
الزراعة تجني ثمار خفض الفائدة.. وتراجع 80% من مدخلات الإنتاج
تزامنا مع قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة لإنعاش الاقتصاد، تتجه الأنظار إلى تأثير ذلك على قطاع الزراعة، الذي يُعد شريان حياة ملايين الناس، خاصة في المجتمعات الريفية.
يُعد القطاع الزراعي من أكثر القطاعات حساسية للتغيرات الاقتصادية، وخاصة تلك المتعلقة بالسياسات النقدية وأسعار الفائدة، ومع توجه البنوك المركزية في العديد من الدول إلى خفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو، يُطرح تساؤل مهم: كيف يؤثر ذلك على الزراعة والمزارعين؟
وفقًا لتقارير البنك الدولي، فإن انخفاض الفائدة يحسن من قدرة المزارعين على الاقتراض بتكاليف أقل، ما يُمكنهم من تمويل الأنشطة الزراعية الموسمية، وتوسيع الإنتاج.
يؤدي انخفاض الفائدة بواقع 225 نقطة إلى زيادة الجدوى الاقتصادية للاستثمار في التقنيات الحديثة، مثل أنظمة الري الذكية، والآلات الزراعية المتقدمة، ما يعزز الكفاءة والإنتاجية.
تأثير قرار خفض الفائدة على الحاصلات الزراعية
يرى أحمد منصور، نائب رئيس لجنة التصدير بجمعية رجال الأعمال، ورئيس مجلس إدارة شركة “أفريكانا” للحاصلات الزراعية، أن قرار البنك المركزي بخفض سعر الفائدة يُعد خطوة إيجابية تصب في صالح القطاع الزراعي، واصفًا إياه بأنه إجراء تأخر اتخاذه كثيرًا.
وتوقع منصور استمرار الانخفاض في أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، لافتًا إلى أن ارتفاع معدلات الفائدة في الفترات الماضية تسبب في تباطؤ ملحوظ في حركة الاستثمار، مما انعكس سلبًا على مناخ الاستثمار بشكل عام.
وأكد أن خفض الفائدة سيسهم في تحفيز الاستثمارات وتخفيف أعباء التمويل والإنتاج، الأمر الذي سينعكس بشكل مباشر على كل من المنتجين والمستهلكين.
وشدد منصور على أن القطاع الزراعي لا يزال بحاجة إلى مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة مستقبلاً، مشيرًا إلى أن هذا المسار سيساعد على تعزيز تدفق الاستثمارات ورفع كفاءة الإنتاج الزراعي.
وأضاف أن نحو 80% من مدخلات الإنتاج في القطاع الزراعي، خصوصًا الأسمدة والمواد الكيميائية المستوردة، تتأثر بشكل مباشر بمستوى الفائدة، ما يجعل من تخفيض تكلفة التمويل عاملاً جوهريًا في تقليل أعباء الإنتاج.
كما لفت إلى أن قرار المركزي أسهم في إحداث نوع من التوازن داخل القطاع، لا سيما بعد الزيادات الأخيرة في أسعار المحروقات، والتي رفعت من تكلفة الإنتاج، معتبرًا هذه الخطوة بداية لاستعادة القطاع لعافيته ولدوره الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني.
خطوة استراتيجية تهدف إلى تنشيط الاقتصاد المحلي
وأكد الدكتور سيد خضر، الخبير الاقتصادي، أن خفض البنك المركزي المصري لأسعار الفائدة بنسبة 2.5% يمثل خطوة استراتيجية تهدف إلى تنشيط الاقتصاد المحلي، موضحًا أن عدة قطاعات، من بينها الصناعة والتجارة، ستستفيد من هذا القرار بفضل انخفاض تكلفة التمويل، مما يسهم في رفع الإنتاجية وتعزيز النمو.
وأضاف أن القطاع الزراعي بدوره سيجني ثمار هذه الخطوة، من خلال تسهيل حصول المزارعين على التمويل وتحسين مستويات الإنتاج، موضحًا أن هذا القرار من شأنه تقليل تكلفة الاقتراض للأفراد والشركات، مما يعزز من فرص الإقراض في مختلف القطاعات، سواء بغرض الاستهلاك أو الاستثمار، الأمر الذي قد يرفع الطلب على السلع والخدمات، ويدفع بالتالي عجلة النمو الاقتصادي.
ارتفاع الطلب في ظل ثبات المعروض
وأشار خضر إلى أن هذه الخطوة، رغم ما تحمله من إيجابيات، قد تثير بعض التحديات، وعلى رأسها الضغوط التضخمية، إذ أن ارتفاع الطلب في ظل ثبات المعروض قد يؤدي إلى زيادات في الأسعار ببعض القطاعات، ومع ذلك، شدد على التزام البنك المركزي بمتابعة الأوضاع الاقتصادية عن كثب، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لضبط السيولة والحد من التضخم.
كما لفت إلى أن خفض الفائدة قد يكون له تبعات على سوق العملات، حيث قد يؤدي إلى تحركات في رؤوس الأموال الأجنبية، مما قد يفرض ضغوطًا مؤقتة على الجنيه المصري.
وفي ختام تصريحاته، أكد خضر أن هذه الإجراءات من شأنها دعم القوة الشرائية للمواطنين، وتعزيز قدرتهم على الإنفاق، بما ينعكس إيجابيًا على مستويات المعيشة، كما يمكن أن تساهم في خفض معدلات البطالة من خلال خلق فرص عمل جديدة في مختلف القطاعات الاقتصادية.