
مع دخول شهر يوليو، تتجه الأنظار إلى التغيرات المناخية الحادة التي نشهدها في هذا التوقيت من العام، خاصة في ظل ما يعرف بفترة الذروة الحرارية الصيفية، التي باتت تشكل تحديًا كبيرًا للقطاع الزراعي في مصر، فقد أطلق خبراء المناخ والزراعة تحذيرات عاجلة من موجات حرارة شديدة ورطوبة مرتفعة تُنذر بتأثيرات سلبية على الإنتاج الزراعي، وهو ما يستوجب استعدادًا فوريًا وتدابير وقائية من قبل المزارعين وكافة الجهات المعنية.
وحذر الدكتور محمد فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ والنظم الخبيرة بوزارة الزراعة، من التأثيرات المناخية الحادة التي يشهدها هذا الشهر على القطاع الزراعي في مصر، مشيرًا إلى أن يوليو يُعد من أكثر شهور العام تطرفًا مناخيًا، لما يشهده من ارتفاعات غير مسبوقة في درجات الحرارة وزيادة كبيرة في نسب الرطوبة.
وأوضح «فهيم» أن الأسبوع الأول من يوليو يتزامن مع دخول شهر أبيب وفقًا للتقويم القبطي الزراعي، والذي يبدأ في الثامن من يوليو ويستمر حتى السابع من أغسطس، ويُعتبر من أشد شهور العام حرارة. وأضاف أن درجات الحرارة هذا العام ستصل إلى مستويات أربعينية على أغلب أنحاء الجمهورية، إلى جانب ارتفاع كبير في الرطوبة النسبية، لا سيما في ساعات الصباح الباكر.
ارتفاع حرارة الليل وزيادة الإجهاد الحراري
وأشار إلى أن شهر يوليو سيشهد موجات حر شديدة ومتوالية دون انقطاع، مع ارتفاع ملحوظ في درجات حرارة الليل، ما يؤدي إلى زيادة معدلات الإشعاع الشمسي والطاقة الحرارية، ويُسهم في ارتفاع معدلات «تنفس الظلام» لدى النباتات، وهو ما يسرّع من هدم المادة الجافة المنتَجة ويؤدي إلى إفراز هرمون الإيثلين بمستويات عالية، مما ينعكس سلبًا على تحجيم الثمار وقد يتسبب في النضج المبكر غير المرغوب فيه.
مخاطر الآفات والحاجة إلى الري المكثف
وحذر «فهيم» من خطورة انتشار آفات حرشفيات الأجنحة، خاصة دودة الحشد، التي تبدأ أجيالها الصيفية الأشد فتكًا في الظهور، وتهدد بشكل خاص زراعات الذرة المتأخرة في مناطق الوجه البحري وشمال الصعيد، كما أشار إلى ارتفاع حاجة النبات إلى المياه بنسبة تزيد على 30% عن المتوسط المعتاد في الصيف، مما يتطلب جدولة دقيقة للري، خاصة في الأراضي المزروعة حديثًا أو في المشاتل.
لسعات الشمس وأمراض الحرارة
ومن بين المخاطر المتوقعة أيضًا، زيادة تعرض الثمار لـ«لسعات الشمس» نتيجة التعرض المباشر للأشعة القوية، وخاصة محاصيل مثل الرمان والطماطم، فضلًا عن الخطر المتزايد لضربات الشمس للعمال والمزارعين خلال ساعات النهار، كما يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تسارع النمو الخضري غير المثمر (التنفيل) في الخضروات الثمرية، وفشل الإخصاب في بعض المحاصيل الحقلية.
ولفت إلى أن الظروف المناخية خلال يوليو تزيد من قابلية النباتات للإصابة بأمراض الحرارة والرطوبة، مثل البياض الزغبي في العنب والقرعيات والريحان، مع توقعات بهبوب رياح ساخنة قد تؤدي إلى تساقط اللوز والوسواس في محصول القطن، بالإضافة إلى تأثر زراعات الأرز المتأخرة وضعف تحجيم ثمار الزيتون والتمور والموالح.
توصيات واستعدادات مطلوبة
ودعا فهيم في ختام تصريحاته إلى ضرورة استعداد المزارعين جيدًا لهذا الشهر الحرج، من خلال تعديل برامج الري والتسميد، ومراقبة الآفات والأمراض بدقة، واتخاذ إجراءات وقائية لحماية المحاصيل والعمال، لتقليل الأضرار المحتملة إلى أدنى حد.