• logo ads 2

المستشار دكتور محمد جبريل يكتب: المعالجة الجنائية لتقليد وتزوير وتزييف العملات الوطنية

alx adv
استمع للمقال

 

لا شك أن جرائم التقليد والتزوير والتزييف تُعد من أخطر الجرائم التي تهدد اقتصاد الدولة ، ذلك لأنها تؤدي إلي الإضرار بالعملة الأصلية في البلاد ، وفقدانها الثقة التي يجب أن تتوافر لها عند المواطنين والمستثمرين والتجار ، بما يعود باثر سلبي على مصالح الدولة ، ويهدد استقرار الدولة وأمنها .
فمن أهم أثار تقليد العملة أنها تؤدي خسائر مباشرة وفادحة للأفراد ، كما تؤدي إلي فقدان العملة الاصلية قيمتها الحقيقية في الاسواق المحلية والعالمية و في البورصات الدولية؛ مما يجعل إقبال الافراد والمؤسسات والشركات على العملة ضعيف ، وهو ما يتسبب في النهاية إلي إضعاف عمليات التجارة الدولية مع تلك الدولة .

اعلان البريد 19نوفمبر

وفي الحقيقة فإن سهولة ارتكاب هذه الجريمة وسرعة مكاسبها تغري كثير من المجرمين لارتكابها ، حيث تقوم عصابات منظمة بطباعة العملة المحلية وخصوصا الفئات الورقية الصغيرة منها لسهولة ترويجها فى الأسواق والمحال التجارية، وتستغل انخفاض القوة الشرائية للعملات لإغراق الأسواق بها ، بحيث تصدر تلك الأموال دون غطاء نقدى مما يمثل كوارث حقيقة تهدد الاقتصاد بالانهيار .
ومن جهة آخري فقد سهلت التكنولوجيا الحديثة وماكينات الطباعة بالليزر ارتكاب هذه الجريمة ، فتتم عمليات التقليد والتزوير والتزييف فى سرعة متناهية ، ودقة تقليد كبيرة مما يؤدي إلي صعوبة التعرف علي العملات المقلدة إلا من خلال متخصصين محترفين فى التعاملات المالية .

. ولقد عالج المشرع المصري جرائم تقليد وتزييف وتزوير العملات في الباب الخامس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، ونص في المادة 202 منه علي أنه :- ” يعاقب بالسجن المشدد كل من قلَّد أو زيف أو زور بأية كيفية عملة ورقية أو معدنية متداولة قانوناً في مصر أو في الخارج ، ويعتبر تزييفاً انتقاص شيء من معدن العملة أو طلاؤها بطلاء يجعلها شبيهة بعملة أخرى أكثر منها قيمة ، ويعتبر في حكم العملة الورقية أوراق البنكنوت المأذون بإصدارها قانوناً ”

وتنص المادة 203 من ذات القانون علي أنه :- ” يعاقب بالعقوبة المذكورة في المادة السابقة كل من أدخل بنفسه أو بواسطة غيره في مصر أو أخرج منها عملة مقلدة أو مزيفة أو مزورة ، وكذلك كل من روَّجها أو حازها بقصد الترويج أو التعامل بها ”

وتنص المادة 203 مكرر من ذات القانون علي أنه :- ” إذا ترتب على الجرائم المنصوص عليها في المادتين السابقتين هبوط سعر العملة المصرية أو سندات الحكومة أو زعزعة الائتمان في الأسواق الداخلية أو الخارجية جاز الحكم بالسجن المؤبد .

وتنص المادة 204 من ذات القانون علي أنه :- ” كل من قبل بحسن نية عملة مقلدة أو مزيفة أو مزورة ثم تعامل بها بعد علمه بعيبها يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه ”
وتنص المادة 204 مكرر (2) من ذات القانون علي أنه :- ” يعاقب بالحبس كل من صنع أو حاز بغير مسوغ أدوات أو آلات أو معدات مما يستعمل في تقليد العملة أو تزييفها أو تزويرها ”

العلة من تجريم تزييف وتزوير العملة :

ترجع العلة في تجريم هذه الأفعال إلي أهمية الدور الذي تقوم به هذه العملات في شتي مجالات الحياة ، ليس بين الأفراد بعضهم ببعض ولكن بين الدول أيضاً ، ومن ثم فإن المساس بهذه العملات يمثل تعدي علي الثقة العامة ، وزعزعة لاقتصاد البلاد ، إلي جانب الاعتداء علي أموال الناس .

فلا شك أن التزييف والتزوير للعملات يضر بالمصلحة العامة ، ناهيك عن الإضرار بمصالح الأفراد ، حيث أنها وسيلة تقّوم بها السلع والخدمات ، كما أنها معيار يقاس به الموقف الاقتصادي للبلاد .

الركن المادي لجريمة تزييف وتزوير العملات :

ينصب الركن المادي لهذه الجريمة علي العملة ، وهي الأداة التي تمثل قيمة معينة ، وتنصرف إلي العملة الورقية أو المعدنية ، ولا تنصرف إلي بقية النقود من المسكوكات كالشيكات أو الكمبيالات أو الأسهم والسندات ، واشترط المشرع أن تكون هذه العملة الورقية أو المعدنية متداولة في مصر أو في الخارج ، أي معمول بها بين الناس باعتبارها وسيلة للوفاء بالالتزامات .

ويأخذ الركن المادي لهذه الجريمة صورة التقليد ،والتزييف ، والتزوير ، والتقليد هو صنع عملة مشابهة للعملة الحقيقية ومماثلة لها ، أما التزييف فهو يقع علي العملة المعدنية بالانتقاص من معدنها أو طلاؤها بطلاء يجعلها شبيهة بعملة أخري أكثر منها قيمة ، مثال جعل عملة فضية تشبه الجنية الذهب مثلاً .

أما التزوير فهو يقع علي عملة حقيقة بتغيير معالمها، فيقع بتغيير الحقيقة بحذف بعض البيانات بالكشط أو المحو ، أو إضافة بيانات أخري .

ويتصور الشروع في جرائم التقليد أو التزييف أو التزوير للعملات ؛ لكون هذه الأفعال تمثل جناية ، ويتحقق الشروع متي بدأ الجاني في التنفيذ ثم يوقف النشاط أو يخيب أثره لأسباب لا دخل لإرادته فيها .

الركن المعنوي لجريمة تزييف وتزوير العملات :

يجب أن يتوافر لدي الجاني القصد الجنائي لتقليد أو تزييف أو تزوير العملة بعلمه بما يقوم به وإدراكه لعناصره ، واتجاه ارادته إلي ذلك ، ومن ثم فلا تتحقق الجريمة بدون قصد كما في حاله الخطأ ، كما يجب أن تتوافر نية الجاني الخاصة بترويج هذه العملات والحصول علي الربح غير المشروع عن طريقها .

ومن ثم فتنتفي الجريمة إذا جهل الجاني حقيقة العملة التي يعمل علي تقليدها أو تزييفها أو ارتكب الجريمة لإظهار براعته في المحاكاة والتقليد بدون ترويج لما قام به .

ولكن تقوم الجريمة متي ارتكبها الجاني وهو عالماً بموضوعها وبغرض ترويج العملة والتربح من ورائها ، ولا عبرة بعد ذلك بتحقيق الربح من عدمه .

العقوبة المقررة لجريمة تزييف وتزوير العملات :

 

وضع المشرع عقوبة السجن المشدد لكل من قلَّد أو زيف أو زور بأية كيفية عملة ورقية أو معدنية متداولة قانوناً في مصر أو في الخارج .

والسجن المشدد وفقاً للمادة 14 من قانون العقوبات هو وضع المحكوم عليه في أحد السجون المخصصة لذلك قانوناً، وتشغيله داخلها في الأعمال التي تعينها الحكومة، وذلك طوال المدة المحكوم بها عليه ، ولا يجوز أن تنقص مدة عقوبة السجن المشدد عن ثلاث سنين ولا أن تزيد على خمس عشرة سنة إلا في الأحوال الخاصة المنصوص عليها قانوناً.
كما يجب إعمالاً للمادة 30/2 من قانون العقوبات مصادرة العملات المضبوطة ؛ لأن العملات المقلدة والمزورة والمزيفة تعد من الأشياء التي يعد صنعها أو استعمالها أو حيازتها أو بيعها أو عرضها للبيع جريمة في ذاته ، ومن ثم تكون المصادرة وجوبية وليست جوازية .

تشديد العقاب علي مرتكب جريمة تقليد وتزييف وتزوير العملة :

قرر المشرع تشديد العقاب علي مرتكب جريمة تقليد أو تزييف أو تزوير العملة في ثلاث حالات حددتها المادة 203 عقوبات وهي :-
( 1 ) إذا ترتب على الجريمة هبوط سعر العملة المصرية .

( 2 ) إذا ترتب علي الجريمة هبوط ائتمان سندات الحكومة.
( 3 ) إذا ترتب علي الجريمة زعزعة الائتمان في الأسواق الداخلية أو الخارجية .

وفي هذه الحالات الثلاث يجوز تشديد العقاب ليحكم علي الجاني بالسجن المؤبد ، بوضع المحكوم عليه طوال مدة حياته في أحد السجون المخصصة لذلك قانوناً .

الإعفاء من العقوبة :

 

من يبادر إلي الإخبار و التبليغ عن غيره من مرتكبي الجريمة يعفي من العقاب ، حيث تنص المادة 205 من قانون العقوبات علي أنه :- ” يعفى من العقوبات المقررة في المواد 202، 202 مكرراً، 203 كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بتلك الجنايات قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة وقبل الشروع في التحقيق.
ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع في التحقيق متى مكَّن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة .

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار