كتب /زياد فرج
أكد الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح، أن مصر تشهد زخمًا استثنائيًا على صعيد الدعم الدولي للاقتصاد، حيث تتوالى حزم التمويل من مختلف المؤسسات المالية العالمية، مما يعزز مسار الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه الحكومة المصرية، بما في ذلك إكمال صندوق النقد الدولي المراجعتين الأولى والثانية لاتفاق تسهيلات الصندوق، وموافقته على زيادة البرنامج الأصلي بنحو 5 مليارات دولار، ليصل إجمالي التمويل إلى ثمانية مليارات دولار، كما تعتزم مجموعة البنك الدولي تقديم أكثر من ستة مليارات دولار لمصر على مدى السنوات الثلاث المقبلة، بواقع 3 مليارات دولار للبرامج الحكومية و3 مليارات دولار لدعم القطاع الخاص، فيما وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقات تمويل مع مصر بقيمة 7.4 مليار يورو (8.06 مليار دولار) على مدى 4 أعوام، تشمل قروضًا واستثمارات وتعاونًا في ملف الهجرة ومكافحة الإرهاب.
وأضاف أبو الفتوح أن هذه التطورات تُظهر ثقة المؤسسات الدولية في قدرة مصر على تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي، إذ سيوفر هذا الدعم الدولي عدة فوائد تشمل، تخفيف الضغوط المالية على الحكومة المصرية، وتمويل مشاريع التنمية، وتحفيز القطاع الخاص، وتعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، وتحسين الاستقرار الاقتصادي، وخلق فرص عمل جديدة.
وستحصل مصر خلال أبريل على 820 مليون دولار كدفعة أولى في إطار برنامج قرض صندوق النقد الدولي البالغ 8 مليارات دولار، مع إمكانية سحب 820 مليون دولار أخرى بعد المراجعة التي ستكتمل بنهاية يونيو القادم.
وأوضحت رئيسة بعثة الصندوق إلى مصر، إيفانا فلادكوفا هولار في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، إن المؤسسة الدولية ستربط المدفوعات القادمة في إطار البرنامج المالي بمدى سماح مصر لظروف السوق بتحديد سعر الجنيه، بالإضافة إلى إتاحة النقد الأجنبي للشركات والأفراد.
وقالت هولار إنه سيتم إجراء مراجعات لاحقة كل ستة أشهر، مع فتح مدفوعات بقيمة 1.3 مليار دولار بشرط استيفاء شروط معينة، على أن تكون الدفعة الأخيرة في خريف عام 2026.
وكان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي قد وافق على زيادة برنامج القرض المقدم إلى مصر من 3 مليارات دولارات إلى 8 مليارات دولارات، والذي يوسع نطاق تسهيل الصندوق الممدد بقيمة 3 مليارات دولار، والذي وقعت عليه مصر في ديسمبر 2022، بعد أن هزت الأزمة في غزة المجاورة اقتصاد مصر الذي كان يعاني من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية بالفعل.
وعلق صندوق النقد الدفعة الأخيرة من الاتفاق السابق عندما أعادت مصر تثبيت سعر صرف العملات الأجنبية أمام الجنيه المصري مطلع عام 2023، بعد سماحها للجنيه بالانخفاض بشكل حاد خلال 2022، من 15.70 جنيه للدولار ليستقر عند 30.85 جنيه للدولار.
وسبق اتفاق الشهر الماضي تحرير مصر لسعر صرف الجنيه، ليسجل نحو 50.60 جنيه للدولار قبل أن يتعافى قليلًا حتى مستوى 47 جنيهاً للدولار.
وأضافت هولار “يمثل تحرير سعر الصرف إصلاحًا مهمًا يجب الحفاظ عليه، فهو ليس إجراء لمرة واحدة فقط. ونتوقع عند كل مراجعة منفصلة أن نرى الظروف الحالية في السوق مستمرة، بمعنى أننا لن نرى عودة إلى نظام تقييد سعر صرف العملات الأجنبية ونقص في توافرها”.
وأشارت هولار إلى إنه سيتم مناقشة قرض إضافي من مرفق المرونة والاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي خلال المراجعة القادمة، مع التركيز على ضمان تكافؤ الفرص بين الشركات الخاصة والحكومية، وتقليص دور الدولة في الاقتصاد.
كما أضافت: “للتأهل، يتعين على البلدان أن تضع مجموعة قوية من السياسات التي تهدف إلى معالجة أسس تغير المناخ”.
ويشير أبو الفتوح إلى إن هذه التطورات تمثل علامة فارقة مهمة في مسار الإصلاح الاقتصادي في مصر، حيث تُسهم في تسريع وتيرة الإصلاحات، وتعزيز قدرة مصر على مواجهة التحديات الاقتصادية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما تشير التوقعات إلى أنه من المرجح أن تستمر مصر في تلقي دعم من المؤسسات الدولية خلال الفترة المقبلة، ومن المتوقع أن تُسهم هذه المساعدات في تحقيق التعافي الاقتصادي في مصر.
فيما توقعت هولار استمرار التضخم في مصر عند مستوياته المرتفعة على المدى القريب، مشيرًا إلى أن متوسط التضخم للسنة المالية المقبلة، التي تبدأ في الأول من يوليو، سيصل إلى 25.5%، ثم ينخفض إلى 15.25% بنهاية العام المالي.
وسجل التضخم مستوى قياسياً بلغ 38% في سبتمبر 2023، قبل أن يتراجع إلى حدود 35% في فبراير.
وأضافت رئيسة بعثة الصندوق أن مصر استنزفت ميزانيتها في السنوات الأخيرة، ما يجعلها في حاجة إلى استبدال دعم الوقود بإنفاق مصمم للوصول إلى الأسر المحتاجة.
ورفعت مصر أسعار الوقود في مارس في إطار برنامج واسع لخفض الدعم، فيما أشارت هولار إلى إن دعم الوقود سيواصل الانخفاض التدريجي خلال اجتماعات لجنة التسعير الفصلية الفترة القادمة.
وكانت أزمة غزة قد تسببت في تفاقم أزمة السيولة الأجنبية في مصر من خلال تباطؤ نمو السياحة وتحفيزها للهجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر من اليمن، مما أدى إلى انخفاض إيرادات قناة السويس إلى النصف، وتعد عائدات السياحة والقناة من المصادر الرئيسية للنقد الأجنبي.