توقف خط الغاز الروسي يضع الاتحاد الأوروبي في مأزق

alx adv

تحقيق شيرين نوار
يرتبط سعر الغاز عالميًا انخفاضًا وارتفاعًا بحجم الطلب من ناحية، إلى جانب الأوضاع السياسية في المنطقة من ناحية أخرى، وقد أدت الحرب الروسية الأوكرانية خلال السنوات الأخيرة وما ترتب عليها من وقف خط الغاز الروسي بعد انتهاء مدته في يناير الجاري، وأحداث غزة، وكذلك الصراع الإسرائيلي الإيراني وغيرها من الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، إلى ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار النفط والغاز عالميًا، نظرًا لانخفاض الكميات المصدرة مع ارتفاع الطلب من ناحية أخرى، وهو ما جعل الدول المصدرة تقوم برفع أسعارها.
وبناءً على تلك التوترات اتخذت العديد من الدول إجراءات لمواجهة نقص الغاز مع ارتفاع أسعاره، حيث قررت الحكومة الإسبانية حظر استخدام السخانات التي تعتمد على الغاز أو أي نوع من الوقود الأحفوري، وذلك بسبب أزمة الغاز التي تواجهها البلاد والدول الأوروبية الأخرى مع انقطاع مرور الغاز الروسي عبر أوكرانيا، بالإضافة إلى ارتفاع الاستهلاك بسبب موجة البرد والصقيع، كما أن دول الاتحاد الأوروبي أيضًا قامت بتطبيق نفس القرار، وألزمت مواطنيها بترشيد الاستهلاك، وقررت هذه الدول بدءًا من العام المقبل التوقف نهائيًا عن تركيب السخانات التي تعتمد على الغاز والفحم والديزل وأي نوع آخر من الوقود الأحفوري.
وقال المهندس أسامة كمال، خبير الطاقة، إن هناك عدة عوامل تؤدي إلى ارتفاع أسعار الغاز عالميًا، منها ارتفاع حجم الطلب مع نقص المعروض، والتوترات السياسية، وارتفاع معدلات البرودة والصقيع في موسم الشتاء، مشيرًا إلى أن قيام روسيا بوقف تصدير الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا، ليغلق بذلك خطًا ظل يعمل لخمسين عامًا، وهو ما يضع دول الاتحاد الأوروبي في مأزق حقيقي، حيث اعتمدت بشكل كبير على الغاز الروسي، مما أجبرها على البحث عن مصادر أخرى لتمويلها بالغاز بأسعار مرتفعة، وبالتالي الضغط على الإمدادات خلال فترة وجيزة تستهلك فيها المنطقة المخزون المخصص للشتاء بأسرع وتيرة منذ سنوات.
وتابع كمال أنه على الرغم من أن التدفقات المارة عبر ذلك المسار لا تشكل سوى 5% من احتياجات المنطقة، ما تزال الدول تعاني من تبعات أزمة الطاقة الناتجة عن غزو روسيا لجارتها أوكرانيا، وقد أدى التوقف المرتقب للإمدادات في الآونة الأخيرة إلى ارتفاع الأسعار في السوق، إذ صعدت بأكثر من 50% على أساس سنوي. وأصبحت دول أوروبا الآن أكثر عرضة لتقلبات السوق مع اعتمادها المتزايد على الغاز الطبيعي المسال العالمي، لافتًا إلى أن دول الاتحاد الأوروبي تستهدف التخلص من غلايات الغاز التي تستخدم الوقود الأحفوري بحلول 2040.
وتابع أن مستودعات الغاز الضخمة في أوروبا، التي تمثل احتياطيًا لمواجهة أي نقص في الإمدادات الجارية، مملوءة حاليًا بنسبة تقل عن 70% فقط، في حين كانت النسبة في مثل هذا الوقت من العام الماضي 88%، فقد انخفضت بنسبة 18%.
وأشار كمال إلى أن انخفاض مستويات تخزين الغاز يساهم في بقاء الأسعار مرتفعة عالميًا مع استمرار تصاعدها خلال موسم الصيف، مع بدء قيام الدول بتجديد مخزونها. لافتًا إلى أن ارتفاع أسعار الغاز عالميًا يؤثر على ميزانيات الدول والحكومات، وخاصة في دول العالم الثالث والدول النامية، حيث تتحمل الحكومة في مصر مبالغ باهظة نتيجة استيراد الغاز بالسعر العالمي بالدولار، وذلك لتلبية الطلب المحلي للمواطنين بأسعار مدعمة، مما يخلق فجوة سعرية كبيرة بين سعر استيراده من الخارج والسعر الذي يقوم المواطن المصري بشرائه. ومع توقف خط الغاز الروسي، تفاقمت الأزمة وارتفعت الأسعار بشكل مبالغ فيه.
وأوضح المهندس مصطفى مدكور، خبير الطاقة، أن توقف خط الغاز الروسي جراء التوترات السياسية والحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الغاز عالميًا، ويضع دول العالم في ورطة نتيجة عدم القدرة على تأمين احتياطياتها وتلبية الطلب المحلي، وهو ما دفع العديد من الدول إلى اتخاذ إجراءات لترشيد استهلاك الطاقة وخفض طاقة عمل المصانع مؤقتًا لتوفير وقود التدفئة، والتوجه نحو استخدامات الطاقة النظيفة والطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري التقليدي من النفط والغاز، وخفض الفاتورة الاستيرادية، واستطاعت العديد من الدول قطع شوطًا كبيرًا في استخدامات الطاقة النظيفة، كاستخدام الهيدروجين الأخضر وطاقة الرياح والطاقة النووية في توليد الكهرباء كبديل للفحم والغاز والنفط في تشغيل محطات الكهرباء.
وأضاف مدكور أن وزارتي البترول والكهرباء تسعيان جاهدتين لتأمين احتياجات الطلب المحلي من الطاقة خلال 2025، من خلال البحث عن بدائل متنوعة لإنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة كطاقة الشمس والرياح والطاقة الكهرومائية، وذلك لتقليل الضغط على الوقود التقليدي، خاصة مع تصاعد أزمة الغاز في أوروبا نتيجة توقف خط الغاز الروسي.

 

يقدم فريق بوابة عالم المال، تغطية حصرية ولحظية على مدار الساعة ، لآخر مستجدات البورصة والشركات المدرجة، البنوك وأسعار الدولاروالتأمين، العقاري، والصناعة والتجارة والتموين، الزراعة، الاتصالات، السياحة والطيران، الطاقة والبترول، نقل ولوجيستيات، سيارات، كما نحلل الأرقام والإحصائيات الصادرة عن المؤسسات والشركات والجهات من خلال الإنفو جراف والرسوم البيانية، الفيديو، فضلا عن تقديم عدد من البرامج المتخصة لتحليل كل ما يتعلق بالاقتصاد المصري من خلال تليفزيون عالم المال.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار