نظم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، ورشة العمل الـ13 في إطار إعداد مشروع بحثي متكامل لصياغة السيناريوهات اللازمة للتعامل مع الوضع الاقتصادي العالمي خلال عامي 2023 و2024، وذلك بعقد جلسة نقاشية موسعة حول الإصلاحات الهيكلية، بحضور 23 من خبراء الاقتصاد وأعضاء مجلس النواب، وممثلي الجهات التنفيذية ومكاتب الاستشارات الدولية، وذلك تنفيذًا لتكليفات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء.
وفي مستهل الجلسة، قدمت الدكتورة هبة عبد المنعم، رئيس محور شئون المكتب الفني لرئيس المركز، عرضا حول أبرز المشكلات التي تواجه الاقتصاد العالمي خلال الفترة الحالية، بسبب تشابك التداعيات الناتجة عن انتشار أزمة “كوفيد – 19” مع آثار الأزمة الأوكرانية، وما نتج عنها من أزمة كبيرة متعددة الأبعاد يشهدها مختلف دول العالم حاليًا، وذلك بعد ارتفاع معدلات التضخم إلى أعلى مستوياتها تاريخيًا، مشيرة إلى التداعيات الناتجة عن اتجاه البنوك المركزية الكبرى لرفع أسعار الفائدة في مواجهة ارتفاع معدلات التضخم، وتأثير ذلك على الأسواق الناشئة وزيادة المديونية العالمية وتقليص توقعات النمو الاقتصادي بالدول المتقدمة والنامية على حد سواء.
كما استعرضت أبرز التوقعات حول المخاوف من احتمالية ركود الاقتصاد العالمي، في ظل استمرار أزمات نقص المعروض وتضاعف حجم الطلب، مشيرة إلى لجوء العديد من الدول إلى آليات جديدة من سلاسل الإمداد بما يضمن استقرار اقتصاداتها والحركة بالأسواق.
فيما قدمت بثينة فرج، مدير إدارة تحليل المعلومات والبحوث بالمركز، عرضًا متكاملاً حول برنامج الإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري، ومدى تأثر الاقتصاد بالأزمات المتعاقبة منذ انتشار الجائحة، وما تم إنجازه من إصلاحات نتيجة لتبني الدولة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي منذ عام 2016، من حيث تقليص عجز الموازنة، وزيادة فرص التشغيل، وزيادة تدابير الحماية الاجتماعية وإصلاح دعم الطاقة، وما ارتبط به من القدرة على احتواء آثار الجائحة، وتعظيم الطاقات الإنتاجية للاقتصاد المصري في قطاعات الزراعة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وغيرها.
وخلال المناقشات، أكد الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن تشابك الأزمات منذ انتشار “كورونا” وحتى الأزمة الروسية الأوكرانية أدى إلى حدوث تداعيات سلبية على الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أن تغيرات المناخ والتوترات الجيوسياسية على مستوى العالم قد تحمل تبعات سلبية مستقبلية على الاقتصاد العالمي.
وأشار إلى وجود حاجة إلى وجود ما يسمى بـ”اقتصاد إدارة المخاطر” في ظل عصر يمتلئ بالأزمات، لافتًا إلى أن برنامج الإصلاح الهيكلي للاقتصاد يستهدف زيادة صلابة ومرونة أساس الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات، خاصة بعد إطلاق وثيقة سياسية ملكية الدولة؛ بهدف زيادة نسبة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري.
وفي الوقت نفسه، أكد الدكتور فخري الفقي أن إصلاح منظومة دعم المواد البترولية والتموينية كان بمثابة خطوة ضرورية لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، وبما يسهم في إصلاح التشوهات الهيكلية للاقتصاد المصري، مطالبًا بزيادة نسبة مساهمة ودائع الجهاز المصرفي المصري في منظومة التمويل العقاري لتحفيز النشاط الاقتصادي، وخفض نسب التحصيل بقانون التصرفات العقارية إلى 1% لتحفيز الطلب بالسوق، والاستمرار في خطوات تعميق التصنيع المحلي.
وفي السياق نفسه، طالب النائب عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، بإعادة النظر في هياكل عمل الهيئات الاقتصادية وموازناتها الفرعية ضمن جهود الإصلاح الهيكلي، مشيرًا إلى الحاجة إلى وجود خطة محددة التوقيتات والأهداف لإصلاح الجهاز الإداري للدولة، وزيادة نسب مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري.
في حين طالبت النائبة ميرفت مطر، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، باتباع قواعد مختلفة فيما يخص تعيينات الجهاز الإداري للدولة تستهدف انتقاء أفضل العناصر المدربة والمؤهلة، بما يسهم في تحقيق مستهدفات الإصلاح الهيكلي لقطاعات الجهاز الإداري للدولة، كما شدد النائب أحمد المصري، عضو مجلس النواب، على أن برنامج الإصلاح الهيكلي يمثل أهمية كبرى للاقتصاد المصري.
وقالت النائبة سميرة الجزار، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب: لابد من استمرار جهود الإصلاح الإداري من خلال إصلاح هيكل الأجور، فيما أكد النائب أيمن محسب عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن هناك حاجة إلى وضع خطة لتوعية الرأي العام بالتحديات الاقتصادية العالمية والجهود المنفذة محليًا لمجابهتها.
وأكدت النائبة هناء فاروق، عضو مجلس النواب، أن إصلاح المحليات يتيح حلولاً أكثر فعالية لتسريع الأداء الاقتصادي وتنفيذ المشروعات، في حين يرى النائب نبيل عسكر، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أنه لابد من زيادة خطوات الترويج للسياحة المصرية ودعم المحاصيل الزراعية التصديرية كأهم الخطوات المطلوبة لزيادة النقد الأجنبي.
وتحدث الدكتور حسين أباظة، المستشار الدولي للتنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر، عن قيام الدولة بالكثير من الإنجازات على الأرض بما يتطلب ضرورة العمل على إصلاح الجهاز الإداري للدولة للحفاظ على المكتسبات المحققة، مشيرًا إلى أن الدولة تسعى جاهدة إلى تنفيذ منظومة متكاملة للتحول الرقمي والميكنة كأحد جهود القضاء على الفساد، مؤكدًا أن النهوض بالمنظومة التعليمية وتدريب الكوادر البشرية وتهيئة المناخ التشريعي يعد من أبرز الجهود المطلوبة للإصلاح الإداري للدولة، بجانب دعم قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية ضمن جهود الإصلاح الهيكلي للاقتصاد.
وأكد الدكتور حسام علام المدير الإقليمي لبرنامج النمو المستدام بمركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا “سيداري”، أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تمثل أسرع فرص التنمية الاقتصادية في مصر، بفضل ما تمتلكه من إمكانيات وحوافز استثمارية.
ولفت ثابت أمين، الكاتب الصحفي بجريدة الأهرام، إلى أهمية تعظيم قدرات العناصر البشرية بجانب استغلال الخامات المحلية لتعزيز النشاط الاقتصادي.
وشدد الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، على ضرورة إصلاح هيكل العمل بالجمعيات الزراعية، باعتبارها من أهم قنوات الاتصال مع المزارعين، وبما يسهم في إصلاح هيكل القطاع الزراعي، مطالبًا بضرورة استمرار دور الدولة كمنظم للنشاط الاقتصادي ضمن وثيقة سياسة ملكية الدولية مع ضمان شفافية قواعد المنافسة في السوق، مشيرًا إلى أن مشروع التحول الرقمي للدولة يسهم في حل العديد من المشكلات المرتبطة بأداء الجهاز الإداري للدولة.
وقال الدكتور سامح الترجمان، الرئيس الأسبق للبورصة المصرية، إن الاهتمام ببرامج تدريب العمالة البشرية يعد عاملاً أساسيًا لدعم النشاط الاقتصادي، مشيرًا إلى أن تمكين القطاع الخاص يتطلب منحه المزيد من الحوافز الضريبية، بجانب وضع قائمة محددة بالقطاعات الاقتصادية ذات الأولوية ضمن خطة النهوض بالأداء الاقتصادي، مشيرًا إلى أن قطاع صادرات الذهب المعاد استخدامه في مصر يحتل مكانة مهمة عالميًا، بما يشير إلى الحاجة إلى وضع تصور لكيفية تعظيم عوائده.
وذكر محمد عبد الجواد، الشريك بمكتب “ادسير” للاستشارات القانونية والمحاماة، أن تطبيق قواعد الاقتصاد الحر يتطلب التأكيد على قيم المنافسة ومنع الاحتكار وفق آليات واضحة ضمن وثيقة سياسة ملكية الدولة، مع اتخاذ خطوات سريعة لإنجاز ملف الإصلاح الضريبي كأحد متطلبات جذب الاستثمار.
وأكد الدكتور نادر خضر، مساعد المستشار الاقتصادي بوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أنه قد تم إنجاز حوالي 78 % من برنامج الإصلاح الهيكلي في مرحلته الأولى من أبريل 2021 وحتى أكتوبر 2022، مشيرًا إلى أن برنامج الإصلاح الهيكلي يضم 6 محاور لإصلاح هياكل القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة وتحسين إنتاجيتها وصادراتها وغيرها، ويستهدف إصلاح أنظمة التراخيص وتخصيص الأراضي والتشغيل والتعامل مع المستثمرين وتحسين بيئة الأعمال عبر الميكنة والتحول الرقمي، مؤكدًا أن المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الهيكلي تتضمن 200 إجراء لتحقيق أكثر من 50 هدفًا لتحسين الأداء الاقتصادي.
وفي السياق نفسه، أشار الدكتور محمد فوزي، الخبير الاقتصادي بوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إلى أن الوزارة أجرت دراسة لتداعيات استمرار الأزمة الأوكرانية على الاقتصاد المصري في 11 موضوعًا، مثل: النمو والتضخم وإيرادات قناة السويس وتدفقات الاستثمار الأجنبي والدين والبطالة وغيرها، وذلك في إطار العمل على الإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري، الذي أكد أنه يتضمن خططًا لدعم الحماية الاجتماعية للمواطنين والترويج السياحي للمقاصد المصرية وإصلاح أوضاع البورصة وزيادة الاستثمارات الأجنبية وخفض الدين العام.
كما نوهت كريستين رجائي، الباحث الاقتصادي بوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، بأن الوزارة قامت بدراسة التجارب الدولية الناجحة في الإصلاحات الهيكلية وأثرها على أرض الواقع، بما ينعكس على فعالية تنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري.
وفي السياق نفسه، أكدت هبة جاد الحق، مدير عام تنظيم المال والإنتاج بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، أن الجهاز يعمل وفق خطة للإصلاح الإداري منذ عام 2014 ضمن خطة مصر 2030، مشيرة إلى أن برنامج الإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري يضم بنودًا للتطوير المؤسسي؛ حيث تم الانتهاء من إعادة هيكلة جميع الوزارات؛ بهدف تحديد الاختصاصات بينها وفض التشابكات بين الوزارات وهيئاتها التابعة، لافتة إلى أنه يتم العمل على تبسيط إجراءات العمل داخل هيئة التنمية الصناعية بجانب الهيئة العامة للاستثمار، مؤكدة أن إصلاح الجهاز الإداري للدولة يتم وفق قواعد الحوكمة وذلك من خلال عمل اختبارات تخصصية للمتقدمين للوظائف العامة.
وأضافت أن الجهاز يستهدف تطوير نظم الإدارة المحلية وهياكلها التنظيمية، خاصة بعد أن تم الانتهاء من التطوير الحكومي على المستوى المركزي، وما شمله من إجراء تدريب لكافة العاملين المنتقلين إلى العاصمة الإدارية.
وتحدثت الدكتورة نجلاء حرب، مدير مركز العلاقات الاقتصادية بمعهد التخطيط القومي، عن تفاقم أزمة التضخم العالمي وعلاقته بقدرة العديد من دول العالم على سداد التزاماتها الخارجية، مشيرة إلى أنه لابد من استثمار خروج رؤوس الأموال من مناطق الصراعات في زيادة التدفقات الأجنبية للاقتصاد المصري وبما يسهم في زيادة الأصول الأجنبية في الجهاز المصرفي، وذلك من خلال إمكانيات المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتي تعد نقطة جذب قوية للاستثمارات ضمن أشكال سلاسل الإمداد الجديدة، ومطالبة بإتباع سياسة مرنة لسعر الصرف وإحكام الرقابة على الأسواق ودعم قطاعات التشغيل والإنتاج، والتي تعد من أبرز متطلبات النهوض بالأداء الاقتصادي.
وقال الدكتور عاطف الشبراوي استشاري برامج التمكين الاقتصادي ببرنامج “فرصة” بوزارة التضامن الاجتماعي، إن زيادة برامج دعم المشروعات الصغيرة للأسر تعد من أهم متطلبات الحماية الاجتماعية للمواطنين، وبما يضمن استدامة منظومة الدعم الإنتاجي، بجانب استمرار جهود الدولة لدعم الشركات الناشئة، مشيرًا إلى أن جذب الاستثمارات الأجنبية يحتاج إلى العمل على عدة مستويات من أجل تحقيق المزيد من التحسن في ترتيب مصر في عدد من المؤشرات الدولية.
وساق الدكتور مصطفى أشرف، ممثل مبادرة “إرادة” بوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، مجموعة من التوصيات المطلوبة لتعزيز الإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري، خلال مشاركته الافتراضية بالورشة، من بينها مراجعة القوانين المنظمة للأنشطة الاستثمارية، ومقارنة مدى فاعليتها على أرض الواقع، وزيادة الحوافز المطلوبة لتعظيم عوائدها، والتأكد من الانتهاء من وضع الأطر القانونية للأنشطة الاستثمارية التي دخلت إلى السوق المصرية حديثًا، مثل: نشاط استرداد غازات الشعلة، لافتًا إلى أن مبادرة “إرادة” تعمل على تطبيق دليل لتبسيط الإجراءات الإدارية وتعميمه على الجهاز الإداري للدولة.
كما لفت الدكتور سيد عطية، ممثل مبادرة “إرادة” بوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، خلال مشاركته الافتراضية بالورشة، إلى أهمية تعزيز الحوافز الممنوحة إلى القطاعات التصديرية، وإزالة المعوقات التي تواجهها، بجانب زيادة أدوار جهاز المشرعات الصغيرة والمتوسطة في دعم مختلف الأنشطة الاقتصادية.
تجدر الإشارة إلى أن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار قد أطلق سلسلة من ورش العمل في 2 فبراير الماضي، بهدف الاستماع إلى كل الآراء والأفكار لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، وقام بتنظيم 13 ورشة عمل حتى الآن من مجمل 20 ورشة عمل مخططة في إطار ذلك المشروع، انتهت إلى وضع توصيات في مجالات آفاق النمو الاقتصادي، وأمن الطاقة، والأمن الغذائي، وسلاسل الإمداد، والزراعة، والصناعة، والاستثمار، والسياحة، والتجارة الخارجية، والتنمية المستدامة، والإصلاحات الهيكلية، والسياسة المالية والدين، وسبل تعزيز الموارد من النقد الأجنبي، وذلك تنفيذًا لتكليفات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء.