اهم الأخباربنوك وتأمين

بعد واقعة نوال الدجوي.. “كنوز تحت البلاطة” تهدد الاقتصاد المصري

1.296 تريليون جنيه خارج سيطرة الدولة

alx adv

مي رفاعي وزياد الحامدي

ADV

لم تكن حادثة سرقة فيلا الدكتورة نوال الدجوي، رائدة التعليم الخاص في مصر، مجرد واقعة جنائية عابرة، بل كشفت، دون قصد، عن واحدة من أكثر الظواهر الاقتصادية خطرًا واستمرارية في مصر، بالاحتفاظ بالثروات النقدية خارج النظام المصرفي.

وبينما شغلت الحادثة الرأي العام من زاوية الأمن الشخصي، تجاهل الكثيرون السؤال الأهم: “ما الأثر الاقتصادي العميق لهذه الممارسة”، التي تمثل استنزافًا صامتًا لقدرة الاقتصاد المصري على النمو والاستقرار، الإجابة قد لا تتعلق بنوال الدجوي وحدها، بل بآلاف وربما ملايين لمصريين الذين يحتفظون بأموالهم “تحت البلاطة”، خارج البنوك، بعيدا عن الرقابة، وخارج الدورة الاقتصادية.

هذه الممارسة، التي تتراوح دوافعها بين الرغبة في التهرب الضريبي أو ببساطة “العادة”، لا تؤثر فقط على أصحابها، بل تشلّ جزءًا حيويًا من الاقتصاد المصري، وتعوق قدرة الدولة على النمو.

وبلغة الأرقام، رغم ما تشهد السيولة المحلية بالقطاع المصرفي من نمو مرتفع سجل نحو 12.266 تريليون جنيه ومحققة فائضا يبلغ نحو 809 مليارات جنيه، لا تزال السيولة خارج القطاع المصرفي ضيئلة لا تتجاوز 10.31% من حجم السيولة المحلية، إذ يبلغ نحو 1.296 تريليون جنيه.

أحمد مجدي منصور: “أموال عطلانة” وظاهرة في منتهى السوء

“ظاهرة في منتهى السوء”.. بهذه الكلمات وصف الدكتور أحمد مجدي منصور الخبير المصرفي، ظاهرة الاحتفاظ بالأموال بالمنازل خارج الاقتصاد الرسمي، قائلاً: “أموال عطلانة خارج الاقتصاد والقطاع المصرفي لم تدخل فى عجلة الإنتاج ولم توظفها البنوك”.

وأضاف أن البنوك لديها طريقة “اعرف عميلك” لمعرفة مصادر الدخل لدى العملاء، لافتا إلى أن القطاع المصرفي المصري قطاع قوي وجميع الودائع مضمونة بالكامل من قبل البنك المركزي، ويرى أن ما يدفع المواطن لتخبئة أمواله خارج البنوك يعود إلى عدة أسباب أبرزها عدم وجود مصادر مشروعة لتلك الأموال أو أنها تدخل فى طور غسيل الأموال أو الإتجار في النقد الأجنبي، أو الرغبة فى التهرب الضريبي.

 

أحمد مجدي منصور الخبير المصرفي
أحمد مجدي منصور الخبير المصرفي

وأشار إلى أن تلك الظاهرة منتشرة بشكل أكبر لدى أصحاب المهن الحرة حيث يكون لديهم تخوفات لعدم التزامهم بتقديم فواتير ضريبية وبالتالي فهم يعملون تحت مظلة الاقتصاد غير الرسمي، لافتا إلى أن تلك الظاهرة مريبة تضر الاقتصاد وتؤثر على السياسات المالية للدولة وكذلك الموازنة العامة للدولة وتندرج تحت الاقتصاد غير الرسمي وتضع الكثير من علامات الاستفهام.

وأوضح أن البنوك اتجهت مؤخرا نحو الاقتصاد اللانقدي وأصبحت كل القنوات إلكترونية وتتيح للعميل تحويل الأموال لحظيًا بغير تقيد بحدود السحب اليومية وخاصة الشركات التجارية، حيث من الممكن أن يقوم بتحويل المبلغ المراد تحويله إلكترونيا بدون الذهاب لفروع البنك، وأصدرت البنوك مؤخرا العديد من القنوات الإلكترونية والديجتال وتطبيقات الهاتف المحمول، وعزا توجه البنوك نحو الاقتصاد اللانقدي من خلال القنوات الإلكترونية الجديدة والديجيتال بانكنج لعدة أسباب أهمها دمج الاقتصاد غير الرسمي داخل الاقتصاد الرسمي.

ورأى أن يجب على البنوك أن تكثف حملات التوعية وهذا من نجده في فعاليات اليوم العالمي للشمول المالي، والتعاون مع المركزي لتبسيط الإجراءات المطلوبة وكذلك تبسيط الورقيات وسرعة فتح الحسابات للعملاء وتفعيل ذلك من خلال الانترنت البنكي وتسريع الإجراءات أكثر مما هو موجود الآن.
ولفت إلى أهمية تبسيط الإجراءات للعميل، لأنه دائما ما يكون قلق من كثرة الإجراءات والورقيات المطلوبة، والسعى نحو إمكانية فتح الحسابات للعملاء إلكترونيًا دون الذهاب للفروع.

 

أحمد شوقي: ثقافة المتعاملين سبب الظاهرة.. ويجب الاهتمام بزيادة الوعي المصرفي

وتعليقًا على ذلك قال الدكتور أحمد شوقي الخبير المصرفي، إن الاحتفاظ بالأموال والنقود خارج الجهاز المصرفي يعود في الأصل إلى ثقافة المتعاملين، لافتا إلى أن حجم النقد المتداول خارج القطاع المصرفي يتجاوز تريليون جنيه وهو ما يؤكد أن الكثير من المواطنين لديهم تلك الثقافة.
وأضاف أنه على الرغم من ذلك بلغت حجم الودائع الادخارية بالقطاع المصرفي ما نحو 13 تريليون جنيه وهو ما يشير إلى أن الأغلبية العظمى تتعامل مع القطاع المصرفي وتقوم بالادخار والإيداع من خلال البنوك.

لفت إلى أنه يتعين على البنوك الاهتمام بزيادة الوعي على الرغم أنها قائمة بهذا الدور، فيما يخص معدلات العائد المتاحة مقارنة بمعدلات التضخم وخلافه، والتنويه على سرية بيانات العملاء المتعاملين مع البنوك.

 

الدكتور أحمد شوقى الخبير المصرفى
الدكتور أحمد شوقى الخبير المصرفى

 

وذكر شوقي أن الاحتفاظ بالأموال خارج البنوك يعرضها للخسائر حيث أنه حال وضع الأموال بالبنوك ستقوم الأخيرة بدورها بتشغيل تلك الأموال وضخها في شرايين الاقتصاد الرسمي في شكل قروض وتمويل المشروعات ومما يعود على الاقتصاد بالفائدة وكذلك على المودعين بالعائد على تلك الأموال.
وأضاف، أن الاحتفاظ بالنقود خارج القطاع المصرفي والاقتصاد الرسمي يعرضها لخسارة العائد من تلك الأموال فضلا عن قد يعرضها للتلف والسرقة، وهى ظاهرة تمثل الاقتصاد غير الرسمي.

وأردف أن الادعاء بصعوبة خروج الأموال من البنوك، أمر عار تماما من الصحة، حيث إن البنوك حاليا توفر التحويل أون لاين دون الذهاب للفروع وبالمبالغ المطلوب تحويلها، وخير دليل على توفير الأموال الموجودة داخل البنوك عمليات الإفراج الجمركي التي تمت مؤخرا وبالعملة الأجنبية كانت من خلال اعتمادات مستندية من خلال البنوك.

ودعا شوقي، البنوك إلى تزويد الوعي لدى العملاء بعمليات السحب من البنوك، والخدمات الأخري التتي تتيح عمليات السحب من دون الذهاب للفروع مثل الموبايل بانكنج والتطبيقات المختلفة، منوهًا إذا كان حدود السحب ما يؤرق المتعاملين يتعين على البنوك رفع تلك الحدود.

ويرى أنه لا بد من وجود حوافز وعوائد تفضيلية وخدمات ومنتجات خصيصًا لأصحاب رؤوس الأموال المرتفعة، ومميزات أخرى برفع حدود السحب لهم فضلا عن تخفيض عمولات التحويل لجذب العملاء.

 

عز الدين حسانين: ينبغي رفع قيود السحب والإيداع لجذب الأموال إلى القطاع المصرفي

عقب الدكتور عز الدين حسانين الخبير المصرفى على تلك الظاهرة بأنها أعمق من مجرد حالة فردية، بل تمتد لتشمل شريحة واسعة من المواطنين ورجال الأعمال، ما يطرح تحديات مباشرة أمام الشمول المالي واستقرار النظام المصرفي، مطالبًا برفع قيود السحب والإيداع لجذب الأموال إلى القطاع المصرفي.

 

وتابع أن السيولة ليست الأزمة، والعبرة فى إدارتها، مشيرًا الى أن الاحتفاظ بالكاش خارج النظام المصرفي، أو ما يعرف بـ(الفلوس تحت البلاطة)، لا يمثل خطرًا مباشرًا على السيولة، لأننا بالفعل نعاني من فائض في السيولة داخل القطاع المصرفي، حيث تجاوزت السيولة الكلية حاجز الـ 12 تريليون جنيه، ويعمل البنك المركزي المصري جاهدا على امتصاصها عبر أدوات السوق المفتوحة لضبط المعروض النقدي وتحقيق التوازن في السوق.

 

عز الدين حسانين الخبير المصرفي
عز الدين حسانين الخبير المصرفي

 

وحذر عز الدين من خطورة اتساع الاقتصاد غير الرسمي، لافتا إلى أن هناك يقرب من 1.5 تريليون جنيه متداولة في السوق، بخلاف الأموال المتداولة في الاقتصاد غير الرسمي، وهي خارج رقابة الجهاز المصرفي تمامًا.

وحول أسباب عزوف البعض عن الإيداع فى القطاع المصرفى، قال إن أبرزها قيود السحب التي فرضها البنك المركزي منذ أزمة كورونا، والتي تقيد الأفراد حاليًا بحد أقصى 250 ألف جنيه يوميًا، فضلا عن ضعف التأمين على الخزن البنكية، حيث لا يتعدى سقف التأمين في معظم الفروع 5 إلى 10 ملايين جنيه، ما لا يغطي حجم السيولة التي يحتفظ بها بعض المستثمرين، بخلاف البطء في تنفيذ طلبات السحب الكبيرة، حيث تحتاج بعض الفروع للحصول على موافقات من المراكز الرئيسية، مما يؤدي لتأخير المستثمرين عن تنفيذ صفقاتهم في التوقيت المناسب، تلك القيود تعد عائقًا يحول دون إنجاز المستثمر أور جل الأعمال مهامه بمرونة، حتى لا يخسر فى صفقاته، مما يجعله يفضل الاحتفاظ بالكاش لديه.

وأوصى بضرورة معالجة تلك المعوقات، بالإضافة الى توفير آليات مرنة وسريعة لنقل الأموال من المراكز الرئيسية إلى الفروع عند الحاجة، وتخفيف التعقيدات الإجرائية المتعلقة بـ”اعرف عميلك” وغسيل الأموال، مع الإبقاء على قواعد الرقابة ولكن بصيغة مرنة لا تعيق النشاط الاستثماري، كما شدد على ضرورة التخلى عن سياسة المبالغة في طرح الأسئلة المتكررة حول مصادر الأموال، خاصة مع العملاء المعروفين لدى البنوك، فليس من المنطقي أن يعامل العميل في كل مرة كأنها المرة الأولى لتسهيل الإجراءات، حرصا على استمرارية العلاقة بين البنك وعملائه.

كما اقترح أن تعتمد الدولة رقمنة كل التعاملات بين المؤسسات خلال عام، وحظر التداول النقدي خارج القطاع المصرفي، لضمان استقرار المنظومة تلقائيًا، دون الحاجة لتغيير عملة أو أي خطوات أخرى .
وتابع: “المرونة في توفير السيولة الفورية للمستثمرين هي مفتاح لإعادة الثقة في القطاع المصرفي”.

وحسم الجدل بشأن حقيقة دعم الأموال “المكتنزة” للاقتصاد من عدمه، بأن تلك الأموال تدخل فى الاقتصاد بشكل غير مباشر، إذ تستخدم فى صفقات تجارية، أو في شراء مخزونات من السلع والمواد الخام، ومن ثم تصبح الإشكالية فى توفر السيولة “الكاش” في التوقيت المناسب، خاصة في ظل طبيعة السوق المصري التي تعتمد على التعاملات النقدية المباشرة.

%115 نموا في النقد المتداول خارج البنوك خلال 5 سنوات

يبلغ معدل النمو في النقد المتداول خارج البنوك بين 2020 و2025 – 115%، ما يعكس الزيادة الملحوظة في ظاهرة اقتناء الأموال بعيدًا عن مظلة القطاع، إذ سجل النقد المتداول خارج البنوك 602.7 مليار جنيه، وارتفع وصولًا إلى نحو 1.296 تريليون جنيه في مارس 2025، ليسجل في يونيو 2021، 673.4 مليار جنيه، بالتزامن مع تداعيات جائحة كورونا آنذاك.
وبعد مرور عام، وتحديدًا في يونيو 2022، واصلت قيمة النقد المتداول خارج القطاع المصرفي ارتفاعها بشكل أكبر، مسجلة 778.6 مليار جنيه، وفي الفترة بين يونيو 2022 ويونيو 2023، تطورت قيمة النقد المتداول خارج البنوك لتصل إلى 1.009 تريليون جنيه، وفي يونيو 2024، سجل النقد المتداول ارتفاعًا آخر ليصل إلى 1.270 تريليون جنيه، فيما تراجعت قيمة النقد المتداول في سبتمبر وديسمبر 2024 إلى 1.168 تريليون جنيه ثم 1.121 تريليون جنيه على التوالي، وفي بداية عام 2025، انتعشت من جديد فعادت مرة أخرى للصعود، إذ ارتفعت إلى 1.296 تريليون جنيه في مارس 2025.

 

%150.7 نمو في ودائع الأفراد بالعملة المحلية خلال 6 سنوات

شهدت إجمالي ودائع الأفراد بالعملة المحلية نموًا بنسبة 150.7% خلال 6 سنوات في البنوك المصرية، وهي قفزة كبيرة خلال السنوات الست الأخيرة، حيث ارتفعت من 3.269 تريليون جنيه في يونيو 2020 وصولًا إلى 8.196 تريليون جنيه في مارس 2025، وفقًا لتقرير السياسة النقدية الصادر عن البنك المركزي المصري للربع الأول من العام الجاري.

وشهدت ودائع الأفراد ارتفاعًا من 3.269 تريليون جنيه في يونيو 2020 إلى 4.033 تريليون في يونيو 2021، ثم إلى 4.989 تريليون في يونيو 2022، ليستمر الاتجاه الصعودي، حيث بلغت الودائع 5.722 تريليون جنيه في يونيو 2023، ثم قفزت إلى 6.863 تريليون جنيه في يونيو 2024، وتسارعت وتيرة النمو لتصل إلى 7.555 تريليون في ديسمبر 2024، قبل أن تتخطى حاجز الـ8 تريليونات في مارس 2025.

السيولة المحلية تقفز 176.9% خلال 6 سنوات

وأظهر تطور السيولة المحلية اتجاهًا تصاعديًا بنمو سجل 176.9% على مدار 6 سنوات، إذ ارتفعت من 4.538 تريليون جنيه في يونيو 2020 إلى 12.566 تريليون جنيه في مارس 2025، بحسب ما كشفه تقرير السياسة النقدية الصادر عن البنك المركزي المصري للربع الأول من عام 2025.

وارتفعت السيولة المحلية من 4.538 تريليون جنيه في يونيو 2020، وواصلت ارتفاعها مسجلة 5.356 تريليون جنيه في يونيو 2021، لتواصل تطورها إلى 6.614 تريليون في يونيو 2022، وواصلت السيولة المحلية مسيرتها في الصعود لتسجل 8.248 تريليون جنيه في يونيو 2023، و10.618 تريليون جنيه في يونيو 2024. ومع نهاية العام ذاته، سجلت 11.636 تريليون جنيه في ديسمبر، قبل أن تصل إلى أعلى مستوى لها عند 12.566 تريليون جنيه في مارس 2025.

 

يقدم فريق بوابة عالم المال، تغطية حصرية ولحظية على مدار الساعة ، لآخر مستجدات البورصة والشركات المدرجة، البنوك وأسعار الدولاروالتأمين، العقاري، والصناعة والتجارة والتموين، الزراعة، الاتصالات، السياحة والطيران، الطاقة والبترول، نقل ولوجيستيات، سيارات، كما نحلل الأرقام والإحصائيات الصادرة عن المؤسسات والشركات والجهات من خلال الإنفو جراف والرسوم البيانية، الفيديو، فضلا عن تقديم عدد من البرامج المتخصة لتحليل كل ما يتعلق بالاقتصاد المصري من خلال تليفزيون عالم المال.

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار