أعلن المركز المصري للدراسات الإقتصادية، نتائج تحليل الطلب فى سوق العمل المصري بالربع الثالث لعام 2023 برعاية البنك الأهلى المصري، بالتركيز على التحليل التفصيلي لمجالى البرمجيات وخدمة العملاء، وأيضا تحليل للصورة الكلية على مدار عامينكاملين منذ بدء التحليل.
واستعرضت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز، أهم نتائج التحليل، لكل من ذوى الياقات البيضاء، وذوى الياقات الزرقاء، حيث أشارت النتائج إلى تراجع إنتاج الوظائف خالل عام، مع عودته للزيادة فى ربع الدراسة الأخير لكن بنسبة طفيفة .
وفيما يتعلق بذوى الياقات الزرقاء أظهر التحليل تراجع إنتاج الوظائف بشكل مستمر على مدار 15 شهر منذ الربع الثاني 2022 حتى الربع الثاني 2023 بنحو ،49.5% ثم ارتفاعه بشكل طفيف في الربع الثالث 2023 بنحو ،11 % وهو ما يعنى تراجع إنتاج الوظائف إلى النصف تقريبا خلال عام واحد، كما أنه في أوقات تراجع الطلب تتراجع العاصمة بشكل أقوى، وفي أوقات زيادته يزيد الوجه البحري بشكل أقوى، وهناك تراجع مستمر في الإسكندرية، وضعف شديد في مساهمة الصعيد على مدار العامين، وتزيد حدة التراجع كلما انخفض مستوى المهارة والخبرة، وال تتغير المركزية الشديدة في إنتاج الوظائف في مصر من ربع الأخير.
ومن أهم النتائج أيضا أن الوظائف الصناعية التى تمثل سوى 10% فقط في المتوسط من إجمالي إنتاج الوظائف في مصر، وتشير إلى تزايد إنتاج الوظائف الصناعية بشكل مستمر منذ بداية ،2023 بعد تراجع متواصل في 2022 وتظهر أيضا تعافي القطاع السياحي نسبيا خالل النصف الأول من 2023 وتراجعه مرة أخرى في الربع الثالث 2023 قبيل األحداث في غزة.
وتشير النتائج إلى أن 62% في المتوسط من وظائف ذوي الياقات الزرقاء تشترط ذكور، وتراجع الطلب على الإناث بوتيرة أسرع من الذكور، وفي الربع الأخير عندما ارتفع الطلب بشكل طفيف، انحصرت الزيادة على الذكور دون الإناث، وتشترط 38% على األقل من الوظائف تعليم عالي، وهو ما يمثل هدرا للموارد البشرية وتوظيفها في غير موضعها، بجانب أن العمل من المنزل رفاهية التى يملكها ذوي الياقات الزرقاء حتى في أوقات الأزمات.
أما ما يتعلق بتحليل وظائف ذوى الياقات البيضاء، فقد أظهرت النتائج أن الاقتصاد ينتج حاليا 83% مما كان ينتجه من وظائف خالل نفس الربع من العام الماضى، فعلى مدار مدار 15 شهر منذ الربع الثاني 2022 حتى الربع الثاني 2023 حدث تراجع إلنتاج الوظائف بشكل مستمر بلغت نسبته نحو ،55% ثم ارتفاعه بشكل طفيف في الربع الثالث 2023 ولكن بشكل أقل حدة من ذوي الياقات الزرقاء بنسبة بلغت نحو 27%.
وتشير النتائج إلى أن المركزية أشد حدة في حالة الياقات البيضاء، حيث تتركز 86% في المتوسط من الوظائف في العاصمة، مقابل 70% لذوي الياقات الزرقاء، ويعد مجال خدمة ودعم العملاء هو المجال الأكثر إنتاجا للوظائف بنسبة ،27.3% يليه تطوير البرمجيات بنسبة 11.6% ثم المبيعات والتجزئة بنسبة 9%.
وأظهرت النتائج تضاعف عدد الوظائف التي تتيح العمل من المنزل 5 مرات لتمثل %19 منإجمالي وظائف ذوي الياقات البيضاء في الربع الثالث 2022 مقارنة بـ %5 فقط في الربع الرابع،2021 وتشير إلى أنه بعد انحسار الجائحة بشكل كامل بدأت الوظائف التي تتيح العمل من المنزل في التراجع بشكل تدريجي حتى أصبحت ال تمثل سوى %6 من إجمالي الوظائف المتاحة في أحدثربع.
وخلال هذا الربع تم إجراء تحليل تفصيلي لمجالى البرمجيات وخدمةالعملاء ، وهما الأكثر إنتاجا للوظائف خلال ربع الدراسة كما تم الذكر سابقا، وأظهر التحليل تراجع بنحو %50 للوظائف المنتجة بمجال تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات خالل عام، إلى أنه ارتفع خالل الربع الأخير من التحليل ولكن بنسبة ال تتعدي ،23% ويستحوذ إقليم العاصمة منفردا على 92% من الوظائف فى هذا القطاع، وتتيح نحو 14% من الوظائف العمل من المنزل، فى حين تعمل 3% فقط من الوظائف بنظام الفريالنس، ومن أهم النتائج فى هذا التحليل هو أن أكثر من 90% من الوظائف تشترط عامين خبرة على الأقل ، وتضمن التحليل بيانات تفصيلية حول تخصصات ولغات البرمجة الأكثر طلبا متوسطات الرواتب التى تقدر بنحو 18 ألف جنيها شهريا، وهو األعلى من بين جميع المجاالت على الإطلاق فى مصر.
وفيما يتعلق بتحليل مجال خدمة العملاء، فقد شهد إنتاج الوظائف تراجعا على مدار عام أيضا بلغت نسبته ،58% إلى أن الربع األخير محل الدراسة شهد زيادة فى الوظائف الجديدة بنحو 104% مقارنة بالربع السابق، وبلغت نسبة الوظائف التى تتيح العمل من المنزل 48% مقارنة بمتوسط عام ،20% وأيضا شهد هذا المجال تحوال بمرور الوقت عن حديثي التخرج وكذلك ذوى الخبرة الكبيرة.
من ناحيته أشاد هشام عكاشة الرئيس التنفيذي للبنك الأهلى المصري، بجهود المركزى المصرى للدراسات الاقتصادية، فى إجراء هذا التحليل المتميز للطلب فى سوق العمل المصري على مدار عامين، مؤكدا أن البنك يستفيد بشكل كبير من البيانات الناتجة عن هذا التحليل.
وعقبت حنان الشيخة الرئيس التنفيذي للموارد البشرية بالبنك الأهلى المصري، على نتائج التحليل مؤكدة تطابقها تماما مع الواقع، حيث تحجم الشركات والبنوك حاليا عن تعيين حديثي التخرج من التخصصات المختلفة، وتفضل ذوى الخبرة، وهو ما أظهره التحليل للربع الثاني على التوالي، وهو ما أرجعته لعدم جاهزية حديثي التخرج لسوق العمل، مطالبة بضرورة العمل مع الجامعات لتأهيل الخريجين الجدد.
من ناحيتهاعلقت الدكتورة ماريان عازر عضو مجلس النواب السابق وعضو مجلس إدارة هيئة الرقابة المالية، مؤكدة أن رغبة الشركات فى استقطاب ذوى الخبرة بدال من حديثي التخرج خاصة فى قطاع تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات، يرجع لعدة أسباب تتمثل فى األزمات المالية التى أثر ت على الشركات وقلصت ميزانيات التدريب، وأيضا تكاليف الوقت والإنتاجية والمخاطر الناجمة عن األخطاء المحتملة، والتحديات التكنولوجية الكبيرة المتمثلة فى الذكاء الاصطناعى والقدرة على التعامل مع هذه التقنيات واستخدام األكواد الصحيحة وأيضا التعامل مع الجوانب الأخلاقية.
ودعت عازر إلى ضرورة التعاون مع الجامعات وتوفير برامج متخصصة للتدريب والتأهيل على غرار الجهود التى تقوم بها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من مبادرات متاحة للجميع، وعمل شراكات بين الشركات الخاصة والجامعات لتأهيل الشباب ومساعدتهم على مواكبة تطور الوظائف الجديدة.
وعقب الدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية الأسبق، أن تراجع توجه الشركات للعمل من المنزل يرجع إلى عدم وجود أى أدوات لقياس العمل من المنزل، متوقعا أنه فى غضون سنوات سيتغير تعريف ذوى الياقات البيضاء ليشمل كل من يعمل من المنزل، وذوى الياقات الزرقاء ليشمل كل من يعمل من مكان العمل.
ولفت درويش إلى أن توليد قطاع الصناعة لنحو 10% فقط من الوظائف خلال فترة التحليل هو أمر خطير، لافتا إلى أن مشكلة الاقتصاد المصري تكمن فى توفر العملة الصعبة والتى تحصل عليها مصر من مصادر محددة هى الصادرات والاستثمار المباشر وتحويلات العاملين بالخارج وقناة السويس والسياحة، وتنفق العملة على الاستيراد وأقساط الدين وفوائدها، فى حين أن رقم الصادرات هزيل جدا الذى يتخطى 40 مليار دولار فى أفضل الأحوال، وهو ما يجب زيادته إلى نحو 100 مليار دولار سنويا من الصناعة والخدمات، وهو السبيل لحل مشكلة العملة .
ومن ناحية أخرى لفت درويش إلى أنه وفق دراسة شارك فيها قامت بها مؤسسة اليونيدو، وأظهرت أنه خلال عام 2030 سيكون هناك 10 ملايين وظيفة فى أوروبا لا تجد من يتقدم لها حيث سيصل عجز الوظائف فى منطقة الشرق الأوسط لنحو 25 مليون وظيفة،متسائلا: هل نحن جاهزون لنأخذ حقنا العادل فى هذه الوظائف؟ داعيا إلى ضرورة دراسة الاحتياجات المستقبلية لسوق العمل وهى العلومات التى لدينا نقص كبير بها، حتى يمكن تحسين كفاءة جاهزية الخريجين لسوق العمل بما يتناسب مع الطلب المستقبلي.
وعلقت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، أن المركز قام بالفعل بإعداد دراسة حول الطلب المستقبلي فى قطاع الصناعة خالل 5 سنوات، وهى جهود تمت بالفعل، مشيرة إلى التواصل مع الجهات الحكومية المعنية وهى وزارات الاتصالات والتعليم العالى ومدهم بنتائج تحليل الطلب فى سوق العمل وما يحتاجه السوق حتى يمكن توفير تعليم وتدريب يرفع جاهزية الخريجين لسوق العمل، ولكن يبقى استجابة هذه الجهات لتحقيق النتائج المرجوة من هذه الدراسات.
والمركز المصري للدراسات الاقتصادية، يستهدف من خلال تحليل الطلب على الوظائف في سوق العمل المصري إلى سد الفجوة الإحصائية ة والمعلوماتية في هذا المجال،حيث تركز معظم البيانات المتاحة من قبل الجهات الرسمية المحلية والدولية على جانب العرض فقط، لذلك بداية من يونيو 2021 قام المركز برعاية البنك الأهلى المصري بتجميع ومعالجة وتحليل جميع إعالنات التوظيف الموثوقة المنشورة على اإلنترنت، وإتاحة النتائج من خالل لوحة بيانات سهلة االستخدام يتم تحديثها بشكل ربع سنوي، بما يمكن الجميع من رصد اتجاهات الطلب على المهارات في سوق العمل المصري وكيفية تغيره بمرور الوقت استجابة للتطورات الاقتصادية محليا وإقليميا ودوليا.