يرى الدكتور سامي محمد حبيب، محاضر واستشاري إدارة الأعمال والتخطيط الاستراتيجي، أن قرار الحكومة باستيراد السلع الاستراتيجية وزيادة المخزون بنسبة ٢٠٪ قرار استراتيجي مهم اتخذته الدولة، لافتًا إلى أنه سيحل مشكلة نقص المعروض وارتفاع الأسعار لهذه السلع في السوق المصرية.
وأضاف خلال تصريح لموقع «عالم المال»، أن هذا القرار سيسهم في تأمين مخزون استراتيجي للدولة، ودعم الاحتياطي المستقبلي لمواجهة الأزمات والظروف الطارئة سواء داخليًا أو خارجيًا، كما سيعوض الكميات التي تم سحبها من الرصيد الاستراتيجي للدولة لإرسالها كمساعدات لغزة.
أسباب نقص السلع الاستراتيجية
وأشار الدكتور سامي إلى أن السبب الرئيسي لنقص هذه السلع وارتفاع أسعارها يعود إلى نقص العملة الأجنبية الصعبة المطلوبة لاستيراد هذه السلع، ولكن مع توافر حصيلة دولارية للدولة المصرية في الفترة الأخيرة، تم تخصيص جزء منها لحل أزمة السلع الاستراتيجية من حيث الكميات والأسعار.
ولفت إلى أن هذا القرار الاستراتيجي سيسهم في تكوين رصيد استراتيجي للدولة وسيعمل كمخزون أمان للمواطنين، كما سيساعد في زيادة المعروض في الأسواق وتوفير احتياجات المواطنين الأساسية، ووفقًا لنظريات الاقتصاد، زيادة المعروض ستسهم في تخفيف أو استقرار أسعار هذه السلع، وسيعمل أيضًا على مواجهة التجار الرأسماليين والمحتكرين والحد من سيطرتهم وتحكمهم في أسعار السلع، وهو ما يعود بالفائدة على المواطنين والمستهلكين، وبالتالي، كما يسهم هذا القرار في تحقيق الأمن الغذائي والاستقرار الداخلي والحفاظ على الأمن القومي للمواطنين.
وأكد أن هذا القرار وتحقيقه للآثار الإيجابية المرجوة، فإن نجاحه لا يعتمد فقط على عملية استيراد السلع، بل يتعلق بشكل أساسي بكيفية إدارة وتصرف هذه السلع بعد استيرادها ووصولها إلى الأسواق، ومدى سيطرة الدولة على عمليات توزيعها من خلال منافذها الرسمية مثل المجمعات الاستهلاكية وغيرها، كما يتعلق بتحديد الأسعار التي تقررها الدولة وفقًا لمعايير تحديد الأسعار، بهدف تجنب احتكار التجار والموزعين لهذه السلع والسيطرة على أسعارها، مما يؤدي في النهاية إلى ضياع جهود الدولة.
إنشاء شركة مركزية للتسويق والتوزيع
واقترح على الدولة أن تتولى هي نفسها عملية توزيع هذه السلع من خلال منافذها الرسمية وتضبطها وتراقبها، وبالإضافة إلى ذلك، تجب معالجة مشكلة التوزيع والبطالة من خلال إنشاء شركة مركزية للتسويق والتوزيع، حيث يتم توظيف عدد كبير من الشباب وتوفير سيارة لكل منهم مع كمية محددة من السلع، ويتم توزيع هذه السلع وفقًا لمعايير محددة يتم التحكم فيها من خلال نظام إلكتروني يغطي عملية التوزيع من المستودعات إلى المواطنين، ويجب أن تكون هذه الشركة حكومية وتديرها وزارة التموين، وذلك لضمان عدم تسرب السلع.
وأضاف أن من خلال هذا النهج، سنحقق ميزتين رئيسيتين، أولاً، ستضمن وصول السلع بالكمية المناسبة وبأسعار معقولة للمستهلك، وبالتالي لن يضيع جهد الدولة وأموالها التي أنفقتها على الاستيراد، وثانياً، ستسهم في خلق فرص عمل للشباب وحل جزء من مشكلة البطالة، مما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي ويحقق جانباً مهما من الأمن القومي لمصر في ظل التحولات العالمية غير الآمنة، كما سيؤمن للدولة وفي ظل الأحداث المجاورة لنا في فلسطين، التي يمكن أن تتسبب في حروب وتأثيرات على المخزون الاستراتيجي للسلع، هذا القرار هو اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان توفير السلع وبأسعار معقولة للمستهلكين، مؤكدًا أن القرار صائب وضروري لتحقيق الأمن الغذائي والاقتصادي للدولة في ظل التحديات الراهنة.
يشار إلى أن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وبهدف الإعلان عن مبادرة لخفض أسعار السلع، عقد لقاء موسعًا، بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، مع كبار مُصنعي ومُنتجي ومُوردي السلع الغذائية.
وشملت المبادرة كلا من السُكر، والحُبوب، والأرز، والقمح، والطحين، والمكرونة، والشاي، والألبان، والجُبن، والسَمن، والزُبد، واللحُوم، والزُيوت، وكذا السلع الهندسية والإلكترونيات، وممثلي كبريات السلاسل التجارية، يمثلون أكثر من 70% من حجم السوق.
ولفت “مدبولى” إلى المبادرة التي تقدم بها عددٌ من الصناع والتجار قبيل حلول شهر رمضان الكريم، وكذا في أثناء افتتاح معرض “أهلا رمضان”، والتي تتضمن خفض الأسعار بنسبة 20%، إلا أنه مع ذلك لا يزال المواطن يعاني من الغلاء ويشكو من استمرار ارتفاع أسعار بعض السلع مؤخراً رغم تراجع سعر صرف الدولار بنسبة 50 أو 40% من القيمة السابقة للتسعير عليها عبر السوق الموازية.
وأشار إلى ما ذكره رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية في وقت سابق من أن هناك دورة للأسعار تمتد ما بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، وفور انتهائها ستتراجع الأسعار تلقائياً، مؤكدا أنه يجب العمل على خفض الأسعار بنسبٍ ملموسة؛ حتى يشعر بها المواطن، وحتى توازي الإجراءات التي اتخذتها الدولة لتوفير العملة الأجنبية.