العديد من التطورات المتلاحقة يشهدها ملف “الدعم” في مصر خلال الآونة الخيرة تزامنًا مع حصول الحكومة على شرائح صندوق النقد الدولي وكان آخرها حصول مصر على شريحة تقدر بـ 820 مليون دولار وتنفيذ العديد من طلبات صندوق النقد، حيث تم تعديل سعر الخبز لتصل قيمة الرغيف لـ 20 قرشًا وطرح مقترح بشأن تطبيق الدعم النقدي بدًلا من العيني.
وفي ضوء ذلك قال الدكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، إن تحويل الدعم من سلعي إلى نقدي يقتضي من الدولة أن تعد خطة جيدة من أجل تطبيق هذا النظام، حيث اعتاد الشعب المصري منذ سنوات طويلة على الحصول على السلع الأساسية لحياته اليومية والتي من بينها السكر والزيت والفول والعدس وقديما كان يوجد الأرز على البطاقات التموينية وحاليا يتم طرح كميات من المكرونة للمواطنين، وجميع تلك السلع لا يمكن الاستغناء عنها من قبل الأسر وهناك العديد من الأسر تعتمد بشكل كامل على تلك السلع الشهرية.
وتابع “عادل” أن تحويل الدعم يتم تطبيقه في دول عديدة ولم يقتصر على السلع التموينية فقط ولكن هناك سلعة الخبز والزيت والبنزين أي سلع يستهلكها المواطنين بشكل أساسي وتلك الدول تراعي بشكل كامل تحرك مستويات التضخم الشهرية حيث يتم تحديد مبلغ من المال يكفي احتياجات الأسر المستحقة للدعم من قبل الحكومات.
وأشار إلى أن الدعم النقدي يعد هو النظام الأفضل في الوقت الحالي نظرًا لارتفاع مستويات التضخم العالمية ويتم من خلال تطبيق نظام الدعم النقدي أن يتقاضى الشخص شهريًا مبلغا من المال يستطيع من خلاله أن يعوض النقص في دخله الشهري.
كما كشف أن الدعم النقدي معمول به في أغلب دول العالم، جميع الدول لديها دعم ولن يتم إلغاء الدعم بشكل كامل مثلما يتردد من قبل البعض ولكن في الدول الخارجية أيضًا يتم صرف ما يعرف بإعانة البطالة التي يعوض بها النقص في دخله الشهري.
وتابع يعد الدعم النقدي هو الأفضل من صرف العيني بالنسبة للدول قوية البنية التحتية، أما الدول الناشئة وبنيتها التحتية ضعيفة من الصعب أن تطبق نظام الدعم النقدي نظرًا لضعف بنيتها التحتية، وفي حال تغير نسبة التضخم سيتم رفع قيمة الدعم النقدي ولكن في حال صرف السلع بالشكل العيني يتم تثبيت سعر السلع كما هي دون تغيير لذا بعض الدول تفضل الدعم العيني عن النقدي نظرًا لثبات سعر السلع تزامنًا مع تطبيقه وتحريكها على مسافات بعيدة.
وبدور قال الدكتور علاء علي، الخبير الاقتصادي، إن الدعم العيني من أفضل الأنظمة التي يتم تطبيقها للدول النامية محدودة الاقتصاد فعلى سبيل المثال الخبز في مصر استقر سعره لمدة تقترب من الـ 30 عامًا ولكن كان السعر ثابتا دون تغييرات كبيرة وتمت زيادة السعر في الفترة الأخيرة نظرًا لارتفاع مستويات التضخم وبالنظر إلى سعر الخبز في السوق الحر نجد أنه في زيادة مستمرة حتى وصل سعره في بعض الأماكن إلى جنيه ونصف الجنيه، وعلى الرغم من تكرار الأزمات العالمية إلا أن أسعار السلع المدعمة مستقرة بشكل يناسب جميع الأسر.
وأشار إلى أن تطبيق الدعم النقدي في مصر يحتاج في الأساس إلى بنية معلوماتية قوية توفر كافة البيانات الواضحة نظرا لأن السوق غير الرسمية في مصر كبيرة والنشاط غير الرسمي يصل لـ 60% من حجم التعاملات في السوق المحلية.
وعن تنفيذ الدعم النقدي أكد “علي” أن الدعم النقدي يكون أكثر عدالة وله مزايا كثيرة ويذهب للمستحق ولكن تنفيذه لن يخفض من الموازنة العامة للدولة بالعكس سيتسبب في عبء جديد على موازنة الدولة السنوية.
وقال الخبير الاقتصادي إن الحكومة هي من تدعم السلع وبالتالي تلعب دورًا أساسيا في السوق المحلية ولكن في حال تطبيق الدعم النقدي سيؤدي ذلك إلى إلغاء دور الحكومة في السيطرة على الأسعار داخل السوق المحلية فعلى سبيل المثال في حال تطبيق الدعم النقدي على الخبز الحكومة تستورد القمح وتحصل عليه من المزارعين ويتم تحويله للصوامع التي تمتلكها الحكومة لذا الحكومة هي اللاعب الرئيس المتحكم في سعر الخبز ولكن في حال إقرار الدعم النقدي سينتهي دور الحكومة ومن ثم ستترك الحكومة المواطن فريسة للتجار.
وأشار إلى أنه في حال قيام الحكومة بتطبيق شروط صندوق النقد بالكامل من حيث إلغاء الدعم على السلع والخبز سيعود من جديد الهدر في السلع منها القمح والدقيق ولكن في النهاية تطبيق الدعم النقدي يحتاج إلى مشاورات عديدة من أجل الحفاظ على أحقية المواطنين مستحقي الدعم في الحصول على السلع بأسعار مناسبة، مؤكدا على أن ارتفاع معدلات التضخم بشكل سريع تعد عائقا أساسيًا أمام تطبيق القرار كما أن تطبيقه سيؤدي إلى تآكل القوي الشرائية للمواطنين.