عقد المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، بالتعاون مع مشروع تطوير التجارة وتنمية الصادرات في مصر المُمول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID TRADE)، حلقة نقاشية ختامية بهدف إعلان برنامج عمل تنفيذي لإصلاح منظومة دورة الاستيراد والتصدير بهدف تعزيز قدرة الصناعة المصرية على الإنتاج والتصدير، وفق ما انتهى إليه مناقشة دراسة تفصيلية أعدها المركز بالتعاون مع المشروع لتوثيق دورة حياة العملية الاستيرادية والتصديرية لمجموعة من المنتجات فى مصر.
اهم المشاكل التى تعوق منظومة الاستيراد والتصدير
وتهدف الدراسة الوقوف على أهم المشاكل التى تعوق المنظومة، بمشاركة مُمثلين من القطاعين العام والخاص، بما في ذلك كبار المسئولين الحكوميين من وزارة التجارة والصناعة، وزارة المالية، وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وزارة التعاون الدولي، وصناع السياسات ومُمثلي القطاع الخاص، والبرلمانيين، وخبراء الاقتصاد والإعلام وغيرهم من قادة الرأي.
وشملت الدراسة عدداً من المنتجات هىَّ: تصدير الملابس الجاهزة والمفروشات، والرخام والجرانيت، ومنتجات الطماطم، واستيراد زيت النخيل، وتصدير منتجات الطماطم، واستيراد قطع غيار الجراراتوالسيارات وملحقاتها، والحديد والصلب، واستيراد بوليمرات الإيثيلين بصورتها الأولية.
وقالت لورا جونزاليز مدير مكتب التنمية الاقتصادية بالوكالة الامريكية للتنمية الدولية فى كلمتها، إن أ الحكومة الأمريكية تدعم من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، الهدف الطموح للحكومة المصرية للوصول إلى 100 مليار دولار صادرات سنوية خلال هذا العقد. مشيرة إلى أن هذا المؤتمر يُعد بمثابة منصة محورية للاعبين الرئيسيين للاتفاق على خطة عمل من شأنها أن تساعد في تبسيط عملية التصدير والاستيراد، وهي خطوة ضرورية للاقتراب من تحقيق هدف 100 مليار دولار صادرات مصرية.
6 جلسات نقاشية بهدف تطوير التجارة وتقليل لحواجز أمامها
وقال رشيد بنجلون، مدير مشروع تطوير التجارة وتنمية الصادرات فى مصر المُمول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAIDإن هذا المؤتمر يأتي ليختتم ما يقرب من ثمانية أشهر من الدراسة والتحليل للوضع الفعلي لمنظومة التجارة الخارجية في مصر حيث تم عقد 6 جلسات نقاشية بين ممثلي الحكومة وممثلي القطاع الخاص في مارس الماضي بهدف تطوير التجارة وتقليل الحواجز أمامها من خلال توفير المناخ الملائم والمشجع للمُصدرين الجدد والحاليين من الشركات الصغيرة والمتوسطة، وذلك لزيادةحجم صادراتهم بما يتماشى مع رؤية الحكومة المصرية الهادفة لزيادة الصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار، معربا عن أمله فى أن يتم التوافق بنهاية المؤتمر حول برنامج عمل تنفيذي لإصلاح منظومة التجارة الخارجية في مصر، وهي بداية فقط لرحلة طويلة لتطوير المنظومة بالكامل لتصبح أكثر تبسيطاً وأكثر شفافية وأكثر توقعاً.
الواثق بالله:الوزارة عازمة على التصدى لكافة المعوقات التى تواجه الصادرات المصرية
وشدد يحيي الواثق بالله رئيس جهاز التمثيل التجارى ممثلا عن وزير الصناعة والتجارة، على ضرورة اهتمام الوزارة وعلى رأسها وزير الصناعة بهذه الدراسة ونتائجها، مشيدا بالمجهود الكبير الذى بذل فيها، مؤكدا عزم الوزارة على التصدى لكافة المعوقات التى تحول دون انسياب الصادرات المصرية إلى مختلف الدول، لافتا إلى الإدراك التام بأن زيادة الصادرات المصرية مرتبطة بزيادة القدرة التنافسية للمصنعين المصريين، وهذه الزيادة مرتبطة بدورها بتشجيع إجراء توسعات مدروسة للمصانع القائمة وتشجيع الاستثمار المصري والأجنبي لإقامة منشآت صناعية جديدة، حتى نتمكن فى النهاية من الاستفادة مما تحققه من وفرة الإنتاج الكبير بمنظومة التجارة المصرية.
وعن أهم النتائج التى أظهرتها الدراسة ضعف التنسيق بين وزارتي المالية والتجارة والصناعة؛ مما يعمل على تعميق سوء الفهم لهدف التنمية الصناعية وتنمية الصادرات، وأشارت إلى أن جزء ضخم من مشاكل منظومتي التصدير والاستيراد يكمن في المبالغة في الإجراءات الرقابية وكلها ترتبط بعدم الثقة في القطاع الخاص فهو متهم حتى تثبت براءته، ويأتي تأثير هيئة التنمية الصناعية على منظومة التجارة من خلال الشروط المسبقة لعمليات التصدير والاستيراد، وبشكل عام يرتبط ضعف المنظومة التجارية بضعف منظومة الإنتاج والاستثمار وما بها من معوقات.
وأوضحت الدراسة أنه يمكن الاستفادة بشكل كبير من تجارب تركيا وجنوب كوريا والسعودية في تسهيل منظومتي التصدير والاستيراد، لافتة إلى أن معظم ارتفاع تكلفة إجراءات التجارة وتأخرها في مجال التصدير تحديدا (أيا كانت السلعة) يرتبط باستيراد المكونات اللازمة لإنتاج السلع التصديرية والبرامج المتعلقة بها (نظام الدروباك ونظام السماح المؤقت)، واللذان يمثلان استرداد لمستحقات مالية للمصدرين بعد حساب المكونات المستوردة، وهو ما يعني أن تحسين عملية استيراد جميع المنتجات يأتي في صدارة الأولويات كونها تؤثر على إجراءات الاستيراد والتصدير.
وتابعت الدراسة أن أدوار هيئة الرقابة الصناعية ومنظومة دعم الصادرات تأتي في مقدمة مشاكل التصدير، خصوصا في إطار تداخل أدوار وزارة المالية ووزارة التجارة و الصناعة في المنظومة التي من المفترض أن تتبع وزارة الصناعة وحدها، مشيرة إلى أن قطاعي مواد البناء والصناعات الغذائية يعانيان من مشاكل خاصة في التصدير ترتبط بطبيعة الأولى حجما وتوصيفا وبالبعد الصحي في الثانية، كما تعاني صادرات الملابس والمفروشات من تعقيدات مرتبطة بخطاب هيئة الرقابة الصناعية المرتبط بتحديد الهالك.
وقالت الدراسة أنه رغم أن الأمر يبدو وكأن مصلحة الجمارك هي أساس جميع المشكلات التي تواجه إجراءات الاستيراد، إلا أنها في حقيقة الأمر ما هي إلا واجهة وهناك العديد من الجهات الأخرى المتسببة في هذه المشكلات مثل سلطات الموانئ، وجهات الفحص الكثيرة المختلفة (نحو 38 جهة) وغيرها من الجهات.
وجميع أوجه القصور أو الضعف التي تعاني منها هذه الجهات تنعكس على تعاملات المستورد المصري مع مصلحة الجمارك، أي أن أضعف حلقة هي التي تحدد سرعة إجراءات الاستيراد بأكملها، كما يعاني نظام “نافذة” نفسه من أوجه قصور عديدة في تصميمه الأصلي ومرحلة تنفيذه، ويتم التوسع في تطبيق النظام بشكل أفقي في مؤسسات إضافية، الأمر الذي يعمل على تعقيد المشكلات وخلق مزيد من الإجراءات البيروقراطيةغير الضرورية.
وحسب الدراسة أن ما سبق لا ينفي حقيقة أن مصلحة الجمارك بحاجة لإصلاحات جدية ورقمنة كاملة للإجراءات بها، حيث تظهر حقيقة أن “دورة المستندات” في مصر أبطأ من “دورة المنتجات” واضحة خلافا للمعتاد في كل دول العالم، بالإضافة إلى وجود فرق كبير في التعامل مع نفس المنتج من حيث التكاليف والإجراءات بين الموانئ المختلفة، وهو ما يعني عدم وجود معايير واضحة ومحددة لتقدير التكاليف أو الوقت الذي تستغرقه إجراءات الاستيراد ككل، فضلا عن الازدحام الشديد عند بوابات الموانئ التي تتسم فيها الإجراءات “بالسهولة”.
وبينت الدراسة تأثير كل إجراء من إجراءات الإصلاح المقترحة على انخفاض عدد أيام إجراءات إتمام العملية التجارية لكل منتج مما شملته الدراسة بشكل مفصل، لتصل إلى 11 – 14 يوما فى حال تنفيذ الإصلاحات المقترحة وفق السيناريو الأفضل، مقابل 92 – 258 يوما فى الوضع الحالى حسب نوع المنتجات.
وشددت الدراسة على أن نجاح خطة الإصلاح المقترحة يحكمه عدد من المبادئ لتحقيق النجاح وهى الاهتمام بمنظومتي الاستثمار والإنتاج لأن هي الأصل وضعفهما يؤثر بشكل مباشر على العملية التجارية برمتها، كما يجبأن يكون القطاع الخاص هو اللاعب الأساسي في التصدير والاستيراد وبالتالي هو جزء أساسي في صنع القرارات ذات العلاقة وليس فقط متلقي لها، بالإضافة إلى ضرورة تبني السياسات و قواعد الرقابة على أساس أن السلوك السليم هو السائد والسلوك الفاسد هو الاستثناء و ليس العكس، مؤكدة أيضا على أن البعد التنافسي لزيادة الصادرات المصرية هو المحرك الصحيح لتغيير المنظومة بهدف تحسينها، وأن فقط الإصلاحات المتكاملة تحقق التحسين المطلوب في المنظومة وقد تتسبب الإصلاحات الجزئية في أن يصبح الأداء اسوأ.
ضرورة تيسير إجراءات الحصول على مستحقات دعم الصادرات
وحول أولويات الإصلاح العاجلة على مستوى التصدير، أشارت الدراسة إلى ضرورة تيسير إجراءات الحصول على مستحقات دعم الصادرات وتخفيض مدتها (الصور الضوئية – رد أعباء الصادرات)، وتبسيط إجراءات أنظمة السماح المؤقت والدروباك وتسريعها ( الرقابة الصناعية- خطاب الضمان (السماح المؤقت) / استرداد الرسوم الجمركية (الدروباك)، وتتمثل أولويات الإصلاح على جانب الاستيراد فى تطبيق منظومة مخاطر موحدة على مستوى كافة الجهات الرقابية ووفقا لأفضل الممارسات الدولية، وتطوير منظومة نافذة لتفادي المشكلات التقنية ولتحقيق الهدف الأصلي الذي صممت من أجله “اختصار الإجراءات في منصة واحدة وزيادة الكفاءة”،وزيادة الشفافية في تقدير إجمالي الرسوم التي يتحملها المستورد المصري خاصة المُصنع خلال إجراءات الإفراج الجمركي.