تصوير : كامل أمين
أكد الدكتور أشرف إسماعيل رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية على أهمية (التطبيب عن بعد) في تحقيق الإتاحة والوصول لخدمات الرعاية الصحية تحقيقا لأهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030 من تغطية صحية شاملة وتحقيق العدل والمساواة والقضاء على الفقر، إلى جانب الحاجة المُلحة لممارسة التطبيب عن بُعد في ظل نقص الكوادر البشرية في التخصصات الطبية الدقيقة والحرجة.
جاء ذلك خلال المؤتمر الموسع الذي نظمته اليوم الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية تحت رعاية الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، ومنظمة الصحة العالمية، والمجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية تحت عنوان: (التطبيب عن بعد.. خطوة تتبعها خطوات) والذي ناقش التحول الرقمي للقطاع الصحي المصري بحضور نخبة من الخبراء من مختلف أطراف المنظومة الصحية.
اشار إلى ان صناعة التطبيب عن بعد اصبحت واقعا فرضته تكنولوجيا الاتصالات الحديثة كما فرضه واقع الجوائح العالمية التي هددت النظام الصحي العالمي في ظل ازدياد احتياجات المجتمع لخدمات الرعاية الصحية الطارئة منها وغير الطارئة.
تنظيم مختلف هذه العلاقات في إطار قانوني وإجرائي
أوضح رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية أن تعريف منظمة الصحة العالمية للتطبيب عن بُعد لم يشمل فقط توفير خدمات الرعاية الصحية من خلال التواصل بين مقدمي خدمات الرعاية الصحية للحصول على الاستشارات الطبية (التطبيب عن بعد من مقدم خدمة إلى مقدم خدمة)؛ لكنه يمتد أيضا للتواصل بين المرضى الراغبين في الحصول على خدمات الرعاية الصحية عن بعد ومقدمي الرعاية الصحية (التطبيب عن بُعد من مريض إلى مقدم خدمة)، مما يستوجب تنظيم مختلف هذه العلاقات في إطار قانوني وإجرائي وهو ما دفع هيئة الاعتماد والرقابة الصحية، بالشراكة مع وزارة الصحة والسكان، ومنظمة الصحة العالمية، والمجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية، لتناول وحوكمة الممارسات الطبية عن بعد.
وقال نبحث عن التحديات التي تواجه التطبيق الصحيح لها ومناقشة قابليته وتقنينه وتلخيصه واعتماده حتى تعمل ضمن إطار قانوني يضمن فاعليتها وجودتها وانضباطها من خلال تنظيم سلسلة من ورش عمل تهدف إلى دعم مناقشة السياسات وتناول جميع محاور التنفيذ والأطر التنظيمية للتطبيب عن بعد. حيث قامت فكرة هذه الورش على مناقشة وتحليل خبرات الدول السابقة في مجال التطبيب عن بعد بمحاور تنفيذه الأربعة وشملت هذه الدول; (كندا – الولايات المتحدة الأمريكية – فرنسا – المملكة المتحدة – المملكة العربية السعودية – الامارات العربية المتحدة – الهند – اليابان).
أشادت الدكتورة نعيمة القصير، ممثل منظمة الصحة العالمية بجمهورية مصر العربية، بالدور الهام لمصر في البحث العلمي و توليد الأدلة ، وتقديم الحلول العلمية المبتكرة بالتعاون مع الشركاء علي المستوي المحلي و الإقليمي والعالمي خاصة ما قامت به وزارة الصحة والسكان المصرية من تشجيع للعديد من الابتكارات الصحية الرقمية التي توفر فرصا حقيقية للتغلب على تحديات النظام الصحي خاصة في ظروف جائحة كوفيد-19 التي ساهمت، بالرغم من تأثيرها سلبا على الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم، في تشجيع الابتكار العلمي في مجال الرعاية الصحية الذي مثل بوابة للاستجابة للعديد من التحديات الناشئة عن الأزمة في جميع أنحاء العالم، حيث تعد أول جائحة في التاريخ تستخدم فيها التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع للحفاظ على سلامة الناس، وأدت إلى ثورة في استخدام الابتكار الرقمي لتوقع ورصد ومكافحة انتشار العدوى، فضلا عن توفير خدمات التشخيص والرعاية الافتراضية.
تشجع الدول الأعضاء على صياغة استراتيجيات قومية للصحة الرقمية
تابعت: أن منظمة الصحة العالمية أعلنت بالفعل الاستراتيجية العالمية بشأن الصحة الرقمية 2020 – 2025 ، والتي تشجع الدول الأعضاء على صياغة استراتيجيات قومية للصحة الرقمية وفقا لأولوياتها لتحقيق نظم صحية أقوى وأكثر مرونة وأقرب للناس ، ويشمل ذلك بالطبع الأطر التشريعية والمالية ، والحوكمة اللازمة لضمان كافة حقوق المرضى من سرية معلوماتهم الطبية وتسهيل وتأمين تبادل المعلومات و ضمان مستوى الخدمة التي تقدم لها بما يتوافق مع أخلاقيات المهنة.
أضافت د. نعيمة القصير أن بعض دول الإقليم استفادت من بنيتها التحتية للتكنولوجيا أكثر من غيرها ، وأن التعاون مع الشركاء في ورش العمل أوضح أن هناك الكثير من التجارب الناجحة في مصر التي استفادت من التكنولوجيا وتقديم خدمات التطبيب عن بعد ، مما ساعد كثير من المرضى من الاستفادة بخدمات صحية بشكل ايسر و أحياناً بشكل أقل تكلفة لهم إلى جانب القدرة على التواصل مع استشاريين مما يزيد من التعلم والتدريب الاكلينيكي كما عرضت المبادرة الرئاسية للتطبيب عن بعد التعاون بين المستشفيات الجامعية في القاهرة وبعض المستشفيات في صعيد مصر والمناطق النائية مشيرة إلى استفادة النظم الصحية أيضاً من التعامل مع المواطنين لحجز التطعيمات ، من خلال بوابتها الإلكترونية مما قلل التزاحم و الضغط على بعض المنشآت الصحية دون غيرها فضمن توزيعاً افضل و خدمة افضل للمواطن و عبء أقل على المنشآت الصحية مما يجعلنا نتطلع نحو تحقيق أهداف الصحة للجميع عن طريق الاستفادة أكثر و أكثر من التطبيقات التكنولوجية المختلفة.
وجهت د. نعيمة القصير، الشكر للهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية على المبادرة لبدء حوار السياسات والحرص على الوصول لمعايير تجمع كل الشركاء المعنيين في مختلف القطاعات، وللهيئة العامة للرعاية الصحية على تطلعها للاستفادة من كافة الوسائل التكنولوجية لتحقيق التغطية الشاملة للمواطن المصري، وكذا لهيئة التأمين الصحي الشامل وحرصها على الاستدامة المالية والاقتصادية للتغطية الصحية الشاملة.
إدارة وتمويل منظومة التأمين الصحي الشامل، تتبنى الفكر الخاص بتطبيق تكنولوجيا المعلومات
من جانبه أوضح المهندس حسام صادق، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل، أن هيئة التأمين الصحي الشامل، المسئولة عن إدارة وتمويل منظومة التأمين الصحي الشامل، تتبنى الفكر الخاص بتطبيق تكنولوجيا المعلومات في تقديم الخدمات الصحية للمستفيدين بمنظومة التأمين الصحي الشامل من خلال الأدوات التكنولوجية المتاحة لدى مقدمي الخدمة وعلى رأسها خدمات التشخيص عن بعد التي تعمل الهيئة على دراستها خلال الفترة الحالية بالشكل الكافي لاعتمادها في حزمة الخدمات التي تقدمها الهيئة من خلال المنظومة بعد أن يتم تقنينها، مشيرا إلى أهمية تنظيم استخدام التكنولوجيا من الناحيتين القانونية والاجرائية وهو ما يوفره استصدار القانون الذي يتم دراسته حاليا في مجلس الشيوخ ومجلس النواب.
أشار إلى أهمية تحديد التخصصات التي سيكون مسموح بها تقديم الخدمات من خلال التطبيب والتشخيص عن بعد ، على سبيل المثال يمكن للهيئة أن توصي بالمتابعة مع المريض عن بعد لتوفير الوقت والجهد والتكلفة التي تستهلكها المتابعة حاليا في العيادات الطبية مما يؤدي إلى خفض نسب الترددات إلى ما يتراوح بين 40% و50% بوحدات طب الأسرة، كذلك المتابعة لأصحاب الأمراض المزمنة والأورام توفيرا لوقتهم ومجهودهم خاصة وأن حالة صاحب المرض المزمن حالته لا تتغير بمعدل سريع وبالتالي تلعب التكنولوجيا هنا دورا هاما في عمليه المتابعة خاصة مما يقلل حالات الانتظار، وهي الشكوى الرئيسية من المستفيدين بالمنظومة، مما يؤدي إلى زيادة إنتاجية الطبيب وتقليل العبء علي المريض نتيجة خفض عدد الترددات علي العيادات الخارجية وعيادات طب الأسرة بنسبة ٥٠٪ ويوفر فرصة أمام عدد أكبر من المرضى للكشف لأول مرة مؤكدا أن الهيئة تتبنى كافة أنواع الابداعات التكنولوجية الجديدة التي تساعد المرضي في رحلة علاجهم تحت ظل التأمين الصحي الشامل.
أشار الدكتور محمد الوحش، وكيل لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، في كلمته إلى أهمية اصدار قانون المسئولية الطبية وقانون التطبيب عن بعد لتحديد المسئوليات بدقة مشيدا بجهود الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية في ضبط مخرجات القطاع الصحي المصري وضمان مستوى جودة الخدمات المقدمة لمنتفعي التأمين الصحي الشامل.
عقب الجلسة الافتتاحية، استعرض د. جاسر جاد الكريم، منسق النظم الصحية بمنظمة الصحة العالمية بجمهورية مصر العربية، تفاصيل التحول الرقمي في القطاع الصحي المصري ودور منظمة الصحة العالمية في هذا الإطار.
قال الدكتور جاسر الكريم، “نتشرف بدورنا الداعم لاستراتيجية التحول الرقمي فى مصر والعمل مع هيئات التأمين الصحى الشامل لدفع ملف التطبيب عن بعد في سياق الدعم الفني للتحول الرقمى ونظم المعلومات الصحية للنظام الصحى فى مصر.
بناء قانون سليم يجب أن يتوافق مع نموذج عمل صحيح ومتكامل يخضع للتقييم المستمر
استعرض الدكتور أحمد صفوت، عضو مجلس إدارة هيئة الاعتماد والرقابة الصحية، خلال عرض تقديمي أهم النتائج الخاصة بتحليل البيانات والمشاركات خلال سلسلة ورش العمل التي أدارها وصولا إلى الورشة الأخيرة التي تناولت الجانب القانوني والتشريعي لمستقبل “التطبيب عن بعد” مؤكدا أن بناء قانون سليم يجب أن يتوافق مع نموذج عمل صحيح ومتكامل يخضع للتقييم المستمر، قائم على فهم الاحتياجات والمشكلات المجتمعية، وتحديد أهداف قابلة للتحقق، فضلا عن دراسة مخاطر التطبيق وهو ما استهدفت الهيئة الوصول إليه من خلال مشاركات مختلف الأطراف المعنية في ورش العمل.
شارك بالمؤتمر الدكتور حازم مصطفى، الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية، اللواء طبيب خالد تعلب، رئيس الأكاديمية الطبية العسكرية، لواء أيمن موسى، رئيس مجلس إدارة الشركة العربية الافريقية للصناعات الطبية بالهيئة العربية للتصنيع، محمد عامر، مستشار رئيس الهيئة العامة للشراء الموحد والامداد والتموين الطبي والتكنولوجيا الطبية للتحول الرقمي، و الدكتور محمد فريد، امين نقابة الأطباء، ونخبة من المتخصصين والخبراء.