رجح مصرفيون رفع البنك المركزي المصري سعر الفائدة بقيمة تترواح بين 1 إلى 2% خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية غدا، خاصة بعد رفع الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة اليوم.
وتجتمع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري غدا الخميس المقبل 22 أغسطس وسط توقعات برفع أسعار الفائدة بقيمة تترواح بين 2 إلى 3%، وكانت اللجنة قد قررت في اجتماعها الأخير برئاسة حسن عبد الله محافظ البنك المركزي إبقاء أسعار الفائدة.
كما تجتمع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري 8 مرات كل عام ويتبقى منها 3 اجتماعات حتى نهاية العام الجاري 2022.
ورفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي معدل الفائدة القياسي بمقدار 75 نقطة أساس للمرة الثالثة على التوالي، في مسعى منه لتهدئة معدلات التضخم المرتفعة في الولايات المتحدة.
وأرجع الفيدرالي رفع أسعار الفائدة لمعالجة التضخم الحالي، والذي لا يزال مرتفعًا، وأضاف أنه سيواصل رفع الفائدة حتى يعود التضخم إلى مستوياته المستهدفة.
من جهة أخرى، خفض الفيدرالي الأميركي توقعاته للنمو الاقتصادي في أميركا خلال العام الجاري، وإلى عام 2024.
وارتفع مؤشر الدولار الأميركي بأكثر من 1 بالمئة، كما ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل سنتين فوق مستوى 4.1 بالمئة، وهو أعلى مستوى منذ عام 2007.
وتعد هذه هي المرة الخامسة التي يرفع فيها الفيدرالي الأميركي معدلات الفائدة خلال العام الجاري، إذ رفع الفيدرالي معدلات الفائدة خلال العام.
رفع الفائدة بنسبة تتراوح بين 1% إلى 1.5%
وتوقع هاني أبو الفتوح الخبير المصرفي، أن تقوم لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة في اجتماعها المقبل بنسبة تتراوح بين1% إلى 1.5%، خاصة بعد ارتفاع معدلات التضخم خلال شهر أغسطس التي سجل فيها التضخم السنوي في المدن 14.6% – وهذا يعد أعلى مستوى للتضخم في 4 سنوات نتيجة لزيادة أسعار السلع الغذائية بسبب انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وتداعيات التضخم العالمي الذي أثر على جميع دول العالم بنسب متفاوتة.
وأشار إلى أن هناك عدة أسباب لرفع أسعار الفائدة، ولكن الملاحظ هنا أن تأثير التضخم وحده لا يعد الدافع الأكبر لرفع الفائدة لأن المركزي ثبت الفائدة رغم تصاعد التضخم تدريجيا .
وقال أبو الفتوح، إن رفع أسعار الفائدة يعمل على تحجيم ظاهرة الدولرة التي عادت للظهور بعد انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، بحيث تقوم البنوك بتقديم شهادات تمنح عائد مرتفع يغري حائزي الدولار للتخلي عنه، وتحفز المصريين العالمين في الخارج على تحويل مدخراتهم الى الجنيه المصري.
وتابع: يتسق ذلك مع اتجاه البنك المركزي لتخفيض سعر صرف الجنيه تدريجيا، بحيث يقترب سعر صرف الجنيه مع السعر الحقيقي العادل، وهو ما سيحدده التطورات في الوصول لاتفاق مع صندوق النقد الدولي والاستجابة لمتطلباته بخصوص مرونة سعر الصرف .
كما لفت إلى أن هناك تأثيرا متوقعا لرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الفائدة على الدولار في الاجتماع المنعقد يوم 21 سبتمبر الجاري، حيث من المتوقع أن يقوم برفع الفائدة بمقدار 50 إلى 75 نقطة أساس، حينئذ ستتجه معظم البنوك المركزية حول العالم برفع الفائدة لحماية عملتها، وكذلك للحفاظ على المستثمرين في أدوات الدين المحلي من الخروج إلى الاستثمار في الدولار والسندات الحكومية الأمريكية ذات العائد المغري و المخاطر الأقل.
خبير يرجح تثبيت أسعار الفائدة
بينما قال الدكتور رمزي الجرم الخبير المصرفي، إن التطورات الحادثة على المشهد الاقتصادي العالمي والمحلي، واستمرار تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية قد تدفع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري تثبيت أسعار الفائدة عند مستوى 11.25٪ & 12.25٪ للإيداع والإقراض على الترتيب، مشيرا إلى أن اللجنة لم تَحذو حذو الفيدرالي الأمريكي في آخر اجتماعين سابقين لها.
وأضاف: اذا كانت هناك احتمالية لرفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض، فلن تتجاوز 1٪ بأي حال من الأحوال.
وأكد الدكتور رمزي الجرم أن اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المقرر عقده يوم الخميس القادم ، يأتي في ظل ظرف شديد، سواء على الساحة الخارجية، المُتمثل في الأزمات المالية والنقدية التي أصابت الاقتصاد العالمي، او على الشأن الداخلي، المُتمثل في أزمة نقص حاد في موارد النقد الأجنبي، على خلفية خروج نحو 22 مليار دولار، استثمارات في ادوات الدين الحكومي، في الشهور الاربع الاولى من العام الحالي.
وأوضح أنه فيما يتعلق بتداعيات ذلك على حدوث ارتفاعات جديدة في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري، فمن المتوقع الا تكون هناك ارتفاعات قياسية او بخطى واسعة، حيث من المتوقع ان يستقر سعر صرف الدولار الأمريكي حول 20 جنيه للدولار الواحد بالزيادة او النقصان بارتفاعات بسيطة، ولن تحدث طفرات ملموسة في هذا الخصوص، ولن تكون هناك حاجة داعية، لطرح مُنتجات مصرفية تتجاوز معدل الفائدة عليها، المعدلات القائمة في حدود 14٪ او نحو ذلك.
ولفت إلى أن أعضاء لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي ، على دراية تامة بأن التضخم الذي يواجه الاقتصاد المصري، من نوعية التضخم الناتج عن زيادة التكاليف، او ما يعرف بالتضخم المستورد، نتيجة إرتفاع أسعار السلع المستوردة في الفترة التي تلت الحرب الروسية الأوكرانية، وليس من نوعية التضخم الطلبي، الذي يتمثل في وجود كتلة نقدية زائدة في الأسواق، تدعم زيادة الطلب على السلع والخدمات ، في ظل عرض غير مرن ،والذي ربما يُرجح قرار التثبيت عن الزيادة، فضلا عن ان هذا القرار، ربما سيتأثر إلى حد ما، بقرار الفيدرالي الأمريكي بشان اسعار الفائدة الأمريكية، والذي سينعقد قبل اجتماع لجنة السياسة النقدية بيوم واحد.
وارتفع التضخم في مصر خلال شهر أغسطس الماضي، إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر 2018، مدفوعاً بزيادة أسعار السلع الغذائية والمشروبات، وسجّلَت أسعار المستهلكين في مصر 14.6% في أغسطس على أساس سنوي، مقابل 13.6% في يوليو، أما على أساس شهريّ فقد تراجع التضخم بنسبة 0.9% من 1.3% في يوليو، حسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
إتش سي وتوقع رفع الفائدة بقيمة 200 نقطة أساس
أصدرت إدارة البحوث بشركة اتش سى للأوراق المالية والاستثمار توقعاتها بشأن قرار لجنة السياسات النقدية المحتمل في ضوء الوضع الراهن لمصر، حيث توقعت أن يرفع البنك المركزي المصري سعر الفائدة 100 نقطة اساس في اجتماعه المقبل و100 نقطة أساس أخرى في اجتماعه التالي.
قالت هبة منير، محلل الاقتصاد الكلي بشركة اتش سى: ” وجدير بالذكر أن نسبة التضخم السنوي في أغسطس تعد الأعلى منذ مايو 2019، متاثرة بتسعير السلع الأساسية المستوردة عند سعر صرف أعلى، بالاضافة الي اختناقات العرض الأمر الذي ساهم في ارتفاع التضخم، والذي يعد أعلى من مستهدف التضخم لدى البنك المركزي المعلن مسبقًا عند 7٪ (+/- 2٪ للربع الرابع من عام 2022).
وتوقعت أن لجنة السياسات النقدية قد تفضل رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة تدريجيًا بمقدار 100 نقطة أساس في الاجتماع القادم ثم رفعها بمقدار 100 نقطة أساس أخرى في الاجتماع التالي له. و تقدم مصر حاليا عائدًا حقيقيًا على أذون الخزانة لأجل 12 شهرًا قدره 208 نقطة أساس (باحتساب العائد الحالي على أذون الخزانة لأجل الـ 12 شهرا، بالاضافة لتوقعاتنا للتضخم عند 12.25% للـ 12 شهر القادمين و15% ضرائب على أذون الخزانة المفروضة على المستثمرين الأمريكيين والأوروبيين) مقارنة بالعائد الحقيقي على أدوات دين الولايات المتحدة لأجل عام عند سالب 245 نقطة أساس (بإحتساب عائد أدوات الدين أجل العام المقدر بـ 3.83٪، وتقديرات بلومبرج للتضخم للـ 12 شهر القادمين عند 6.28% مع افتراض عدم وجود ضرائب). وبناءً على افتراضاتنا وحساباتنا لسعر العائد المتوقع من قبل المستثمرين، نرى زيادة العائد على أذون الخزانة المصرية لأجل الـ 12 شهرًا في عام 2022 إلى 17.3٪ من 16.9٪ حاليًا حتى تحافظ على جاذبيتها.”
محمد راشد يتوقع رفع أسعار الفائدة 1%
وتوقع الدكتور محمد راشد الخبير الاقتصادي، قيام البنك المركزي المصري في اجتماعه القادم رفع سعر الفائدة بمقدار 1% بعد استمرار ارتفاع معدلات التضخم جراء استمرار ارتفاع أسعار السلع الغذائية علاوة علي تأثير رفع أسعار الوقود خلال شهر يوليو المنقضي بما لها من انعكاس علي ارتفاع تكاليف الإنتاج وارتفاع تكاليف نقل السلع والأفراد لكي يتمكن البنك المركزي من محاصرة التضخم.
وأشار إلى أن إستمرار معدل التضخم في الارتفاع وتجاوزه حاجز الـ15% علي اساس سنوي يتطلب امتصاص السيولة وخفض المعروض النقدى من خلال تشديد السياسة النقدية، موضحا أن رفع سعر الدولار الجمركي 19.31 سيسهم في ارتفاع التضخم نظرا لاسهامه في رفع أسعار السلع المستوردة وعن طريق خاصية الأواني المستطرقة سينتقل التأثير إلى أسعار السلع المحلية التي سترتفع هي الأخرى.
وأوضح أن قيام الفيدرالي الأمريكي بمواصلة اتباع السياسة النقدية الانكماشية من خلال رفع سعر الفائدة علي الدولار وتبعه في ذلك المركزى الأوروبى الذي رفع الفائدة بنحو مرتين، يخلق سباق المحموم تقوده البنوك المركزية عالميا يتطلب من البنك المركزي رفع أسعار الفائدة بمقدار 1% علي الأقل لتقوية ودعم الجنيه المصري من خلال رفع أسعار الفائدة عليه للايداع والاقراض حتى لا يتجه الأفراد للاستثمار في الدولار وزيادة الطلب عليه عوضا عن استثمار أموالهم في الودائع والشهادات البنكية وبالتالي سينعكس رفع أسعار الفائدة إيجاباً علي تهدئة سوق الصرف والسيطرة علي جنوح التضخم.
المركزي الأمريكي سيضغط على الأسواق برفع الفائدة
قال الدكتور محمد أنيس الخبير الاقتصادي، إن هناك عاملان أساسيان يحسمان أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري المقبل، هما التضخم، وقرارات الفيدرالي الأمريكي، مشيرا إلى أن البنك المركزي الأمريكي يستخدم أدوات السياسة النقدية لمحاربة التضخم، إلا أن هناك برامج أخرى مثل إيقاف البرامج التحفيزية حيث يعمد المركزي الاوروبي وبنك انجلترا عن التوقف إلى سياسة التيسير الكمي، ويعمل الفيدرالي الأمريكي تدريجيا في الحد من سياسة التيسير الكمي واستبدالها بالتشديد الكمي من أجل المحافظة على معدلات تضخم مقبولة.
وذكر أن السياسة التيسيرية التي يتبعها الفيدرالي الأمريكي كانت سببا رئيسيا في زيادة معدلات التضخم حيث يوفر سيولة طائلة في الأسواق وهو ما يسمى بـ” EASY MOENY”.
وأوضح أن التضخم الحالي في مصر والذي وصل إلى 14.6 % هو أمر متوقع وطبيعي في الحالة الاستثنائية التي تعيشها معظم الاقتصادات في العالم وهو ما يعني أن التضخم في مصر مستورد.
أشار إلى أنه من المتوقع أن يصل التضخم إلى ذروته لأنه ناتج عن ارتفاع أسعار القمح وأسعار النفط التي وصلت إلى مستويات قياسية مؤخرا ولكنها عاودت مرة أخرى الرجوع إلى ما كانت عليه قبل الأزمة العالمية.
وتابع: بدأ التضخم في أمريكا وأوروبا يقل نسبيا ونظرا لأن التضخم نتج عن هذا الأسباب وبدأت تنحسر قليلا، متوقعا أن يشهد التضخم حالة من الانخفاض في الفترة المقبلة ولن يزيد عن مستوى 18 % خلال الفترة المقبلة بنهاية العام الجاري.
وتمنى أن تبقى الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي عند 3.5 % حتى لا يضطر المركزي المصري إلى رفع الفائدة أكثر من 100 نقطة.
جدير بالذكر أن اللجنة قد أبقت على سعر الفائدة دون تغيير في اجتماعين متعاقبين بشهري يونيو واغسطس بعد أن قررت رفع سعر الفائدة 300 نقطة أساس من بداية العام وحتى تاريخه، تضمنت 200 نقطة أساس في مايو و100 نقطة أساس في مارس متزامنة بذلك مع قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع متراكم لسعر الفائدة بمقدار 225 نقطة أساس من بداية العام وحتى تاريخه. تسارع التضخم السنوي في مصر ليحقق 14.6% في أغسطس مقارنة بـ 13.6% في الشهر السابق مع زيادة التضخم الشهري بنسبة 0.9% في أغسطس مقارنة بزيادة نسبتها 1.3% على أساس شهري في يوليو.