
ارتفاع تكاليف الإنتاج والتسويق.. تحديات تواجه الصادرات الزراعية
– تهاون المصدرين في جودة المنتجات تجعلها غير قادرة على المنافسة.
– من المتوقع وصول الصادرات الزراعية إلى 14 مليار دولار بحلول 2030.
– فتح ما يقرب من 90 سوقاً جديدة أمام الصادرات الزراعية المصرية خاصة لأوروبا والخليج.
فى ظل الزيادة السكانية 2.5 مليون نسمة سنوياً مع تناقص الرقعة الزراعية نتيجة التغيرات المناخية العالمية والاحتباس الحراري والتصحر، وتدهور التنوع البيولوجي، ونقص سلاسل الإمداد، وندرة الموارد المائية، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، والوضع الراهن بالسودان، والعدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، كاد الأمل مستحيلا لتحقيق الأمن الغذائي وتحقيق التنمية المستدامة في مصر.
بدوره، أكد الدكتور محمد يوسف، أستاذ الزراعة والمكافحة الحيوية بكلية الزراعة جامعة الزقازيق ومستشار الزراعة العضوية بالوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، أن الدولة بذلت جهودا كبيرة في تطوير قطاعات الدولة وتعظيم الاستفادة من جميع المواد المتاحة بالدولة والاعتماد على المتاح لتحقيق النجاح خاصة الموارد المائية، وترشيد استهلاك المياه في الزراعة، من خلال مشروع المليون ونصف المليون فدان ومشروع الـ 100 ألف فدان صوب زراعية، ومشروع تطوير الري الحقلي، واتباع نظام الري الحديث والتحول من نظام الري التقليدي بالغمر إلى نظام الري الحديث بالتنقيط، ومشروع الدلتا الجديدة على مساحة 2.2 مليون فدان ومشروع مستقبل مصر الزراعى وتوشكى الخير بإجمالي 1.1 مليون فدان وغيرها من المشروعات القومية التى تعظم وتدعم الاقتصاد الوطني، والتصديق على قانون الزراعة العضوية لمواجهة التحديات والصعوبات التي تواجه الصادرات الزراعية إلى الخارج خاصة المحاصيل الأورجانيك.
وأوضح أن الزراعة ساهمت بنحو 16% من الناتج المحلي الإجمالي، وبحوالي 18% من حصيلة الصادرات السلعية الكلية، مشيرا إلى أن قطاع الزراعة يستوعب نحو 25% من إجمالي القوى العاملة، حيث تصل إلى 41.5% في المناطق الريفية الحدودية مقارنة بحوالي 4.8% فقط في المناطق الحضرية، كما يعكس هذا التفاوت أهمية دعم استدامة القطاع خاصة في محافظات صعيد مصر والمحافظات الريفية، حيث يعد التوظيف الزراعي ضرورة للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وعلى الرغم من هذه الأهمية إلا أن القطاع يواجه تحديات كبرى مثل التغيرات المناخية والاحتباس الحرارى ونقص الموارد المائية الأمر الذي دفع الدولة إلى تدشين وتطوير مبادرات لإدارة المياه وتوسيع واستصلاح الأراضي الزراعية لتصل إلى 12 مليون فدان بحلول 2030 الأمر الذي يحقق ويعظم نسب الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية مثل القمح.
ولفت إلى أن هناك تطورا ملحوظا في قطاع الصادرات الزراعية المصرية الطازجة والمصنعة العام الماضي 2024، حيث بلغ حجم الصادرات الزراعية المصرية حوالى 8.5 مليون طن بقيمة إجمالية بلغت 10 مليارات دولار إلى 165 دولة بعدد حوالى 403 منتجات زراعية، أي تمثل 16% من الدخل القومي مع فتح أكثر من 90 سوقا خلال الفترة الماضية بزيادة حوالى 16 سوقا جديدة مثل الموالح والرمان والثوم والبصل، بالإضافة إلى افتتاح السوق الفيتنامي أمام العنب المصرى لذلك تسعى الدولة بكل جهد بتطبيق منظومة التصنيع الزراعي فى الزراعات التنافسية وتصدير على الأقل 50% من المنتج الخام في صورة مصنعة لتحقيق القيمة المضافة بالتالي يتحقق حلم الدولة فى 100 مليار سنوياً صادرات عامة والتى حققت نجاحاً كبيراً العام الماضي وصل إلى 56 مليار دولار منها 10 مليار دولار صادرات زراعية.
وأكد يوسف أنه من المتوقع أن تصل الصادرات الزراعة المصرية 14 مليار دولار بحلول عام 2030 وذلك لزيادة الطلب على المنتجات الزراعية المصرية وبصفة عامة الفاكهة والخضروات الطازجة والمصنعة وبصفة خاصة المنتجات العضوية حيث تسعى الدولة بكل جهد في التوسع بزراعة مساحات كبيرة من المشروعات القومية زراعات عضوية لما لها من سمعة طيبة إقليما ودولياً حيث تبلغ المساحة الإجمالية المنزرعة عضويا في مصر حوالى 300 الف فدان اى حوالى 3% من مساحة مصر الزراعية.
واستطرد قائلا إنه بالرغم من المجهود الكبير الذى تقوم به القيادة السياسية في تعظيم قطاع الصادرات الزراعية المصرية إلى دول الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي وغيرها من الدول وفتح أسواق جديدة أمام الصادرات الزراعية المصرية إلا هناك تحديات تواجه قطاع الصادرات الزراعية.
المعوقات والتحديات التي تواجه الصادرات المصرية الزراعية
وأشار يوسف إلى المعوقات والتحديات التي تواجه الصادرات المصرية الزراعية منها نقص التسويق الفعال للمنتجات الزراعية المصرية في الأسواق الخارجية مع ارتفاع تكلفة الاشتراك بالمعارض الخارجية خاصة معرض برلين حتى في إطار تحمل الحكومة جزءًا من التكلفة إلا أنها ما تزال مرتفعة، مشيرًا إلى أن أهم التحديات التي تواجه قطاع الصادرات الزراعية المصرية وجود عدد هائل من المنافسين فى قطاع الصادرات الزراعية سواء قطاع حكومي أو خاص على مستوى العالم بالإضافة إلى انخفاض مستوى خدمات الموانئ مع ارتفاع تكاليف النقل عالمياً.
وأشار إلى أن الدولة المصرية تبذل قصارى جهدها فى تعظيم قطاع نقل المنتجات الزراعية وغيرها عبر دول الاتحاد الأوروبي من خلال تدشين وافتتاح خط الرورو بين مصر وايطاليا، مضيفاً أن من أهم التحديات التي تواجه قطاع الصادرات الزراعية المصرية زيادة تكاليف الإنتاج نتيجة ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج الزراعي خاصة ارتفاع الأجور مقارنة بمستوى الإنتاجية وعدم كفاية رأس المال مع صعوبة الحصول على الائتمان والتشديد في الشروط والمتطلبات للحصول على التمويل وأيضًا ارتفاع أسعار المدخلات الأخرى وزيادة التكلفة خصوصا بعد تحرير سعر الصرف الأجنبي لكن القيادة السياسية تسعى منذ فترة بتذليل كافة العقبات أمام المنتجين والمصدرين في قطاع الزراعة من خلال عدد من المبادرات الرئاسية لدعم المزارعين في جميع مراحل الإنتاج لتعظيم قيمة الصادرات الزراعية أمام الأسواق العالمية.
وأضاف يوسف أن تهاون عدد من المصدرين في جودة المنتجات الزراعية قبل طرحها للأسواق العالمية يجعل المنتجات الزراعية المصرية غير قادرة على منافسة غيرها من منتجات الدول الأخرى ومن ثم ينخفض سعرها لذلك يلعب المعمل المركزي لمتبقيات المبيدات بوزارة الزراعة بالتعاون مع الحجر الزراعي المصرى دوراً فعالاً فى فحص كافة المحاصيل الزراعية فحص دقيق للتأكد من أنها تخلوا تماما من أى إصابات حشرية والتأكد من عدم وجود متبقيات مبيدات بالمنتجات الزراعية و هو العائق الأكبر امام التصدير في جميع دول العالم.
وأشار محمد يوسف إلى تحديات ومعوقات متعلقة باستخراج شهادات التصدير الى دول الاتحاد الأوروبي وغيرها خاصة شهادات المحاصيل الزراعية العضوية فيوجد خمس انواع من الشهادات العضوية يعتمد عليها المصدر أو الشركات أو صاحب المزرعة فى تصدير المنتجات الزراعية العضوية، لذلك يحتاج استخراج هذه الشهادات إلى تكاليف قد تكون عائقا أمام المنتجين والمصدرين في استخراجها، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع في حجم الصادرات الزراعية المصرية العضوية.
وأضاف يوسف أن عدد المكاتب المختصة في الاعتماد والتفتيش والتسجيل واستخراج شهادات التصدير العضوى الموجودة في مصر لا يتعدى سبعة مكاتب، الأمر الذي يعوق منظومة الصادرات الزراعية للخارج، مشيرا إلى أن سرعة صدور واعتماد اللائحة التنفيذية الداخلية لقانون الزراعة العضوية الذى صدر فى 2020 الأمر الذي يستند عليه المصدرين أمام كافة الدول.
وأضاف يوسف أن هناك تحديات تتعلق بتوقيت إرسال المنتجات الزراعية المصرية إلى دول الاتحاد الأوروبي، حيث لا بد من الالتزام بالمواعيد المنصوص عليها في العقود بين المصدرين والدول المصدر إليها المنتجات، مضيفاً أن هناك عددا من المحاصيل الزراعية سريعة التلف خاصة الفراولة والجوافة والعنب والتى يتم نقلها بالشحن الجوى إلى الأسواق العالمية لذلك يجب التعاون بين شركات الشحن والمصدرين ووضع بروتوكول تعاون مثمر يعظم الصادرات الزراعية المصرية حتى لا يؤدى البطئ من قبل شركات الشحن إلى تعرض المصدرين لخسائر فادحة ورفض استلام هذه من الدول المستوردة لذلك يوقع بروتوكول مشروط ببند جزائي يضمن للمصدرين حقوقهم فى حالة تقاعس شركات الشحن في توصيل المنتجات الزراعية الى الأسواق العالمية المنصوص عليها في العقود بينهم.
أهم التحديات أمام الصادرات الزراعية المصرية
وقال يوسف إن من أهم التحديات أمام الصادرات الزراعية المصرية هو عدم وجود قاعدة بيانات ومعلومات تفصيلية لكافة المحاصيل الزراعية المصدرة إلى دول الاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول بالإضافة إلى تدشين قاعدة بيانات حول الإجراءات الاحترازية بين المصدرين بشكل عام والمزارعين بشكل خاص بالإضافة إلى تحديث قاعدة البيانات بصورة مستمرة مع إتاحة الفرصة لتكون قاعدة الكترونيه.
أشار يوسف إلى أهم المعوقات أمام منظومة الصادرات الزراعية هو تطبيق منظومة الزراعة التعاقدية على عدد معين من المحاصيل الزراعية لذلك تبذل الدولة مجهود كبير في دعم صغار المزارعين بصورة مباشرة من خلال تقديم الدعم الفني والمادى بالإضافة إلى تفعيل منظومة الزراعة التعاقدية لعدد أكبر من المحاصيل الزراعية وتفعيل صندوق التكافل الزراعي الأمر الذي يدفع المزارعين من زراعة المحاصيل الزراعية المطلوبة للتصدير مع فتح عدد أكبر من الاسواق العالميه أمام الصادرات المصرية.
وأضاف يوسف أهم التحديات أمام الصادرات الزراعية المصرية هو نقص معامل التحليل المنوطة بتحليل متبقيات المبيدات لذلك تسعى الدولة في تدشين وافتتاح أفرع جديدة للمعمل المركزي لتحليل متبقيات المبيدات فى جميع محافظات مصر مع زيادة عدد الأجهزة الفائقة الدقة والمتخصصة في إجراء التحاليل المطلوبة الأمر الذي يقلل من ساعات عدد التحليل من 72 ساعة إلى 24 ساعة بالتالي تعطى فرصة كبيرة للمتخصصين في مجال التحليل من إعطاء نتائج فائقة الدقة فى حالة ما إذا قام الطرف الآخر المصدر إليه الشحنة من إعادة تحليلها مرة أخرى بالأمر الذى يجعل سمعة طيبة للصادرات الزراعية المصرية أمام الأسواق العالمية.
وأشار خبير الزراعة الحيوية إلى أن هناك تحديا كبيرا أمام الصادرات الزراعية المصرية ألا وهو تصدير عدد كبير من المنتجات الزراعية المصرية فى صورتها الخام دون تصنيع وتحقيق القيمة المضافة للمنتج لذلك تقوم الدولة بتدشين وافتتاح عدد من المصانع لتجفيف البصل والثوم بتحويل المنتج الزراعي من الصورة الخام إلى الصورة المصنعة لتعظيم قيمة الصادرات بتصنيع المنتجات وإعطائها قيمة مضافة تحقق العملة الأجنبية للدولة الأمر الذي يسمح بتوفر فرص عمل للشباب بصورة مباشرة أو غير مباشرة وإنتاج منتاجات تحقق أعلى هامش ربح وتكون أكثر تحمل للتخزين وتقل كافة عيوب المنتج في التصدير بصورة طازجة وهذا الأمر يتطلب توجيه كافة الاستثمارات في المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر والمتوسطة في التصنيع الزراعي وتستثمر مبادرة البنك المركزي في دعم الأنشطة الاقتصادية خاصة الأنشطة الزراعية.
فتح مايقرب من 90 سوق جديدة أمام الصادرات الزراعية المصرية
وأشار يوسف إلى أن الدولة المصرية بذلت جهوداً حثيثة في فتح مايقرب من 90 سوق جديدة أمام الصادرات الزراعية المصرية خاصة دول الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجى لزيادة الصادرات للخارج وخلق منافسة قوية بين مصر والدول الأخرى في مجال الصادرات الزراعية.
وأشار إلى دور الجهات المختصة بهيئة الحجر الزراعي واعطاء فترة سماح لمحطات تعبئة الصادرات الزراعية فى حالة صدور اى مخالفات تؤثر على سمعة الصادرات الزراعية المصرية مع التعهد من قبل محطات التصدير بأخذ الاحتياطات الصحية المطلوبة وفقا للقانون وفى حالة تكرار المخالفة من جهة محطات التصدير يطبق عليها القانون بشدة بغلق المحطة وغرامة مالية كبيرة.
وأكد يوسف ضرورة تكويد المنتج الزراعي والمزرعة وتطبيق نظم التتبع للمنتجات التصديرية خلال مراحل الزراعة والإنتاج والتعبئة والتصدير ويتم اتباع إجراءات مشددة وفقًا للمعايير الدولية لجودة الصادرات الأمر الذي يدفع بقوة منافسة المنتجات الزراعية المصرية أمام الأسواق العالمية.