم وضعها وتتضمن تعظيم مشاركة قدرات الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لتصل نسبتها إلى حوالي أكثر من 42% عام 2030، بالإضافة إلى تعظيم إجراءات كفاءة الطاقة بهدف ترشيد الاستهلاك في كافة القطاعات بنسبة 18%.
وأكد سلماوي أهمية التعاون بين مصر وإيطاليا فى مجال الطاقة، حيث أصبح التحول نحو الطاقة النظيفة أمرا بالغ الصعوبة لا تستطيع دولة بمفردها تحقيقه بل يستلزم تكاتف جميع الدول وتكريس جهودها المادية والمعنوية لضخ استثمارات جديدة فى مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، مشيراً إلى أن إيطاليا أصبحت مركزاً للغاز في أوروبا وتسعى إلى أن تصبح مركزاً للطاقة بها، بالإضافة إلى الاهتمام الذى توليه إيطاليا للربط الكهربائي مع مصر، وأن إيطاليا تمتلك خبرات واسعة وتكنولوجيا كبيرة لصناعة الألواح الشمسية.
ولفت سلماوي إلى أهمية نقل وتوطين التكنولوجيا الإيطالية إلى مصر في مجال الكهرباء والطاقة سواء تقليدية أو متجددة، وأشار إلى أن تواجد كبرى الشركات الإيطالية العاملة في هذا المجال في مصر يؤكد على اهتمام إيطاليا الايجابي بتشجيع الاستثمار على أرض مصر خاصة مع الفرص الكبيرة التي تتيحها مصر للقطاع الخاص في كافة المجالات.
وقال أيمن هيبة، رئيس شعبة الطاقة المستدامة بغرفة القاهرة التجارية، إن مصر وقعت العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات مع عدد كبير الشركات العالمية خلال مؤتمر قمة المناخ السابق من أجل ضخ استثمارات جديدة في مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة خلال المرحلة المقبلة، حيث تم حتى الآن توقيع 27 مذكرة تفاهم مع كبرى الشركات والتحالفات العالمية لتنفيذ مشاريع لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، وتبلغ القدرات الإجمالية اللازمة للمشروعات التجريبية حوالي 114 جيجاوات من طاقة الرياح و118 جيجاوات من الطاقة الشمسية وقد تم تحويل (11) منها إلى اتفاقية إطارية وهو ما يعكس جاذبية السوق المصرية للمؤسسات المالية الدولية وتشجيع الاستثمار منخفض المخاطر.
وقال هيبة إن شركة إيني الايطالية من أهم الشركات الأجنبية العاملة في مصر، وتسعى إلى ضخ استثمارات تقدر بنحو 8 مليارات دولار خلال الأربع سنوات المقبلة، من خلال خطط البحث والاستكشاف المقبلة التي ستقوم بها الشركة، وأنشطة عمليات التنمية التي ستمكن إيني من الحفاظ على معدلات إنتاج كبيرة من الحقول فى ظل سعى وزارة الكهرباء إلى زيادة قدراتها في إنتاج الغاز لتواكب زيادة الاستهلاك المحلي بمعدلات كبيرة، ورغبتها في أن تصبح مصر مركز إمداد إقليمي للغاز، خاصة بعد اكتشافها “حقل ظهر” في عام 2015، والذي أسهم في فتح شهية المستثمرين للعمل في قطاع الغاز المصري وساعد البلاد على تصدير كميات كبيرة من الغاز المسال، علاوة على أن شركة إيني الإيطالية للطاقة تتوقع بدء الإنتاج من بئر غاز أوريون-1 إكس في شرق المتوسط بمصر، والتي تضم احتياطي قدره 10 تريليونات قدم مكعبة خلال ثلاث سنوات وبتكلفة استثمارية 130 مليون دولار، وخاصة أن حركة معدات الشركة إلى موقع البئر استطاعت أن تصل الى أعماق أكبر في عملية الاستكشاف مقارنة مع ما قامت به شركات سابقة تولت التنقيب في الموقع.
وأوضح هيبة أن مصر شهدت طلبا متزايدا على الغاز، مما أدى إلى تراجع في إنتاجها منه بنسبة 9 بالمئة على أساس سنوي بين يناير ومايو، و12 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها في العام قبل الماضي، وتعاني مصر من انقطاع الكهرباء بسبب رفع موجات حارة حجم الطلب على التبريد.
والتقى الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة مؤخرا، أدولفو أورسو ، وزير الشركات وصنع في إيطاليا، بحضور ميكيلي كواروني سفير إيطاليا بالقاهرة ووفد رفيع المستوى من الطرفين وعدد كبير من الشركات الإيطالية والمصرية العاملة في مجالات الطاقة المتجددة وذلك لبحث سبل دعم وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والتحول الأخضر.
وألقى الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة كلمة أعرب فيها عن سعادته من التواجد بين الحضور الكريم في اجتماع المائدة المستديرة رفيعة المستوى حول “التحول الأخضر والطاقة المتجددة في مصر”، مرحباً بأدولفو أورسو، وزير المشروعات وصنع في إيطاليا في مصر ومعرباً عن امتنانه للحكومة الإيطالية لجهودها الرامية إلى تعزيز التعاون مع مصر، حيث ترتبط إيطاليا ومصر بعلاقة تاريخية طويلة، وتعد إيطاليا الآن أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر، ويتعاون البلدان بشكل وثيق في عدد من المجالات، بما في ذلك قطاع الطاقة.
ويجري حاليًا تحديث استراتيجية الطاقة حتى عام 2040 في ضوء التطورات العالمية والمتغيرات الجديدة التى تتضمن انخفاض تكاليف التكنولوجيات الحديثة والتطور الهائل في تكنولوجيا تخزين الطاقة مع استبعاد خيار توليد الكهرباء من الفحم واستبدال تلك القدرات المخططة بأخرى من الطاقة المتجددة بالإضافة إلى استخدام الهيدروجين الأخضر، وسوف يتم الإعلان قريباً عن المستهدفات الجديدة لهذا التحديث .