تمثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة أهمية قصوى للاقتصاد القومي، تعتبر إحدى ركائز الاقتصاد المصري، فيحظى هذا القطاع باهتمام كبير من الدولة لما له من أهمية كبيرة في دفع النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل وتحقيق التنمية المستدامة.
وتتضح أهمية هذه المشروعات على المستويين المحلي والعالمي، عندما نعرف أن الكولونيل دافيد ساندرز بدأ شركة كنتاكي عام 1952 كمطعم صغير لبيع الدجاج المقلى على جانب الطريق بمقاطعة كنتاكي الأمريكية وقد أصبحت صاحبة أكثر من 20000 فرع في العالم؛ كما قام مايكل ديل بتأسيس شركة ديل الشهيرة Dell في غرفة الجامعة وبدأ تأسيس الشركة بمبلغ 1000 دولار.
كما بدأ دان وفرانك كارني “بيتزا هت” عام 1958 بقرض قيمته 600 دولار وقد أصبح عدد فروع بيتزا هت حول العالم الآن أكثر من 18000 فرع، وبدأ بنى ستيف جوبز شركة أبل والتي أحدثت ثورة في صناعة التكنولوجيا باستثمار قدره 35.1 دولار.
وفي مصر قام محمود العربي عام 1963 صاحب مصانع توشيبا العربي برأسمال قدره 5 آلاف جنيه.
قال الدكتور رضا فتحي، خبير التأمين الاستشاري وإدارة الأخطار، إن مما سبق يتضح أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة للاقتصاد القومي، فهي تعتبر إحدى ركائز الاقتصاد المصري. فيحظى هذا القطاع باهتمام كبير من الدولة لما له من أهمية كبيرة في دفع النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل وتحقيق التنمية المستدامة.
وتابع “تستحوذ المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في مصر على 98% من نشاط القطاع الخاص، و تسهم بنحو 43 % من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، فقد بلغ عدد المنشآت متناهية الصغر يبلغ 3.4 مليون منشأة، فيما يبلغ عدد الشركات المتوسطة 2200 منشأة والصغيرة 217 الف منشأة”.
وأكد على أن أهمية دعم هذا القطاع يساعد في تحقيق عدة أهداف وفقا لاستراتيجية مصر 2030، حيث تلعب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مصر دورًا كبيرًا في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن أنَّها تساعد على سد احتياجات السوق المحلية من المنتجات المصرية، بالإضافة إلى تقليل نسبة الاستيراد من الخارج بل زيادة التصدير في بعض القطاعات للخارج.
ولفت إلى أن المحافظة على معدلات نمو الدولة ترتبط ارتباطا وثيقا بمعدل نمو تلك المشروعات، ومع ذلك، فهناك العديد من التحديات والمعوقات (الأخطار) التي لا تتمكن معها الكثير من تلك المشروعات من الاستمرار سوى لفترات قصيره في السوق، فقد تبين في الواقع أن 70% (تقريبا) من الشركات الصغيرة والمتوسطة لا يمكنها الاستمرار لفترة طويلة فى السوق، وان عدد ضئيل جدا منها هو الذى يستمر في السوق لأكثر من 5 سنوات.
وأشار إلى انعكاس هذا التأثير السلبي على معدلات نمو الدولة، فمن المؤكد أن المحافظة على استمرارية تلك المشروعات في السوق ومساعدتها في مواجهة الأخطار المختلفة والتعامل معها سيؤدي إلى انخفاض معدلات فشل تلك المشروعات وخروجها من السوق وبالتالي مضاعفة معدلات نمو الدولة المرجوة.
وحول كيفية الحد من معدلات خروج المشروعات الصغيرة والمتوسطة من السوق، أوضح فتحي أن المعدلات الخاصة بخروج المشروعات الصغيرة والمتوسطة من السوق هي معدلات عالمية، وأن عدم توافر البيانات الخاصة بأسباب خروج تلك المشروعات من السوق بمصر يؤدى الى صعوبة في وضع الحلول السريعة والدقيقة التي تتناسب وطبيعة الاقتصاد المصري لتخفيض تلك المعدلات أو الحد منها وضمان استدامة المشروع في السوق.
وقال إن اتباع نهج قائم على إدارة الأخطار يمكِّن المشروعات الصغيرة والمتوسطة من السعي الجريء لتحقيق أهدافها في بيئة أكثر أمانا ورؤية أكثر وضوحا للمستقبل، كما يمكنها من الاستعداد للمعوقات والأخطار التي يمكنها من وضع الحلول المناسبة لمواجهتها وهذا ليس بأي حال من الأحوال دعوة إلى التهور أو المقامرة بالموارد، إنه يتعلق باتخاذ إجراءات عندما تقدم الفرص نفسها، استنادا إلى تقييم شامل لجميع الظروف، منوهاً أن هذا جزء لا يتجزأ من إدارة الأخطار.
وحول أهمية إدارة الأخطار ونمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة، قال إن قدرات المشروعات المتوسطة والصغيرة لمجابهه وتحمل العديد من مخاطر الأعمال محدودة بسبب طبيعة هذه المشاريع سواء المالية والإدارية او التسويقية؛ لذلك فإن العديد من تلك المشروعات لا تستطيع مواجهة الأخطار التي تتعرض لها وسرعان ما تخرج من السوق.
وأوضح أن أهمية إدارة الأخطار للمشروعات الصغيرة والمتوسطة تكمن في تحفيز القائمين على ادارة تلك المشروعات في كيفية التفكير بالمستقبل وتكوين رؤيا واضحة والتعرف على الأخطار التي قد تواجه المشروع نتيجة للمتغيرات السريعة التي تحدث في البيئة الخارجية والداخلية للمشروع، فكلما زادت سرعة التغير فإن فرص بقاء المشروع تصبح أقل وهنا تتضح أهمية سرعة الاستجابة في التعامل مع هذه المتغيرات بشكل ينعكس على المشروع إيجابيا ويحقق الاهداف ومن ثم البقاء والنمو والريادة.
ولفت إلى الهدف من إدارة الأخطار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة هو مراقبة وإدارة الأخطار الحالية والمستقبلية للشركة ووضع الخطط للحد من الأخطار التي يتعرض لها المشروع للتحقيق الأهداف، فترتفع قيمة الشركة كلما كان هناك تأكيدا بأن موقف الشركة من الأخطار التي قد تتعرض لها لا يتجاوز قدرتها على تحمل تلك الأخطار؛ والتى تتمثل فى قدرة الشركة على تحمل الخسائر الناجمة عن الأخطار التي دخلت فيها دون أن تؤى الى الخروج من السوق. وبالتالي، فإن إدارة الأخطار تشكل جانبا هاما من جوانب الإدارة.
وتابع “يتضح مما سبق أن هناك حاجةً ماسة إلى تدعيم وتعزيز مهارة إدارة الأخطار لما لها تأثير إيجابي على استمرارية تلك المشروعات وبالتالي على معدل النمو للاقتصاد القومي ككل”.
واقترح فتحي للمحافظة على هذه المشروعات، فيجب العمل خلال الفترة المقبلة على زيادة الوعي وثقافة أهمية إدارة الأخطار لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة والقائمين على إدارتها، بجانب إنشاء مكاتب أو مؤسسات متخصصة على غرار مكاتب المراجعة وخبراء المعاينات لوضع برامج لدراسات الأخطار الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة وفقا للبيئة الاقتصادية والاجتماعية في مصر.
وأكد على ضرورة ترخيص مكاتب إدارة الأخطار على غرار مكاتب المراجعة المالية وخبراء المعاينات لتقديم تقارير ونماذج نمطية للمخاطر التي تتعرض لها المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر، بجانب طلب تقرير إدارة الأخطار من ضمن مستندات القروض التي قدمها البنوك والمؤسسات المالية، مؤكداً على ضرورة توافر بيانات للمشروعات التي تعرضت إلى الخروج من السوق والأخطار التي أدت إلى ذلك لوضع الحلول لتصحيح المسار.