
إلغاء خفض أسعار الكهرباء يربك المصانع.. والصنّاع: التأثير متفاوت
“الصناعات المعدنية”: الألمنيوم وصهر الحديد الأكثر تضررًا
أحمد رضوان: يجب على الدولة اتباع نهج مرن في التطبيق
“التصديري للصناعات الهندسية”: القرار غير مقلق
“مواد البناء”: مصانعنا تعتمد على الغاز والفحم ولن تتأثر
كتب: أسامة عبد الله
تباينت آراء عدد من رجال الصناعة حول قرار إلغاء خفض أسعار الكهرباء للمصانع، الذي قررت الحكومة تطبيقه بداية من أول يوليو الجاري.
ويرى البعض أن هذا القرار لن يحدث تأثيرًا كبيرًا على المصانع، فيما اعتبره آخرون عاملًا مؤثرًا في تكلفة المنتج النهائي.
وفي أبريل 2020، صدر قرار من رئيس مجلس الوزراء، بخفض أسعار بيع الكهرباء بواقع 10 قروش لكل كيلووات/ساعة، على أن تتحمل الموازنة العامة للدولة قيمة هذا الخفض دعمًا للقطاع الصناعي.
مصانع الألومنيوم وصهر الحديد الأكثر تأثرًا
وقال محمد حنفي، المدير التنفيذي لغرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، إن إلغاء التخفيض لن يكون له تأثير كبير على تكلفة الإنتاج أو الأرباح بالنسبة لغالبية الصناعات التي لا تعتمد على الكهرباء بشكل مكثف.
إلا أنه أوضح أن مصانع صهر الحديد والألومنيوم ستكون الأكثر تضررًا، إذ تستهلك كميات ضخمة من الكهرباء، مشيرًا إلى أن إنتاج طن واحد من الألومنيوم يتطلب ما بين 12 إلى 14 ألف كيلووات/ساعة، مما قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في تكلفة إنتاجه قد تُقدّر بنحو 900%. وتوقّع حنفي تمرير هذه الزيادة إلى أسعار البيع في السوق المحلي.
التطبيق المرن مطلوب
بدوره قال أحمد رضوان، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات المعدنية، في تصريحات لـ”عالم المال”: “هذا القرار لن يكون له تأثير كبير على المصانع وعمليات الإنتاج، لأن سعر الكهرباء في مصر مقارنة بالدول الأخرى لا يذكر، خاصة في القطاعات الصناعية بهذه الدول”.
وأشار رضوان إلى أن هناك مقترحات تسمح بأن يكون تطبيق القرار مرنًا، مثل: أن يكون سعر الكهرباء في المصانع منذ الصباح حتى نهاية اليوم جنيهين للكيلووات/ساعة، بينما بعد الساعة 12 منتصف الليل يكون السعر أعلى لمن يرغب في استمرار العمل حتى الصباح، أو بعد الفجر.
وأضاف: “لا يجب تطبيق زيادة أسعار الكهرباء على كل القطاعات بشكل موحد”، لافتًا إلى أن هناك قطاعات تصدر إنتاجها ويجب دعمها بخفض أسعار الكهرباء لتعزيز قدرتها التصديرية، وتوفير العملة الأجنبية للدولة، بينما في المقابل توجد قطاعات لا تنتج أو مصانع غير عاملة، ولا يجب أن تحصل على نفس الامتيازات.
وزير الكهرباء: مشروعات الطاقة المتجددة وترشيد الاستهلاك
من جانبه، أوضح المهندس محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أنه يجري حاليًا تنفيذ مشروع خلايا الطاقة الشمسية في الحي الحكومي بالعاصمة الإدارية.
وأكد أن تحسين كفاءة استهلاك الكهرباء يجب أن يتزامن مع تشغيل مشروعات إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة، لتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي.
وأضاف الوزير أنه تم توجيه الشركة القابضة لكهرباء مصر ببدء تنفيذ خطة عاجلة لترشيد استهلاك الطاقة، وفقًا لمقتضيات الوضع الراهن، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق خطة الترشيد في جميع المنشآت التابعة للقطاع.
خطة طوارئ الغاز
ومنذ 13 يونيو الماضي، فعلت وزارة البترول والثروة المعدنية خطة الطوارئ المعدة مسبقًا لأولويات إمداد الغاز الطبيعي، بعد تصاعد التوترات العسكرية بين إسرائيل وإيران.
وأوضحت الوزارة في بيان سابق أن خطة الطوارئ تتضمن إيقاف إمدادات الغاز لبعض الأنشطة الصناعية، ورفع استهلاك محطات الكهرباء من المازوت إلى أقصى طاقة متاحة، مع التنسيق لتشغيل بعض المحطات بالديزل، وذلك في إجراء احترازي يهدف للحفاظ على استقرار شبكة الغاز الطبيعي، وتفادي تخفيف الأحمال على شبكة الكهرباء، إلى حين إعادة ضخ الغاز من الشرق مرة أخرى.
تأثير غير مقلق
في سياق متصل، صرح المهندس شريف الصياد، رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، بأن إلغاء خفض 10 قروش لكل كيلووات، من سعر الكهرباء لن يكون له تأثير يذكر على تكاليف الإنتاج أو الأرباح، مشيرًا إلى أن فاتورة الكهرباء لن تشهد إلا زيادة بسيطة شهريًا.
وأضاف الصياد أن أغلب الصناعات، ومنها الصناعات الهندسية، لن تتأثر كثيرًا، إذ أن الزيادة المتوقعة على كل 1000 كيلووات تُقدر بنحو 100 جنيه فقط. فعلى سبيل المثال، المصنع الذي يستهلك 10 آلاف كيلووات شهريًا، سيتكلف فقط 1000 جنيه إضافية، مؤكدًا أن تلك الزيادة جاءت نتيجة ارتفاع أسعار الوقود والنفط عالميًا، مما أثّر على موازنة الدولة.
شعبة مواد البناء: التأثير متفاوت
في غضون ذلك قال أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية، إن إلغاء دعم أسعار الكهرباء للمصانع سيرفع التكاليف على القطاع الصناعي بنسب متفاوتة، حسب درجة استهلاك الكهرباء.
وأشار الزيني إلى أن تقييم الأثر على القطاع الصناعي، خاصةً الصناعات كثيفة الاستهلاك، يحتاج إلى بعض الوقت، إذ تختلف مساهمة الكهرباء في التكلفة من قطاع لآخر.
وأضاف أن أغلب قطاعات مواد البناء، مثل: السيراميك، الطوب، الأسمنت، والزجاج، لن تتأثر كثيرًا، إذ تعتمد معظم هذه المصانع على الغاز أو الفحم في عمليات التشغيل، بعكس مصانع الألومنيوم وصهر الحديد التي تعتمد بشكل رئيسي على الكهرباء في الإنتاج.
الزيادة مدروسة
الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أكد أن زيادة أسعار الكهرباء تتم بشكل سنوي وفق آليات مدروسة تهدف لتحقيق توازن بين تكلفة الإنتاج والدعم المقدم للمواطنين، موضحًا أن هذه القرارات ليست مفاجئة أو عشوائية.
وأوضح مدبولي أن ملف الكهرباء يختلف عن المنتجات البترولية، إذ تُراجع الأسعار سنويًا بشكل دقيق، يأخذ في الاعتبار التكلفة على الدولة ونسبة الزيادة الملائمة، بما يضمن استدامة الدعم وتحقيق التوازن الاقتصادي.