غرفة دباغة الجلود: نعاني من أسعار المياه والمصروفات في الروبيكي
مدينة الجلود: ينبغي تحجيم استيراد المكونات
شعبة الأحذية: سوق المنتجات الجلدية تراجع بسبب أولويات المستهلك في الإنفاق
كشف عدد من الصناع وأصحاب مدابغ للجلود المعوقات والتحديات التي تواجه القطاع في مصر خلال الفترة الأخيرة، والتي تتمثل في زيادة أسعار المياه بمدينة الروبيكي للجلود خاصة أن الصناعة تعتمد بشكل كبير على المياه، بالإضافة إلى تدني جودة الجلود نتيجة للسلخ خارج السلخانة، مطالبين بضرورة التحول إلى السلخ الآلي بدلًا من الـ “اليدوى” ودعم أسعار المياه.
بدوره يقول عبد الرحمن الجباس، نائب رئيس مجلس إدارة غرفة دباغة الجلود، باتحاد الصناعات، إن صناعة الدباغة تعد أحد أهم القطاعات الصناعية، لافتًا إلى أن الدباغة تعني عملية تحويل جلد الحيوان بعد سلخه إلى المنتج المفيد.
معوقات وتحديات تواجع قطاع المنتجات الجلدية
وأضاف “الجباس” أن هناك معوقات وتحديات تواجه تلك الصناعة منها الجودة المتدنية للجلد الذي نحصل عليه بعد الذبح، إذ أن الحيوانات تتم تربيتها في مراعٍ غير صحية، مما يجعل الجلود بها نسبة أمراض وخدوش تؤثر على جودتها، بالإضافة إلى أن عملية السلخ في مصر تتم بشكل يدوي وهو الأمر الذي يتسبب في إحداث قطع في الجلد بعكس السلخ الآلي الذي يحافظ على نسيج الجلد وجودته، وطالبت الغرفة من قبل بالاعتماد على السلخ الآلي بدلًا من اليدوي للحفاظ على الجلود، فضلاً عن أهمية التطعيمات التي يجب أن تتلقاها الحيوانات والتي تحافظ على صحتها.
وتابع “الجباس” أن هناك صناع بالقطاع يعانون من مشكلة ارتفاع أسعار المياه وخاصة في مدينة الروبيكي وهذه الصناعة تستهلك كميات مياه كبيرة جدًا، بالإضافة إلى أن هذه الصناعة صناعة تصديرية، وبالتالي يتم تحويل قيمة مضافة للدولة وطالبنا كثيرًا بتدخل الحكومة لحل هذه المشكلة، وحتى الآن لم تستجب لهذا الأمر، مشيرًا إلى أن هناك مشكلة أخرى يعاني منها أصحاب المدابغ وهى أن معظم الجلود غير سليمة أو صحيحة وأصبحت كلها أمراض نتيجة لعدم اهتمام المربين أو الفلاحين بصحة الحيوان ومعالجته بالإضافة إلى نسبة كبيرة من الماشية تذبح خارج السلخانة وبالتالي تخرج الجلود بشكل غير سليم وبها “قطع وتمزق” بشكل كبير وبالتالي لا يصلح للمدابغ ولا التصدير والتصنيع المحلي.
اعطاء الحيوان الأمصال والأدوية
وأوضح أن صحة الحيوان من العوامل المهمة جدًا في قطاع الجلود، ولكن للأسف المربون لا يهتمون بإعطاء الحيوان الأمصال والأدوية المطلوبة للوقاية من الأمراض، وبالتالي يأتي الجلد للمدابغ به أمراض وأوبئة جلدية، لافتًا إلى هذه الأمور لم تكن موجودة من قبل، كما أن هذه الأمور أدت إلى انتشار ظاهرة إلقاء جلود المواشي في الترع والشوارع لأنها غير صالحة، بالإضافة إلى أسعارها المتدنية، مشيرًا إلى أن مع ارتفاع أسعار اللحوم فنسبة الجلود كثمن أمام كيلو اللحمة ابتعد بشكل كبير بـ 400 جنيه، وبعد ارتفاع اللحوم أدى إلى أن القصاب أو من يقم بالسلخ لا يهتم بإخراج الجلد بشكل سليم.
وعن الاستفادة من موسم عيد الأضحى هذا العام أكد “الجباس” أنه تمت الاستفادة نسبيا، وذلك لسبب الارتفاع الكبير في الأسعار، وهو ما أظهر ما يسمى بـ”المشاركة في الذبح والأضحية” من خلال صكوك الجمعيات الأهلية، ووزارة الأوقاف، وبالتالي يذهب هؤلاء للذبح داخل السلخانة وهنا يخرج الجلد سليما وهذا الأمر أدى إلى انخفاض عملية الذبح خارج السلخانة والجلد يسعر حسب النوعية والجودة.
مدينة الروبيكى
وعن المقارنة بين مدينة الروبيكي والمقر القديم في “مجرى العيون” أكد أن بالنسبة للجودة الروبيكي أفضل ولكن المشكلة في مدينة الروبيكي ارتفاع التكلفة غير “مجرى العيون” كانت المياه تخرج على عمق 15 مترًا بالإضافة إلى أنها قريبة من نهر النيل، فضلًا عن مصروفات نقل العمل في الروبيكي وهي تكلفة أيضًا وارتفاع سعر المياه، مشيرًا إلى أن سوق الجلود تشهد نوعًا من الركود نسبيًا نتيجة للكساد العالمي ولكنها لا تؤثر على مصر بالشكل الملحوظ لأن حجم إنتاج مصر من الجلود يمثل نصف% من إنتاج دول العالم.
وكشف عن أن سوق المدبوغات خارجيًا يمثل 80% للتصدير للدول الخارجية “تركيا، إيطاليا، الصين”، متابعًا أن هناك عددًا من مقومات توطين ودعم قطاع دباغة الجلود، تتضمن في اللجوء إلى الذبح الآلي في السلخانات، مما يسهم في إحداث قيمة مضافة عالية للجلود المصرية، لافتًا إلى أن الذبح خارج السلخانة يؤدي إلى إهدار الجلد، حيث تكون هناك ثقوب في الجلد مما يقلل من سعرها وتقييمها.
عوامل ومقومات للنهوض بقطاع المدابغ
وعن العوامل أو المقومات التي من شأنها النهوض بقطاع المدابغ في مصر أكد “الجباس” أولا يجب تقديم الدعم الكامل في المياه، والاهتمام من وزارة الزراعة بالتشديد على الاهتمام بصحة الحيوان في أثناء التربية خاصة بعد ظهور عيوب كبيرة في الجلود، بالإضافة إلى عملية السلخ الآلي والتي لا تتعدى 10% من المذبوحات و90% سلخ يدوي وهي نقطة تهدر قيمة الجلود، مشيرًا إلى أنه إذا تم السلخ الآلي ستكون هناك قيمة مضافة كبيرة تعود على الاقتصاد.
وشهدت أسعار الجلود الخام ارتفاعًا كبيرًا بالأسواق خلال الأيام الماضية ليصل سعر القدم من الجلد الجاموسي إلى 850 جنيهًا بدلاً من 200 جنيه منذ ثلاثة أسابيع بسبب زيادة عمليات التهريب التي تتم في جلود الوايت بلو وهي الجلود نصف المدبوغة، لتصديرها للخارج بطرق غير شرعية رغم قرار حظر تصديرها الصادر من وزارة التجارة والصناعة، حسب غرفة دباغة الجلود باتحاد الصناعات.
وحسب “الجباس” تواجه الصناعة اليوم مشكلات مختلفة لعدة أسباب، منها التحديات العالمية المتمثّلة في ارتفاع أسعار الكيماويات والأحماض المستخدمة في دباغتها واستيراد الخامات ومستلزمات الإنتاج ومنافسة صناع الجيلاتين للمدابغ في شراء الجلود مما رفع أسعارها.
وعن المشكلات التي تواجه الصناع في مدينة الروبيكي، أكد نائب رئيس غرفة دباغة الجلود، أن أبرز المشكلات والمعوقات تكاليف الإنتاج في مدينة الروبيكي وهي مرتفعة مقارنة بما كانت عليه في مصر القديمة “سور مجرى العيون” بسبب ارتفاع سعر المياه المستخدمة للصناعة، حيث إن كل طن جلد يحتاج 80 طن ماء لدباغته، ونطالب باستخدام مياه جوفية لعمليات الدباغة، إذ أن 80% من هذه العمليات يمكن تنفيذها بمياه غير معالجة و20% فقط تحتاج لمياه معالجة وهي عمليات التشطيب.
كما طالب بدعم فاتورة المياه بنحو 50% لنتمكن من تخفيض تكلفة الإنتاج والقدرة على المنافسة بأسواق التصدير وتحريك مبيعات السوق المحلية سواء الخام أو المنتجات الجلدية تامة الصنع، علماً بأن تنفيذ كل ما سبق من شأنه العودة بالنفع على الدولة بحصيلة دولارية عالية، حيث إن أغلب الإنتاج يتم تصديره إلى الخارج، مما سيحقق طفرة كبيرة في دباغة الجلود في مصر.
ووفق شعبة الأحذية بغرفة القاهرة التجارية، لابد من الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة للنهوض بالصناعة الوطنية، وخاصة في قطاع الجلود والمنتجات الجلدية والذى يشمل داخله عدة صناعات “ورش صغيرة، مصانع، محلات” ويضم حجمًا كبيرًا من العمالة مباشرة وغير مباشرة على مستوى الجمهورية، موضحًا أن هناك حلولًا كثيرة لمشكلات ومعوقات الصناعة الوطنية ولكن نحتاج في مصر من المسئولين إلى الإنصات والاستماع إلى أصحاب المشكلة المعنيين بالقطاعات الصناعية الموجودين على أرض الواقع وليس المسئول في المكاتب على حد قوله.
شعبة الأحذية بغرفة القاهرة التجارية
ويقول خليفة هاشم، نائب رئيس شعبة الأحذية بغرفة القاهرة التجارية، إن هناك تراجعًا وركودًا في سوق الأحذية والمنتجات الجلدية، بسبب أولويات المستهلك في الإنفاق، مؤكدًا أن الشراء وتحريك الأسواق لا يشعر بهما إلا في مواسم الأعياد ودخول المدارس، بل هذه المواسم التي كان ينتظرها التاجر والصانع لتصريف منتجاته لم تعد كالسابق بعدما ظهرت بدائل للمنتجات الجلدية تجذب الزبائن من حيث الشكل والأسعار مثل: الكوتشيهات والأحذية المصنعة من القماش والجلود الصناعية رخيصة السعر وتقبل عليها قطاعات كبيرة من الشباب والأطفال وكبار السن والسيدات، وأصبحت المنتجات الجلدية الطبيعية زبونها محدود.
ووفق المهندس محمد زلط، نائب رئيس مجلس إدارة مركز الجلود المتطورة المشرف على مدينة الجلود بالعاشر، فإن هناك مطالب أساسية يجب التركيز عليها من جانب الحكومة الجديدة للنهوض بقطاع المنتجات الجلدية وزيادة حجم التصدير منها ضرورة استمرار تحجيم استيراد المنتجات النهائية والمكونات، خاصة بعد الأزمة الأخيرة التي دفعت العديد من المصانع إلى استيراد مواد أولية وماكينات لتصنيع المكونات، لافتًا إلى أن أزمة الدولار الأخيرة كان لها إيجابيات وهي التفكير في تصنيع بعض المكونات محليًا لتلبية احتياجات المصانع المحلية، وبالتالي فإن فتح الباب على مصراعيه أمام الاستيراد مرة أخرى سيؤثر سلبًا على تلك المصانع.
وأشار زلط في اجتماع لمناقشة التحديات والمعوقات التي تواجه القطاع، إلى أن لابد من اهتمام الدولة بالاستثمار في بعض الصناعات الكبرى التي يستطيع بعض المصنعين تنفيذها والاستثمار بها، على سبيل المثال إنشاء مجمع صناعي كبير لإنتاج الجلود الصناعية بأحدث طراز وموضة حالية بالتعاون مع بعض الكيانات الصينية والتركية، متسائلًا: كيف نستطيع منافسة الصين علي سبيل المثال ونحن نستورد منها الجلود “الاسكاي” وبعض الاكسسوارات، ما يستوجب تصنيع هذه الاحتياجات في السوق المصرية لمساعدة مصانع الأحذية والمنتجات الجلدية المصرية.
وشدد على استثمار الدولة في مواد التشطيبات ومواد الدباغة الكيميائية اللازمة لدباغة وتصنيع الجلود المصرية، والتي وصفها بأنها ثروة مهدرة بدون هذه الاستثمارات، مشيرًا إلى إمكانية التعاون مع القابضة الكيماوية لتنفيذ هذه المشاريع الاستثمارية، بالإضافة إلى ضرورة استمرار منح تسهيلات ضريبية لتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة غير الرسمية للانضمام إلى منظومة الاقتصاد الرسمي، وذلك سيساعد على تنظيم القطاع، وتعزيز قدرته على المنافسة، وخلق فرص عمل جديدة.
وأشار المهندس زلط إلى أن الغرف الصناعية تمتلك خبرة واسعة في المجال الصناعي، وتستطيع تقديم أفكار واقعية وقابلة للتطبيق لتعزيز نمو هذا القطاع المهم، كما يجب دعم الابتكار والتدريب في قطاع الجلود، من خلال تشجيع الشركات على الاستثمار في التدريب وتوفير العمالة المدربة المؤهلة للسوق، لأن ذلك سيساعد على تطوير المنتجات المصرية، وزيادة قدرتها على المنافسة في الأسواق العالمية.