قال محمد نعمة الله الخبير الزراعى، إنه لا شك أن دعم القطاع التعاونى، ولاسيما فى المجال الزراعى لا يمتد أثره على العاملين فى القطاع الزراعى فقط ولا موازنة الأسعار لفئات أولى بالرعاية، ولافتًا إلى أنه مع زيادة معدلات الافقار لقطاعات واسعه مؤخرا نتيجه لنفلات الأسعار ومعدلات التضخم لحدود غير مسبوقه، وفقد جزء رئيسى من القيمة الحقيقية للمدخرات والودائع النقدية، لكن دعم القطاع التعاونى وتوفير المزايا والاعفاءات المتعارف عليها عبر العالم للقطاع التعاونى باعتباره الركيزة الثالثة للانتاج لا يسهم فقط فى تحسين أوضاع العاملين فى ذلك القطاع، لكنه يمتد أثره إلى جموع المستهلكين وتطوير الاقتصاد.
وأضاف خلال تصريح لموقع «عالم المال» أن دعم قطاع التعاون الزراعى لا يكفل تطوير وتنمية الاقتصاد لكنه سيسهم بشكل كبير فى تحقيق الرخاء الاقتصادى ويسهم بشكل كبير فى الوصول للتوظف الأمثل للاقتصاد، مشيرًا إلى أهمية دور القطاع التعاونى سواء فى العملية الإنتاجية أو التسويقية، وهو دور حيوى وبالغ الأهمية، فبدون منح القطاع التعاونى المزايا التفضيلية والاعفاءات المتعارف عليها عبر العالم ضريبيا وجمركيا، وهذا أمر يعمل به حتى فى أكبر الاقتصاديات الرأسمالية، حتى أن مشاركة صناديق المعاشات تمثل 50% من القطاع الإنتاجى فى الولايات المتحدة الأميريكية، ولديه اعفاءات ومزايا تفضيليه ومسموح له بالبيع بأسعار اجتماعية لاعضاء تلك الاتحادات وهذا أمر لا يؤثر على حرية المنافسة أو الأسواق، لكنه يتيح لاعضاء تلك التعاونيات سواء كانت إنتاجية او استهلاكية البيع بأسعار اجتماعية لاعضاءها ومنتسبيها، فهى عادة لا تهدف للربح وتكون عادة هى التى توازن الأسعار بالأسواق فوجود الأسعار الاجتماعية حتى وأن كان على نطاق التعاونيات ومنتسبيها يحد من انفلات الأسعار ومغالات التجار ويعوض نقص السلع ويزيد من معدلات الاستهلاك وبدون تفعيل دور القطاع التعاونى لدينا فستكون جهود الدولة قاصرة فى السيطرة على شيوع الاحتكارات بالأسواق والانفلات المزمن للأسعار فى ظل غياب أدوات الرقابة وغياب دور الدولة المباشر فى موازنة الأسعار.
وأوضح أن السؤال الأن عن كيفية تنمية وتطوير التعاونيات الزراعية، ولا سيما مع التدهور الشديد والمتزايد لذلك القطاع طوال العقود السابقة، مما ساهم فى شيوع الاحتكارات والمضاربات على أسعار السلع ولاسيما الأساسية والاستراتيجية والتلاغب بالأسواق وشيوع الغلاء الفاحش الى حد البيع فى السوق المحلى بضعف أسعار التصدير وأضعاف أسعار الاستيراد.
الدور الغائب للتعاونيات الزراعية
وأكد أنه لتفعيل دور قطاع التعاونيات الرزاعية نحتاج إلى تشريع شامل ومتوازن يوفر الاعفاءات والمزايا التفضيلية المتعارف عليها والمطلوبة بشدة لانجاح دور ذلك القطاع الحيوى لأن هذا القطاع قادر بالفعل على تحقيق الرخاء بمفهومه الحقيقى والشامل وقادر على تحقيق التوطف الأمثل للاقتصاد بكافة موارده وثرواته، مضيفًا أن القطاع التعاونى الزراعى يمكنه أن يحقق النجاح للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر ودعم وتطوير الاقتصاد المعيشى لشرائح واسعة من المجتمع بل ودعم تنمية وتطوير المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر تقنيا وماليا وتسويقيا، فى حالة أن تم تخطيطه جيدا، فنجد المنتج الرئيسى فى قطاعات اللحوم والأسماك والإنتاج الداجنى وقطاع الألبان والحاصلات الاقتصادية يعتمد لحد كبير على صغار المنتجين ودور تلك الاتحادات الاستفادة من وفورات الحجم الكبير وتوفير مستلزمات ومدخلات الإنتاج لاعضاءها بأسعار ملائمه، ووفقا لأحدث تقنيات الإنتاج ولعل الغلاء الفاحش للأسعار وانخفاض الإنتاجية والنقص الحاد للسلع فى الأسواق فى بعض الفترات أبلغ دليل على فشل وتهميش ذلك القطاع.
وأوضح أن تنمية وتطوير ذلك القطاع فنيا وتقنيا ومنحه الدعم اللازم من الممكن أن يخلق اقتصاد موازى وضخم من المشروعات الصغيرة والمتوسطة بل ويحقق اقتصاديات الحجم الكبير أيضا لتلك المشروعات أن تم تخطيطها على النحو المطلوب وهو ما يوازن الأسعار ويسهم الى حد بعيد التى تحسين الاقتصاد المعيشى وتحقيق الرخاء.
الفرص الضائعة فى الاقتصاد
و أكد أنه إذا كان هذا القطاع فعَّالًا، فإنه يمكن من خلاله تطوير صناعات الأعلاف، على سبيل المثال، وتوسيع إنتاج سلالات جديدة من الحبوب والأعلاف المتطورة ذات الإنتاجية العالية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تشكيل اتحادات تقوم بزراعة هذه السلالات وتوزيعها على المزارعين الصغار، يمكن أن يؤدي ذلك إلى توفير تكلفة الأعلاف بنسبة تصل إلى 75٪ وتخفيض أسعار اللحوم إلى نصف التكلفة الحالية، بما في ذلك اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان، وبصفة شخصية، لديه براءة اختراع مسجلة لتقنية جديدة للزراعة المائية المتكاملة، تشمل أكثر من 200 سلالة نباتية من مختلف المحاصيل الرئيسية، قادرة على تحقيق نمو هائل.
وتابع ومع ذلك، يعرقل البيروقراطية نشر وتفعيل هذه التقنيات والتوسع في زراعة تلك السلالات، ولا يقتصر الأمر على الحبوب والأعلاف والمحاصيل الزيتية والغابات والمراعي والنباتات الطبية فحسب، بل يمتد أيضًا إلى المحاصيل السكرية والمروج وتربية الحشرات الاقتصادية مثل دودة القز والنحل، وإنتاج المحاصيل النباتية اللازمة لصناعة الورق والملابس وغيرها، بالإضافة إلى ذلك، يمكن زراعة بعضها باستخدام مياه البحر أو في مياه ذات ملوحة عالية، وبتكلفة إنتاج منخفضة، وبعض هذه التقنيات تسمح بإنتاج وقود حيوي بكميات تفوق 100 طن للفدان من البيو ديزل والإيثانول، ويمكن إنتاجها ميدانيًا دون الحاجة إلى تكرير أو تقطير، هذه التقنيات متاحة بالفعل ويمكنها أن تحقق الاكتفاء الذاتي الكامل لمصر خلال بضعة أشهر إذا تم تطبيقها، يجب ملاحظة أننا نتحدث عن تقنيات آمنة وغير ملوثة وصديقة للبيئة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساهم تطبيق هذه التقنيات في زيادة الأراضي الزراعية بعشرات الملايين من الفدان، حيث تسمح باستخدام الأراضي الهامشية والمتملحة الغير صالحة للزراعة كما تتيح استخدام موارد مياه غير مستغلة فى الرى من قبل ولا تصلح للزراعة التقليدية.
واوضح أنه نتيجة التهميش والإهمال للتعاونيات الزراعية، وخاصةً مع تخفيض سعر صرف الجنيه وإعادة تسعير أسعار الطاقة، بالإضافة إلى زيادة دعم الدولة للوقود والصناعات المكثفة في استخدام الطاقة مثل صناعة الأسمدة، نرى انتشارًا واسعًا للمضاربات والممارسات الاحتكارية في توزيع الأسمدة، حيث يتم بيعها للمزارعين بأسعار زهيدة بالنسبة لقيمتها السوقية في فترات الإنتاج، نتيجة لإخفائها من الأسواق لصالح المضاربين الكبار والتجار.
ولفت إلى أنه على الرغم من أن الدولة تدعم هذا القطاع، إلا أنه إذا كان لدينا بعض العقلانية والمنطق، يمكن للدولة أن تحصل على حصص من الأسمدة بأسعار مخفضة مقابل الدعم المقدم، وتقوم بتوزيعها على المنتجين الصغار بأسعار مخفضة، وهذا سينعكس بالطبع على أسعار السلع في الأسواق، بالإضافة إلى أن تطوير ودعم القطاع التعاوني سيمكن من توفير السلع مباشرة للمستهلكين بأسعار مناسبة، كما يتيح ذلك الشراء والإنتاج بكميات كبيرة، مما يتيح الاستفادة من الاقتصاديات ذات الحجم الكبير وتوفير المواد الخام والمستلزمات بأسعار التكلفة أو بأرباح كبيرة، وهذا بالتأكيد يسهم في تطوير وتنمية المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر وزيادة قدرتها على المنافسة وتوازن الأسعار.