قال طارق متولي الخبير المصرفي ونائب رئيس بنك بلوم السابق، إن فكرة إنشاء البنوك الرقمية جاءت بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008 ، ثم ظهرت الحاجة إليها في السوق المصري خلال أزمة كورونا في 2020 ، حيث استتبع الأمر وجود رؤية جديدة لعالم المال والأعمال في العالم في تدشين تجربة مصرفية جديدة افضل واكثر مرونه و تكلفة وجهدا فكانت البنوك الرقمية التي يرجع تاريخها إلى 2013 ، وهي تقدم عروض وخدمات مصرفية حديثة مصممة خصيصا للهواتف الذكية والعالم الرقمي والإنترنت، حيث يوجد حاليا أكثر من 400 بنك رقمي في جميع أنحاء العالم ولا تزال السوق تنمو بسرعة من حيث العدد والكميه كبيره في ظل نمو حجم سوق الخدمات المصرفية الرقمية العالمية 2.89 تريليون دولار أمريكي في عام 2018 ويتوقع أن تصل الى 5.97 تريليون دولار أمريكي في عام 2027.
أوضح طارق متولي، أن ثورة تكنولوجيا المعلومات قد ألقت بظلالها على كافة مناحي الحياة وما أظهرت هذه التقنيات والابتكارات من رفع المستوى وصول الأفراد والشركات الصغيرة في الحصول على الخدمات المالية والمصرفية بتكلفة أقل وسرعة أكبر دون أي قيود زمانيه ومكانية او إجرائية، وذلك في ضوء أن التحول الرقمي بات ضرورة ملحة لا يمكن تجاهله كما أن الاتجاه المتسارع نحو تكامل الصناعات المالية مع التقنيات الحديثة يتيح الحصول على منتجات جديدة قادرة على التغير بصورة جذرية عن الطريقة التي تدير بها المؤسسات المالية والمصرفية أعمالها حاليا.
وأكد أن البنوك الرقمية لا تعني فقط تطبيق التقنيات الحديثة داخل المؤسسة بل هو نظام شامل متكامل لطريق وأسلوب عمل المؤسسات داخليا وكيفية تقديم الخدمات والمنتجات للعملاء بشكل اسهل واسرع وبتكلفة أقل بما يتماشى مع سلوك العميل وتلبية احتياجاته والتكيف مع الاتجاهات الرقمية والتكنولوجيا الجديدة والتطور المذهل في هذا الاتجاه.
البنوك الرقمية نتيجة التحول الرقمي
ويرى أن التطور الطبيعي من التحول الرقمي للمؤسسات المالية هو إنشاء البنوك الرقمية الذي أصبح توجها عالمياً معمول به في العديد من الدول كما أن هذا التوجه يعد ضرورياً في ظل التطور المتسارع الذي تشهده مجال التكنولوجيا المالية وارتفاع حدة المنافسة التي تواجه القطاع المصرفي خاصة المؤسسات المالية غير البنكية وشركات التكنولوجيا.
وعرَف الخبير المصرفي البنك الرقمي بأنه البنك الذي يقدم كافة خدماته المصرفية عبر منصة إلكترونية من خلال الانترنت بحيث يتمكن عملاء البنك من الحصول على المنتجات الخدمات المصرفية من خلال المنصة الإلكترونية واستبدال الوجود المادي للبنك بحضور دائم عبر الانترنت، وبالتالي إلغاء حاجة العميل المصرفي لزيارة أحد فروع البنك، موضحا أن البنوك تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإتمام العمليات ومعالجة البيانات وهو ما يتيح أن تكون تكاليف التشغيل النفقات العامة منخفضة عن البنوك التقليدية مما يساعد على خفض التكلفة على العملاء وجذب المزيد والمساهمة في انتشار الشمول المالي لتحسين حياة المواطنين في الحصول على القروض والخدمات المصرفية وإدارة الأموال.
السهولة واليسر في تقديم الخدمات
وأشار إلى أن التطور في التحول الرقمي يبدأ كما هو الحال حاليا من خلال البنوك التقليدية يتم تقديم خدماتها عبر القنوات الرقمية التي تشمل الخدمات عبر الإنترنت والمحمول من خلال شبكة فروعها ثم الخطوه التاليه، وهي تقديم بعض الخدمات المصرفية الرقمية لعملائها من خلال القنوات الالكترونية وليس الفروع، واخيرا الحصول على الخطوة المرتقبة وهو إنشاء بنوك رقمية متكاملة بدءا من فتح الحساب أو المحفظة الإلكترونية وتقديم الخدمات والمنتجات المصرفية من خلال الانظمة الإلكترونية دون الحاجة إلى تواجد الفروع وهو ما يتيح الوصول الى الخدمات المالية وغير المالية بسهولة ويسر وتكلفة أقل ودون عناء وبطريقة تناسب متطلبات العصر الجديد والتطور المذهل الذي يشهد العالم على صعيد البنوك التكنولوجيا الرقمية ووسائل الاتصال والابتكار ومواكبة التغيرات في سلوك وأنماط الحياة واحتياجات العملاء خاصة من الشباب الأكثر إقبالا على استخدام التكنولوجيا.
أنواع البنوك الرقمية:
كشف طارق متولي عن أنواع البنوك الرقمية تنافس وتهدد عرش البنوك التقليدية في تقديم الخدمات وسرعة الوصول إلى العميل والتي تكتسب أكبر قدر من المرونة بخلاف نظيرتها وهي كالتالي:
1_ challenges banks
وهي شركات fintech لديها تراخيص مصرفية خاصة بها بما يعني أنها تستطيع تقديم الخدمات المصرفية التقليدية بطريق أسرع وبتكلفة أقل وبدون تعقيدات هذه البنوك المنافس الأخطر المباشر على البنوك التقليدية ومن أبرز هذه البنوك في بريطانيا وألمانيا مثل revolut و honzo ، وتمتلك هذه البنوك فروعا مثل البنوك التقليدية وتستقبل العملاء لكن في نطاق محدود، بالإضافة إلى neo banks وهي بنوك رقمية ولا تمتلك أي فروع قائمة وتتواصل مع العملاء عبر تطبيقات الأجهزة المحمولة والمنصات الرقمية التي تتميز بسهولتها في الاستخدام وخدماتها غالبا مجانية وهي تمثل المستقبل للصناعة المالية وتحتاج الى تراخيص مستقلة.
3_Beat banks
وهي النموذج الاقل شيوعا وهي عادة تكون تابعة لبنوك تجاريه قائمة وتقدم خدمات مالية من خلال ترخيص الشركه الام
4_Non banks
بنوك غير مصرفية ولا تعتبر بنوك كامله النطاق وتقدم خدمات بطاقات الائتمان والإقراض بشرط عدم قبول الودائع
البنوك الرقمية واقع قائم
وأكد أن البنوك الرقمية أصبحت واقع قائم وينمو بصورة كبيرة وهي بنوك قائمة بحد ذاتها ولها نماذج العمل الخاصة بها والتي تسعى إلى تحويل العمل المصرفي إلى أسلوب حياة متكامل وتسهيل حياة العملاء بسرعة اكبر و تكلفة وجهد ووقت اقل، لافتا إلى أن عدم مواكبة التقدم في التكنولوجيا المالية والذي يحتاج الى الاستثمار الضخم وكذلك المزيد من الاستحواذات والاندماجات لخلق كيانات مصرفية كبيرة قادرة على المنافسة والاستمرار، هو ناقوس خطر لعمل البنوك التقليدية ، ومن هنا يبرز دور البنوك المركزية في الانفتاح على التقنيات الحديثة والدفع باتجاه الابتكارات التي تعزز التجربة المصرفية للمتعاملين مع الحفاظ على كفاءة إدارة المصارف والحفاظ على أموال المودعين وسلامة النظام المصرفي .
ويستعد البنك المركزي المصري لطرح رخص البنوك الرقمية في السوق المصرية خلال الفترة المقبلة حيث تقدمت 5 بنوك للحصول على رخصة بنك رقمي أبرزها بنك مصر، وبنك قطر الوطني الأهلي “QNB”، والبنك الأهلي المصري، وبنك فيصل الإسلامي، وعدد من البنوك الأخرى، حيث يستعد القطاع المصرفي المصري بتهيئة البيئة التكنولوجية والمعلوماتية والأمنية لإطلاق هذا النوع من البنوك تحت إشراف البنك المركزي المصري الذي دشن مؤخرا مركزا لحماية أمن المعلومات وهي القاعدة التي سينطلق من خلالها لتأمين المعاملات المالية في التحول الرقمي وفي البنوك الرقمية، حيث أصبحت البنوك الرقمية ضرورة ملحة في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها الصناعة المصرفية .