تحقيق شيرين نوار
تعتبر تطبيقات استخدامات الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء بديلاً للغاز والمازوت في تشغيل محطات الكهرباء أحد أهم البدائل التي تسعى الحكومة للاعتماد عليها خلال الفترة المقبلة تماشيا مع الاتجاه العالمي للحد من التأثيرات المناخية الضارة وخفض الانبعاثات الكربونية وحل أزمة الطاقة نتيجة نقص الوقود التقليدي وارتفاع تكاليف استيراده من الخارج.
وأكد الخبراء أن مشروع إنتاج الألواح الشمسية من الرمال البيضاء يلعب دورا كبيرا في حل أزمة الطاقة ويعمل على توفير العملة الصعبة مما يستلزم توافر كل احتياجات إنتاج الألواح الشمسية لتصنيعها محليا، حيث كانت مصر تصدر رمل السيليكا بالمتر إلى الخارج لتصنيع الخلايا الشمسية ثم تستورد الخلايا بعد تصنيعها مرة أخرى من الصين وغيرها من الدول.
وقال المهندس حسن بخيت، رئيس المجلس الاستشاري العربي للتعدين، إن مصر تمتلك ثروة هائلة من الرمال البيضاء في مناطق كثيرة أبرزها الصحراء الشرقية ومحافظتي شمال سيناء وجنوب سيناء ومنطقة الزعفرانة بمحافظة البحر الأحمر، والتي تستخدم في العديد من الصناعات كالإلكترونيات والخلايا الشمسية، لافتا إلى أن مصر تسعى لرفع القيمة المضافة لصادرات الرمال البيضاء خلال الفترة المقبلة من خلال تصنيعها بما يحقق إيرادات عالية لتصديرها، مشيرا إلى أن إجراء عمليات الغسيل والغربلة للرمال البيضاء في مصر كفيل برفع سعر الطن الذي يباع خام بـ 20 دولارا إلى 80 دولارا.
وتابع بخيت أن مشروعات الطاقة الشمسية يجب أن تكون لها برامج تمويلية يتم وضعها ضمن استراتيجية الحكومة إلى جانب تشجيع القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي على ضخ استثمارات جديدة بها.
وأشار بخيت إلى أنه من الناحية العلمية هناك نوعان من الرمال فى الطبيعة، أولهما رمل السيليكا وتسمى أيضا الرمال البيضاء، وهي عبارة عن صخور رملية بيضاء نقية تحتوي على نسبة عالية من السيليكا بأكثر من 99% وتتكون من حبيبات معدن الكوارتز وتحتوي على كمية قليلة من الشوائب والمعادن الثقيلة، والنوع الثاني الزجاجي وهو نوع من رمل السيليكا أيضا الذي يتميز بمواصفات فيزيائية وكيميائية تتناسب مع صناعة الزجاج فحجم الحبيبات يتراوح بين 100و500 ميكرون ونسبة أكاسيد الحديد تقل عن 0.05%.
وأكد بخيت أن الرمال البيضاء تمثل بترول مصر القادم، نظراً لدورها الكبير في إنتاج الألواح الضوئية التي تستخدم في توليد الكهرباء، وهو ما يسهم في ترشيد استهلاك الوقود التقليدي.
وقال المهندس ياسر مصطفى، مدير معهد بحوث البترول السابق، إن المعاهد البحثية والعلمية بمصر تمتلك العديد من دراسات الجدوى الاقتصادية لتطبيقات استخدامات الثروات الطبيعية التي تمتلكها مصر، وأماكن وجودها ومنها الرمال البيضاء واستخداماتها، مع إرفاقها بنماذج تطبيقية من دول العالم، حيث إن هناك دول سبقتنا في مجال تطبيقات الطاقة الجديدة والمتجددة وحققت تقدما ملحوظا، مشيرا إلى أن الرمال البيضاء تعتبر من بين المواد الخام ذات الأهمية الكبيرة، حيث تدخل ضمن العديد من الصناعات ويمكن الاستفادة منها لكي تكون مصدرا للدخل القومي، خاصة أنها تتوفر في شمال سيناء وحول خليج السويس وفي الوادي الجديد، كما تعد المادة الخام لعنصر السيليكون عصب التطور التكنولوجي وهي المادة الخام لصناعة الألواح الشمسية والرقائق الإلكترونية.
وأشار مصطفى إلى سهولة استخراجها نظرا لأن سمك الطبقة الرملية في أماكن وجودها حوالي 100 متر دون غطاء صخري، وهو ما يقلل تكاليف إنتاجها، موضحا أن صحراء مصر تنتج 2,8 مليون وات كهرباء لكل متر مربع وفقا لمعدل السطوع الشمسي بها، وهو ما يعني أن تركيز مصر على صناعات الطاقة النظيفة المستدامة يمكن أن يجعل مصر أحد أهم موردي الطاقة للعالم في المستقبل القريب.
وعن أهم استخدامات الرمال البيضاء أوضح مدير معهد بحوث البترول السابق، أنها تستخدم في العديد من الصناعات كصناعة الزجاج والحراريات والسيراميك والخزف والصيني، بالإضافة إلى بعض الصناعات الأخرى مثل صناعة رقائق السليكون والألياف الزجاجية والعدسات البصرية، وفي صناعة الأسمنت الأبيض ورمل المسابك والمرشحات وفي صناعة المنظفات الصناعية والمبيدات الحشرية.
وقال إن احتياطي مصر من الرمال البيضاء يبلغ نحو 20 مليار طن موزعة على صحاري مصر المتنوعة من شمال سيناء إلى جنوبها وصحراء مصر الشرقية والغربية إذ يحتوي شمال سيناء على احتياطي يبلغ 120 مليون طن ويمتلك الموقع الأكبر منها بمنطقة الحسنة أكثر من 40 مليون طن.
وأضاف مصطفى أنه مع توجيهات الرئيس السيسي بأهمية الثروات الطبيعية والمعادن تم إسناد أكثر من 200 منطقة امتياز للبحث والاستكشاف عن المعادن مثل الذهب والحديد والفوسفات والنحاس والرمال البيضاء وأملاح البوتاسيوم والرصاص والفلسبار والزنك والكاولين، مشيرا إلى أن حجم الاستثمارات التي تحتاجها مصر لاستغلال ثروة الرمال البيضاء يتجاوز الـ 1.5 مليار دولار وهي تتمثل في إقامة مصنع لمنتجات السيليكون والزجاج.
وكانت الحكومة قد حظرت تصدير الرمال البيضاء كمادة خام خارج مصر، وذلك للحفاظ على هذا المورد غير المتجدد واحتياطي مصر منه منذ عام 2016، حيث قررت الحكومة منع تصدير الرمال البيضاء باعتبارها ثروة قومية.
كما طرح الاتحاد الأوروبي منذ عدة سنوات مشروعا ضخما للطاقة النظيفة والمتجددة أطلق عليه اسم تكنولوجيا الصحراء وفيه يستغل رمال صحراء شمال أفريقيا وكذلك معدل الإشعاع الشمسي في صحاريها الذي هو الأعلى في العالم لإنتاج مئات الميجاوات من الكهرباء باستخدام الخلايا الشمسية من أجل تغذية أوروبا ومنازلها ومصانعها بالطاقة النظيفة، وذلك بعد نفاد البترول المتوقع بحلول عام 2050.