تشهد التوترات بين إسرائيل وجماعة الحوثي في اليمن، تصاعدا كبيرا بعدما أعلن قادة الجماعة عن نيتهم الرد على الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت منشآت حيوية في مدينة الحديدة غرب اليمن.
وأكدت التصريحات لجماعة الحوثي أن المواجهة مع “العدو الصهيوني ستكون مفتوحة بلا حدود أو خطوط حمراء”، وأشار قادة الجماعة إلى أنهم لن يلتزموا “بأي قواعد للاشتباك”، مؤكدين امتلاكهم بنك أهداف داخل العمق الإسرائيلي، وأن “المفاجآت ستكون كبيرة”.
في ظل تكهنات حول أهداف الجماعة ضمن “بنك أهداف في فلسطين المحتلة”، وفقاً لما صرح به الناطق العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، تتزايد المخاوف بشأن تداعيات هذه المواجهة على اقتصاد إسرائيل الذي يعاني من تبعات الحرب على غزة منذ 7 أكتوبر الأول الماضي.
ونقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن الرئيس التنفيذي لميناء إيلات، غدعون غولبر، أن “العمل في الميناء توقف كلياً بسبب عجز السفن عن الوصول نتيجة هجمات جماعة أنصار الله (الحوثيين) في البحر الأحمر”.
وأضاف: “منذ نوفمبر 2023، تم إغلاق الميناء بسبب الأزمة المستمرة في البحر الأحمر، وتم نقل أنشطته إلى ميناءي أسدود وحيفا، مما أدى إلى تسريح عدد كبير من العمال”.
وأشار غولبر إلى أن حجم خسائر الميناء بلغ 50 مليون شيكل (14 مليون دولار)، ومن المتوقع أن تزداد هذه الخسائر إذا لم تتخذ إسرائيل وحلفاؤها إجراءات لوقف الهجمات.
وفي سياق “التضامن مع غزة”، التي تواجه حرباً إسرائيلية مدمرة منذ نحو 10 أشهر، يستهدف الحوثيون منذ نوفمبر الماضي سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، وبحر العرب، والمحيط الهندي باستخدام الصواريخ والمسيّرات.
وذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن هجمات الحوثيين في اليمن أدت إلى تعطيل التجارة القادمة من البحر الأحمر، مما ساهم في زيادة تكاليف الشحن بسبب استخدام طرق بديلة أطول.
القطاعات المتضررة في إسرائيل
وفيما يتعلق بالتداعيات الاقتصادية للمواجهة بين الحوثيين وإسرائيل، فستطال العديد من القطاعات الاقتصادية المتضررة. وأبرزها:
1- الموانئ وخاصة ميناء إيلات
تفيد التقارير بأن ميناء إيلات يعاني من حالة ضمور، مشددًا على أهمية هذا الميناء اقتصاديًا كونه المنفذ الوحيد لإسرائيل على البحر الأحمر.
2- قطاع الشركات الناشئة
يُعد هذا القطاع الثاني الأكثر تضررًا مع اتساع المواجهات. تشير البيانات الرسمية إلى أن 44% من الشركات الناشئة قد هربت من إسرائيل.خاصة أن قطاع الشركات الناشئة يمثل عصب الاقتصاد الإسرائيلي بعد التسهيلات التي قدمتها إسرائيل خلال العقود الماضية لجذب عدد كبير من الشركات الناشئة الأوروبية والأميركية وحتى الآسيوية.
3- البورصة
شهد مؤشر TA-125 القياسي في بورصة تل أبيب ومؤشر TA-35 للشركات الكبرى انخفاضًا بنسبة 1.1% بعد هجوم إسرائيل على الحديدة في اليمن السبت الماضي. كما انخفض مؤشر تل أبيب لأكبر 5 بنوك بنسبة 1.3% قبل أن تستعيد بعض هذه المؤشرات جزءًا من خسائرها لاحقًا. بالإضافة إلى ذلك، تراجع مؤشر TA-Construction بنسبة 1.6%، في حين انخفض مؤشر TA-Biomed بنسبة 2%.
وبالرغم من عدم ظهور بيانات عن تأثير بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى بعد، يعتقد المراقبون أن قطاعات السياحة والبناء قد تتأثر أيضًا.
4- النفط وتكلفة الشحن
ويؤدي استمرار هجمات الحوثيين على السفن المارّة في البحر الأحمر إلى إسرائيل يعني استمرار التوترات، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط عن المستويات الحالية بالإضافة إلى زيادة تكلفة التأمين على السفن، التي ارتفعت منذ شهر نوفمبر الماضي مع بداية الهجمات البحرية.
ونقلت رويترز أوائل الشهر الجاري عن مصادر في قطاع التأمين، لم تسمها، أن العلاوات المتعلقة بمخاطر الحرب، التي تُدفع عندما تبحر السفن عبر البحر الأحمر، وصلت إلى 0.7% من قيمة السفينة في الأيام القليلة الماضية، بعد أن كانت نحو 1% في وقت سابق من العام الجاري، مما يسبب تكاليف إضافية بمئات الآلاف من الدولارات.
وأضافت المصادر أن أسعار علاوة مخاطر الحرب في التأمين على السفن الصينية، التي يُنظر إليها على أنها لا تربطها علاقة بإسرائيل أو الولايات المتحدة المستهدفتين من الحوثيين، ظلت عند نحو 0.2% إلى 0.3%.
5- العجز المالي
ارتفع العجز المالي في إسرائيل في يونيو الماضي إلى 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر الـ12 الماضية، ما يعادل 146 مليار شيكل (39.8 مليار دولار)، ارتفاعًا من 7.2% في مايو الماضي، وفقًا لما ذكره المحاسب العام لوزارة المالية يالي روتنبرغ خلال الشهر الجاري.
وبذلك يزيد العجز بنسبة 1% عن الهدف المحدد من الحكومة لنهاية السنة الحالية والبالغ 6.6%.
وفي الشهر الماضي وحده، بلغ العجز المالي 14.6 مليار شيكل (4 مليارات دولار)، مقارنة بـ6.4 مليارات شيكل (1.74 مليار دولار) في يونيو 2023.
منذ بداية العام الحالي، وصل العجز المالي إلى 62.3 مليار شيكل (17 مليار دولار)، مقارنة بفائض قدره 6.6 مليارات شيكل (1.8 مليار دولار) في الأشهر الستة الأولى من عام 2023.
الإنفاق الحكومي
ارتفع الإنفاق الحكومي منذ بداية العام ليصل إلى أكثر من 300 مليار شيكل، بزيادة قدرها 34.2% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
ترجع الزيادة الرئيسية في العجز إلى ارتفاع الإنفاق على الدفاع والوزارات المدنية بسبب الحرب. ومع ذلك، حتى عند استبعاد نفقات الحرب، فإن الإنفاق الحكومي زاد بنحو 9.3%، بينما ارتفعت إيرادات الدولة بنسبة 3.3% فقط، حيث بلغت منذ بداية العام نحو 238 مليار شيكل، مقارنة بـ230.4 مليار شيكل في النصف الأول من عام 2023.
وتتوقع وزارة المالية أن يصل العجز إلى ذروته بحلول سبتمبر المقبل قبل أن يبدأ في التراجع.