
مصر تُطلق ثورة بالقطن الملون.. طفرة اقتصادية وصديقة للبيئة
في ظل التغيرات المناخية وتوجه الدولة نحو الزراعة الذكية المستدامة، تشهد زراعة القطن في مصر تحولاً نوعيًا، مع التركيز على استنباط أصناف جديدة تتماشى مع الظروف المناخية وتقلل من استهلاك المياه، ومن أبرز هذه التحولات، دخول مصر رسميًا في مجال إنتاج القطن الملون الطبيعي، كأول دولة عربية وأفريقية تخوض هذه التجربة بنجاح.
قطن ملون خالٍ من الملوثات وبنفس جودة القطن الأبيض
قال الدكتور مصطفى عمارة، وكيل معهد القطن التابع لوزارة الزراعة، إن المعهد يقوم بدور حيوي في تطوير أصناف جديدة من القطن تتسم بعمر نباتي قصير وإنتاجية مرتفعة، وتوفر في استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 30%، بما يتماشى مع استراتيجية الدولة لترشيد الموارد المائية.
وأشار إلى أن مصر نجحت مؤخرًا في إنتاج قطن ملون طبيعي خالٍ تمامًا من الأصباغ الصناعية والملوثات البيئية، ما يمنحه قيمة اقتصادية عالية في الأسواق الخارجية، التي تشهد إقبالًا متزايدًا على المنتجات العضوية والصديقة للبيئة.
ألوان متعددة وإنتاج محلي للبذور
وأوضح وكيل معهد القطن أن الفريق البحثي نجح في إنتاج البذور الأولية للأقطان الملونة، استعدادًا للتوسع في الزراعة وتوقيع التعاقدات التصديرية، وقد تم إنتاج ثلاث درجات من اللون البني (من الفاتح حتى الغامق)، إلى جانب اللون الأخضر الفاتح القريب من الذهبي، مع الحفاظ على نفس جودة القطن الأبيض المعروفة عالميًا.
وأكد أن القطن الملون المصري يتمتع بمواصفات غزل ممتازة تضاهي القطن الأبيض، وهو ما لم تستطع أي دولة أخرى الوصول إليه، مما يمنح مصر ميزة تنافسية نادرة في الأسواق العالمية.
تجارب ناجحة وخطة للتوسع
وأضاف أن تجربة زراعة القطن الملون بدأت في محطة بحوث الجيزة لإكثار التقاوي، ونجحت في تحقيق النتائج المطلوبة، مشيرًا إلى أن الخطوة التالية هي تعميم التجربة والتوسع في زراعته على مستوى الجمهورية.
وكشف عمارة أن العمل جارٍ على استنباط ألوان جديدة للقطن، أبرزها اللون الأصفر الكناري، ضمن خطة المعهد البحثية لتطوير صناعة النسيج المصرية وتقديم منتجات طبيعية ذات قيمة مضافة عالية.
القطن الملون هو نوع من القطن ينمو طبيعيًا بألوان مختلفة مثل البني، الأخضر، والأزرق الفاتح، دون الحاجة إلى صباغة صناعية، وتعد زراعته تطورًا مهمًا في صناعة الغزل والنسيج، لما يحمله من فوائد بيئية واقتصادية كبيرة، ويتماشى مع التوجه العالمي نحو الاستدامة والمنتجات الصديقة للبيئة.
مميزات زراعة القطن الملون:
حفاظ على البيئة:
لا يحتاج القطن الملون إلى صباغة كيميائية، مما يقلل من استهلاك المياه والمواد الكيميائية الضارة المستخدمة في المصانع، والتي تمثل عبئًا كبيرًا على البيئة.
خفض التكاليف الصناعية:
يُختصر جزء كبير من مراحل المعالجة في صناعة النسيج، ما يقلل من تكلفة الإنتاج ويوفر في الطاقة والمياه والعمالة.
مطلوب عالميًا:
هناك طلب متزايد على القطن الملون عالميًا، خاصة من قبل الأسواق الأوروبية والأمريكية، التي تفضل الملابس المصنوعة من مواد طبيعية مستدامة.
قيمة مضافة للمزارعين:
يمكن للقطن الملون أن يحقق عائدًا اقتصاديًا أعلى للمزارعين، نظرًا لندرته وجودته وارتفاع سعره مقارنة بالقطن الأبيض التقليدي.
استخدام في المنتجات الفاخرة:
يدخل في صناعة الأقمشة الراقية والملابس العضوية، ويُستخدم بكثرة في إنتاج الملابس القطنية للأطفال والرضع، نظرًا لخلوه من المواد الكيميائية.
التحديات أمام التوسع في زراعته بمصر:
قلة الوعي والمعرفة الفنية:
لا يزال كثير من المزارعين يجهلون فوائد زراعة القطن الملون وطرق التعامل معه.
قلة التقاوي المعتمدة:
حتى الآن، عدد الأصناف المعتمدة لزراعته في مصر محدود، وتحتاج الدولة إلى استنباط أصناف محسنة ملائمة للبيئة المصرية.
ضعف منظومة التسويق:
مثل القطن التقليدي، يعاني القطن الملون من ضعف في التسويق وغياب آليات الشراء المضمونة من الدولة أو القطاع الخاص.