حذرت دراسة حديثة من أن التصحر الناتج عن التغيرات المناخية يهدد الواحات في 37 دولة على مستوى العالم، وذلك رغم الجهود البشرية للتوسع في تلك المناطق التي يعتمد أغلبها على المياه الجوفية.
وأشارت الدراسة المنشورة في مجلة Earth’s Future التابعة للاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي، إلى أن التوسعات البشرية في الواحات أدت إلى نمو مساحتها في جميع أنحاء العالم بأكثر من 220,149 كيلومترًا مربعًا (85,000 ميل مربع) من عام 1995 إلى عام 2020، لكن التصحر أدى إلى فقدان 134,300 كيلومتر مربع (51,854 ميل مربع) من الواحات خلال نفس الفترة، وهو ما يشير إلى نمو صافٍ قدره 86,500 كيلومتر مربع (حوالي 33,400 ميل مربع) خلال فترة الدراسة.
%10 من سكان العالم في خطر
وعن أهمية الواحات للعالم، أوضح الباحثون أنها تدعم 10% من سكان العالم على الرغم من أنها تشغل حوالي 1.5% من مساحة الأرض، غير أن تغير المناخ والأنشطة البشرية يهددان الوجود الهش للواحات.
وتوجد الواحات اليوم في 37 دولة، 77% منها تقع في آسيا، وهي تتشكل عندما تتدفق المياه الجوفية وتستقر في المناطق المنخفضة، أو عندما تتدفق مياه ذوبان الجليد السطحية إلى أسفل المنحدر من سلاسل الجبال المجاورة والبرك، ويعتمد وجودها في المقام الأول على وجود مصدر موثوق للمياه غير الأمطار.
أراد دونج وي جوي، عالم الجيولوجيا في الأكاديمية الصينية للعلوم الذي قاد الدراسة، وزملاؤه من الباحثين، فهم التوزيع العالمي والتغيرات الديناميكية للواحات ومعرفة كيفية استجابتها للبيئة المتغيرة، مثل الاختلافات في المناخ وموارد المياه والأنشطة البشرية.
وباستخدام البيانات من منتج الغطاء الأرضي لمبادرة تغير المناخ التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، صنف الفريق سطح الأرض إلى سبع فئات: الغابات، والأراضي العشبية، والشجيرات، والأراضي الزراعية، والمياه، والمناطق الحضرية والصحراء.
استخدم الباحثون بيانات الأقمار الصناعية للبحث عن مناطق خضراء مغطاة بالنباتات داخل المناطق الجافة، مما يشير إلى وجود واحة، وتتبعوا التغييرات على مدى 25 عامًا، أشارت التغييرات في خضرة الغطاء النباتي إلى تغييرات في استخدام الأراضي وصحة الواحات، والتي يمكن أن تتأثر بالنشاط البشري وتغير المناخ، كما نظروا في التغييرات في نوع سطح الأرض للعثور على تحويلات استخدام الأراضي.
التأثير في حياة 34 مليون شخص
ووجد الباحثون أن مساحة الواحات العالمية زادت بمقدار 220.800 كيلومتر مربع، وكان معظم هذه الزيادة من تحويل البشر عمدًا للأراضي الصحراوية إلى واحات باستخدام مياه الجريان السطحي وضخ المياه الجوفية، وإنشاء المراعي والأراضي الزراعية.
وفي مواجهة الجهود البشرية لتوسيع الواحات، ساهم التصحر في فقدان الواحات، ووجد الباحثون على مستوى العالم أن هناك خسارة لأكثر من 134 ألف كيلومتر مربع من أراضي الواحات على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، ويقدر الباحثون أن التغييرات التي طرأت على الواحات أثرت بشكل مباشر على حوالي 34 مليون شخص حول العالم.
مكاسب بشرية غير مستدامة
وبشكل عام، بين المكاسب والخسائر، حققت الواحات نموًا صافيًا بلغ 86500 كيلومتر مربع (33397 ميل مربع) من عام 1995 إلى عام 2020 – ولكن معظم المكاسب كانت من التوسع الاصطناعي للواحات، والتي قد لا تكون مستدامة في المستقبل.
أبرزت الدراسة طرق استدامة الواحات الصحية، بما في ذلك الاقتراحات لتحسين إدارة موارد المياه، وتعزيز الاستخدام المستدام للأراضي وإدارتها وتشجيع الحفاظ على المياه والاستخدام الفعال، وقال جوي إن هذه الجهود مهمة بشكل خاص مع استمرار تغير المناخ.
ورأى الباحثون أن الإفراط في استغلال البشر للمياه الجوفية المتناقصة يمكن أن يحد من استدامة الواحات، فضلاً عن فقدان الأنهار الجليدية على المدى الطويل، في حين أن درجات الحرارة المرتفعة تزيد من ذوبان الأنهار الجليدية، مما يعزز مؤقتًا من مياه الواحات.