هدى الملاح: ينبغي إطلاق حزم ضريبية تحفيزية لدعم القطاع الخاص.. واتباع سياسات تقشفية
محمد أنيس: خفض حجم الحساب المكشوف وتقليل نسبة خدمة الدين في الموازنة العامة ضرورة مُلحة
تحقيق : مي رفاعي
إصلاحات شاملة في السياسات الضريبية وإدارة الدين العام الداخلي والخارجي، ملفات مالية مهمة على طاولة أحمد كجوك وزير المالية الجديد تتطلب اتخاذ إجراءات فعّالة لتعزيز الاقتصاد الوطني وتحسين الاستقرار المالي، وفقًا لما أجمع عليه الخبراء.
وأكدت الدكتورة هدى الملاح، الخبيرة الاقتصادية، أن هناك العديد من الملفات المهمة أمام أحمد كجوك وزير المالية في التشكيل الحكومي الجديد، وفي مقدمتها الإصلاحات الضريبية، وملف الدين الداخلي والخارجي.
وأوصت الملاح بضرورة التخلي عن سياسة التركيز الحالية على فرض حزم الضرائب والاستعاضة عن تلك السياسات بحزم ضريبية تحفيزية لدعم القطاع الخاص وتخفيف الأعباء عنه، خاصة مع ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود.
وشددت الملاح على أن السياسات الضريبية والاقتصادية يجب أن تكون متوازنة، مع التركيز على تحفيز النمو الاقتصادي وجذب المزيد من الاستثمارات، مشيرة إلى أن دعم القطاع الخاص في قطاعات حيوية مثل الطاقة يعد أمرًا حيويًا لتعزيز استدامة الاقتصاد الوطني.
وتابعت: “يجب على وزارة المالية أن تنسق جهودها مع الجهات ذات العلاقة، بما في ذلك وزارة الصناعة، لتطوير عدد من الحوافز والتسهيلات الضريبية الموجهة للقطاع الخاص لتعزيز نشاطه، كما ينبغي دراسة إمكانية تسهيل استيراد المواد الخام الأساسية من خلال التفاوض مع الجمارك، بهدف دعم التصنيع والصناعات الوسيطة لتعزيز القطاع الصناعي”.
وأشارت إلى أنه علاوة على ذلك، يتعين على الحكومة بذل المزيد من الجهود لدعم الصناعات الوسيطة وتوفير البنية التحتية اللازمة لتحفيز الاستثمارات في قطاع الصناعات التحويلية والإنتاجية.
وأكدت أن الإيرادات يجب أن تكون حقيقية بدلاً من أن تكون مجرد أعباء ضريبية، وذلك من خلال اتباع السياسات المالية التي تسهم في تعزيز الإنتاجية المحلية لتحقيق التنمية المستدامة وزيادة التنافسية في الأسواق العالمية، بالإضافة إلى ضرورة الاستثمار في تدريب العمالة والحد من البطالة.
وأضافت أن ملف الدين الخارجي والداخلي من أكبر التحديات أمام وزير المالية الجديد، وأنه لا يمكن النجاح في حل هذا الملف دون التوسع في الإنتاج الحقيقي وزيادة حجم الصادرات، لتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الموارد المالية للبلاد، بالإضافة إلى ترشيد الإنفاق العام، باعتماد سياسة تقشفية حادة لكافة أجهزة الدولة.
بينما قال الدكتور محمد أنيس، الخبير الاقتصادي، إن وزير المالية الجديد كان نائبًا للوزير للسياسات المالية، مما يعني أنه ملم بالسياسات المالية المتبعة وبتأثيراتها سواء كانت إيجابية أو سلبية، ومن ثم فإن خبرته في هذا المجال ستسهم في توجيه السياسات المالية الجديدة بشكل يحقق الأهداف المستهدفة بكفاءة أكبر.
ويرى أنيس أنه من الأهمية التركيز على اتخاذ السياسات المالية التي تسهم في خفض معدلات التضخم إلى مستوياتها الطبيعية، التي تبلغ 7%، من مستوياتها الحالية التي تبلغ 28%.
وأوصى بالاستمرار في السياسات المالية التشديدية ووقف أي نفقات تضخمية، و التوقف عن التوسع في الاستثمارات العامة.
وشدد على أهمية تنفيذ خطة متوسطة الأجل تمتد من 3 إلى 5 سنوات لخفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي من مستوياتها الحالية، ويهدف ذلك إلى تقليصها من مستوى 94% على الأقل إلى ما دون الـ 80%، بالإضافة إلى الاستمرار في خفض معدلات الدين بشكل دائم، وذلك لخفض نسبة خدمة الدين في الموازنة العامة، التي وصلت حاليًا إلى 62%، حيث يتطلب ذلك التخلص من الفجوة التمويلية الدولارية التي ظهرت في الفترة السابقة.
وأكد أنه من الضروري كذلك تنفيذ خطة متوسطة الأجل تمتد من 3 إلى 5 سنوات لتقليص حجم الحساب المكشوف بين البنك المركزي ووزارة المالية، والذى كان قد بلغ 2 تريليون وتم تخفيضه حاليًا إلى 1.6 تريليون، وينبغي ألا يتجاوز 300 مليار جنيه كحد أقصى، والذى يعد سببًا رئيسًا لزيادة التضخم، ويعرف بالإنفاق التضخمي.
وأضاف أنه من المهم أن يتم اتباع سياسات مالية تحفز الاستثمار دون رفع نسب الضرائب، مع تسهيل الإجراءات الضريبية والجمركية للأعمال والمستثمرين، وزيادة المجتمع الضريبي من خلال إدماج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي عبر التحول الرقمي وتعزيز الشمول المالي، مما يزيد الإيرادات بدون زيادة في نسب الضرائب أو فرض أعباء ضريبية جديدة على الممولين .