يظل التنافس حول الممرات التجارية العالمية جزءًا أساسيًا من التنافس الدولي متعدد الأبعاد والأوجه خلال الفترة الراهنة، ولذلك نفذت الدولة العديد من المشروعات الإقليمية والدولية لتعزيز موقع مصر على خريطة التجارة الدولية وتحويلها إلى مركز للتجارة الدولية وإكساب القدرات المصرية ميزات تنافسية تجعلها غير قابلة للاستعاضة عنها.
وقال الدكتور حازم أبو النيل، مدير علاقات المستثمرين بشركة الإسكندرية لتداول الحاويات، إن الاهتمام الملحوظ خلال السنوات السابقة في تحديث البنية التحتية للمواني وكذلك إنشاء موانٍ بحرية جديدة على البحرين المتوسط أو الأحمر، وربطها بالسكك الحديدية وكذلك الطرق البرية والمواني الجافة، أعطت منظومة النقل البحري والبري مميزات كبيرة واطمئنانًا أدى إلى رغبة القطاع الخاص في الدخول بهذه المشروعات، وكذلك عقد مذكرات تفاهم وعقود كما رأينا في معرض ومؤتمر النقل الذكي 2023.
وأوضح أن من أهم ما يميز هذه المشروعات أنها يتم بناؤها وفقاً لأحدث النظم والمعايير العالمية الدولية والمواصفات التى تجعلها متميزة بين المواني الأخرى، سواء في البحر المتوسط أو البحر الأحمر من عمليات تعميق وتكريك للأرصفة والممرات الملاحية.
وأشار إلى أنه كذلك تم إنشاء موانٍ أخرى وبناء أرصفة جديدة بهدف الوصول في عام 2030 إلى 18 ميناءً بحريًا بطول 100 كم أرصفة وبعمق 18 – 22 م مما يعطى ثقل كبير لتصبح مصر مركزاً عالمياً للتجارة واللوجستيات.
وأضاف: “وكما رأينا من شهور قليلة فى عام 2023 مشروع تطوير ميناء السخنة على ساحل البحر الأحمر “محطة حاويات هاتشيسون”، والتي تم تسليم إدراتها لهاتشيسون أكبر مشغل محطات حاويات على مستوى العالم وتحالف الخطوط الملاحية العالمية COSCO وCMA وكذلك مشروع إنشاء رصيف 100 بميناء الدخيلة لإنشاء محطة حاويات بمواصفات عالمية”.
كذلك تنفيذ مشروع إنشاء محور السخنة الإسكندرية اللوجيستي لنقل الحاويات بين البحرين الأحمر والمتوسط، والذي يعتبر أكبر ممر لوجيستي لخدمة التجارة العالمية بين الشرق والغرب وبالفعل مصر استطاعت أن تحقق التوازن بين النقل البحري والبري والسكك الحديدية، وأيضًا حدث اهتمام بالنقل متعدد الوسائط ولنا فى ذلك ما رأيناه من خلال النموذج الذي تم تطبيقه خلال الأسبوع الماضي، حيث أعلنت شركة الجسرالعربى عن نقل أول شحنة بحرية عبر الخط العربي الجديد للنقل البري والبحري، وذلك عن طريق شحن حاويتين من ميناء العقبة إلى ميناء نويبع المصري ومن ثم براً إلى ميناء الإسكندرية، ليتم شحنها بحرًا إلى مواني إيطاليا.
وأيضًا تهتم الدولة خلال المرحلة الحالية بإنشاء المواني الجافة وربطها بخطوط سكك حديدية وطرق برية لتكون الظهير الخلفى للمواني البحرية مع الحرص على استخدام أحدث تكنولوجيا إدارة المواني والمحطات واستقطاب أحدث أوناش الرصيف والساحات وإنشاء بنية تحتية قوية قادرة على مواكبة هذا الكم من التطور، وكذلك تحديث التشريعات ووضع اللوائح المنظمة والتي تضمن حرية المنافسة في مجال تقديم خدمات النقل.
كل هذه التجهيزات والمشروعات القومية الكبرى جعلت مصر تدخل عام 2024 بتوقعات كبيرة نحو نمو كبير في مجال النقل البحرى والبري وخاصة بعد استقطاب شركات كبرى وخطوط ملاحية كبيرة للعمل في المواني المصرية.
وقالت الدكتورة منى نور الدين، أستاذ الجغرافيا واقتصاديات النقل بجامعة الأزهر إن جهود تطوير قطاع النقل البحري شملت عدة مظاهر من حيث تطوير المواني المصرية لتكون قادرة على الإسهام في منظومة التجارة الدولية فضلًا عن تعميق الارتباط المصري بعمقها الإقليمي فيعد تطوير القدرات اللوجستية للدولة المصرية واحدًا من أكثر الملفات التي شهدت نجاحًا ملفتًا خلال السنوات الماضية، حيث تفيد مؤشرات التنافسية الدولية المتعلقة بالبنية التحتية بتقدم مصر بمعدل 48 مركزًا وذلك خلال الفترة من 2014 إلى 2019 فقط، ليصل إلى المركز 52 عالميًا، فيما يتوقع أن يزيد تقدم مصر في تلك المؤشرات خلال 2024 لتقفز إلى المركز رقم ،50 وتقدمت مصر 5 مراكز في مؤشر الفرص اللوجستية الدولية عام 2020 بفضل جودة البنية التحتية لتحتل المركز الـ 23.
ولعل آخر أهم المؤشرات التي صدرت عن البنك الدولي في مايو 2023 حول أداء البنى اللوجستية والأداء اللوجستي هي تقدم ميناء بورسعيد ليحقق المركز العاشر عالميًا وفقًا لنتائج مؤشر أداء مواني الحاويات الصادرعن البنك الدولي عام 2023 من بين 348 ميناءً حول العالم.
وقد اعتمدت الحكومة خطة متكاملة لتطوير المواني المصرية تتكون من 80 مشروعًا بإجمالي تكلفة 129 مليار جنيه، تم تنفيذ بعضها، وجارٍ تنفيذ البعض الآخر والبعض مخطط تنفيذه ويجري التنفيذ بأيدي عاملة حوالي 50 ألف عاملًا بمشاركة حوالي 100 شركة من شركات القطاع الخاص بعضها أقام تحالفات مع شركات عالمية في هذا المجال لتنفيذ خطة التطوير والتشغيل.
ويشمل تطوير المواني المصرية إنشاء أرصفة جديدة بإجمالي أطوال 35 كم وبأعماق تتراوح من 15 إلى 18 مترًا فيستهدف وصول إجمالي أطوال الأرصفة في المواني البحرية المصرية إلى 73 كم وإنشاء حواجز أمواج بإجمالي أطوال 15 كم ويستهدف تعميق الممرات الملاحية لتستوعب المواني 370 مليون طن وأن تستوعب 22 مليون حاوية مكافأة سنويًا وساعدت الحلول التكنولوجية في خفض زمن الإفراج الجمركي إلى 50% وفقًا لدراسة تم إجراؤها بالتعاون مع البنك الدولي.
وتشير نور الدين إلى أنه ومن المستهدف أيضًا التركيز على المواني البحرية المصرية الجديدة مثل جرجوب على بعد 72 كم غرب مدينة مرسى مطروح، وميناء برنيس من أجل تطوير وتنمية محافظات إقليم جنوب الصعيد، وكذلك لا بد من نطوير الأداء اللوجستى والاستغلال الأمثل وتحقيق الكفاءة القصوى للأرصفة داخل المواني، وبالنسبة للخطوط الملاحية لا بد من استقطاب خطوط ملاحية جديدة وعقد شراكات استراتيجية جديدة مع الجانبين العربي والأفريقي والتركيز أيضًا على تشغيل منظومة النقل متعدد الوسائط في ظل التحديات الراهنة التي تواجهها قناة السويس، وضرورة التوجه نحو تطبيق منظومة النقل المستدام الأخضر والذكي داخل المواني البحرية وخاصة بعد وجود ميناء شرق بورسعيد وهو أول ميناء أخضر في المنطقة كما يجب الاهتمام بالمواني البرية والجافة لتنمية النقل متعدد الوسائط.