فى وقت تشتعل فيه الأحداث الجيوسياسية بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية، تستهدف أوروبا إحباط جهود موسكو الحربية في أوكرانيا من خلال إبعاد نفسها عن النفط الروسي، يبدو أن دول الشرق الأوسط هي المنتج الوحيد الذي لديه القدرة الكافية على التعويض.
السؤال هنا، هل لدى أي منها القدرة التقنية، والأهم من ذلك، الرغبة بالمبادرة؟ يقول محللو النفط: لا تأمل كثيرا.
فرضت الدول الغربية مجموعة من العقوبات على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا، ولكن الاتحاد الأوروبي لم يوقف بعد وارداته من النفط والغاز من موسكو المصدر الرئيسي لها، وذلك تجنبًا للإضرار باقتصاداتهم.
بحسب وكالة الطاقة الدولية، فإن الحظر المحتمل من الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي قد يؤدي إلى نقص 2.2 مليون برميل من النفط الخام يوميًا، و1.2 مليون برميل من المنتجات البترولية.
في حين تمتلك دول الشرق الأوسط ما يقرب من نصف احتياطيات النفط المؤكدة في العالم والكثير من طاقته الإنتاجية الفائضة، فإن الافتقار إلى الاستثمار في البنية التحتية فيها، والصراع، والتحالفات السياسية والعقوبات من بين الأسباب التي قد لا تمكن المنطقة من إنقاذ أوروبا.
فيما يلي دليل لما يمكن أن يفعله منتجو النفط بالمنطقة وما لا يمكنهم فعله للتعويض:
المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة
قالت أمينة بكر، كبيرة مراسلي أوبك في “إنيرجي إنتليجنس”، إنه لدى البلدين نصيب الأسد من الطاقة الفائضة لأوبك والمتوفرة بسهولة بنحو 2.5 مليون برميل في اليوم.
ولكن المملكة العربية السعودية، أكبر منتج في أوبك، رفضت مرارًا طلبات الولايات المتحدة لزيادة الإنتاج بما يتجاوز الحصة طويلة الأمد المتفق عليها مع روسيا والمنتجين الآخرين من خارج أوبك، ومن غير المرجح أن تستجيب للدعوات الأوروبية لزيادة الإنتاج.
يقول محللون إن التحويل المحتمل للشحنات الحالية من زبائن الخليج في آسيا قد يكون له تكلفته.
قال روبن ميلز، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Qamar للطاقة في دبي، إن هذا لن يكون ممكنًا إلا “في إطار مرونة هذه العقود طويلة الأجل، أو بالاتفاق مع المشترين الآسيويين”.
يقول المحللون إنه من الممكن تحويل شحنات النفط الخليجية من آسيا إلى أوروبا، ولكن من شأن ذلك أن يعرض الشراكة الاستراتيجية المزدهرة بين المنطقة والصين المشتري الرئيسي للخطر.
العراق
قال يوسف الشمري، الرئيس التنفيذي ورئيس أبحاث النفط في CMarkits في لندن، إنه من الناحية النظرية، يمكن للعراق ضخ 660 ألف برميل إضافي يوميًا. وأضاف أن البلاد تنتج حاليًا حوالي 4.34 مليون برميل يوميًا، وتبلغ طاقتها الإنتاجية القصوى 5 ملايين، لكن الانقسامات الطائفية والمأزق السياسي في بغداد يعني أنه لا يمكن الاعتماد عليها للتدخل.
ويقول محللون إن العراق يفتقر أيضًا للبنية التحتية اللازمة لزيادة الإنتاج كما أن الاستثمار في المشاريع النفطية قد يستغرق سنوات قبل جني الثمار.
ليبيا
تعاني حقول النفط الليبية من اضطرابات منتظمة بسبب التوترات السياسية المستمرة. قالت المؤسسة الوطنية للنفط في أواخر أبريل إن البلاد تخسر أكثر من 550 ألف برميل في إنتاج النفط يوميًا بسبب إغلاق جماعات سياسية مستاءة لحقولها النفطية الرئيسية ومحطات التصدير.
وقال الشمري إنه “يكاد يكون من المستحيل الاعتماد على ليبيا” للحصول على طاقة فائضة، حيث إن بعض إنتاجها معطّل منذ سنوات وسط عدم الاستقرار.
إيران
من المحتمل أن تكون إيران الأكثر استعدادًا لإضافة النفط إلى السوق بعد القدرة المشتركة للإمارات والسعودية، ولكنها لا تزال تحت العقوبات الأمريكية مع توقف المحادثات لإحياء الاتفاق النووي مع القوى العالمية.
يقول محللون إن البلاد يمكن أن تساهم بما يصل إلى 1.2 مليون برميل يوميًا إذا رفعت العقوبات الأمريكية. تقدر شركة البيانات “كيبلر” أن إيران كان لديها 100 مليون برميل في مرافق التخزين العائم حتى منتصف فبراير، مما يعني أنها قد تضيف مليون برميل يوميًا، أو 1٪ من الإمدادات العالمية، لمدة 3 أشهر تقريبًا.
وقالت أمينة بكر، إنه من غير المرجح “توقيع صفقة سيئة مع إيران لمجرد ضخ مزيد من النفط في السوق”.
دول خارج المنطقة
تعاني الدول غير الشرق أوسطية التي لديها طاقة فائضة محتملة، بما فيها نيجيريا وفنزويلا أيضًا من المشاكل.
وقال الشمري عندما يقال إن دولة ما لديها طاقة فائضة، فهذا يعني أنها “قادرة على جلب إنتاج معين في غضون 30 يومًا لفترة 90 يومًا على الأقل”. وأضاف أنه لهذا السبب، فإن حظر النفط الروسي “يمكن أن يضر بالاقتصاد العالمي”.
يترك ذلك أوروبا أمام خيار أمريكي محتمل، لكن حتى لو قامت الولايات المتحدة بضخ المزيد، فلن يكفي ولن تلائم الاحتياجات الأوروبية لأن الخام الأمريكي خفيف للغاية.
وقال ميلز إن “الخام الأمريكي الخفيف للغاية ليس مثاليا للسوق الأوروبية ولا لإنتاج المزيد من الديزل المطلوب فعلا”.